14 07 2016

بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني لبلاده.. السفير شوفالييه:

كشف سعادة إيريك شوفالييه سفير الجمهورية الفرنسية في قطر، أن المبادلات التجارية بين البلدين بلغت 3 مليارات دولار العام الماضي، لافتا في الوقت نفسه إلى أن العلاقات السياسية بين الدوحة وباريس متميزة للغاية، فهي قديمة ومتجذرة، وقد كانت جيدة بالفعل عند وصوله إلى قطر سفيرا لبلاده، ودأب على تطويرها إلى درجة أعلى وأقوى.

وفي لقاء مع الصحافيين بمناسبة العيد الوطني لبلاده الذي يصادف اليوم الخميس ، أكد سعادة السفير أن العام الماضي حدثت تطورات أدت إلى زيادة وعمق العلاقات بين الدولتين، فعلى المستوى السياسي والاستراتيجي، فإن العلاقات قوية ومتميزة على أعلى المستويات وقيادتي الدولتين، حيث قام رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا أولاند بزيارة إلى الدوحة في شهر مايو من العام الماضي، وكذلك قام معالي الشيخ عبدالله بن ناصر رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بزيارة فرنسا في نوفمبر الفائت.

تضامن قطري 

وأضاف أن الزيارة كانت مهمة جدا، بحضور معالي رئيس الوزراء، كما أن توقيت تلك الزيارة كان بالغ الأهمية، لأنها أعقبت الأحداث الدامية والإرهابية التي ضربت فرنسا بثلاثة أيام، وحضر معالي رئيس الوزراء إلى فرنسا حاملا رسالة تضامن من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وكان ذلك الأمر على درجة عالية من الأهمية، لأن ذلك يعني التضامن ومساندة فرنسا في مواجهة الإرهاب.

وأوضح أن هناك العديد من الموضوعات التي تم التباحث بشأنها، ومنها التنسيق في مكافحة الإرهاب، وإيجاد حلول للأزمات التي تغرق هذه المنطقة، منوها إلى أن سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن وزير الخارجية، قد حضر إلى فرنسا من أجل التباحث حول ملفات المنطقة، كما حضر المسؤولون الفرنسيون إلى الدوحة لمناقشة أزمات الشرق الأوسط، ومنها ليبيا واليمن وسوريا، علاوة على الكثير من الملفات، فهناك روابط وثيقة بين الدوحة وباريس في كل تلك الملفات.

مستويات قياسية للتبادل التجاري

وحول التعاون في المجال الاقتصادي، قال السفير الفرنسي: إن الجانبين حطما جميع الأرقام القياسية في التعاون الاقتصادي خلال العام الماضي، خاصة التبادل التجاري، والاستثمارات، وتوقيع العقود الكبرى في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن أرقام التعاون خلال العام 2015 هي أرقام قياسية لم يسبق الوصول إليها.

ونوه إلى أن «العام الجاري هو عام هام للغاية بالنسبة للعلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وخير دليل على ذلك التوقيع على اتفاق بين مجموعة توتال للطاقة، وقطر للبترول، من أجل الاستثمار في حقل الشاهين بصورة مشتركة، مؤكدا أن هذا الأمر بالغ الأهمية، لأنه يتعلق بالروابط الاستراتيجية بين الدولتين، ويرمز بالنسبة لي إلى شيء هام وهو الأجل الطويل في العلاقات الثنائية، فشركة توتال للطاقة تحتفل بالذكرى الثمانين لتواجدها هنا في قطر، وقامت باختيار هذا العام للتوقيع على اتفاقية هامة مع قطر لمدة 25 عاما، وبالتالي امتداد الروابط بين الدولتين هام للغاية». 

تعاون لمكافحة الإرهاب

وحول التنسيق والتعاون في مكافحة الإرهاب والجوانب الأمنية والدفاعية، قال السفير شوفالييه: إن هناك تعاونا بين بلدينا في مكافحة الإرهاب، وهو يتطور على المستوى الثنائي وفى نطاق المجتمع الدولي، لافتا إلى أنه لن يكون هناك رد على الإرهاب إلا إذا كان ردا جماعيا ومنسقا، لكن مكافحة الإرهاب تغطي العديد من المجالات، فهناك البعد الأمنى والبعد المالي وأيضا البعد الثقافي. وأحد أهداف الإرهابيين هو تقسيم المجتمع الواحد، ثم إحداث الفرقة بين مختلف المجتمعات، ولا يجب أبدا الوقوع في مثل هذا الفخ. 

