19 10 2016
( التقرير من إعداد التميمي وشركاه باللغة الإنجليزية، ومترجم للعربية بواسطة "زاوية عربي")قضت محكمة النقض بأبو ظبي مؤخرًا (في الطعن المدني رقم 30 لعام 2015) بأنه لا يحق للمساهم الذي يحمل الجنسية الإماراتية، والذي يبيع الأسهم الخاصة به وهو على علم بأنها مخالفة لقانون الشركات المعمول به في دولة الإمارات العربية المتحدة والسياسة العامة، أن يطالب بإعادة أرباح الشركة بعد ذلك في حال ما إذا كان قد عمل بشكل تطوعي كوكيل خدمات (وليس كمساهم فعال) فور إبطال الاتفاقية من جانبه.
هذا وقد أكد الحكم على أن إلغاء اتفاقية البيع والشراء/ الاتفاقية الفردية سيكون نافذاً من تاريخ صدور حكم المحكمة وليس من تاريخ نفاذ الاتفاقية (أي لن يسري مفعول الإلغاء بشكل رجعي). وعليه، فإنه يحق للمساهم الأجنبي الحصول على الأرباح وفقًا لحصته الفعلية منها (وفقًا لما هو وارد في الاتفاقية الفردية) في حالة ما إذا كان المساهم الإماراتي يعمل فقط كوكيل خدمات/كفيل؛ ويعد حق المساهم الأجنبي في الأرباح المحققة مكفولاً (قبل صدور الحكم) حتى إذا قضت محكمة بأن الاتفاقية الفردية تخالف قانون الشركات المعمول به في الإمارات العربية المتحدة والسياسة العامة بها؛ وبإيجاز، فإن الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية الفردية، مثل توزيع الأرباح، تكون محمية بغض النظر عن بطلان الاتفاقية الفردية.
وقد نجحت التميمي ومشاركوه في الدفاع عن المدعى عليهم أمام المحاكم المختصة في أبو ظبي.
خلفية قانونية - متطلبات الملكية في الشركات ذات المسئولية المحدودة
يجب أن تتمتع كل شركة تم تأسيسها بموجب قانون الشركات طوال الوقت بنسبة 51% من الحصص التي تمتلكها والمسجلة باسم أي مواطن إماراتي (يتم تفسير مصطلح "مواطن" حتى يشمل الأفراد الإماراتيين والكيانات التجارية المملوكة بنسبة 100% للأفراد الإماراتيين). هذا وُيسمح للمستثمر الأجنبي، سواء كان فردًا أو مؤسسة تجارية، بتسجيل نفسه كمساهم بنسبة تصل إلى 49% من أسهم الشركة، وذلك وفقًا لما هو وارد في نص المادتين 22 و230 من قانون الشركات القديم الصادر عام 1984 (بما يماثل المادتين 10 و79 من قانون الشركات الإماراتي الجديد).
إنه من الشائع، في الإمارات العربية المتحدة، إبرام الاتفاقية (الكفالة/ وإجراءات الترشيح) بين الكيانات أو الأفراد الأجانب من جانب والمساهمين الإماراتيين من جانب آخر، وهو ما ينص بشكل فعال على أنه تعود المصلحة المالية و/أو الاقتصادية في الأسهم المملوكة بشكل قانوني إلى المساهم الإماراتي على الطرف الأجنبي وأنه تتقيد المصلحة الاقتصادية للمساهم الإماراتي في الشركة برسوم سنوية يتم الاتفاق عليها.
معلومات واقعية
تعتبر خلفية الحالة معقدة وتتعلق بالشركات المملوكة للعائلات، لكن في الأساس قام كل من المدعيين (الطرف الإماراتي) والمدعي عليهم (الطرف غير الإماراتي) عام 1989 بإنشاء شركة بحصص مقسمة بينهم بنسبة 51 - 49% على التوالي؛ وفي عام 2004، كان أداء الشركة سيئًا وأراد المدعيين بيع حصصهم فيها إلى المدعي عليهم وقام كلا الطرفين بعد ذلك بإبرام اتفاقية بيع وشراء عام 2004 يحق بموجبها للمدعيين بيع حصصهم في الشركة إلى المدعي عليهم بقيمة 5 مليون درهم إماراتي والخروج من الشركة، لكنهم يظلون شركاء بها (شريك صامت للوفاء بالمتطلبات القانونية للشركة) مقابل الحصول على رسوم كفالة سنوية بقيمة 150,000 درهم إماراتي.
لم يتم تسجيل البيع لدى كاتب العدل أو بسجل الشركة أو السجل التجاري؛ وعقب البيع، قام المدعيين بتوكيل غيرهم لإدارة الشركة دون الرجوع إلى اتفاقية البيع والشراء. وبعد عامين اثنين، تحسنت أعمال الشركة وقام المدعيين برفع دعوى ضد المدعي عليهم لإبطال بيع الأسهم.
