20 09 2016

تخفيض الميزانيات من أسبابها الرئيسية

ضغط الإنفاق الحكومي وعدم دفع المستحقات للمقاولين يضطرهم للجوء إلى التحكيم

48% ارتفاع قيمة القضايا المنظورة في دبي بالنصف الأول إلى 900 مليون دولار

لاحـــــظ المحامـــــون والمستشارون القانونيون الذين يراقبون قطاع الإنشاءات تزايدا ملحوظا في النزاعات الناشئة عن تنفيذ العقود في منطقة الشرق الأوسط، في وقت تقيد فيه اسعار النفط المنخفضة قدرة الحكومات على الإنفاق، وبالتالي ضغط المصروفات على المشاريع، الأمر الذي يدفع المقاولين والحالة هذه وفي ظل تأخر الدفعات من قبل اصحاب المشاريع الى طلب التحكيم لحل النزاعات والحصول على حقوقهم.

تقلص الإيرادات

وقد سلطت مجلة ميد الضوء على هذا الموضوع المهم من خلال ما نسبته الى الشريك في شركة سيمونز اند سيمونز البريطانية ديفيد ريزبردجر، والذي يرأس دائرة الانشاءات وفض النزاعات في الشرق الاوسط، والذي قال ان السوق الاقليمي اخذ في التباطؤ، على غرار تباطؤ الانفاق الحكومي نتيجة لتقلص الايرادات النفطية، الأمر الذي دفع الحكومات الى تقييد المدفوعات الإضافية الناجمة عن الاختلافات، ودفع المقاولين لاتخاذ الاجراءات لاسترداد تكاليف المشروعات، مضيفا ان المقاولين باتوا الان اكثر ميلا وتقبلا لقبول التحكيم، بل يضطرون احيانا لقبول خسائر فادحة.

قيمة عالية

وعلى صعيد متصل، توصل تقرير صادر عن شركة اركاديس الهولندية للهندسة الى ان قيمة نزاعات العقود في الشرق الأوسط بلغت 82 مليون دولار في عام 2015 وهي الاعلى في العالم، وهو ما يوازي حجم مشروعات الإنشاءات في المنطقة، وان فض النزاعات في المنطقة يستغرق في المتوسط نحو 15 شهرا، وهو ادنى بشكل طفيف عن المعدل العالمي.

ونسبت المجلة الى رئيس دائرة فض النزاعات في الشرق الأوسط في الشركة كريغ بيسون قوله «كان ثمة اتجاه صعودي في النزاعات خلال فترة 12-18 شهرا الماضية، وكانت هذه الزيادة احدى نتائج هبوط اسعار النفط لأن الحكومات تقيد انفاقها وتركز اهتمامها على المشروعات التي تعتبر اولوية بالنسبة لها مثل المشروعات حول معرض دبي اكسبو 2020 وكأس العالم لكرة القدم في قطر بالعام 2022، وقد وقع عدد من حالات تعليق المشروعات وفسخ العقود او تأجيلها، وعندما يتم انهاء عقود المقاولين او تعليق نشاطاتهم، فان النزاعات ستنشأ حتما».

تزامن مع الإنجاز

وتقول المجلة ان هبوط اسعار النفط تزامن مع استكمال انجاز عقود المشروعات التي ارسيت خلال الفترة بين عامي 2011 و2014، عندما كان سوق الانشاءات في ذروة ازدهاره، ولكنه كان ذا قدرة تنافسية عالية للغاية.

ويضيف ريزبريدجر انه بعد نهاية الازمة المالية كان كثير من المقاولين متعطشين للعمل على نحو دفعهم الى عرض اسعار متدنية للمناقصات، وقد كانت تلك الفترة ذهبية بالنسبة لأصحاب المشاريع لدرجة ان بعض المقاولين قدموا عروض اسعار لبعض المشروعات الكبرى تقل قيمتها عن تكلفة المشروع، وبالتالي فإن المقاولين الآن يدركون انهم امام مشاكل بالغة الخطورة، ما يجعل تصعيد المطالبات والنزاعات امرا طبيعيا.

فض النزاعات

وقالت المجلة انه بسبب اختلاف الجهات التي يمكن للأطراف اللجوء اليها ابتغاء للحل، ونظرا للطبيعة السرية لقضايا التحكيم، فان من الصعوبة بمكان تتبع العدد الحقيقي للقضايا المنظورة لاسيما في دبي، حيث ارتفعت القيمة الاجمالية للقضايا المنظورة امام محكمة الدرجة الاولى بمركز دبي المالي العالمي في النصف الاول من 2016، بما فيها قضايا التحكيم والقضايا المضادة وغيرها الى نحو 3.4 مليارات درهم او ما يوازي 900 مليون دولار، مسجلة ارتفاعا سنويا بنسبة 48% عن 2.3 مليار درهم في الفترة ذاتها من عام 2015.

سوء الإدارة

كما يشهد المقاولون زيادة في قضايا التحكيم والوساطة والقرارات بأعداد متزايدة لأن هذا النوع من القضايا اقل انتشارا على الملأ من جهة واقل تكلفة، حتى ولو لم ينص العقد على مثل هذا الخيار.

ويقول بيسون ان المحرك الرئيسي للنزاعات بين المقاولين وأصحاب المشاريع في المنطقة، هو سوء ادارة المشاريع حتى ولو كان النطاق الأساسي قد تم تسعيره بطريقة عادلة من قبل المقاولين.

الأوامر التغييرية

ويضيف «ان المشكلة تتمثل في ان الأوامر التغييرية على اعمال الإنشاءات يجري تنفيذها في الوقت المقرر، ونظرا لضخامة حجم المشروعات وطبيعتها المعقدة، فإن ثمة الكثير من الأوامر التغييرية. ويبذل معظم المقاولين جهودهم من اجل التمكن من تنفيذ المشروعات الكبرى دون ان يواجهوا مشاكل كبرى تتعلق بالتدفقات النقدية، ولكن اذا لم يتسلموا الدفعات الخاصة بالأوامر التغييرية في موعدها فستكون هناك مشكلة كبرى».

© Al Anba 2016