10 07 2017

دبي، الإمارات العربية المتحدة / جدة، المملكة العربية السعودية

يعتبر قانون معدل الضرر ​​العام عقيدة بحرية وضعها مغامرو البحر الأوائل لتحديد المسؤولية النسبية عن أي قضايا في حالات الطوارئ، حيث يجب أن يتم التخلص من بعض البضائع في البحر طوعًا من أجل إنقاذ الرحلة بأكملها.

وعلى نحو نظري، يظل المبدأ هو نفسه تقريبًا في كل مكان في العالم؛ ومع ذلك، فإنه يتفاوت في التطبيق وفقًا للولاية القضائية وللعقد. تحلل هذه المقالة مبدأ العوارية العامة من منظور محلي في المملكة العربية السعودية مع إجراء مقارنات مع الممارسة الدولية.

 

فما هو معدل الضرر العام (العوارية العامة)؟

سوف تواجه مسألة العوارية العامة ربان السفينة عندما يكون هناك حدث "قوة قاهرة" (مثل القرصنة والحريق والعواصف القوية، وما إلى ذلك)، مما يجعل أطراف المغامرة البحرية يواجهون مخاطر محتملة ومتوقعة. وفي حالة الطوارئ هذه، يتعين على ربان السفينة أن يقوم بخيار لتخفيف ما يمكن أن يكون خسارة أكبر عن طريق التخلص من بعض البضائع على متن السفينة طوعًا للحفاظ على الباقي من البضائع وعلى السفينة. ويمكن تلخيص المبدأ الأساسي للعوارية العامة على النحو التالي:

"تلك التي يتم إزالتها لصالح الجميع والتي يتحقق نجاحها من خلال مساهمة الجميع"

وفي الواقع، فإن العوارية العامة سوف تؤدي إلى تغيير المواقف القانونية الأصلية للأطراف وإعادة توزيعها فيما بينهم وفقًا لمغامرة الخطر، لذلك سيتم وضعهم في مواقف جديدة تجبرهم على تقاسم الخسارة مع بعضهم البعض. ويُعرف هذا المبدأ أيضًا باللغة العربية باسم قسمة الغرماء.

ونتيجة لقانون العوارية العامة، فهناك العديد من الاختلافات في الممارسة العملية بشأن من ينبغي أن يتحمل الخسارة، والقواعد المنطبقة، وكيف وأين يمكن تقديم الدعوى.

 

قانون العوارية العامة في المملكة العربية السعودية

في المملكة العربية السعودية، يخضع القانون البحري لقانون المحاكم التجارية لسنة 1931؛ وفي غياب اتفاق مسبق بين الأطراف بشأن قواعد إدارة العوارية العامة وتسوية الدعوي، فسوف تراجع المحاكم السعودية الإجراءات وفقًا للفصل 12 من قانون المحاكم التجارية.

هذا ويتضمن الفصل 12 من قانون المحاكم التجارية 32 مادة تتناول تعريف وقواعد المعاملة المتعلقة بالخسائر البحرية، والإقرارات المطلوبة من قبل ربان السفينة وغيرهم، وتسوية القيم وإنتاج الأدلة الوثائقية، وواجبات الأطراف المعنية.

وبالإضافة إلى المبادئ الرئيسية المنصوص عليها في الفصل 12 من قانون المحاكم التجارية، يجوز للمحاكم السعودية أن تأخذ في الاعتبار القواعد التعاقدية للتسوية ودعوى العوارية العامة؛ وتندرج هذه القواعد عادة في اتفاقات تأجير السفن، وسندات الشحن، وعقود الشحن، وسياسات التأمين البحري. ومن أكثر المعايير المعترف بها دوليًا لتسوية العوارية ​​هي قواعد يورك انتويرب لعام 1974 المعدلة لاحقًا في عام 1994، وسوف يتم الاعتراف بها في المملكة العربية السعودية.

ومن المهم أن نلاحظ أن القوانين المحلية الأخرى في المملكة العربية السعودية قد تكون معنية بتسوية العوارية العامة والدعوى: وينص قانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية على توجيه لعملية التقاضي التقليدية المحلية؛ ويشرف قانون التحكيم السعودي على جوانب التحكيم المحلي؛ ويقدم قانون الإنفاذ السعودي المتطلبات والتوجيهات لتنفيذها، بالإضافة إلى تنفيذ الأحكام الأجنبية وقرارات التحكيم.

