* تم نشر القصة يوم 1 مارس وتحديث موقعها على زاوية يوم 17 مارس

أعلن وزير الاقتصاد اللبناني في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام عن بدء "الدولرة" (تسعير الدولار) في السوبرماركت في لبنان وعزا الوزير الخطوة إلى أنها تصب في حماية المستهلك من جشع التجار وهوامش الربح غير المعقولة.

"لقد قاومت قرار التسعير بالدولار لأكثر من ستة أشهر ولم أكن موافقا على ذلك لكن اليوم لا يمكن ترك الناس مرتهنة للعشوائية والفوضى وسوء الإدارة"، بحسب ما قاله سلام في مؤتمر صحفي في بيروت عُقد في 28 فبراير.

تعتمد الآلية على أن يقوم السوبرماركت بالتسعير بالدولار على الرفوف وتحديد سعر الصرف المعتمد على الشاشة وبناء على هذا السعر تقوم بإصدار الفاتورة بالدولار الأمريكي وبالليرة اللبنانية. يبقى للمستهلك خيار الدفع بين الليرة أو الدولار.

ويعود سبب بدء اعتماد التسعير بالدولار في السوبرماركت إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها البلد، فمنذ عام 2019، يعاني لبنان من انهيار اقتصادي حاد، مما أدى إلى تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي.

وبسبب هذا التدهور، صار من الصعب على التجار والموردين تحديد الأسعار بشكل صحيح ومستقر، خاصة مع ارتفاع تكاليف الاستيراد. لذلك، بدأ بعض التجار في تحديد الأسعار بالدولار الأمريكي بدلا من الليرة اللبنانية، لتفادي فقدان القيمة الشديدة التي يشهدها الاقتصاد اللبناني.

وقال الوزير اللبناني "السعر بالليرة كان قناعا لاستغلال العملة، وطباعة الليرة أجبرتنا على حمل رزم من النقود للتبضع. الطباعة تؤدي إلى التضخم".

وأعلن الوزير في مؤتمره الصحفي عن وضع تسعيرة الدولار على باب السوبرماركت "منعا لاستغلال المستهلك ولتمكينه من المقارنة بين سوبرماركت وآخر، وهذا يعزز المنافسة".

وأضاف أن هناك محال سوبرماركت كانت تزيد 30 و 40% على أرباحها من خلال التسعير بالليرة لتغطية هوامش ربحها في حين أن معظم الناس تتقاضى رواتبها بالليرة ولا سيما القطاع العام.

إيجابيات الخطوة

من الجانب الإيجابي، يمكن أن تحدث بعض الفوائد مثل، توفير الاستقرار في الأسعار وعدم التأثر بتقلبات سعر صرف الليرة اللبنانية، خاصة بالنسبة الى التجار الذين كان يشكل التسعير بالليرة اللبنانية تحديا لهم حيث كانت تقلبات الأسعار أكبر من قدرتهم على تغيير الأسعار على الرفوف.

كذلك يمكن لهذه الخطوة، تحفيز الموردين والتجار على توفير منتجات ذات جودة عالية وبأسعار تنافسية تمكن المستهلك من مقارنة الأسعار بين المتاجر المختلفة بسهولة وبالتالي اختيار السوبرماركت الذي يناسبه أكثر وخاصة بعد أن كان قد عمد العديد منهم في السابق إلى التسعير بأسعار صرف تتجاوز تلك المتداولة في السوق تحت شعار حماية رأس المال من التقلبات ما رفع السعر على المستهلك.

شوائب

يبقى التوضيح أن آلية العمل الجديدة يشوبها العديد من الأخطاء، فعلى سبيل المثال أي سعر صرف سوف تعتمده المتاجر في ظل انعدام سعر موحد يمكن الاعتماد عليه ووسط انتشار تطبيقات يستخدمها المواطن لمعرفة أسعار الصرف ولكنها غير رسمية. كذلك في ظل غياب الرقابة الفعالة ما الذي يضمن عدم قيام المحال بزيادة أسعارها وهوامش الربح بالدولار الأمريكي؟ الأمر الذي يترك المستهلك عرضة للاستغلال من شجع التجار.

ويقر سلام على أن هذه الآلية الجديدة ليست مثالية ولكنها على حد قوله "أكثر رحمة" و "تحمي المواطن من سرقة بحوالى 20 في المئة كحد أدنى".

 "نحن نفكر بأوضاع المستهلك لا سيما بعد تسجيل سعر الصرف خلال شهرين ثلاثة أضعاف ارتفاعه خلال 3 سنوات"، بحسب سلام.

وصل سعر الصرف في السوق السوداء إلى 89 ألف و500 ليرة مقابل الدولار يوم الأربعاء، بحسب تطبيق ليرة ريت غير الرسمي الذي يرصد سعر العملة بالسوق السوداء مقارنة بـ 50 ألف تقريبا منتصف يناير.

بشكل عام، يمكن القول إن اعتماد التسعير بالدولار في السوبرماركت في لبنان هو إجراء كغيره من الإجراءات المتخذة منذ بداية الأزمة "ترقيع ناقص" لجزء من الأزمة وأحد الحلول الفردية في ظل غياب حل موحد وخطة اقتصادية ذات رؤية واضحة، ويجب العمل على توفير حلول أكثر فاعلية لتحسين الوضع الاقتصادي في البلد.

 

(إعداد:  محمد طربيه، المحلل الاقتصادي بزاوية عربي و أستاذ محاضر ورئيس قسم العلوم المالية والاقتصادية في جامعة رفيق الحريري بلبنان)  
 
#مقالرأي