الحلم السعودي بتحويل المملكة إلى أكبر سوق سينمائي بالشرق الأوسط والملقب بـ" سوليوود " يقترب من أن يصبح حقيقة وواقع .

ففي لحظة ممكن أن توصف بالتاريخية قال الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للمخابرات السعودية، خلال فعاليات مهرجان كان السينمائي الشهر الماضي في كلمة انتشرت مثل النار في الهشيم: "إذا كان لدينا  هوليوود وبوليوود فلماذا لا يكون لدينا سوليوود؟". 

وجاء هذا الحديث  خلال تواجده في واحد من أعرق المهرجانات السينمائية في العالم والذي افتتح بفيلم سعودي فرنسي مشترك وهو "جان دي باري" للنجم جوني ديب.

ولم يكن هذا التصريح من قبيل استعراض العضلات بل كان إشارة واضحة لخطوات ناجحة قطعتها المملكة نحو  تأسيس صناعة للأفلام المحلية والعربية والدولية. وكما تقول الحكمة الشائعة بدأت من حيث انتهى الأخرون لذلك كانت النتائج سريعة ومبشرة .

كيف؟

عملت السعودية على إطلاق مجموعة من المبادرات والمنصات التي تجتذب صناع الأفلام من شتى بقاع الأرض شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا عن طريق مؤسساتها السينمائية التي أنشأتها تباعا مثل هيئة الأفلام وصندوق التنمية الثقافي ومؤسسة البحر الأحمر وإثراء وفيلم العلا وشركة نيوم و إستديوهات mbc خصصت لها ميزانيات دعم إنتاجي كبير.

وعملت تلك المنصات على استقبال الأفلام والمشاريع طوال العام بدون تقيد بشرط زمني محدد لتقديمها. فأبواب التقديم مفتوحة ليل نهار. كما منحت تسهيلات غير مسبوقة للتصوير على أراضيها في محاولة لاستغلال مناطقها المختلفة في أفلام عالمية تحت شعار "صور في السعودية". 

وهو ما وضح من عدد الأفلام التي صورت ولا زالت تصور بالمملكة مثل قندهار للنجم العالمي جيرارد بتلر، بخلاف 30 فيلم آخر حصل جميعها علي دعم من شركة نيوم من بينها فيلم Dunki للنجم الهندي شاروخان.

هذا بخلاف بروتوكولات تعاون تم توقيعها مع عدد من الجهات والمنتجين العرب مثل المنتج المصري محمد حفظي لإنتاج مجموعة من الأفلام المشتركة وأخرى مع منتجين أردنيين بعد نجاح تجارب سابقة مثل فيلم فرحة للمخرجة دارين سلام والذي حصل علي منحة دعم من مهرجان البحر الأحمر وحقق صدي جماهيري كبير جدا عند عرضه تجاريا وعلي منصة نتفليكس وتم أيضا توقيع اتفاقيات مع منتجين ومخرجين توانسة ومغاربة وجزائريين مثل التونسية كوثر بن هنية بفيلمها بنات ألفة المشارك في مسابقة مهرجان كان الرسمية هذا العام.

شباك التذاكر

وعلى مستوى المبيعات، تتحصل المملكة حاليا علي ما يزيد عن 40% من إيرادات الأفلام بمنطقة الشرق الأوسط، وفقا لإحصائية صادرة هذا العام من الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع السعودية.

استغلت مؤسسة البحر الأحمر المهرجانات السينمائية العالمية الكبرى مثل كان وفينيسا وتورنتو لإطلاق سلسلة من  الجوائز الخاصة ومجموعة من الاحتفالات على هامش فعالياتها، حرص على المشاركة فيها نجوم عالميين كنوع من الترويج والدعاية لمهرجان البحر الأحمر الذي يحتفل هذا العام بنسخته الثالثة ورغم ذلك تجاوز مهرجانات أخرى سبقته بسنوات طويلة.

إذا كان حجم إنتاج بوليوود من الأفلام يصل إلى 2,500 فيلم سنويا فإن الحلم السعودي يسعى إلى تجاوز هذا الرقم ليصل إلى 4 آلاف فيلم في العام، بحسب بيان من هيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع.

كل هذه الخطوات القياسية التي بدأت كأحلام  قد تجعل من المملكة قريبا الضلع الثالث في مثلث صناعة السينما في العالم بعد هوليوود وبوليوود.. فهل تنجح؟

 

(إعداد: أحمد النجار، عضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما )  

#مقالرأي

(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)