تسوية العوارية العامة في المملكة العربية السعودية

تخضع العوارية العامة لمرحلتين رئيسيتين في المملكة العربية السعودية. أولًا، المرحلة الاستشارية لتسوية الدعوى، وهي تحدث بشكل أساسي عندما ينتج الاستحقاق عن دعوي العوارية. وثانيًا، مرحلة التقاضي عندما يتم رفع الدعوى من أجل طلب الاعتماد والتنفيذ للتسوية على الطرف المساهم؛ وقد نص كل من قانون المحاكم التجارية وقواعد يورك انتويرب على التعامل مع العوارية العامة​.

وطبقا لقانون المحاكم التجارية، يتعين على ربان السفينة أن يعلن، في أقرب وقت ممكن، عن حالة العوارية العامة وأن يبلغ الشيء نفسه لمالكي السفن وأصحاب المصلحة الآخرين. وعلاوة على ذلك، سوف يتعين على ربان السفينة وتابعيه من المستشارين البحريين أن "يوقعوا" جماعيًا على تقريرهم الرسمي الذي سوف يتضمن وصفًا للأحداث، ومبررات التضحية، وقائمة البنود التي تم التخلص منها أو التي تضررت في أعقاب الحدث.

وعقب التقرير الرسمي، يتعين على أصحاب المصلحة تقديم طلب مع شخص ضابط للعوارية ​​معتمد من أجل تسوية الخسارة؛ ​​والشخص الضابط للعوارية هو مهني متخصص مرخص له بإدارة وتقديم المشورة عن العوارية العامة. وعادة ما يتم تعيين الخبير الضابط للعوارية من قبل ملاك السفن الذين تكبدوا النفقات الأولية وربما معظم الخسارة، ولكنه سوف يعمل بشكل مستقل عن تأثيرهم لإدارة التسوية بإنصاف بين الأطراف. وبالتالي، فإن ضابط العوارية يتولى على نحو فعال إدارة الرحلة الفاشلة ويدير تسويتها للمضي قدمًا؛ ومن ثم فهو مسؤول عن جمع الأدلة والاعتراف بها والأشخاص ذوي الصلة، وإدارة الضمانات والحسابات، وتسجيل الاعتراضات، وتقديم المشورة القاطعة بشأن تسوية العوارية.

وسوف يشمل مبلغ العوارية العامة تكلفة إصلاح السفينة، وفقدان شحنة الرحلة غير المكتملة، وتكلفة أصحاب البضائع حيث فُقدت بضائعهم جزئيًا أو تناقصت قيمتها. وسيتم تسوية قيمة البنود تحت التسوية وفقًا لصافي القيمة في مكان ووقت إنهاء المشروع البحري، مع الأخذ بعين الاعتبار القيم الأصلية التي تؤكدها الفواتير المعنية. وطبقًا لقانون المحاكم التجارية، فإن قيمة البضاعة يجب أن تُحسب على أنها قيمة فعلية، ولكن قيمة السفينة والشحنة ينبغي فقط أن تؤخذ في الاعتبار بنصف قيمتها الفعلية؛ وفي نهاية المطاف سيتم تسوية القيم المساهمة وفقًا لنسبة القيمة المعنية لكل طرف.

 

دعوى العوارية العامة في المملكة العربية السعودية

بعد الانتهاء من التسوية من قبل ضابط العوارية، يمكن للإجراءات القانونية أن تبدأ من قبل الطرف المعني بالسعي إلى التسوية من قبل محاكم المملكة العربية السعودية أو هيئة التحكيم، وأيضًا للحصول على إنفاذ فعال لمثل هذا على الطرف المقصر.

وليس لدى المملكة العربية السعودية محاكم بحرية مخصصة، ولكن لديها محاكم تجارية متخصصة أو دوائر ذات اختصاص قضائي على الدعاوى والأضرار البحرية بما في ذلك العوارية العامة؛ وينبغي أن يدرك المدعون الدوليون أن المحاكم السعودية تفي بشروط التحكيم المتعلقة بالعوارية العامة وقانون المحاكم التجارية، ويجوز للأطراف الاتفاق على التحكيم.

