أطلق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الثلاثاء الماضي استراتيجية جديدة للنقل والخدمات اللوجستية في إطار تحقيق رؤية 2030 للسعودية، وهي خطوة يتوقع محللون ومراقبون أن تدعم اقتصاد المملكة لكن بدون تحويلها إلى محور لوجيستي في المنطقة، على الأقل ليس في المستقبل القريب.

ما هي الإستراتيجية؟ 

تسعى الاستراتيجية إلى تحديث كافة خدمات وسائل النقل ومنظومة الخدمات اللوجستية لتحقيق أربعة أهداف رئيسية، وفقا لما أعلنه بن سلمان، ونقلته عنه وكالة الأنباء السعودية الرسمية:

*ترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجيستي عالمي يربط القارات ال3 (آسيا وأفريقيا وأوروبا)

*الارتقاء بجودة الحياة في المدن السعودية

*تحقيق التوازن في الميزانية العامة

*تحسين أداء الجهاز الحكومي

وأضاف بن سلمان أن الإستراتيجية تسعى أن تضع السعودية في المرتبة الخامسة عالمياً في الحركة العابرة للنقل الجوي، وزيادة الوجهات لأكثر من 250 وجهة دولية، بالإضافة إلى إطلاق ناقل وطني جديد، بما يمكن القطاعات الأخرى مثل الحج والعمرة والسياحة من تحقيق مستهدفاتها.

وتهدف الإستراتيجية أيضا إلى رفع قدرات قطاع الشحن الجوي السعودي لتصل طاقته الاستيعابية إلى أكثر من 4.5 ملايين طن.

وللنقل البحري، تهدف الإستراتيجية إلى تحقيق طاقة استيعابية تزيد عن 40 مليون حاوية سنويا، مع ما يعنيه ذلك من استثمارات واسعة في مجال تطوير البنية التحتية للموانئ وتعزيز تكاملها مع المناطق اللوجستية في السعودية، وكذلك توسيع ربطها بخطوط الملاحة الدولية بحيث تتكامل مع شبكات الخطوط الحديدية والطرق، مما يسهم في تحسين كفاءة خطوط منظومة النقل واقتصادياتها، وفقا للوكالة الرسمية.

وأيضا من أهداف الإستراتيجية زيادة في مجموع أطوال السكك الحديدية في المملكة إلى 8,080 كم مقارنة ب5,330 كم في الوقت الحالي، وبطاقة استيعابية تتجاوز 3 ملايين مسافر، وشحن أكثر من 50 مليون طن سنوياً، وذلك بهدف ربط موانئ المملكة على ساحل الخليج العربي بموانئ ساحل البحر الأحمر، وهو ما يعرف بمشروع الجسر الأرضي.

وأشار بن سلمان أن الإستراتيجية تهدف إلي زيادة مساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في إجمالي الناتج المحلي الوطني من 6% في الوقت الحالي إلى 10%، على أن تصل الإيرادات السنوية الغير نفطية للقطاع إلى 45 مليار ريال (نحو 12 مليار دولار أمريكي) في عام 2030.

دعم اقتصاد المملكة

 وتعتقد كارن يونج مديرة برنامج الاقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط للأبحاث، ومقره واشنطن، إن الاستفادة الاقتصادية المحلية هي أبرز ما يميز الإستراتيجية الجديدة.

وقالت لموقع زاوية عربي "الإستراتيجية تمثل أهمية للاستهلاك المحلي وخلق فرص عمل أكثر منها فرصة للمنافسة بشكل مباشر مع الدول الرائدة في المجال اللوجستي في منطقة الخليج".

وأضافت عبر الإيميل "على سبيل المثال، التأكيد على (دعم) السياحة المحلية يهدف إلى خلق فرص عمل وإعطاء دفعة للاقتصاد المحلي عن طريق الإنفاق، بينما السكك الحديدية أو الجسر الأرضي الذي يربط موانئ البحر الأحمر بموانئ ساحل الخليج الفارسي لن يغير بالضرورة إتجاه شحن البضائع أو التجارة الإقليمية".

