لم تكد تهدئ أزمة نقص الأدوية بعد قرار مجلس الوزارء بتحريك أسعار الأدوية أقل من 30 جنيهاً، حتى ظهرت بوادر أزمة جديدة مع اتجاه الشركات الأجنبية العاملة فى السوق المصري، للمطالبة بتعميم تطبيق القرار على الأدوية المسعرة بأكثر من 30 جنيهاً.

ولم تستفد الشركات متعددة الجنسيات من قرار الحكومة الصادر منتصف مايو الماضى بزيادة اسعار الأدوية بنسبة 20%، خاصة أن أغلب منتجاتها مسعرة بأكثر من الحد الأقصى للقرار (30 جنيهاً).

وقالت مصادر لـ«البورصة»” إن الشركات متعددة الجنسيات قدمت مطالبات لوزارة الصحة فور صدور قرار زيادة الأسعار، بتعميم تطبيق القرار على الأدوية المسعرة بأكثر من 30 جنيهاً، لكن كل مطالباتهم رفضت بشكل قاطع.

وهددت المصادر لجوء عدد من الشركات الأجنبية لتقليل انتاج عدد كبير من الأدوية، وتحجيم استيراد البعض الأخر، فى ظل الزيادة المستمرة فى أسعار الدولار وتوقعات اتجاه البنك المركزى لتخفيض قيمة الجنيه مرة أخرى خلال وقت قريب.

وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة IMS العالمية للمعلومات الصيدلانية، يضم السوق المصرى نحو 3300 مستحضر مسعرة بأكثر من 30 جنيهاً، من اجمالى 12.3 الف مستحضر مسجل بالادارة المركزية لشئون الصيدلة التابعة لوزراة الصحة.

وأوضحت المصادر أن كافة المستحضرات الدوائية تعانى منذ 2011، من زيادة تكاليف الإنتاج، جراء الزيادات المستمرة فى سعر صرف العملة الأجنبية وارتفاع أسعار المواد الخام، التى تمثل أكثر من 90% من مكونات الإنتاج.

وخفضّ البنك المركزى منتصف مارس الماض]، سعر الجنيه 112 قرشاً مقابل الدولار ليصل الى 8.95 قرش مقابل الجنيه، ومن المتوقع أن يقوم البنك المركزى بتخفيض آخر للجنيه الأيام المقبلة بعد تصريحات طارق عامر محافظ البنك المركزى مؤخراً بأن الحفاظ على سعر غير حقيقى للجنيه كان خطأ وأنه مستعد لأخذ القرارات الصحيحة، وتحمل نتائجها.

وذكرت المصادر أن زيادة أسعار الأدوية «الغالية» لا تقل أهمية عن زيادة الأدوية «الرخيصة»، بل قد تزيد الأولى فى أهميتها، مضيفة «الشريحة السعرية الأعلى من 30 جنيهاً تضم أدوية مبتكرة وحيوية لمرضى السرطان ومشتقات الدم والسكر والجلطات والأمراض النادرة، وبالتالى سيؤثر غيابها بقوة على المريض».

وتابعت: عدم تحريك أسعار الأدوية مرتفعة السعر قد يتسبب فى توقف شركات التوزيع الكبرى عن استيراد الأدوية الأجنبية تمت الصنع لتجنب الخسائر، ما سيفاقم أزمة النواقص التى يعانى منها السوق.

وارتفعت نواقص الادوية الى 1500 دواء بنهاية الشهر الماضى، مقابل نحو 1000 مستحضر حصرتها نقابة الصيادلة نهاية ابريل الماضى.

وتركزت أغلب النواقص خلال الأشهر الماضية فى المستحضرات منخفضة الأسعار، وتحديداً فى الشرائح السعرية من جنيه إلى 30 جنيهاً، لكن قرار رفع أسعار تلك الشرائح قد يسفر عنه استئناف انتاج تلك المستحضرات مرة أخرى تنفيذاً لاتفاق تم بين وزراة الصحة والشركات فور صدور القرار.

وقال محيى عبيد، نقيب الصيادلة، إن النقابة لن تقبل بأى تحريك لأسعار الدواء مرة أخرى «ولو حتى بعد 5 سنوات».

وأضاف عبيد لـ«البورصة»: أن الشركات التى تظن أن هناك تحريكاً آخر للأسعار واهمة، ودعا الشركات المهددة بالتوقف عن انتاج بعض المستحضرات للخروج من السوق، وقال: إن هناك شركات محلية قادرة على تلبية احتياجات المرضى.

وقدّر نقيب الصيادلة نسبة الادوية التى يزيد سعرها عن 30 جنيها، بنحو 36% من حجم سوق الأدوية فى مصر وتعالج جميع الأمراض.

وأشار عبيد الى أن بعض الشركات الاجنبية تحقق مكاسب تصل 600% سنوياً، وأن زيادة سعر صرف الدولار مقابل الجنيه سيخفضّ ارباحها الى 400% «وده كفاية اوى عليها».

وقال محيى حافظ، عضو مجلس ادارة غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، إنه من غير المنطقى أن يتم اتخاذ قرار جديد بزيادة الأسعار.

وأضاف حافظ أن سوق الدواء لم يتخلص بعد من البلبلة التى حدثت بعد قرار تحريك الاسعار الاخير، لذا فلن يكون من المقبول اتخاذ أى زيادة أخرى.

وأكد عدم اتجاه الشركات المحلية لتقليص أو التوقف عن إنتاج مستحضرات إذا لم تتم زيادة الأسعار مرة أخرى، وأنها مستمرة فى تلبية احتياجات السوق.