06 07 2016

برنت يهبط 5 % مسجلا أكبر تراجع في 5 أشهر

تراجعت أسعار النفط 5 في المائة أمس، مسجلة أكبر خسارة يومية له في خمسة أشهر وذلك كنتيجة مباشرة لبيانات اقتصادية سلبية عن مستويات الطلب عززت المخاوف في الأسواق خاصة في ضوء توقعات بأداء متباين للاقتصاد العالمى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى في مفاجأة سياسية واقتصادية دولية أربكت حسابات الكثيرين في ضوء عدم وضوح برنامج وآليات التخارج.

فيما أدت زيادة واسعة في إنتاج دول منظمة "أوبك" إلى تعزيز حالة وفرة المعروض واستمرار تنامى الإمدادات وازدياد الثقة بالسوق من استمرار تفوق العرض على الطلب لفترة غير قصيرة وسط مؤشرات عن تحسن في مستويات إنتاج نيجيريا وليبيا اللذين يبذلان جهودا مكثفة لاستقرار القطاع النفطي وتقليل تداعيات الصراعات السياسية عليه.

ويقول لـ "الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" للاستشارات المالية في بريطانيا، إن الاقتصاد البريطاني يواجه تحديات واسعة في الفترة المقبلة خاصة فيما يتعلق باستعادة الثقة وجذب مزيد من الاستثمارات إلى جانب الحفاظ على العملة الوطنية وتعويض الخسائر التي لحقت بها بمجرد الإعلان عن نتائج الاستفتاء حيث سجل الاسترليني أكبر خسارة أمام الدولار في نحو أكثر من 30 عاما.

وأشار نوبل إلى أن السوق تتجه بالفعل إلى التوازن - بحسب تأكيدات السعودية وأوبك - ولكن ذلك لا يمنع من مواجهة السوق بعض التعثرات في أثناء مسيرة التعافي وتتمثل التعثرات في الشكوك المحيطة بنمو الطلب حيث إنه بحسب بيانات حديثة فإن الطلب على النفط الخام في آسيا يواجه بعض التباطؤ إلى جانب وجود تخمة في المعروض خاصة من البنزين.

وأضاف نوبل أن احتياطات الطاقة التقليدية في العالم مازالت واسعة وترتكز في الولايات المتحدة بشكل كبيرة خاصة بعد ثورة النفط الصخري الزيتي الذي رفع تلك الاحتياطات، مشيرا إلى أن الاحتياطات تمثل 70 ضعفا للإنتاج العالمي الحالي والمقدر بـ 30 مليار برميل سنويا.

وأوضح لـ "الاقتصادية"، فرانك يوكنهوفر مدير مشروعات "سيمنس" العالمية في بلجيكا وهولندا، أن الاستثمارات النفطية تواجه تحديات خفض الانبعاثات الكربونية للتأقلم مع المتطلبات الدولية وفق اتفاق باريس لمكافحة تغير المناخ، لافتا إلى أن ذلك لن يتحقق دون التوسع في برامج الكفاءة وترشيد نفقات الإنتاج من خلال التوسع في الابتكار والتكنولوجيا المتطورة، مشيرا إلى أننا نعيش مرحلة تنوع الإنتاج وارتفاع التنافسية ما يعني أن البقاء في السوق يتطلب تطورات واسعة وتحديثا لمنظومة العملية الإنتاجية بما يتلاءم مع تحديات السوق.

وقال يوكنهوفر إن الاقتصاد البريطاني يشهد تباطؤا في جميع قطاعاته حاليا خاصة القطاعات الخدمية وهو ما يفرض وجود برنامج حديث لتحفيز الاقتصاد يكون قادرا على تلافي تأثيرات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وضخ موارد جديدة كفيلة بانعاش الاقتصاد البريطاني، مضيفا أن إنتاج النفط في نيجيريا سيواجه أزمة التقلص والتراجع التي قد تستمر عدة سنوات مقبلة، كما أن الوضع في ليبيا ما زال مقلقا بسبب الانقسام الداخلي والصراع على الموارد النفطية، بينما لن تؤثر الضربات الإرهابية الأخيرة في السعودية والعراق في إمدادات الطاقة من البلدين المنتجين المهمين، معتبرا أن استقرار الشرق الأوسط بات ضرورة ملحة لتأمين الامدادات ولتشجيع الاستثمارات على العودة إلى المستويات المميزة السابقة قبل ماسمي بالثورات الشعبية في المنطقة.

وتقول لـ "الاقتصادية"، إيريكا ماندرفينو مدير العلاقات العامة في عملاق الطاقة الإيطالي "إيني"، إن الشركة تتغلب على صعوبات السوق بالتوسع في أنشطة الشراكة والتعاون مع الحكومات والشركات وتولي اهتماما خاصة لتأمين امدادات الطاقة للقارة الأوروبية، مضيفة أنه في هذا الإطار التقت قيادات الشركة أمس مع رئيس قبرص نيكوس أناستاسيادس، في نيقوسيا، حيث تم بحث تفعيل برامج التعاون بين الجانبين والأنشطة الحالية لشركة إيني في قبرص وتم التركيز على إمكانات تطوير فرص الأعمال في المستقبل.

وأفادت ماندرفينو أن "إيني" ملتزمة بشأن دعم أنشطة التنقيب بشكل عام، في شرق البحر المتوسط، وإضافة إلى ذلك، فإن الشركة تتعاون بنشاط مع الحكومة القبرصية من أجل تعظيم استغلال الموارد الهيدروكربونية في البلاد.

وأوضحت ماندرفينو أن "إيني" تركز على تنمية المشاريع المستقبلية من الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي المنطقة التي يمكن أن تمثل مصدرا مهما للتنويع وقناة إمداد جديدة لتوريد الطاقة للقارة الأوروبية.

من ناحية أخرى وعلى صعيد الأسعار، تراجعت أسعار النفط 5 في المائة مسجلة أكبر خسارة يومية في خمسة أشهر وسط بواعث قلق المستثمرين من تباطؤ الاقتصاد العالمي بفعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ودفعت المخاوف من تأثير مغادرة الاتحاد الأوروبي بالجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوياته في 31 عاما، ومن المتوقع أن تظهر البيانات الصينية في الأسابيع المقبلة ضعفا في التجارة والاستثمار، وتعرضت الأسعار لضغوط إضافية من بيانات تظهر زيادة المخزونات بنقطة تسليم العقود الآجلة للخام الأمريكي.

وبحسب "رويترز"، فقد تراجع خام برنت 2.44 دولار بما يعادل نحو 4.9 في المائة ليسجل 47.66 دولار للبرميل، فيما هبط الخام الأمريكي 2.55 دولار أو 5.2 في المائة إلى 46.44 دولار للبرميل، وهذا هو أكبر تراجع ليوم واحد بالنسبة المئوية في الخام الأمريكي منذ التاسع من شباط (فبراير).

وجرى تعليق التداول في أكبر صناديق العقارات البريطانية في إشارة إلى ما وصلت إليه المتانة المالية بعد أن صوتت البلاد لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما أنه من المتوقع أن تظهر سلسلة من البيانات من الصين خلال الأسابيع المقبلة ضعفا في التجارة والاستثمار.

وتعافى الإنتاج النيجيري جزئيا ما أسهم في زيادة إمدادات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الشهر الماضي بحسب مسح نشرت نتائجه الأسبوع الماضي لكن تلك الانتعاشة ربما تكون قصيرة الأجل، وقالت جماعة نيجيرية مسلحة تنفذ هجمات على المنشآت النفطية في البلاد أمس إنها فجرت بئرا وخطي أنابيب بعد أن أعلنت مسؤوليتها عن خمس هجمات أخرى الأحد.

وذكرت تقارير إخبارية أن إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من النفط ارتفع خلال حزيران(يونيو) الماضي في أعقاب تحسن إنتاج نيجيريا بعد إصلاح الأضرار التي أصابت البنية التحتية لقطاع النفط نتيجة هجمات المسلحين عليها.

وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية أن متوسط إنتاج نيجيريا ارتفع بمقدار 90 ألف برميل يوميا إلى 1.53 مليون برميل يوميا مقارنة بالشهر السابق، وكانت نيجيريا قد تمكنت من إصلاح بعض أنابيب النفط التي تعرضت لإشعال النار بسبب هجمات المسلحين على المنشآت النفطية في منطقة دلتا نهر النيجر بحسب تصريح إيمانويل كاشيكو وزير الدولة النيجيري للموارد النفطية يوم 27 حزيران(يونيو) الماضي.

في الوقت نفسه ارتفع إنتاج السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم إلى 10.33 مليون برميل يوميا خلال الشهر الماضي بزيادة قدرها 70 ألف برميل يوميا، حيث يزيد إنتاج الخام في السعودية خلال فصل الصيف لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في البلاد.

وارتفع إنتاج ليبيا بمقدار 40 ألف برميل إلى 320 ألف برميل يوميا، وكان الإنتاج قد شهد اضطرابا خلال أيار(مايو) الماضي نتيجة وقف شحن النفط الليبي من ميناء مرسى الحريقة النفطي بسبب الخلافات بين مسؤولي قطاع النفط في الجزء الشرقي من ليبيا، وسجل العراق أكبر تراجع في إنتاجه النفطي خلال الشهر الماضي بمقدار 70 ألف طن إلى 4.3 مليون برميل يوميا، واستقر إنتاج إيران عند مستوى 3.5 مليون برميل يوميا.

من جهة أخرى، سجلت إمدادات البنزين في السوق الأمريكية مستويات قياسية حيث تعمل مصافي النفط في الولايات المتحدة بكامل طاقتها إلى جانب زيادة الواردات، في حين جاء نمو الطلب على الوقود أقل من المتوقع وهو ما يهدد بارتفاع أسعار النفط الخام.

ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية عن جون كيلدوف الشريك في صندوق "أجيان كابيتال" للاستثمار الذي يركز على سوق الطاقة قوله إن جزءا كبيرا من ارتفاع أسعار النفط الخام في وقت سابق من العام الحالي كان يعود بدرجة كبيرة إلى الآمال في زيادة الطلب على الوقود ما يدفع سعر الخام إلى الارتفاع، لكن هذا لم يحدث وسيؤثر البنزين سلبا في السوق".

وكانت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قد ذكرت في تقريرها الشهري أن الطلب على البنزين بلغ في نيسان (أبريل) الماضي 9.21 مليون برميل يوميا مقابل 9.49 مليون برميل يوميا وفقا للبيانات الأسبوعية.

وقال تيم إيفانز محلل الطاقة في مؤسسة "سيتي فيوتشرز برسبيكتيف" للاستشارات إن البيانات الشهرية لشهر نيسان(أبريل) الماضي تثير الشكوك في فكرة أن أسعار النفط يمكن أن ترتفع مدعومة بارتفاع الطلب على البنزين.

© الاقتصادية 2016