وقال: إن الإرهابيين عادة ما يقومون بأفعالهم تحت مسمى الدين الإسلامي، لكن هذا ليس الإسلام، وهم يرغبون في الحصول على رد فعل ضد الإسلام، ولهذا فإن مكافحة الإسلاموفوبيا على درجة كبيرة من الأهمية.

طائرات «الرافال» نموذج للتعاون العسكري

وفيما يتعلق بالتعاون العسكري فهناك تعاون بيننا في مجال المعدات العسكرية، والنموذج الأفضل لذلك هو طائرات «الرافال» التي تعد نموذجا رمزيا واستراتيجيا للتعاون بيننا في مجال المعدات العسكرية. وهناك تعاون في قطاعات أخرى سواء البحرية أو البرية أو الجوية، والتعاون بيننا ليس فقط في المعدات، لكن هناك تعاونا قائما في مجال التدريب ووضع الاستراتيجيات، فهي علاقة شاملة فيما يتعلق بالتعاون في المجالات الدفاعية.

وبالنسبة للتعاون الأمني، أبرز أن «هناك تعاونا كبيرا بين الجهات الأمنية الفرنسية والقطرية، خاصةً فيما يتعلّق باستضافة الأحداث الرياضية الكبرى».

48 ساعة لتأشيرات المواطنين

وعن تنقل الأشخاص، قال سعادة السفير: فرنسا تظلّ الوجهة السياحة الأولى على مستوى العالم، حيث يقصدها أكثر من 80 مليون سائح كلّ عام. وما يُميّز بلادنا هو ثراؤها بالتنوّع، من حيث الأماكن السياحية والمناظر الطبيعية والمتاحف والمطاعم وكل ما يبحث عنه السائح، وأفضل فرصة للاستمتاع بجمال فرنسا تتمثل بمشاهدة سباق الدراجات «تور دي فرانس»، إذ إنّ مسار هذا السباق يمرّ عبر مناطق مختلفة في فرنسا تتمتّع جميعها بجمالٍ طبيعي أخّاذ.

وعن التسهيلات الممنوحة للحصول على التأشيرات، قال السفير: كل قطري يرغب بالسفر إلى فرنسا فإنّه يحصل على التأشيرة في غضون 48 ساعة فقط، وهذا زمن وجيز للغاية، وأعتقد أنّ القطريين لن يحتاجوا للحصول على تأشيرة مستقبلاً، لكنّ هذا القرار يتم اتخاذه على المستوى الأوروبي فنحن لسنا الوحيدين المعنيين به».

وتابع قائلا: «بالنسبة للمواطنين والمقيمين في قطر، قامت السفارة بتطوير عملية استقبال طلبات الحصول على التأشيرة، نعترف بأنّ نظام إصدار التأشيرات منذ عامين أو ثلاثة لم يكن بالمستوى المنشود، وهذا ما دفعنا إلى تغيير النظام بأكمله، والتعاون مع شركة خاصة لتطوير نظام استقبال طلبات التأشيرة، وصار الأمر أكثر تنظيماً بفضل هذا التعاون وجهود شركة (كاباجو مينا قطر)، المكلَّفة بإصدار تأشيرات (شنغن) من السفارة الفرنسية».

الهاجس الأمني لا يهدّد السائحين

وعن الهاجس الأمني ومدى تأثيره على السياحة، رد سعادته قائلاً: «تحرص الحكومة الفرنسية على تعزيز التواجد الأمني وخاصةً في الوجهات السياحية، وكما لاحظ الجميع كان الأمن مستتباً خلال استضافتنا كأس الأمم الأوروبية، مع وجود ملايين الزوار. وفي الأيام الأولى من البطولة، تسبب عددٌ من مثيري الشغب ببعض الفوضى كما يحدث -للأسف الشديد- في الأحداث الرياضية الكبرى، لكنّنا سارعنا بالتعامل مع هذه المشكلة ومعالجتها.. باختصار: ننصحكم بزيارة فرنسا».

تعاون متعدد المجالات

وألمح إلى العلاقات بين قطر وفرنسا ليست فقط سياسية واقتصادية، بل إن هناك العديد من المجالات التي تم الاتفاق بشأنها، فعلى سبيل المثال هناك موضوع هام جدا مثل الصحة، ففي بداية العام الحالي تم توقيع اتفاق بين قطر ومعهد باستير، الذي يعد مركزا عالميا في مجال الصحة خاصة الأمراض المعدية، ويعمل به ألفا باحث، من بينهم عدد من الحاصلين على جوائز نوبل للطب، وهذه هي الاتفاقية الأولى في دول الخليج مع هذا المعهد، وهو أمر له دلالة مهمة على قوة وخصوصية العلاقات.

500 طالب بمدرسة فولتير

وحول العلاقات في مجال التعليم والأبحاث، قال شوفالييه: إن هذا المجال هام للغاية، ويحظى برعاية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، علاوة على اهتمام صاحبة السمو الشيخة موزا بالتعليم والأبحاث والدراسات، مشيرا إلى أن العلاقات التعليمية شهدت أيضا تطورات كبيرة، فكما تعلمون فإن كلية التجارة العليا الفرنسية قد تواجدت بالدوحة، وأصبح لها جهود ملحوظة على المدى الطويل. 

وأضاف أنه تم تطوير العديد من البرامج التعليمية مع جامعة قطر، حيث سيكون متاحا لجميع الطلبة في جامعة قطر اختيار اللغة الفرنسية كإحدى المواد التي يدرسون بها اعتبارا من العام الدراسي المقبل.

واستشهد بما تشهده مدرسة ليسيه فولتير وهي المدرسة الفرنسية القطرية المشتركة من نمو وتوسع مستمر، «من الرائع أنها تضم حاليا 1500 طالب، بينهم 500 طالب قطري». 
وعلى صعيد التعاون الثقافي قال: لدينا برامج ومشاريع جديدة، وسيتم إقامة معرض مهم بالتعاون مع متحف قطر في غضون بضعة أشهر، كما سيكون هناك فعاليات موسيقية كبيرة مشتركة.

تدريب 3 قطريين في مجال السينما

كما أشار إلى تعاون مهم للغاية مع معهد الدوحة للأفلام، وسوف يلتحق 3 شباب قطريين من العاملين في مجال السينما خلال أيام بالدورة الصيفية الخاصة بمدرسة السينما في فرنسا «فيميس»، وهي من أهم وأبرز مدارس السينما في أوروبا.

وأضاف: إن مبادرة معهد الدوحة للأفلام بإرسال مبتعثين لدراسة السينما تعد خطوة على درجة كبيرة من الأهمية، والعمل الذي يقوم به معهد الدوحة مثير للاهتمام ولا يمكن إخفاؤه، خاصة أن الأفلام الأربعة التي شارك بها في مهرجان «كان» حصدت 7 جوائز، وهذا هام للصورة الخاصة بدولة قطر ومستقبل السينما بها.

40 خبيراً قطرياً حضروا أمم أوروبا

وقال السفير الفرنسي: إن هناك تعاونا مهما في مجال الرياضة أيضا، فعلى سبيل المثال انتهت دورة الأمم الأوروبية التي استضافتها فرنسا منذ أيام، وحضرها 40 خبيرا قطريا، سواء من المسؤولين في مجال تنظيم الأحداث الرياضية أو المسؤولين في مجال الأمن، وأتمنى أن يكون حضورهم مبعث فائدة لدولة قطر فيما يتعلق بتنظيمها بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.

وقال: إن الدوحة سوف تستضيف قريبا بطولة العالم للدراجات، ويقام حاليا سباق الدراجات الشهير في فرنسا، متمنيا أن يكون هذا السباق الذي يقام منذ 100 عام، فرصة مجدية لدولة قطر فيما يتعلق بتنظيمها لبطولة العالم للدراجات.

علاقات شعبية وتفاهم ثنائي

وتابع: تبين هذه المحاور أن العلاقات الثنائية بين البلدين لا تكف عن النمو والتطور، وأنا سعيد للغاية بهذه النتائج، وعازمون على المضي قدما في هذا الاتجاه بزيادة نمو العلاقات، التي يقف وراءها أيضا العلاقات المتميزة بين شعبي البلدين، لأننا في كل مرة نطور أنشطة مشتركة بيننا بالتعاون أو الشراكة في جميع المجالات، يبقى الأمر الأكثر أهمية هو تطوير العلاقات بين الشعبين والتفاهم بينهما.

© Al Arab 2016