12 06 2016

مجلس الوزراء يعيش حالة من الإنكار لمسار إصلاحاته

على مجلس الوزراء أن يدرك قصور رؤاه في معالجة الإصلاح المالي

أشار تقرير الشال الاقتصادي الى تصريح وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله وهو الناطق الرسمي باسم المجلس، بمناسبة احتفال نظمته «فوربس»، مفاده بأن تنفيذ بنود وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي وإستراتيجية 2030 يسيران مسارهما الصحيح، وأن حركة أسعار النفط لم تعد تؤثر على تحقيق أهداف المسارين.

واخترنا نصين، إن صدقا، فمن المؤكد أن الكويت معرضة لاحتمال فقدان فرصة الإصلاح إلى الأبد، والنصان هما التالي: «لا يوجد تأثير أو علاقة بين ارتفاع أسعار برميل النفط والإستراتيجية التي اعتمدها مجلس الوزراء في وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي، خصوصا أن الوثيقة قائمة على إعادة توازن هيكل الاقتصاد الوطني بمعايير عالمية ومن خلال اتباع أساليب علمية ومؤسسية، لافتا إلى أن إستراتيجية الكويت 2030 لن تعتمد على أسعار النفط إن ارتفعت أو تراجعت».

«إن من يطلع على الميزانية الحالية ومقارنتها بميزانية العام الماضي وما سبقها، يتبين للجميع أن الحكومة صدقت مع نفسها قبل أن تصدق مع الآخرين بتخفيض مصروفاتها ودمج مؤسسات وعدم التوسع في الهياكل وتخفيض الميزات، وهذا خير دليل على اتباع الإستراتيجية التي أعلن عنها المسؤول الحكومي».

وبين التقرير ان أكبر المخاطر هي إن كان هذان التصريحان يمثلان رأي مجلس الوزراء، فذلك يعني أنه، أي مجلس الوزراء، يعيش حالة من الإنكار التام لمسار إصلاحاته، فالتنفيذ من وجهة نظره يسير وفق معايير عالمية لا أحد يعرفها، وبأساليب علمية ومؤسسية، وأصبح القلق على حركة أسعار النفط، ارتفعت أو تراجعت، شيء من الماضي.

ثاني المخاطر هي في لغة التصريح، فالكلام الإنشائي الكبير مثل المعايير والأساليب العلمية والمؤسسية من دون ذكر أي رقم مقارن أو حتى مثال لدمج المؤسسات، أصبح أمرا من الماضي، والواقع أنه كلام كبير من دون أي معنى.

ثالث المخاطر، هو ذلك الشعور القاطع بالرضا والقناعة، بما لا يسمح بالتشكيك، فالتصريح ينص على أنه يتبين للجميع من دون استثناء أن الحكومة في درب الإصلاح صدقت مع نفسها قبل أن تصدق مع الآخرين في فعل كل ما هو صحيح.

وقال التقرير: «لسنا بصدد إثبات خطأ المسار، فالخلل الإنتاجي أي توازن الاقتصاد لصالح مساهمة أكبر في توليد الناتج المحلي الإجمالي يسير معاكسا وسوف يستمر في ترجيح المزيد من عدم التوازن أو المزيد من مساهمة القطاع العام في الناتج المحلي الإجمالي.

والكويت تعيش حقبة من عجز مالي لم يتحقق منذ آثار احتلالها، وهو عجز مالي ما زال مرتبطا بأكثر من 90% بحركة أسعار النفط هبوطا أو ارتفاعا، أي أن التوازن المالي تزداد مخاطره بدلا من خفض الاعتماد على النفط.

وميزان السكان والعمالة في انحدار، وسوق العمل مهددة بمزيد من الاعتماد على القطاع العام الذي يوظف حاليا 75% من العمالة المواطنة ويدعم من يعمل خارجها، والقادمون الجدد من المواطنين إلى سوق العمل في 15 عاما أكثر من الموجودين فيه حاليا.

ومشروعات التنمية لا علاقة لها بالتنمية، لذلك يتحاشى المسؤولون ذكر تكلفتها الباهظة ونوعيتها الرديئة وحجم فرص العمل المواطنة والمستدامة التي تخلقها، والواقع أن معظمها يزيد من خلل التوازن في هيكل الاقتصاد».

وخلص التقرير الى الاعتقاد بأن أهون الشرين هو أن يدرك مجلس الوزراء قصور رؤاه ومن ثم إجراءاته في مواجهة ضعف سوق النفط الذي يمثل نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي ونحو 90% من إيراد الموازنة ويوظف بشكل مباشر وغير مباشر نحو 90% من العمالة المواطنة، وأن ضعف سوق النفط حقيقة طويلة الأمد هذه المرة، وأن يقر بالعجز ويعمل على تداركه.

أسوأ الشرين، هو إن كان تصريح الناطق الرسمي باسمه يمثل قناعة راسخة بنجاعة رؤاه وسياساته، أو أنه يعرف بضعفها ولكنه يحجب الحقيقة في دفاع عن بقائه، رغم أن التكلفة على البلد لا يمكن تعويضها.


© Al Anba 2016