PHOTO
14 08 2017
دبي، الإمارات العربية المتحدة
من المعروف أن أفكار الأفلام ليست أمرًا صعبًا، فلدينا العديد من الأفكار لأفلام محتملة يتم تقديمها لفريقنا كل شهر؛ لكن الأمر الصعب هو كيفية العثور على عروض أو صفقات يمكن من خلالها تمويل هذه الأفلام. فإنتاج الأفلام عمومًا ليس أمرًا سهلاً أو غير مكلف مادياً، حيث يتعين دفع كافة تكاليف الإنتاج مقدمًا، ويحتاج منتج الفيلم عادة إلى الحصول على قدر كبير من المال من أجل بدء الإنتاج.
ويبدأ الكثير من صناع الأفلام إنتاجهم الإبداعي بتمويل أفلامهم الخاصة، والتي تكون عادة أفلام قصيرة صغيرة الميزانية، يتم دفع تكلفتها ببطاقات الائتمان، وتتم مساعدة مثل هذه الأفلام من خلال توفير خدمات مجانية لصانعيها، إلى جانب مساعدات أخرى من الأصدقاء مثل الممثلين والمعدات التي يتم استعارتها؛ وكل ذلك يسهم في دعم صانع الفيلم، ولكن في مرحلة ما، فإن أي صانع فيلم طموح سيرغب في التوسع إلى أبعد من ذلك، سيسعى إلى إنتاج أفلام أطول وأكبر، ربما تحتاج إلى ميزانيات تقدر بملايين الدولارات.
لذلك فالسؤال المهم هنا هو: كيف سيتم تمويل هذه الأفلام؟، وبالنسبة لأولئك الذين يحلمون بالحياة خلف أضواء الكاميرات، فإننا سنلقي نظرة على الطرق المختلفة التي يمكن أن يحصل بها صانع الفيلم على عروض لتمويل الفيلم.
ما قبل المبيعات
تأتي الطريقة التقليدية لتمويل الأفلام من خلال بيع حقوق توزيع الفيلم إلى وكلاء المبيعات أو الموزعين في بعض المناطق الرئيسية قبل الإنتاج؛ ولا يؤدي هذا فقط إلى زيادة الأموال التي يتم جمعها، ولكن يسمح لصانع الفيلم بتعزيز مصلحة وكيل المبيعات أو الموزع في الفيلم عند التفاوض للحصول على أشكال أخرى من التمويل من أطراف ثالثة. ومن المرجح أن يكون الممولون من طرف ثالث أكثر اهتمامًا بتوفير المال لفيلم لديه فرصة على الأقل للعرض في للسينما.
ويتعين على صانع الفيلم أن يسعى دائمًا للحصول على مدفوعات مسبقة من عائدات الفيلم النهائية، وهذا الأمر لا يوفر فقط التمويل الذي تكون هناك حاجة ماسة إليه لإنتاج الفيلم، ولكنه يوضح أيضًا نية وكيل المبيعات أو الموزع في شراء الفيلم بالفعل بمجرد اكتماله. وفي الصفقة المثالية لمرحلة ما قبل البيع، سيتم تقديم مدفوعات مسبقة قبل الإنتاج، وهذه الأموال يمكن استخدامها في تمويل إنتاج الفيلم. ومن المهم الإشارة إلى أن المدفوعات المسبقة في مرحلة ما قبل البيع من المرجح أن يتم دفعها للأفلام وفقاً لعقود شباك التذاكر، وتدفع إما للممثلين الرئيسيين، أو في بعض الحالات للمخرج؛ وكما يتوقع المرء، فإن الموزعين سيقدرون قيمة المخرج المتمرس والمعروف عن المخرج الموهوب غير المعروف لأول مرة.
ومن الناحية العملية، انخفضت إمكانية المدفوعات السابقة للتوزيع بشكل كبير في العصر الرقمي، وهي شبه معدومة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن الحصول على وكيل مبيعات أو اتفاقية توزيع في وقت مبكر جدًا لا يزال أمرًا مرغوب فيه تجاريًا. ويمكن أن تؤدي هذه الاتفاقية إلى زيادة كبيرة في فرصة صانع الفيلم للحصول على أشكال أخرى من التمويل من طرف ثالث؛ وللتأكد من أن اتفاقية التوزيع ستكون مفيدة، رغم الإخفاق في الحصول على مدفوعات مسبقة، يجب على صانع الفيلم أن يسعى لإدراج الحد الأدنى من الضمان فيما يتعلق بالإيرادات التي سيحققها الفيلم. ومن الواضح أن هذا يمثل مصطلحًا تجاريًا مفيدًا لصانعي الأفلام، لأنه يوفر للموزع حافزًا لتعظيم جهوده إلى أقصى قدر ممكن، من أجل توزيع الفيلم وزيادة الإيرادات المحتملة؛ وكعائد لاستثماراتهم، فإن التمويل سيكون بشكل عام هدفًا لأي طرف ثالث ممول، وسيتم النظر إلى إدراج الحد الأدنى من الضمان كمؤشر لاحتمالية النجاح التجاري للأفلام.
