22 07 2016

أكد أهمية الإنفاق بجدارة حتى في مرحلة فائض الميزانيات

 

داوها بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ، تلك هي الوصفة التي انتهجها القائمون على الشأن المالي في المملكة بُعيد التراجع الحاد في أسعار النفط، فلم تجد المملكة والدول المعتمدة على الذهب الأسود بداً من وضع يدها على مواطن الهدر في مالها العام، ومحاولة ترشيد الإنفاق قدر المستطاع، وقد شرعت لكل حالات التقشف الممكنة ما أعلنه مسؤول مالي سعودي كبير من أن هناك هدراً مالياً سنوياً في ميزانية الدولة يتراوح بين 80-100 مليار بين عامي 2010 و2014م، مما حدى بالمملكة إلى اتباع سياسة ضبط الصرف بقدر الإمكان، الأمر الذي جنبها حالات عجز حادة في ميزانياتها جراء التراجع الحاد في أسعار النفط، وعلى الرغم من الاستعانة برسوم فرضت على بعض الخدمات لرأب الصدع في الإيرادات الحكومية، إلا أن مراقبين أشاروا إلى أن عمليات الإصلاح وإيقاف الهدر وحالات الفساد كان لذلك تأثير أبلغ من تأثير الرسوم التي فرضتها الحكومة مؤخراً.

د. سعيد الشيخ -كبير الاقتصاديين ورئيس الدائرة الاقتصادية في البنك الأهلي التجاري- أكد أنه لم يعلن حتى الآن أي إعلانات عن حجم الإنفاق مقارنة بالمقدر في إعلان الميزانية، إلا أنه من المعلوم أن عمليات ضبط الصرف بدأت منذ العام 2015م، وبدا واضحاً من خلال تأجيل بعض المشروعات، وكذلك إعادة هيكلة حجم بعض المشاريع الأخرى، وكذلك النفقات الجارية، ومراجعة بعض البدلات الغير أساسية وإلغاء بعضها، وقد انعكست بالفعل على الميزانية الفعلية لعام 2015م، وهذه السياسية استمرت في العام الحالي 2016م، ومن المتوقع أن يكون لها تأثير إيجابي على تحجيم العجز في ميزانية الدولة في ظل مستويات أسعار النفط المتدنية، وبين أن سياسية ترشيد الإنفاق الحكومي، وخفض الإنفاق على المشاريع سيكون لذلك تأثير في تقليل حجم العجز في الميزانية بلا شك، وأكد أن العجز في ميزانية الدولة العام الماضي والذي بلغ 367 مليار ريال، هو عجز كبير، ويجعل لزاماً على الدولة أن ترشد الإنفاق لمواجهة هذا العجز لكي لا تضطر للسحب من الاحتياطي بشكل كبير أو إصدار سندات سواء محلية أو دولية لمواجهة ذلك العجز.

وأشار إلى أن عمليات ضبط الصرف لمواجهة العجز في الميزانية كان أحد الحلول المتوفرة لتحجيم ذلك العجز، مبيناً أن خطاب خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى حينما ذكر أن الدولة ستدير الإنفاق بكفاءة، مما يعني أن الدولة لن تتوقف عن الإنفاق على المشاريع الحيوية والهامة، ولكن سيكون ذلك الإنفاق مقنناً ومدروساً ويعطي النتائج الإيجابية المرجوة.

وأكد أن سياسية ترشيد الإنفاق أو الإنفاق بكفاءة سيكون له تأثير مباشر في الحد من الهدر المالي الذي صاحب سنوات الوفرة المالية خلال السنوات السابقة، مبيناً أن الهدر كان من خلال الإنفاق على مشاريع ليست ضرورية، أو كان حجم الإنفاق أكبر مما تحتاجه تلك المشاريع.

وشدد على أن الإطار العام والمهم في مسألة ضبط الصرف وترشيد الإنفاق يتمحور في استقرار السياسة المالية العامة، وقال: لو أن الدولة استمرت في سياسة الصرف السابقة حتى في هذه المرحلة التي تراجعت فيها أسعار النفط وبالتالي تراجع الدخل، كان سيؤدي ذلك إلى تفاقم العجز وبالتالي إلى حالة عدم استقرار في السياسة المالية، الأمر الذي يؤدي كذلك إلى المرحلة التي تضطر فيها الدولة لتخفيض الإنفاق بشكل كبير، مما سيمس حياة المواطنين بشكل مباشر، ويترك أثره على الخدمات المقدمة لهم.

© صحيفة الرياض 2016