من أندرو تورشيا

دبي 3 مايو أيار (رويترز) - أعلنت السعودية سلسلة إصلاحات لسوق الأسهم قد تجذب مليارات الدولارات من السيولة الأجنبية الجديدة وتسهل بيع الأصول المملوكة للدولة في الوقت الذي تكابد فيه المملكة الأضرار المالية الناجمة عن أسعار النفط المنخفضة.

كانت الرياض اتبعت نهجا حذرا عندما فتحت بورصتها للاستثمار الأجنبي المباشر في يونيو حزيران الماضي حيث فرضت قيودا صارمة على الملكية وشروط تسجيل المؤسسات المالية الأجنبية للحد من مخاطر زعزعة استقرار السوق.

وتشير الإصلاحات التي أعلنت اليوم الثلاثاء إلى أن السلطات تتحرك بشكل أقوى لخطب ود رؤوس الأموال الأجنبية بعدما أعلن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأسبوع الماضي عن خطط واسعة النطاق للحد من اعتماد المملكة على صادرات النفط.

تشمل تلك الخطط برنامجا للخصخصة سيتضمن طرح حصة أقل من خمسة بالمئة من شركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو السعودية. وقد تجد سوق الأسهم السعودية صعوبة في استيعاب الأسهم بدون ضخ سيولة أجنبية.

وقال سباستيان حنين رئيس إدارة الأصول في شركة المستثمر الوطني بأوظبي عن إعلان اليوم "هذه أنباء جيدة جدا وداعمة لسوق الأسهم في المدى المتوسط إلى الطويل.

"قد تمهد الطريق للإدراج المحتمل لأسهم أرامكو... بوجه عام سيجعل هذا البورصة منسجمة مع الأسواق العالمية ويشجع المستثمرين الأجانب على تخصيص الأموال للأسهم السعودية."

وأعلنت هيئة السوق المالية أنه سيسمح لكل مؤسسة مالية أجنبية بتملك حصة مباشرة أقل بقليل من عشرة بالمئة في كل شركة مدرجة ارتفاعا من خمسة بالمئة في السابق.

وتقرر إلغاء قيود أخرى مثل سقف العشرة بالمئة على الملكية الإجمالية للمؤسسات الأجنبية من إجمالي القيمة السوقية للبورصة. لكن لن يسمح للمستثمرين الأجانب مجتمعين بتملك أكثر من 49 بالمئة في أي شركة على حدة كما هو معمول به حاليا.

ولاستيفاء شروط التسجيل كمؤسسة أجنبية مؤهلة في السعودية لن يحتاج مدير الأصول لأكثر من مليار دولار تحت إدارته عالميا بدلا من خمسة مليارات حاليا. وقالت هيئة السوق إنها ستقبل باستثمارات فئات جديدة من المؤسسات الأجنبية مثل صناديق الثروة السيادية وأوقاف الجامعات.

وأضافت الهيئة أنها وافقت على السماح بإقراض الأوراق المالية والبيع على المكشوف في سوق الأسهم وهو ما سيعطي المستثمرين مزيدا من الخيارات للتحوط وحماية مشترياتهم من مخاطر تراجع السوق.

وقالت البورصة السعودية إنها ستبدأ خلال النصف الأول من 2017 العمل بنظام تسوية المعاملات في غضون يومي عمل من التنفيذ.

وفي الوقت الحالي يجب التسوية في نفس اليوم وهو ما كان عائقا للمستثمرين الأجانب بشكل خاص حيث يتعين أن تتوافر لديهم سيولة كبيرة في المتناول قبل التداول وهو ما قد يكون صعبا نظرا لفرق التوقيت وأسبوع العمل السعودي الممتد من الأحد إلى الخميس. ويسمح العديد من الأسواق الناشئة الكبيرة بإجراء التسوية بعد يومين.

* دخول ام.اس.سي.آي

ترغب السعودية في الانضمام إلى مؤشر ام.اس.سي.آي للأسواق الناشئة في 2017 لأن العديد من الصناديق العالمية يضع استثماراته على أساس ذلك المؤشر. ويقر المسؤولون بأن شرط التسوية في نفس اليوم يحول دون دخول المؤشر.

ومن المتوقع أن تعلن ام.اس.سي.آي في يونيو حزيران إن كانت ستراجع وضع السعودية لأجل إدراج محتمل على المؤشر وقد تؤثر الإصلاحات المعلنة اليوم في قرارها.

رغم ذلك لم تتفاعل سوق الأسهم السعودية إيجابيا مع الإعلان حيث تراجع المؤشر العام 1.4 بالمئة في أواخر التداولات.

أحد الأسباب أن الإصلاحات ستستغرق وقتا طويلا. وقالت هيئة السوق المالية إن قواعدها الجديدة للملكية الأجنبية وموعد سريانها سيعلنان بنهاية النصف الأول من 2017.

أما السبب الأهم فهو أنه رغم فتح السوق للمؤسسات الأجنبية في يونيو حزيران الماضي فإن الصناديق الأجنبية لم تبد حتى الآن إقبالا كبيرا على ضخ الأموال في السعودية حيث لم يصل إجمالي حسابات الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر إلى واحد بالمئة من قيمة السوق البالغة 408 مليارات دولار حسبما تظهر بيانات البورصة.

وتتحاشى رؤوس الأموال المملكة بسبب أسعار النفط المنخفضة وأوجه القصور بالشركات السعودية ونشاط الاقتصادات الناشئة الأخرى. وقد يستغرق الأمر سنوات حتى يتضح ما إذا كان الإصلاح الاقتصادي سيغير ذلك.

وفي نهاية 2015 كانت تسع مؤسسات أجنبية فقط قد حصلت على تراخيص للاستثمار المباشر في السوق السعودية. وقال مدير قسم الشرق الأوسط بشركة عالمية كبيرة لإدارة الصناديق طلب عدم نشر اسمه نظرا للحساسيات التجارية إن هذا العدد لن يزيد بالضرورة زيادة كبيرة عند تخفيف القيود.

وقال "تخفيف القواعد سهل لكن القيمة التي تتيحها السعودية ينبغي أن تكون قوية كي يصبح لمجيء المؤسسات المالية المستثمرة جدواه."

(شارك في التغطية سيلين أسود وتوم أرنولد في دبي وديفيد فرنش في الرياض - إعداد أحمد إلهامي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)