المحكمة الابتدائية
قام المدعون برفع دعوى ضد المدعي عليهم يطالبون فيها بإلغاء اتفاقية البيع والشراء على أساس أنه لم يظهر البيع في العوائد والأرباح التي حققتها الشركة، وتم بيع الأسهم بقيمة أقل من قيمتها السوقية وطالب المدعيين، من بين جملة أمور أخرى، بما يلي:
· إبطال اتفاقية البيع والشراء وإلغاء التوكيل الذي تم منحه لغرض البيع.
· سداد قيمة حصة المدعي في الأرباح والعوائد التي حققتها الشركة منذ تاريخ بيع الأسهم حتى الآن.
· إعادة تنصيب المدعيين كشركاء في الشركة (على عكس الشركاء الصامتين).
قامت المحكمة الابتدائية بتعيين خبير والذي خلص في تقريره إلى أنه قد تم بيع الأسهم بناءً على طلب من المدعيين وبالشكل الذي يحوز على رضاهم وقناعتهم، ووجد أن المدعي عليهم قد أوفوا بالالتزامات التي يتعين عليهم القيام بها وتم رفض الدعوى ولم يقدم المدعيين أي أدلة على أنهم قد تعرضوا للخداع والاحتيال.
وقام المدعيين بالطعن على القرار.
محكمة الاستئناف ومحكمة النقض
قام المدعون بالاستئناف على الحكم بالطعن رقم 114 لعام 2011، لكنه تم رفض الطعن جملةً وتفصيلا؛ واستأنف المدعون على ذلك وألغت محكمة النقض الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف، وأعادت الدعوى إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها من خلال لجنة مختلفة.
محكمة الاستئناف (عند إعادة الدعوى)
رأت محكمة الاستئناف أن عملية البيع تتعارض مع السياسة العامة وذلك لعدم الوفاء بمتطلبات المادتين 22 و230 من قانون الشركات القديم (المادتين 10 و79 من قانون الشركات الجديد)؛ وأعلنت بطلان اتفاقية البيع والشراء وأمرت المحكمة وفقًا لما هو وارد في المادة 274 من القانون المدني بأنه يتم إعادة الطرفين المتعاقدين إلى مناصبهما التي كانا عليها قبل إبرام العقد، وفي حال كان ذلك غير ممكنا، سوف يتم إصدار حكم بسداد التعويضات اللازمة.
تم تعيين لجنة مكونة من ثلاثة خبراء لمراجعة الوثائق الخاصة بالدعوى، واستنادًا إلى الحقائق التي توصلت إليها اللجنة، أمرت محكمة الاستئناف بإعادة الوضع الراهن لما كان عليه قبل عقد البيع من خلال الاحتفاظ بالمدعيين في موقع الشركاء؛ وأمرت بإجراء مقاصة بين القيمة التي حصل عليها المدعيين نتيجة البيع وما يحق لهم الحصول عليه من الأرباح التي حققتها الشركة من عام 2004 حتى تاريخه؛ وهو الأمر الذي أدى إلى أحقية المدعيين في الحصول على أكثر من 20 مليون درهم إماراتي.
محكمة النقض
قام المدعي عليهم بالطعن على الحكم الصادر.
كانت أول مسألة أثاروها تتمثل في أن محكمة الاستئناف قد جانبها الصواب في إصدار قرارها استنادًا إلى مذكرة التأسيس، وخلصت إلى أن المدعين يخول لهم الحق في 51% من أسهم الشركة؛ وذلك لأن مذكرة التأسيس تعد بمثابة عقد زائف، وكان العقد الصحيح هو اتفاقية البيع والشراء (الاتفاقية الفردية) التي تنص بدقة على العلاقة بين كلا الطرفين والتي تتضمن حقيقة أنه لم يكن المدعين سوى كفلاء للترخيص فقط وليسوا شركاء حقيقيين. هذا ولم يتم تسجيل وتدوين اتفاقية البيع والشراء في السجل التجاري، وذلك لأنه لا يسمح قانون الشركات بذلك وتم التعامل مع المدعين على أنهم الشركاء الأسميين في الشركة بحيث قد يستفيد المدعي عليهم من رخصة المدعين.
قامت محكمة النقض بإلغاء هذه الاتفاقية وخلصت إلى أن وجود اتفاقية زائفة أو ما هو خلاف ذلك ليست إلا مسألة إيجاد الحقائق يتم الفصل فيها من جانب القاضي المختص بالدعوى، وليس أمرًا تختص محكمة النقض بالنظر فيه (انظر حكم محكمة النقض في الطعون أرقام 198 و200 /2012). تم الإعلان عن بطلان عقد البيع بشكل مطلق من خلال الحكم النهائي الصادر من المحكمة؛ وبالتالي، فإنه تعتبر كافة الشروط والبنود الواردة به (بما في ذلك تلك التي تتعلق بالكفالة والرسوم السنوية) لاغيه وباطلة.
كما تم أيضًا رفض الحجج الثانية والثالثة والرابعة التي تم إثارتها من جانب المدعي عليهم؛ ومع ذلك، فقد كانت الحجة الأخيرة التي أثيرت من جانب المدعي عليهم بشأن مجانبة الصواب لمحكمة الاستئناف في إصدار حكم بأحقية المدعي في الحصول على الأرباح بصفتهم شركاء بنسبة 51% من أسهم الشركة، وذلك لأن قرار محكمة الاستئناف كان حكمًا تفسيريًا من حيث طبيعته، ومن ثم، فإنه لا يمكن تطبيقه إلا على الأرباح المستقبلية وليست الأرباح التي تم تحقيقها من عام 2004 حتى تاريخ الحكم. ويعتبر ذلك أمر استثناء للمبدأ العام الذي ينص على أنه ينبغي إعادة الشركاء إلى مواقعهم التي كانوا يشغلونها قبل إبرام العقد. وعلاوةً على ذلك، فإن المدعين كانوا على دراية منذ عام 2004 بأن اتفاقية البيع والشراء تتعارض مع السياسة العامة، وأنهم بهذا قد احتفظوا بأدوارهم كوكلاء خدمات مقابل الرسوم السنوية المستحقة.
أقرت محكمة النقض بأن محكمة الاستئناف قد جانبها الصواب في إصدار حكم لصالح المدعي بالحصول على حصتهم في الأرباح التي حققتها الشركة منذ عام 2004؛ وفي حين أن المبدأ العام ينص على أنه عقب إبطال عقد البيع، ينبغي إعادة الطرفين إلى مناصبهم التي كانوا عليها قبل إبرام العقد، وهو الأمر الذي يخضع إلى بعض الاستثناءات التي يأتي من بينها تصرف أي من الطرفين أو كليهما بسوء نية وقت إبرام العقد. وفي هذه القضية المذكورة، شارك المدعون وهم على علم بذلك وبشكل تطوعي في مخالفة قانون الشركات وهو الأمر الذي أدى إلى بطلان الاتفاقية، وأنه لا يمكنهم الاستفادة من سلوكهم الخاطئ. وعليه، فإنه لا يتولى أحد سوى المدعى عليهم مسئولية سداد قيمة الأرباح المستحقة من تاريخ صدور حكم محكمة الاستئناف (إعادة الدعوى) وليس من عام 2004 (تاريخ إبرام اتفاقية البيع والشراء).
تم إحالة هذا الأمر إلى الخبراء المعينين من قبل لإعادة حساب الأرباح استنادًا إلى ما هو مذكور أعلاه، وينص القرار النهائي الصادر من جانب محكمة النقض (المسجل في حكم لاحق) على أمر المدعين بإعادة قيمة البيع التي حصلوا عليها عند بيع الحصص (ما يقرب من 5 مليون درهم إماراتي) بالإضافة إلى أتعاب وكلاء الخدمات التي حصلوا عليها في الفترة ما بين عام 2004 وحتى 2015.
أهمية هذا الحكم
يعتبر الحكم الصادر عن محكمة النقض هامًا نظرًا لأنه يعالج المشاكل الرئيسية التي تتعلق بوكلاء الخدمات الذين حاولوا المطالبة بالحصول على أرباح الشركة، على الرغم من أنهم ليسوا مساهمين فاعلين؛ وبغض النظر عن ذلك، فإنه لم يتم تفعيل بيع الأسهم الخاصة بالمواطن الإماراتي (لأنه لم يتم تسجيلها في السجلات الخاصة بالشركة والسجل التجاري بحيث خَفَّض البيع من الأسهم المملوكة إلى المواطنين الإماراتيين في الشركة إلى أقل من 51 %، وحكمت المحكمة لصالح المساهم الأجنبي). رأت المحكمة أنه لا يحق للمساهم الإماراتي، الذي قام ببيع حصته في الأسهم وهو على دراية بمخالفة قانون الشركات المعمول به في الإمارات العربية المتحدة والسياسة العامة المتبعة بها، المطالبة بالحصول على أي أرباح في حال ما إذا كان يقوم بدور وكيل خدمات (وليس كمساهم فعال). وكانت النتيجة الصادمة في هذه الدعوى هي أنه في حين أن المدعين قد حاولوا التبرؤ من الاتفاقيات المبرمة ورفع دعوى بشأن الأرباح من بداية عام 2004 وحتى تاريخه، نتيجة لأنهم شاركوا وهم على دراية بذلك في مخالفة السياسة العامة، فإن النتيجة النهائية لم تتضمن عدم أحقيتهم في تلك الأرباح فحسب، بل أمرت المحكمة المدعين بإعادة قيمة الشراء الخاصة بتلك الأسهم التي كانوا يمتلكونها والرسوم السنوية التي حصلوا عليها على مدار ما يربو عن عقد من الزمن.
© Al Tamimi & Company 2016






