هل قارب بيزنس المهرجانات الشعبية على الانتهاء؟ وهل سيكون الراب هو اللون الغنائي البديل؟

أسئلة باتت تفرض نفسها وتبحث عن إجابات بعد التراجع الشديد الذي شهدته نسب المشاهدة والاستماع إلى أغاني المهرجانات الشعبية المصرية بصورة لافتة للنظر، في المقابل ارتفاعها بشكل كبير لأغنيات الراب العربية في الآونة الأخيرة.

جذبت أغاني المهرجانات الشعبية قطاع عريض من الشباب العربي عقب ظهورها وانتشارها لأول مرة على شاشة السينما من خلال الفيلم المصري "الألماني"، الذي لعب بطولته محمد رمضان عام 2012 وضمت أغنياته "حارة عجيبة" الشهيرة.

انتشار "حارة عجيبة" ومن بعدها "عبده موتة" لرمضان أيضا إنطلق من الطبقة الشعبية التي تمثل النسبة الأكبر من شرائح المجتمع المصري - أكبر دولة عربية من حيث التعداد السكاني الذي تخطى 100 مليون شخص - فتحولت إلى أيقونة غنائية مصرية وعربية.

فرضت المهرجانات الشعبية نفسها بعد الاكتساح الذي حققته أغنية بنت الجيران لحسن شاكوش وعمر كمال والتي حققت نسب مشاهدة وصلت إلى نحو 608 مليون مشاهدة، أكثر من نصف سكان الدول العربية كلها، رغم الاتهامات التي لاحقتها بسرقة التيمة الرئيسية للحن من أغنية "حاجة مستخبية" للمطرب محمد حماقي.

دفعت هذه النسب بشركات إنتاج كبرى كانت تتولي في السابق إنتاج ألبومات وأغنيات نجوم كبار إلي تمويل أغاني المهرجانات تحت شعار اللعب في المضمون وأشهرهم روتانا التي اتجهت إلى تنفيذ أكثر من أغنية مهرجانات لمحمد رمضان مثل"  بام بام ".

وتجاوز الأمر إلى حد إدارة حفلات رمضان والتي تولاها المنتج محمد جابر نجل المنتج محسن جابر - الذي عمل مع عمرو دياب لعقود - كما تولي جابر الإبن إلى جانب ذلك إنتاج أغاني لحسن شاكوش مثل "حبيبتي" التي أخرجها واحد من أهم المخرجين المصريين وهو هادي الباجوري وشاركت فيها النجمة ياسمين رئيس.

بيزنس تمويل وإنتاج المهرجانات كان ولا زال الدجاجة التي تبيض ذهب للمنتجين حيث تحقق عوائدها من الوسائل الإلكترونية كتطبيقات مثل ساوندكلاود وأنغامي وسبوتيفاي وغيرها بخلاف منصات كاليوتيوب وفيس بوك. 

ويصل عائد الأغنية الواحدة من هذا النوع إلي ما يزيد عن الـ 300 ألف دولار مثلما حدث مع بنت الجيران التي تتصدر حتى الآن الأرقام القياسية في العوائد المالية بين المهرجانات الشعبية  وهو ماكشفه منتجها ومؤديها حسن شاكوش حيث قال في لقاء تليفزيوني أنه لا يستطيع تحديد رقم محدد لعائد بنت الجيران التي لا تزال تحقق دخل مادي رغم صدورها منذ سنوات.

ولكن هذا العام ظهر بوضوح تراجع هذه النسب، لذلك لجأ نجوم المهرجانات إلى الترويج لأعمالهم عن طريق الإعلانات المدفوعة لضمان انتشارها لكن لم تحقق لهم المحاولة الأرقام المرجوة و المأمولة فلا الزمان هو الزمان والذوق العام يهوى التغيير باستمرار.

وقد حققت أغنية "حنيلي" لحسن شاكوش بعد حملة دعاية كبيرة 6.9 مليون مشاهدة فقط منذ طرحها، وحققت أغنية مهرجانات أخرى "اليوم يومك" لعمر كمال 1.5 مليون مشاهدة ولنفس المطرب "خلينا سهرانين" مليون مشاهدة فقط . 

الآن، هناك لون غنائي يتسلل إلى آذان المستمع المصري والعربي وهو الراب الذي يعود الفضل في انتشاره بمصر إلي إثنين من نجوم التمثيل، هما أحمد مكي وأحمد الفيشاوي فهما أول من أدخل هذا الشكل الغنائي عبر الكثير من الأفلام والأغنيات الخاصة والتي حققت نجاح كبير.

في السنوات الأخيرة، وجدنا أسماء كثيرة لنجوم راب تحقق شهرة واسعة مثل مروان بابلو وويجز وأبيوسف ومروان موسي واخرين في مصر، إقتربت أغنياتهم وحفلاتهم من تحطيم الأرقام القياسية في نسب المشاهدة والحضور مثل "البخت" لويجز، التي حققت 137 مليون مشاهدة خلال 6 أشهر فقط من طرحها.

ومن الخليج نجوم مثل محمد المهلهل ومحمد الغامدي وبكر الجيلاني وقصي خضر، ومن المغرب طه فحصي وأمين بو درار.

وساهم انتشار الراب بين الشباب العرب في الإسراع بتقديم تجارب مشتركة بين أكثر من رابر كما هو الحال في تجربة الديو، الذي جمع بين النجم المصري أحمد الفيشاوي والنجم السعودي قصي خضر.

وأكدت العديد من المنصات الكبرى مثل سبوتيفاي تفوق أغنيات الراب وتصدرها قوائم الأكثر استماعا في الشهور الماضية.

وهذا دفع بالعديد من المنتجين إلى الاستعانة بهؤلاء المغنيين كممثلين إلى جانب الغناء في أعمال درامية مثل ويجز الذي قدم تجربته الأولي من خلال مسلسل "بمبو" وأبيوسف من خلال مسلسل "الليلة واللي فيها "، فيما فشل نجوم المهرجانات في اقتحام المجال الدرامي وهو ما يتيح لنجوم الراب فرص كبيرة في الاستمرار لسنوات قادمة على حساب المهرجانات الشعبية التي قد تحتاج إلى منقذ يعيدها إلى المشهد القوي الذي ظهرت فيه لأول مرة.

وهي مشكلة عادة ما تلاحق من يحقق نجاح كبير في البدايات.

 

(إعداد: أحمد النجار، عضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما )  

#مقالرأي

(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)