وأضافت "ما سيفعله الجسر الأرضي وامتداد السكك الحديدية عبر دول مجلس التعاون الخليجي هو تسهيل (نقل) منتجات بترولية وبتروكيميائية عبر طرق بديلة على ساحل البحر الأحمر. كذلك محور لوجيستي أو مشروع ميناء يستهدف مرور 40 مليون حاوية سنويا من الممكن أن يكون هام للعلاقات السعودية التجارية في شرق أفريقيا وما بعد ذلك بكثير".

وأكدت يونج أن "الهدف الرئيسي هو دفع حركة البناء والأنشطة الاقتصادية المحلية وفرص عمل للسعوديين من خلال التوسع المالي".

ووصفت الباحثة الإستراتيجية بأنها "نموذج تنمية كلاسيكي" في بعض جوانبها، مؤكدة أنها تشبه مشاريع أخرى موجودة بالفعل في شبه الجزيرة العربية.  

السيطرة اللوجيستية الإقليمية  

وقالت يونج أن بجانب التنمية المحلية، ستحتاج الإستراتيجية لبعض الوقت لوضع السعودية في منافسة مع دول المنطقة التي تسيطر على القطاع اللوجيستي.

وقال جيمس دورسي، زميل أول في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، ومعهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة الوطنية، إن قطر والإمارات لهما أسبقية كبيرة عن السعودية في مجال النقل والخدمات اللوجستية.

وصرح لموقع زاوية عربي في مكالمة هاتفية "وبالتأكيد حين ندخل في الحسبان الخطوط الجوية، فلسنا فقط نتحدث عن قطر والإمارات، ولكن عن تركيا أيضا"، مؤكدا أن السعودية تواجه منافسة شرسة في القطاع اللوجيستي لن تستطيع الدخول فيها في المستقبل القريب.

وفي ورقة بحثية صدرت يوم الخميس الماضي، قال جيمس سوانستون المحلل الاقتصادي المتخصص في الشرق الأوسط في مؤسسة كابيتال ايكونوميكس البريطانية إن منافسة السعودية لدبي كمحور لوجسيتي رئيسي في المنطقة سيستغرق بعض الوقت، حيث سيبقى لدبي الأفضلية نظرا لبدئها في تطوير قطاعها اللوجيستي منذ فترة.

وأضاف أن حجم نقل البضائع بالطيران في الإمارات أكبر من الموجود في السعودية ب14 ضعف، وأن حجم نقل البضائع بالناقلات البحرية في الإمارات هو ضعف الموجود في السعودية حاليا.

وأشار أن السعودية تأتي في المركز ال58 من أصل 160 دولة في مؤشر الأداء اللوجستي للبنك الدولي، ويسبقها كل من الإمارات وقطر وعٌمان.

إساءة استخدام الموارد؟

وأوضح سوانستون أن استراتيجية النقل والخدمات اللوجستية تثير مخاوف ما إذا كانت موارد السعودية يتم إساءة توظيفها.

وقال "الإستراتيجية توضح تفاصيل إنشاء خط طيران وطني جديد. وسيقوم الخط الجديد بإطلاق رحلات لمسافري الأعمال والسياحة، بينما شركة الطيران الحالية، الخطوط الجوية العربية السعودية، ستركز على السياحة الدينية".  

وأضاف "الخطوط الجوية العربية السعودية شهدت خسائر لسنوات عدة، حتى قبل كوفيد-19، وهناك علامات استفهام حول لماذا تقرر السلطات إنشاء خط طيران جديد بدلا من إصلاح الخطوط الجوية العربية السعودية، أو إتاحة رخص أكثر لشركات طيران خاصة".

ومن وجهة نظر دورسي من معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة، "المشكلة في الخطوط الجوية العربية السعودية تكمن في كونها بيروقراطية جدا" وهو ما دفع المملكة لتقرر إطلاق شركة طيران جديدة.  

وأضاف أن تأسيس شركة جديدة قد يصب في مصلحة المملكة إذا استطاعت المنافسة مع الخطوط القطرية والإماراتية والتركية.  

(إعداد: شريف طارق، ويعمل شريف مع أهرام اونلاين وافريكا ربورت، وهو أيضا رئيس تحرير نشرة دلتا دايجست، وقد عمل سابقا في مؤسسات إعلامية أخرى من بينها لوس أنجلوس تايمز)  

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

 

 

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام