* تم تصحيح التاريخ في الفقرة الأولى ليناير 2023 بدل من يناير 2022

في آخر يناير 2023، بلغت نسبة المعروض النقدي بالجنيه المصري (بنكنوت متداول خارج القطاع المصرفي + حسابات عملاء بالجنيه المصري في البنوك) إلى الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي مقومة بالجنيه المصري 6.5 مرة.

النسبة تقاس كالآتي: معروض نقدي بالجنيه ÷ (أصول أجنبية لدى البنك المركزي بالدولار x سعر الصرف).

قد تبدو النسبة وما تعنيه صعبة الفهم للوهلة الأولي و لكن ما هي إلا نسبة غطاء نقدي. فالرقم أعلاه (6.5 مرة) يعني أن كل 6.5 جنيه مصري في صورة بنكنوت أو وديعة بنكية يقابله 1 دولار لدى البنك المركزي.

وهذه النسبة هي أحد المؤشرات الهامة جدا المستخدمة من قبل المؤسسات الدولية لقياس الضغوط على سعر الصرف في الدول الناشئة و تفسيرها يكمن في أهمية وجود غطاء كافي من العملات الأجنبية لضمان قدرة البنك المركزي علي تلبية طلبات تحويل العملة من المقيمين داخل الدولة خاصة خلال أوقات الأزمات.

فكلما انخفضت النسبة قرب مستوى ال3 أو ال4 مرات، كلما انخفضت الضغوط علي سعر الصرف و كلما اقتربت النسبة إلى قرب مستوى ال10 مرات أو أعلى، كلما أعقب هذا الارتفاع انخفاض حاد في سعر الصرف.

ماذا حدث في الماضي؟

وخلال ال18 عام الماضية، بحسب بيانات البنك المركزي المصري، بلغت النسبة قمتها (13.5 مرة) في آخر يوليو 2016 (أي قبل تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر من هذا العام  بثلاث أشهر فقط) وبلغت اعلى قمة لها خلال الفترة بعد 2016 (9.6 مرة) في سبتمبر 2022 - قبل تحرير سعر الصرف مرة أخرى بأيام قليلة في 27 أكتوبر 2022.

وهذا الارتفاع الحاد في النسبة قبل أزمات سعر الصرف يعزى إلى ثلاث عوامل وهما:
1- التوسع في الإقراض الحكومي مما يزيد من المعروض النقدي.
2-  استنزاف الاحتياطي لتثبيت سعر الصرف.
3-  ثبات سعر الصرف عند مستوى غير معبر عن السعر العادل. 

ماذا عن النسبة الحالية؟

انخفاض النسبة من 9.6 مرة في سبتمبر 2022 إلى 6.5 مرة في آخر يناير 2023 يشير إلى تحسن ملحوظ في نسبة الغطاء.

والتحسن يعود أيضا إلى ثلاث عوامل:

1- تباطؤ معدل النمو السنوي في المعروض النقدي بالجنيه المصري من 22.7% في سبتمبر 2022 إلى 20.9% في يناير 2023 نتيجة التشديد النقدي وإلغاء مبادرات المركزي خلال 2022.
2- ارتفاع إجمالي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي مقومة بالدولار من 32.2 مليار دولار في آخر سبتمبر 2022 إلى 34.2 مليار دولار في آخر يناير 2023.
3- انخفاض سعر الصرف من حوالي 19.5 للدولار في آخر سبتمبر 2022 إلي 30 جنيه في آخر يناير 2023 ليصحح جزء كبير من التشوه الذي شابه خلال الفترة من 2018 الى 2021.

اذا، في الاتجاه العام لهذه النسبة منذ سبتمبر الماضي هو اتجاه محمود.

و لكن! لا تزال النسبة الحالية مرتفعة مقارنة بمتوسطها خلال أوقات الاستقرار.

فمن ديسمبر 2004 الي ديسمبر 2010، بلغ متوسط النسبة 3.4 مرة و من يناير 2017 إلي ديسمبر 2019 بلغ المتوسط 4 مرة.

و لابد من التنويه أن تلك الفترة هي التي التزمت مصر فيها بتطبيق اتفاق صندوق النقد الدولي الأول الذي تم ابرامه في 2016 بقيمة 12 مليار دولار.

الحل؟

ولذا، فنسبة ال6.5 مرة الحالية تشير إلى أن ما زال هناك حاجة ملحة إلى تحرك سريع على ثلاث مستويات لتصحيح المتغيرات السابق ذكرها بصورة متوازية كالآتي:
1- استمرار تشديد السياسة النقدية والمالية حتى ينخفض معدل النمو في المعروض النقدي وهو بالفعل المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي في اتفاق ديسمبر 2022.
2- الإسراع في توفير موارد دولارية لزيادة الاحتياطي بالعملات الأجنبية لدى المركزي. 
3- تحرير سعر الصرف تحرير كامل.

 

(إعداد: هاني جنينة، محلل اقتصادي و محاضر بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة) 

( للتواصل zawya.arabic@lseg.com) 

#مقالرأي