التمويل الحكومي والخصومات
تقدم العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم حوافز لصانعي الأفلام، للقيام ببعض أو كل عملية الإنتاج داخل حدودها؛ فهي تنظر إلى صناعة الأفلام كوسيلة ممتازة لجلب الأعمال، ولكن الكثيرين أيضًا يرون أن هناك أهمية ثقافية لتشجيع صناعة الأفلام. في حين يرى آخرون أنها جزء من التنمية السياحية.
ومهما كان السبب، فمن الأهمية بمكان أن يكون صانع الفيلم على دراية بالحوافز المختلفة المطروحة أمامه، والتي يمكن استخدامها إما في تمويل الفيلم مباشرة (المنح أو الاستثمار)، أو توفير الخصومات مقابل التكاليف المتكبدة في البلاد، أو تقديم فائدة ضريبية. ولأن هذه الحوافز تتغير على نحو منتظم من حين لآخر، فيتعين على صناع الأفلام أن يبقوا على اطلاع دائم بالحوافز الجديدة والتغييرات التي تحدث في البرامج والخطط القديمة.
ويجب أن نتذكر أن الحوافز يمكن أن تقدمها الحكومات في الأقاليم الأصغر داخل الدول، فبعض الولايات في الولايات المتحدة مثلاً لديها خططها الخاصة. وفي مقال سابق نشر في هذه الطبعة، قدمنا ملخصًا للحوافز الحالية المطبقة على صانعي الأفلام الراغبين في التصوير في أبو ظبي.
يجب أن ينطوي تمويل الأفلام الذي يقدمه أي كيان حكومي عادةً على اتفاقيات طويلة ومعقدة؛ وسوف يشتمل ذلك على بنود تحدد طريقة تطبيق الإيرادات (المعروفة باسم "الشلال" في دوائر الأفلام). وفي حين أن الاتفاقية بأكملها مهمة جدًا وينبغي أن يتم مراجعتها بالتفصيل، فإن "الشلال" هو أيضًا جزء مهم من صفقة الفيلم بأكملها، ويجب أن يعكس، بشكل صحيح، موقف الحكومة كممول، وأن يأخذ في الاعتبار جميع الأطراف الأخرى التي قد يكون لها مركز استثمار أو حق في دفع مؤجل. ولأن التريث للتأكد من صحة ذلك قد لا يأخذ الأولوية في خضم التخطيط لإنتاج فيلم؛ فينبغي العلم أنه من الصعب جدًا، إن لم يكن من المستحيل، إعادة التفاوض على هذه الشروط في وقت لاحق. وهذا قد يعني أن صانعي الأفلام أنفسهم قد يضطرون إلى التضحية بحصتهم من عائدات الفيلم لإصلاح أي أخطاء تتضح في وقت لاحق.
تمويل فجوة البنك
على الصعيد الدولي، لا يوجد سوى عدد قليل من البنوك التي تهتم بتوفير تمويل الفجوة إلى صناع الأفلام لإنتاج الأفلام؛ وهو مبلغ صغير بفائدة عالية يتم منحه كقرض من أجل استكمال الفيلم. ومع ذلك، فمن المهم أن نلاحظ أن شروط تمويل الفجوة سيتطلب دائمًا الدفع أولاً من العائدات التي تأتي من الفيلم. وعادةً ما تمول البنوك نسبة مئوية صغيرة فقط من ميزانية الفيلم – ربما نسبة الـ 5– 10% الأخيرة، كما أنها تفرض فائدة كبيرة على استثماراتها. ولذلك، فإن الاتصال بأحد البنوك من أجل تمويل فيلم يجب أن يكون الخيار الأخير لصانع الفيلم، وأن يلجأ إليه فقط عندما يستنفذ جميع السبل الأخرى، ويجد أنها لن تكفي لتوفير الميزانية النهائية الاجمالية. أما على الجانب الإيجابي، فبمجرد القيام بسداد الاستثمارات للبنوك، فإنها لم تعد تملك حصة في الفيلم، مما سيجعل أي عوائد لاحقة لصانع الفيلم!
