يلقى مشروع قانون فرنسي للأمن الشامل معارضة داخليا ودوليا بسبب ما يقول معارضوه إنه تهديد للحريات المدنية، وتسبب مشروع القانون في خروج مظاهرات على مدار أسبوعين في العاصمة باريس وباقي أنحاء فرنسا تطور بعضها إلى اشتباكات مع الشرطة وشهدت القبض على محتجين، بحسب تقارير إعلامية.

وزادت حدة الاحتجاجات المناهضة لمشروع القانون بعد تداول فيديو لضباط شرطة وهم يضربون منتج موسيقي أسود البشرة في باريس، وفي ما بعد وجه لأربعة من هؤلاء الضباط تهمة الاعتداء. 

ما واقعة المنتج الموسيقي؟

أظهرت صور لكاميرات المراقبة نشر يوم 21 نوفمبر المنتج الموسيقي ميشال زيكلر يتعرض للركل واللكم لعدة دقائق من قبل ثلاثة من أفراد الشرطة في مقر عمله في باريس، بحسب تقرير لبي بي سي نهاية نوفمبر الماضي.

وظهر شرطي رابع وهو يلقي عبوة للغاز المسيل للدموع في المبنى. ويعتقد أن الحادث وقع بسبب ما إذا كان الرجل يرتدي كمامة مثلما هو مطلوب في ظروف جائحة فيروس كورونا، وفق نفس التقرير.

 لماذا وممن يواجه مشروع القانون معارضة؟

(بحسب تقارير إعلامية)

يعترض مناهضو مشروع القانون في فرنسا تحديدا على المادة 24 التي تجرم نشر صور أو فيديوهات لضباط الشرطة أثناء الخدمة يمكن منها تحديد هويتهم "بقصد" الإضرار بـ"سلامتهم الجسدية أو النفسية". 

وبموجب هذه المادة يواجه منتهكوها عقوبة قد تصل إلى عام في السجن وغرامة قدرها 45 ألف يورو (53.8 ألف دولار أمريكي).

وتقول الجماعات الحقوقية والصحفيون إن المادة تقوض حرية الصحافة وتقلل فرص محاسبة أفراد الشرطة المخطئين، مضيفين أنه في حال سن القانون فإن الصحفيين والمتابعين في الشارع الذين يصورون ضباط الشرطة أثناء تأدية عملهم سيكونون عرضة للخطر خاصة أثناء الاحتجاجات العنيفة.

ويرى هؤلاء أن توثيق انتهاكات الشرطة هو أمر مهم لمنع حدوث مزيد من تلك الانتهاكات في المستقبل، لافتين إلى أنه من دون مثل هذه الصور والفيديوهات لم يكن بالإمكان توثيق حوادث سابقة أدين فيها ضباط شرطة.

ووجه إلى 3 ضباط شرطة في يوليو الماضي تهمة القتل لعامل توصيل من أصل جزائري  يدعى سيدريك شوفيا بعد توقيفه بفضل فيديو صوره قائدو السيارات لعملية التوقيف أظهر تثبيته على الأرض إلى أن توفي بسبب الاختناق الناجم عن كسر في الحنجرة.

لكن خبراء الأمم المتحدة كان لهم اعتراض آخر، إذ قالوا في تقرير إن مشروع القانون لا يتماشى مع حقوق الإنسان الدولية، وإنه مقلق لمنحه الشرطة سلطة مراقبة الحشود بالطائرات المسيرة وباستخدام تقنية التعرف على الوجه. 

فيما شدد الاتحاد الأوروبي على  ضرورة أن تسمح فرنسا للصحفيين بالعمل "في حرية وبأمان"، قائلا إنه سيراجع مشروع قانون الأمن الشامل لضمان أنه يتماشى مع قوانين الاتحاد.

تاريخ مشروع القانون

(بحسب تقارير إعلامية)

تقدم بمشروع قانون الأمن الشامل كل من حزب الرئيس الحاكم إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" وحليفه حزب "آجير" الوسط اليميني في أكتوبر الماضي.

ولم يسن مشروع القانون حتى الآن، إذ وافقت الجمعية الوطنية في البرلمان الفرنسي عليه لكنه ينتظر تصديق مجلس الشيوخ. ويحظى حزب ماكرون بأغلبية الجمعية الوطنية في البرلمان.

ويتكون البرلمان من مجلسين وهما مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية، وإلى جانب مهامهما الخاصة بمراقبة عمل الحكومة، يضطلع المجلسان بسن القوانين والتصويت عليها، وفي حالة وجود خلاف بينهما على هذا الصعيد، تقوم الجمعية الوطنية بالبت بصورة نهائية، بحسب موقع وزارة الخارجية الفرنسية باللغة العربية.

وكان البرلمان الفرنسي رفض في وقت سابق من العام الجاري مشروع مماثل. 

وبعد واقعة المنتج الموسيقي وأمام الانتقادات المتزايدة لمشروع القانون، قال رئيس الحكومة الفرنسية، جون كاستيكس، إنه سيجري تعديل جزء من مشروع القانون يشمل المادة 24.

 

(إعداد: مريم عبد الغني، وقد عملت مريم سابقا في عدة مؤسسات إعلامية من بينها موقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وتلفزيون الغد العربي)

(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

تغطي زاوية عربي أخبار وتحليلات اقتصادية عن الشرق الأوسط والخليج العربي من الاحد إلى الخميس وتستخدم لغة عربية بسيطة. 

© ZAWYA 2020

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام