زاوية عربي

من سالي أبو ملحم، الصحفية بموقع زاوية عربي

في الوقت الذي تتأثر فيه الاقتصادات العالمية والعربية بالتوابع الاقتصادية السلبية لانتشار فيروس كورونا والإجراءات الصحية الحكومية المصاحبة له، تعاني منظمات العمل الإنساني في المنطقة العربية من تحديات متزايدة في التمويل وتدهور الأوضاع الإنسانية في عدد من الاماكن.

وتهدد الأزمة الاقتصادية في المنطقة بإغلاق محتمل لأكثر من 20 برنامج مساعدة يخدم 5.5 مليون شخص في اليمن كما حولت ثلاثة أرباع اللاجئين في لبنان إلى الحياة تحت خط الفقر المدقع، بحسب مسؤولين في منظمات المجتمع المدني والعمل الإنساني تحدثت معهم زاوية عربي.

وبحسب تقرير للبنك الدولي صدر في شهر يونيو الجاري، من المتوقع أن يشهد النشاط الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انكماش بنسبة 4.2 % نتيجة جائحة فيروس كورونا والهبوط الحاد لأسعار النفط والطلب عليه في الأسواق العالمية. ويأتي ذلك في ظل انكماش حاد للاقتصاد العالمي قد تصل نسبته إلى 5.2% هذا العام ممثلا أسوأ كساد منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب التقرير.

فكيف يؤثر ذلك على منظمات العمل الانساني وقدرتهم على الاستجابة لدعم وحماية المجتمعات الأكثر ضعفا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

صعوبات في تأمين التمويل والمنح

قال محمد الأسمر، المدير الإقليمي للإعلام والتواصل لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة أنقذوا الأطفال (Save the children)، في رد على أسئلة زاوية عربي عبر البريد الإلكتروني: "فيروس كورونا له تأثير على قدرتنا على جمع التمويل من الجهات المؤسسية والحكومية المانحة لنا تقليديا، حيث يواجه الكثيرون مشاكل اقتصادية في بلدانهم. أيضا، غالبا ما ترتبط ميزانيات التنمية الدولية للحكومات بالناتج المحلي الإجمالي لبلدانها ونخشى أنه إذا كان هناك ركود اقتصادي عالمي، فسوف نرى أموال أقل بكثير متاحة لدعم الأطفال."

خلفية سريعة عن أنقذوا الأطفال (Save the Children)

هي منظمة غير حكومية عمرها 100 عام، تعمل في 117 دولة حول العالم لتقديم الدعم المنقذ لحياة الأطفال وأسرهم، والدفاع عن حقوقهم. ولديها مكاتب في اليمن وسوريا والعراق والأردن ولبنان وفلسطين وتركيا ومصر، بحسب موقعها الرسمي.

وأضاف محمد: "هذا العام، نتوقع فقط انخفاض طفيف في ميزانيتنا التشغيلية للشرق الأوسط وأوروبا الشرقية التي بلغت حوالي 200 مليون دولار في عام 2019. ومع ذلك، على المدى الطويل، اعتمادا على بيئة التمويل المستقبلية وتأثيرات كورونا، يمكن أن يكون الوضع أسوأ بكثير."

وقال جيري جارفي، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في المجلس الدنماركي للاجئين، في رد على أسئلة زاوية عربي عبر البريد الإلكتروني، أنه من الصعب التنبؤ بتأثير الوباء على التمويل في هذه المرحلة المبكرة. وأضاف "إننا نشهد المزيد من المشاركة من القطاع الخاص مما يوحي بإمكانية تنوع قاعدة المانحين. ومع ذلك، قد يتم تحويل التمويل لدعم الاستجابات الخاصة بفيروس كورونا مما يزيد من النقص في تمويل العمل الانساني والتي كانت كبيرة مسبقا."

خلفية سريعة عن المجلس الدنماركي للاجئين (Danish Refugee Council)

هي منظمة إنسانية دولية تأسست عام 1956، تساعد اللاجئين والنازحين داخلياً في 40 دولة حول العالم. تقع أكبر عملياتها الإقليمية في الشرق الأوسط، حيث تعمل في العراق والأردن ولبنان وسوريا وتركيا واليمن، بحسب موقع المنظمة الرسمي.

بحسب جيري أنه "في حين أن المجتمعات في جميع أنحاء المنطقة معرضة بشدة لفيروس كورونا، يبدو أن المستويات المنخفضة للفيروس المعلنة وضعت المنطقة على مستوى منخفض في قائمة تلقي الدعم الخاص بكورونا."

الوضع في اليمن ولبنان

مؤخرا، تعهدت الدول المشاركة في مؤتمر المانحين لليمن الذي أقيم في 2 يونيو الجاري بتقديم 1.35 مليار دولار، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA). ويعادل ذلك حوالي نصف المبلغ الذي سعت لجمعه وكالات الأمم المتحدة وشركاؤها العالميون حين أعلنت في بيان لها صدر في مايو الماضي أنها بحاجة لتأمين "2.41 مليار دولار لمكافحة كورونا المنتشر في اليمن مع الاستمرار في دعم الملايين المتضررين من أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

وبحسب جيري من المجلس الدنماركي للاجئين، فإن الـ 1.35 مليار دولار هو نصف ما تم التعهد به العام الماضي، مشيرا إلى أن "تخفيضات التمويل في اليمن قد تعني إغلاق أكثر من 20 برنامج مساعدة للمنظمات غير الحكومية تخدم 5.5 مليون شخص".

خلفية سريعة عن وضع اليمن

وأدت الاضطرابات السياسية والحرب في اليمن على مدار الأعوام الماضية إلى ما أسمته الأمم المتحدة أكبر أزمة إنسانية في العالم جعلت أكثر من 24 مليون شخص بحاجة لمساعدات إنسانية، بحسب موقع منظمة اليونيسيف UNICEF التابعة للأمم المتحدة.

أما لبنان فيستضيف أكثر من 1.5 مليون لاجئ ونصف مليون عامل أجنبي، وهو ما يشكل 30% من نسبة عدد السكان (6 مليون) وهو أحد أعلى النسب في العالم، بحسب تصريحات ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان إيمان شنقيطي في مؤتمر صحفي للمنظمة عقد في 19 يونيو الجاري.

وقالت دلال حرب، مسؤولة التواصل والناطقة الرسمية باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، في رد على أسئلة زاوية عربي عبر البريد الإلكتروني: "الحالة في لبنان التي كانت قد تضررت مسبقا من الأزمة الاجتماعية الاقتصادية، تفاقمت بسبب تدابير الطوارئ المرتبطة بكورونا. هذا الوضع له تأثير شديد على وصول اللاجئين إلى وسائل العيش وعلى صحتهم العقلية وقدرتهم على تلبية احتياجات البقاء مثل الإيجار والطعام والدواء كما هو الحال بالنسبة للطبقات اللبنانية الضعيفة."

خلفية سريعة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)

هي منظمة عالمية تعمل على قضايا حماية ودعم اللاجئين والمجتمعات النازحة قسرا والأشخاص عديمي الجنسية، بحسب موقعها الرسمي.

وأضافت دلال أن جميع اللاجئين في لبنان تقريبا تحولوا لحالة الضعف الشديد خلال الأشهر القليلة الماضية، كما أن ثلاثة أرباع اللاجئين في لبنان يعيشون اليوم تحت خط الفقر المدقع مقارنة ب 55% منهم قبل الازمة الاقتصادية اللبنانية وانتشار فيروس كورونا.

خلفية سريعة عن الوضع الاقتصادي في لبنان

يواجه لبنان تحديات كبيرة في ظل زيادة الضغوط والاحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ حوالي 8 أشهر للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية السيئة الناجمة عن تفاقم الديون وزيادة عجز الموازنة العامة. كما شهدت العملة تدهور كبير في سعرها في السوق الموازية مما أدى لارتفاع الأسعار ونقص الدولار والسلع المستوردة.

وقال محمد الأسمر من منظمة أنقذوا الأطفال : "هناك أيضا خطر أن تتدهور وجهة نظر الرأي العام تجاه اللاجئين في البلدان التي تستضيف أعداد كبيرة منهم، وأن تتفاقم التوترات بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة."

مخاطر الأوضاع الاقتصادية

وقال جيري من المجلس الدنماركي للاجئين: "يتسبب انخفاض قيمة العملات الوطنية المستمر في لبنان وسوريا واليمن في تقلب لاحق في أسعار جميع السلع والخدمات ويجعل المواد الغذائية الأساسية بعيدة المنال بالنسبة للأشخاص الأكثر ضعفا."

وأضاف، "قد تؤدي زيادة البطالة وانعدام الأمن الغذائي وتآكل سبل المعيشة إلى تأجيج عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي في بعض البلدان."

وقال محمد الأسمر من منظمة أنقذوا الأطفال: "إذا كانت العائلات تكافح ماليا نتيجة كورونا، فهناك مخاطر من عدم عودة أطفالها إلى المدرسة أبدا، لأنهم بحاجة للمساعدة في دخل الأسرة من خلال عمل الأطفال. كما نخشى زيادة زواج الأطفال، حيث تريد الأسر تقليل العبء المالي المتصور وتأمين الدخل في شكل مدفوعات المهر."

(وقد كتبت سالي لعدة مؤسسات ومكاتب إعلامية منها الجامعة الأميركية في بيروت)

(تحرير: تميم عليان؛ للتواصل yasmine.saleh@refinitiv.com)

© ZAWYA 2020

إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى الأصلي
تم كتابة محتوى هذه المقالات وتحريره من قِبل ’ ريفينيتيف ميدل ايست منطقة حرة – ذ.م.م. ‘ (المُشار إليها بـ ’نحن‘ أو ’لنا‘ (ضمير المتكلم) أو ’ ريفينيتيف ‘)، وذلك انسجاماً مع
مبادئ الثقة التي تعتمدها ريفينيتيف ويتم توفير المقالات لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقترح المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية أي استراتيجية معيّنة تتعلق بالاستراتيجية الأمنية أو المحافِظ أو الاستثمار.
وبموجب الحد الذي يسمح به القانون المعمول به، لن تتحمّل ’ ريفينيتيف ‘، وشركتها الأم والشركات الفرعية والشركات التابعة والمساهمون المعنيون والمدراء والمسؤولون والموظفون والوكلاء والمٌعلنون ومزوّدو المحتوى والمرخّصون (المشُار إليهم مُجتمعين بـ ’أطراف ريفينيتيف ‘) أي مسؤولية (سواءً مجتمعين أو منفردين) تجاهك عن أية أضــرار مباشــرة أو غيــر مباشــرة أو تبعيــّة أو خاصــة أو عرضيّة أو تأديبية أو تحذيريّة؛ وذلك بما يشمل على سـبيل المثـال لا الحصـر: خسـائر الأرباح أو خسارة الوفورات أو الإيرادات، سـواء كان ذلك بسبب الإهمال أو الضـرر أو العقـد أو نظريـات المسـؤولية الأخرى، حتـى لـو تـم إخطـار أطـراف ’ ريفينيتيف ‘ بإمكانيـة حـدوث أيٍ مـن هـذه الأضرار والخسـائر أو كانـوا قـد توقعـوا فعلياً حدوثهـ