المستثمر الملاك
ليس هناك شك في أن العديد من صانعي الأفلام يحلمون بلقاء شخص لديه الأموال المتاحة والرغبة في المشاركة في صنع فيلم مستقل، أو ما يمكن أن نطلق عليه "المستثمر الملاك". وفي الواقع، فإن هؤلاء الناس من الصعب العثور عليهم، ولكن من وقت لآخر يقوم الأفراد، الذين يطلبون تحقيق قيمة عالية، بتوفير المال لإنتاج الأفلام.
وسوف يكون للمستثمر الملاك أسبابه الخاصة للاشتراك في المشروع، ويجب على صناع الأفلام التأكد من أنهم يفهمون بوضوح هذه الأهداف منذ البداية؛ حيث يسعى بعض المستثمرين للحصول على تخفيضات ضريبية، وبالتالي فإن هدفهم التجاري الرئيسي هو ضمان إنتاج الفيلم بطريقة تضمن له أن يحصل على هذا التخفيض الضريبي. وسيرغب بعض المستثمرين في امتلاك حقوق الطبع والنشر في الفيلم كجزء من تعويضهم عن توفير التمويل، وقد يحتاج البعض بالفعل إلى امتلاك حقوق الطبع والنشر من أجل تحقيق أهدافهم المالية الخاصة. ولا يشعر صناع الأفلام عمومًا بالارتياح لأي صفقة تزيل ملكيتهم وتتحكم في حقوقهم في فيلمهم، ولكن هذه الرغبة يجب أن تكون متوازنة مع مستوى التمويل الذي سيقدمه المستثمر؛ فإذا كان المستثمر على استعداد لتوفير نسبة عالية من ميزانية الفيلم، فإنه على حق في السعي (أو التفاوض) على جزء من الملكية. وفي هذه الحالة، فمن الأفضل لك أن تأخذ المشورة بشأن إنشاء شركة خاصة لامتلاك حقوق الفيلم (تُعرف باسم " شركة استثمارية ذات غرض خاص")، مع إدراج كل من صانع الفيلم والمستثمر على حد سواء كمساهمين في الشركة الاستثمارية ذات الغرض الخاص.
خاتمة
من أجل توفير التمويل لفيلم في أي مرحلة، من المهم أن نتذكر أن الممول يهتم بشكل عام بالطريقة التي من شأنها أن تجعل الاستثمار يوفر عائدًا إلى حقيبته الاستثمارية؛ ومن النادر العثور على مصدر تمويل يكون راضيًا عن تحقيق عائد بسيط كنوع من الدعم لرؤية صانع الفيلم. وعلى الجانب الآخر، فإن صانعي الأفلام يصممون دائمًا على ضمان عدم تعرض مفهوم واتجاه الفيلم للخطر، من خلال إدخال عضو تمثيلي خاطئ أو تسجيل صوتي غير صحيح أو عنصر تصميمي غير ملائم. ولذلك، فمن المهم التأكد من أن صفقة التمويل لا تنتهك سيطرة صانع الفيلم أو رؤيته. ويجب أن يتم وضع الصفقات بعناية، وتوثيقها بشكل صحيح، من أجل ضمان أن تتماشى مصلحة الممول مع حلم صانع الفيلم.
هذا ويقدم ما سبق مجرد نظرة صغيرة على بعض القضايا التجارية والقانونية المرتبطة بتمويل الأفلام- وننصح صناع الأفلام بقوة بالنظر بعناية لخياراتهم، ومراجعة نقاط الصفقة التجارية وقراءة الاتفاقيات مع أي مصدر للتمويل؛ حيث أن موقفه كصانع فيلم وإمكانية تحقيقه لأي إيرادات مستقبلية يعتمد على ذلك.
يقدم فريق التميمي ومشاركوه للتقنية والإعلام والاتصالات المشورة لكل من صانعي الأفلام والممولين بشأن القضايا التجارية والقانونية المرتبطة بإنتاج الأفلام. لمزيد من المعلومات، يرجى التواصل مع فيونا روبرتسون (f.robertson@tamimi.com).
© Al Tamimi & Company 2017







