06 02 2017

أقر مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة -خلال النصف الثاني من العام الماضي- حزمة من القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام قانون تنظيم المنافسة الصادر في عام 2012 و لكن لم يتم القاء الضوء على تلك القرارات بالقدر اللازم حيث تكمن أهميتها فانه اصبح الآن لدولة الإمارات منظومة تشريعية متكاملة وقابلة للتنفيذ، بعد أن كان التشريع غير مطبقاً من الناحية العملية بسبب عدم اكتمال اركانا رئيسية حتى تم ذلك بصدور تلك القرارات في عام 2016.

يتطرق قانون المنافسة الى ثلاثة محاور رئيسية تتضمن: العمليات التي تؤدي إلى تركز اقتصادي والاتفاقيات المقيدة والتصرفات التي تشكل استغلالا لوضع المهيمن و حددت القرارات الصادرة في عام 2016 الضوابط الضرورية لتطبيق القانون – حيث تضمنت احد القرارات النسب التي تؤدى الى عمليات التركز الاقتصادي فحددها بتلك العمليات التى تؤدى الى تملك الحصة للمنشآت التي تكون طرفا فيها ما نسبته 40% من اجمالي المعاملات في السوق المعنية وتتطلب تلك العمليات الموافقة عليها من الجهة المعنية قبل اكتمالها، أما الاتفاقيات المقيدة هي الاتفاقيات التي تتجاوز الحصة الإجمالية للمنشآت التي تكون طرفا فيها ما نسبته 10% في إجمالي المعاملات في السوق المعنية وستكون تلك الاتفاقيات موضع مراجعة من الجهة المختصة، وأخيراً جاء في القرارات ان تحقق الوضع المهيمن يتم عند تجاوز حصة أي منشأة نسبة 40% من اجمالي المعاملات في السوق المعنية.

وجدير بالذكر ان النهج الذي اتبعته دولة الامارات يتفق مع النهج المتبع فى معظم التشريعات المماثلة من حيث تحديد انطباق قانون تنظيم المنافسة من حيث ربط الحصة السوقية بحدود نسبية ولكن في بعض الأحيان قد يوجد صعوبة فى تحديد معنى الحصة السوقية بدقة وذلك بسبب علاقة الحصة السوقية بتعريف "السوق المعنى" الذي كثيراً ما يكون محل جدل فعلى سبيل المثال، لنأخذ شركة منتجة لمشروبات الطاقة، فقد يثير التساؤل بشأن تحديد السوق الخاص بها فهل يوجد سوق معنى لمشروبات الطاقة ام تعتبر ضمن سوق المشروبات الغازية الذي يعد الأكبر حجماً؟ اذا اخذنا بالتعريف الاول، قد تتجاوز الحصة السوقية للمنتج 40%، بينما في التعريف الثاني ستكون الحصة السوقية للمنتج أقل بكثير من المعدلات النسبية.

وقد واجهت العديد من الجهات المختصة في عدة دول – في مرحلة سابقة- ذات الصعوبات و تعاملت معها مما ادى الى تطوير دراسات تحليلية وعدد كبير من السوابق القانونية لمعالجة تلك المفاهيم المعقدة مثل تعريف "السوق المعنى" ومن المرجح أن تلعب الادارة المعنية بالمنافسة في دولة الإمارات دورا في تفسير القانون من خلال خبرتها في هذا المجال.

لا يشهد قانون تنظيم المنافسة في الوقت الحالى تطبيقا ملحوظا حيث انه لا ينطبق على المنشآت الصغيرة والمتوسطة (التي تم تعريفها ايضا في احد قرارات عام 2016) والشركات المملوكة اغلبيتها للدولة والشركات العاملة في قطاعات محددة مثل قطاعى الاتصالات والخدمات المالية و بالتالي يستثنى عدد كبير من الشركات من نطاق تطبيق القانون ومع ذلك، قد يتم حصر تلك الاستثناءات في المستقبل بعد ان يتم تطبيق و اختبار نصوص التشريع بنجاح.

واخيرا، تقوم الادارة المعنية بالمنافسة في وزارة الاقتصاد في حاليا في النظر في بعض الطلبات المبدئية بشأن التركز الاقتصادي، ومن المتوقع ان يؤدى ذلك الى ظهور نمط من السوابق العملية في الفترة المقبلة و لذلك يتعين على الخبراء في هذا المجال والاقتصاديين ترقب التطورات خلال الأشهر المقبلة.

عنوان البريد: pietro.delibero@bakermckenzie.com

© Opinion 2017