28 03 2017

أكد تعزيز دور القطاع الخاص خلال افتتاحه «الملتقى الأول للسياحة والشباب»

قال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الإعلام الشيخ محمد عبدالله المبارك أن السياحة أصبحت في كل دول العالم تقريبا، بما فيها الدول الخليجية والعربية الشقيقة، أحد أهم القطاعات، وواقعا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا يتطلب رعاية وتشجيعا قبل ان يعزز الدخل الوطني ويُؤتي ثماره الوافرة والمُضاعفة على جميع هذه المستويات، بما في ذلك تطوير الصورة الذهنية والموروث الوطني لأي دولة أو مجتمع. وأكد العبدالله خلال افتتاحه الملتقى الأول للسياحة والشباب يوم أمس، أن صناعة السياحة والسفر تمثل مجالاً لأكثر من أثنتي عشرة مليون فرصة عمل سنويا في العالم، أو ما يشكل أكثر من 12 % (إثنا عشر في المائة) من مجموع الوظائف في العالم، و30 % (ثلاثين في المائة) من الصادرات العالمية من الخدمات.
 
وفي موازاة ذلك، قامت دولة الكويت بتخصيص 2 مليار دينار كويتي لـالصندوق الوطني الكويتي لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من أجل تمويل المشاريع وتوفير فرص وظيفية علاوة على تدريب اكثر من سبعة آلاف كويتي مع التركيز على شريحة الشباب حديثي التخرج من الجامعات وتشجيعهم على العمل الحر وتطوير أفكارهم وتحويلها لمشاريع وشركات مستدامة وناجحة.. ويُضاف إلى هذه الحقائق التوقعاتُ بعودة نمو الطلب على السياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمعدلات تفوق المتوسط العالمي بعد تراجع طفيف في السنوات القليلة الماضية بسبب الحروب والنزاعات.. إذ ان منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة (UNWTO) تتوقع ارتفاع عدد زوار منطقة الشرق الأوسط ليصل إلى 195 مليون شخص بحلول العام 2030. وكل ذلك يستدعي المزيد من المشاريع، والمزيد من الاستثمارات في الكويت وفي الدول الخليجية والعربية.

خطة التنمية
وأضاف العبدالله قائلا، إذا تعمّقنا في هذه المعطيات والمؤشرات، فاننا نجد أنها تتلاقى للغاية مع توجهات خطة التنمية لدولة الكويت ضمن رؤية الكويت 2035 لجهة تعزيز دور القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة، وتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار، ورفع مستوى معيشة المواطنين وزيادة دخلهم وتملكهم للأنشطة الاقتصادية ودورهم في التنمية الاقتصادية، اضافة إلى إحداث نقلة نوعية في تركيبة سوق العمل المحلي، من خلال إعداد كوادر وطنية مدربة ومؤهلة. وأوضح، إن مؤسسات الدولة، بتوجيه من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله، وفرت، وتوفر، وستستمر في توفير المقومات الأساسية التي تتطلبها النهضة بدور الشباب، في كل القطاعات بدون استثناء، خاصة مع ثورة التكنولوجيا ومجتمع المعلومات التي تنعكس على كل مجالات الانتاج والاقتصاد والمعرفة. ولفت العبدالله، لا ننسى أن العام الحالي يصادف احتفالية الكويت عاصمة للشباب للعام بناء على اختيار الجامعة العربية، وتقديرا لاهتمام الكويت بالشباب وجعلهم في مقدمة اهتماماتها، ونظرا لمواكبتنا استراتيجية الأمم المتحدة لتمكين الشباب في التنمية المستدامة للعام 2030، موضحا أن بلوغ هذه الاهداف يتطلب تضافر جميع المعنيين بها.
 
فرص عمل
وأكد أن نجاح الملتقى الأول للسياحة والشباب، الذي يقدّم محاور تطبيقية تتعلق بقطاع السياحة ومتفرعاته، وزيادة دور الشباب في التنمية المستدامة والاصلاحات الاقتصادية، وتوفير فرص عمل حقيقية وجاذبة للمبادرين والخريجين الكويتيين، يتطلّب الوقوف على وضوح الرؤى التفصيلية للجهات المعنية بمحاور هذا الملتقى، وانسجامها فيما بينها، وعلى التعاون الوثيق بين ممثلي القطاع العام والقطاع الخاص والأهلي، واصحاب المبادرات والأفكار المُبتكرة.

تسريع وتيرة التنمية
بدورها، أكدت وكيلة وزارة الدولة لشؤون الشباب، الشيخة الزين الصباح، على ضرورة تضافر رؤى وجهود الجهات المشاركة في الملتقى التي من شأنها أن تساهم في تسريع وتيرة التنمية، وخاصة في البعد المتعلق بالتنمية البشرية، لا سيما الشباب، حيث 65 % من مجتمعنا هم دون سن الثلاثين، لافتة الى اهمية الإسراع في دعم وتشجيع كل الفرص المتعلقة بالاستثمار السياحي تحديدا، والتي يمكن أن تعزز آمال الشباب، وخاصة ممن لديهم أفكار مبتكرة، لأن ذلك يمنحهم المزيد من الآمال بإمكانية ترجمة أفكارهم وإنشاء وتطوير مؤسسات تنسجم مع تخصصاتهم وطموحاتهم.

270 مليون سائح
من جهتها، قالت رئيسة اللجنة المنظمة، نبيلة العنجري، أن الملتقى يربط بين السياحة كمحرك رئيسي للاقتصادات الحديثة في المنطقة وفي دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، وبين الشباب، باعتبارهم الشريحة الأكبر من العاملين في السياحة والسفر والضيافة واكثر الفئات تفهما لضرورة الابتكار في السياحة واساليبها الملائمة، مما يجعلهم فئة مؤهلة جدا لتقديم افكار جديدة للمشاريع السياحية ومتفرعاتها وادارتها والاستثمار فيها. وأوضحت العنجري قائلة أنه حاليا، وبالأرقام، تتناول العلاقة بين السياحة والشباب، قطاعا يمثل 10 % من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وبين نحو 270 مليون سائح شاب، ولكن هذه العلاقة تعني أكثر بكثير بالنسبة للجيل القادم، وبالنسبة لمراكز القرار والدراسات المسؤولة عن وضع خطط المستقبل، للشباب ولمختلف مقومات الاقتصاد. وهنا المحك الفعلي لمدى اهتمامنا- نحن في الكويت- بهذه القضايا أو المحاور.

وأضافت، بالأرقام أيضا، ووفقا للتقرير الصادر عن منظمة السياحة العالمية في اغسطس الماضي، حققت عشر دول عربية عائدات سياحية تقدر بنحو 57 مليار ونصف المليار دولار في العام 2015 . وبينما، وصلت عائدات بعض الدول الخليجية والعربية الشقيقة أكثر من عشر مليارات دولارات، لم تبلغ حصة الكويت الخمسمائة مليون دولار (499 مليون دولار)، لافتة الى ان هذه المؤشرات تعني اننا لم نزل في مرتبة متأخرة عالميا وعربيا وخليجيا، ولكنها تعني ايضا أننا لم نتخذ بعد التشريعات والقرارات اللازمة للحاق بقطاع السياحة كقاطرة للتنمية، ولا في مستقبل علاقتها مع الشباب الذين يمثلون أهم مكونات الثروة الوطنية للكويت. وبينت العنجري، أن هذا كله يمثل تحديات ملقاة على كاهل هذا الملتقى، كما يمثل تحديات أمام مؤسسات الدولة والجهات المسؤولة عن كافة القطاعات بدون استثناء...خاصة وأن هناك اجماعاً على ضرورة تنويع مصادر الدخل في وقت يستنزف فيه انفاقنا على السياحة الخارجية أكثر من عشرة مليارات دولار، أي أكثر من عشرين ضعفا من عائداتنا من السياحة.

منصة شاملة
وأشارت العنجري، أنهم حرصوا في أن يكون الملتقى منصة شاملة تبحث فرص وسبل وآفاق توطين العلاقة بين الشباب الكويتي كأصحاب أفكار مهتمين بتأسيس مشاريع جديدة، وبين المشاريع السياحية، لما فيها من خصائص ومزايا مناسبة للحيوية والحماس وحب الاستطلاع لدى الشباب. وما نطمح إليه ايضا هو بحث مدى ملاءمة مثل هذه المشاريع وامكانية تطويرها والاضافة عليها بمشاركة الجهات المعنية وذوي الخبرة مع امكانية الاستفادة من التجارب التي تبيّن انخراط الشباب لتشجيع وترويج السياحة في اوطانهم. وهذا ما عرفته بعض الدول الخليجية، مثل مبادرات الشباب في انشاء عشرات المكاتب والمؤسسات المتخصصة لتقديم خدمات سياحية بيئية وصحراوية وبحرية في المملكة العربية السعودية، وبرنامج تعريف الطلاب في الامارات العربية المتحدة على دور السياحة في مسيرة التنمية ومبادرات الشباب للترويج للسياحة في سلطنة عمان..هذا اضافة إلى تجربة مشروع بيوت الشباب الخليجية التي تهتم بإثراء الوعي الشبابي الخليجي ومساعدته على التجول حول العالم وهي جزء من نحو 4500 (أربعة آلاف وخمسمائة) بيت شباب حول العالم. وأشارت إلى أن قضية هذا الملتقى تصب مباشرة في معالجة العديد من المشاكل الوطنية، ومن ذلك المساهمة في معالجة أزمة البطالة في البلاد وخاصة وسط الشباب.. وتذهب بعض التقديرات إلى أن قطاع السياحة والقطاعات المتفرعة منه والمتصلة به تشير إلى اكثر من 90 ألف وظيفة للشباب حتى عام 2035.
بناء الشباب
وذكرت أن السياحة تشكل مجالا مثاليا تتلاقى عنده مقومات بناء الشباب والنشء، حيث تقربهم مباشرة من الثقافة والتاريخ والترفيه والرياضة الاستكشافية. وأضافت، لقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 سنةً دولية للترويج لدور السياحة في: النموّ الاقتصادي الشامل والمستدام، وفي الدمج الاجتماعي وتوليد فرص العمل والحدّ من الفقر؛ وفي كفاءة الموارد والحماية البيئية وتغيّر المُناخ؛ وفي القيم الثقافية والتنوّع الثقافي والتراث الثقافي؛ وفي التفاهم المتبادل والسلام والأمن. وقالت العنجري، تؤكد الدراسات أن من أهم محاور تحقيق التنمية السياحية هو التعاون بين كافة مؤسسات الدولة، لان قطاع السياحة له علاقة مباشرة-وغير مباشرة- بجميع مؤسسات الدولة، من حيث العمل على رفع كفاءة العنصر البشري والاهتمام بوعي المجتمع في مجال السياحة وإيجاد صناعة سياحية راقية، والاستفادة من الإمكانيات الهائلة لشبكة المعلومات العالمية (الانترنت)، والتطوير الدائم للخدمات العامة والاهتمام بالبيئة والجوانب الجمالية والعمرانية والصحية وتحقيق الرفاهية للمجتمع، وتعميق الانتماء والوعي الوطني، مبينة أنه لا شك أن التعاون بين مؤسسات الدولة لتحقيق هذه الأغراض ليس بالمهمة السهلة، من هنا كان انشاء الدول عامة لوزارات أو هيئات مسؤولة حصرا عن السياحة، وتتمتع بصلاحيات واسعة في التنسيق والتخطيط واتاحة التسهيلات الإدارية، والترويج السياحي، وتمثل مرجعية رسمية موثوقة لكل ما يتعلق بهذا المجال.

معوقات السياحة
وأضافت، على سبيل المثال، إن من أهم معوقات التخطيط السياحي في الكويت غياب المعلومات والاحصاءات السياحية الدقيقة، وتضاربها إلى حد صارخ احيانا، بشكل يُربك الخبراء والمنظمات المتخصصة والمستثمرين ومؤسسات الدولة نفسها، وهذا ما يدفعنا إلى التذكير بضرورة انشاء هيئة عليا للسياحة في الكويت، وفق ما نصت عليه الخطة الاستراتيجية للسياحة التي اُنجزناها قبل أثنتي عشرة سنة، بمساعدة فريق من الخبراء الدوليين ومنظمة السياحة العالمية.
وبينت أن ما يتم طرحه في الملتقى الاول للسياحة والشباب، يؤكد مجددا وأكثر من أي وقت مضى ضرورة وجود مثل هذه المرجعية الرسمية، إذ ان تشجيع الشباب على انشاء مشروعات سياحية صغيرة ومتوسطة يتطلب ايضا توفير نظام معلومات وبيانات وخرائط عن مناطق الجذب السياحي، وتوجيها صحيحا للاستثمارات، ويتطلب كذلك المساعدة في ترويج هذه المشروعات لانجاحها. وبدون ذلك لا يمكن القول أننا نساعد الشباب المّبادر والمبتكر أو التنمية المستدامة، مضيفة، لا شك أنه لو تم تأسيس هذه الهيئة قبل سنوات لكانت التحديات امام السياحة الكويتية اقل بكثير ولكان الشباب الكويتي يتمتع بكثير من فرص العمل والادارة والابتكار. ومع ذلك فإننا ما زلنا بانتظار الافراج عن هذه الهيئة التي لا تزال حبيسة بعض الأدراج.

© Annahar 2017