بدأت مؤخراً بعض الكلمات غير المعتادة على آذاننا في التسلل إلينا مثل كلمة "ميتاڤيرس" وكلمة "دوچكوين" ومن قبلها "بيتكوين" وغيرها من أسماء أصبحت تعبر عن واقع جديد ... واقع افتراضي.
 
هذا الواقع الافتراضي والذي يعرف حالياً باسم "ميتاڤيرس" بدأ يتجسد في صورة نظام بيئي (ecosystem) يحتوي على مساحة تمكن للمستخدمين التفاعل مع بيئة يتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر ومستخدمين آخرين. ولكي يتكامل هذا النظام البيئي، ظهرت الحاجة للتعاملات المالية بين هؤلاء المستخدمين وبعضهم البعض من ناحية وبين المستخدمين نفسهم والمنتجين ومقدمي الخدمات من ناحية أخرى. 

وبما أن الحاجة هي أم الاختراع فظهرت العديد من الاختراعات التي حاولت حل مشكلة التعاملات المالية بعيداً عن العملات التقليدية وبنوكها المركزية. ظهرت العملات المشفرة لتحل هذه المشكلة عن طريق تحويل قيمة ما من خلال إحدى هذه العملات بكل سهولة ويسر وفي سرية تامة.

حسب موقع Investing.com، هناك حالياً أكثر من 10,200 عملة مشفرة تقارب قيمتها السوقية 1.5 تريليون دولار أمريكي. ولكن لا تزال البيتكوين تحتل الصدارة بقيمة سوقية تبلغ 600 مليار دولار بالرغم من انخفاض سعرها بحوالي 34% منذ بداية العام. 

بل تتعدى قيمتها السوقية أكثر من ضعف ثاني أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية وهي إيثيريوم. وتأتي عملة دوچكوين في الترتيب الحادي عشر بقيمة سوقية تبلغ 15 مليار دولار بالرغم من انخفاض دوچكوين أيضاً منذ بداية العام بحوالي 38%.

فما هي الدوچكوين؟ وهل ستستمر؟

قد تم تدشين هذه العملة المشفرة في ديسمبر 2013 من قبل مهندسيّ برامج استخدماها كوسيلة للسخرية من بيتكوين لتتحول السخرية لجد بعد إقبال ملايين المستخدمين عليها.

 تلك العملة والتي تتخذ من صورة كلب من نوع "شيبا إنو" عُرفت بأنها "عملة تذكارية" أو ما يعرف بـ Meme Currency.  

فكرة العملة لم تكن مبنية على وجود احتياطي ما يدعم قيمتها بل كانت مبنية على قوى العرض والطلب.

 لو نظرنا إلى الذهب، والذي كان يستخدم كعملة في وقت ما في السابق، سنجد أن قيمته تتحدد بقوى العرض والطلب وارتفاع أو انحسار موجات الخوف والطمع. وبالفعل، وجدنا قيمة دوچكوين تنطلق في السماء أو كما يفضل محبو العملات المشفرة تسميتها "انطلقت إلى القمر" كناية عن الارتفاع الرهيب في سعر العملة. 

فعندما كان يتم الإعلان عن قبول هذه العملة في المتاجر الإلكترونية كان سعرها يرتفع والعكس صحيح. أيضاً، عندما ذكر إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، أنه يمتلك بعض العملات من الدوچكوين، ارتفع سعرها بشكل قوي. وعندما أشار إلى أن شركته تسلا ستقبل دوچكوين كطريقة للسداد، ارتفع سعرها أكثر وأكثر.

ولكن السؤال هنا هل يمكن أن تصبح العملات المشفرة بصورة عامة ودوچكوين بصورة خاصة الطريقة المفضلة للمستخدمين عند إنهاء كل أو بعض المعاملات المالية أونلاين؟ في رأيي، الإجابة تعتمد على إجابة سؤال آخر وهو متى نرى اندماجات واستحواذات تتم باستخدام العملات المشفرة مثل دوچكوين؟ فعندما نرى ماسك يستحوذ على شركة ما باستخدام دوچكوين، فقط سندرك أن العملة أصبح لها منفعة. غير ذلك،فستتحول العملات المشفرة إلى أحصنة في مضمار الخيل يراهن عليها المستخدمون، ولكن معظمها ستخسر.

(إعداد: عمرو حسين الألفي، المحلل المالي بزاوية عربي ورئيس قسم البحوث في شركة برايم لتداول الأوراق المالية في مصر وهو حاصل على شهادة المحلل المالي المعتمد "CFA") 
(للتواصل: yasmine.saleh@lseg.com) 
#مقالرأي