 

لمحة مقارنة

إن ممارسة العوارية العامة في المملكة العربية السعودية لها فروق بسيطة معينة، ومن الممكن استخلاص بعض المقارنات في الممارسة بين قانون المحاكم التجارية و قواعد يورك انتويرب. ومن الإنصاف القول بأن قانون المحاكم التجارية تم وضعه على أنه نص مدني تقليدي يستخدم مصطلحات مثل "ضرر خطير" أو "خسائر عامة" عند الإشارة إلى حدث العوارية العامة. وعلى العكس من ذلك، فإن قواعد يورك انتويرب هي مجموعة من قواعد القانون العام الحديث التي ربما تكون أكثر شمولًا وتنظيمًا مع عناوين فرعية واضحة وقواعد مرقمة بالحروف والأعداد.

ووفقًا لقانون المحاكم التجارية، فإن الخسائر البحرية تأتي في واحدة من فئتين؛ فهي إما أن يتم تحملها بشكل فردي أو أنهم يساهمون بشكل عام وجماعي. وللتمييز بين الخسائر الخاصة والعامة، يطبق قانون المحاكم التجارية اختبارًا من ثلاثة مستويات على التضحية؛ (1) ما إذا كان الأمر يتعلق بالسلامة العامة، (2) ما إذا كان استثنائيًا، و (3) ما إذا كان متعمدًا أم طوعيًا.

كما تتطلب قواعد يورك انتويرب جميع العناصر الثلاثة المذكورة بالإضافة إلى عنصر رابع لمعيار تحديد الخطر ما إذا كان وشيكًا أم أنه كان يمكن تجنبه. وتعتبر قواعد يورك انتويرب أكثر صرامة من قانون المحاكم التجارية لأنها تمكن المحكمة من مراجعة "السلطة التقديرية" لربان السفينة في إعلان هذا الحدث، في حين أنه بموجب قواعد يورك انتويرب فإن سلطة الربان التقديرية تخضع لمعايير عالية من المعقولية، لدرجة أن قواعد يورك انتويرب سوف تقبل فقط دعوى العوارية العامة إذا كان هناك خطر وشيك حقًا وليس مجرد خطر يلوح في الأفق. ويعني هذا الشرط النوعي أن ربان السفينة لا يمكنه اتخاذ قرار شخصي لاتباع تدابير احترازية وتوقع تعديل الخسارة في شكل العوارية العامة. ويختلف قانون المحاكم التجارية اختلافًا كبيرًا عن قواعد يورك انتويرب لأنه يمكّن المحكمة من التحقق من قرار ربان السفينة، كما سوف نوضح أدناه.

ويفرض قانون المحاكم التجارية معيارًا مختلفًا من المعقولية على قرار ربان السفن؛ ويتطلب اختبار البدء أن يحتاج ربان السفينة فقط إلى الحصول على رأي ثانوي من مستشاريه البحريين وأن يتم التخلص من المواد بترتيب محدد. وطبقًا لقانون المحاكم التجارية، إذا قرر ربان السفينة التخلص من أي مواد على متن السفينة، حتى وإن كان تدبير وقائي لتفادي الخطر أو الإرساء في الميناء في أمان، فإنه سيحتاج فقط إلى الحصول على مشورة من الملاحين البحريين المخضرمين وكذلك أصحاب المصلحة من البضائع إن وجد أحد منهم على متن السفينة. كما يجب أيضًا أن يلتزم ربان السفينة بالترتيب التالي في التخلص من الحمولة؛ (1) الأقل ضرورة، (2) الأثقل حمولة، (4) الأقل قيمة، ثم (5) المواد المخزنة على سطح السفينة بعد طلب المشورة من الملاحين البحريين المخضرمين. وهذا يعني أنه حتى التدابير الوقائية التي يتخذها ربان السفينة يمكن اعتبارها خسارة معقولة، وبالتالي يمكن إدراجها في تسوية العوارية، طالما أن ربان السفينة قد اتبع إجراء الشحن وحصل على توافق آراء مستشاريه للتحقق من مخاوفه وتدابيره المقترحة.

وعلاوة على ذلك، يسرد قانون المحاكم التجارية 6 أنواع من الخسائر الخاصة (المعروفة بالقائمة السلبية) تُستثنى مما يشترك فيه الأطراف بشكل عام. وهذه القائمة السلبية هي كما يلي: (1) عطل في السفينة، و (2) الإنفاق من أجل إنقاذ السفينة وحمولتها، و (3) كتلة السفينة والحبال المفقودة بسبب مخاطر البحر، و (4) نفقات التجديد والإصلاح من أجل إرساء السفينة الطارئ في ميناء مضيف (5) نفقات إقامة البحارة في حالة احتجاز السفينة، (6) خسائر تصيب السفينة أو شحنتها.

وعلى العكس من ذلك، وباستبعاد القائمة السلبية المذكورة أعلاه، يسرد قانون المحاكم التجارية 13 نوعًا من​​خسائر العوارية العامة بدءًا من فدية القراصنة وتنتهي بإقامة رصيف مؤقت للسفينة. وتم تلخيص هذه الأنواع الثلاثة عشر جميعها تحت تعريف واحد مشار إليه في قانون المحاكم التجارية على النحو التالي: "جميع الأضرار والأعطال والنفقات التي استمرت طوعًا، طوال مدة الحدث، ولصالح وسلامة الجميع، كما ذكر ربان السفينة و البحارة ".

وهناك مقارنة نهائية هامة بشكل خاص حول معاملة البضائع المنقولة بموجب قانون المملكة العربية السعودية بشأن الواجبات المتعلقة بالحفاظ على البضائع. فعلى سبيل المثال، تسمح قواعد يورك انتويرب للطرف المعني بمنع الإفراج عن البضائع التي تم إنقاذها، حيث تعتبر البضاعة رهنًا مباشرًا لضمان ​مساهمة العوارية. وعلى النقيض من قانون المملكة العربية السعودية ، فإن قانون المحاكم التجارية يحظر هذه الممارسة ويمنح الطرف المعني حق الحجز على قيمة البضائع بعد التسوية. ومن البديهي، أن يفرض قانون المحاكم التجارية أيضًا واجبًا على ربان السفينة والأطراف المعنية من أجل الحفاظ على البضائع عن طريق تسوية الأصول المتبقية بسرعة قبل حدوث مزيد من التدهور.

 

منظور التاجر المحلي

يجب أن يكون التاجر السعودي الدولي في حالة تأهب واستعداد لحدث العوارية العامة؛ وفي حالة وقوع الحدث غير المحتمل، قد يُطلب منه إجراء إيداع نقدي أو كفالة للإفراج عن البضائع المتبقية. ويمكن أن يؤدي شراء بوليصة تأمين بتغطية كافية للعوارية العامة إلى إنقاذ موارد قيّمة من الحجز لفترة طويلة. وبالنظر إلى أن كفالة العوارية يمكن أن تتجاوز قيمة الاستثمار الأصلي، فإن تغطية التأمين البحري هي استثمار ملائم. وفي مقابل كفالتها المالية، يجوز لشركة التأمين أن تطلب من التاجر التخلي عن حقوق الملكية على البضائع التي تم إنقاذها أو قيمة بيعها. وإذا كان التاجر متخلفًا عن السداد أو أنه أمر شركة التأمين بالتخلف عن السداد، فإنه قد يتعرض لخطر فقدان الحق في الاعتراض على التسوية وربما الأسوأ من ذلك، لأنه قد يفقد الحق في الحصول على بقية شحنته.

ويُنصح بشدة بأن أي تاجر سعودي والآخرين ممن يضطلعون بحقوقه ومكانته أن يطلبوا المشورة المهنية بمجرد الإعلان عن العوارية العامة. ومن خلال القيام بذلك، فإن التاجر السعودي سوف يكون قادرًا على فهم حقوقه والتزاماته منذ البداية، وسوف يكون قادرًا على أن يكون على استعداد لمواجهة الخطر والنتائج المترتبة عليه.


عمر عمر/وسام سندي - w.sindi@tamimi.com / o.omar@tamimi.com

© Al Tamimi & Company 2017