02 09 2015

عوائد الاستثمار تتلاشى مع التراجع الكبير لأسعار العملات

أدى التراجع الحاد للعملات في الأسواق الناشئة إلى خسائر بمئات ملايين الدولارات للكويتيين الذين يستثمرون أموالهم في العقارات هناك. فهل يتراجع الشراء في العقار الخارجي، أم يجد المستثمرون فرصة في الانخفاض الحالي لأسعار العملات؟

في تركيا وحدها يستثمر الكويتيون 1.5 مليار دولار في شراء العقارات. هناك، حيث فقدت العملة 27 في المئة من قيمتها منذ بداية العام الحالي، يمكن أن تقدّر الخسائر الكويتية بمئات ملايين الدولارات.

لا يتوقف الأمر على تركيا وحدها. فمعظم الأسواق الناشئة تسجل عملاتها تراجعاً كبيراً هذا العام، مع اقتناع الأسواق بقرب دخول الولايات المتحدة في دورة رفع الفائدة والخروج التدريجي من الإجراءات التيسيرية. والنتيجة أن ما يكسبه الكويتيون من عوائد التأجير أو ارتفاع أسعار العقار في أي من هذه الأسواق، يتلاشى في تراجع العملة.

لكن لا يبدو أن سوق العقار الخارجي تلقى ضربة قاصمة في الكويت، بل إن هناك من يرى أن انخفاض العملة وبالتالي انخفاض الأسعار في أي من الأسواق، قد يشكل عاملاً محفزاً لنمو المبيعات في بعض الحالات.

وعليه، يتوقع الخبراء العقاريون أن يستمر نشاط السوق العقاري ولكن ليس بالقوة الشرائية نفسها، وان يكون بحذر في دول محددة، مشيرين إلى أن أداء هذا القطاع سيتحدد وفقا للتطورات التي قد تحصل في البورصات العالمية والعربية وأزمة الاقتصاد الصيني وهبوط النفط، بالإضافة إلى تراجع أسعار العملات.

ويعتبر العقار التركي في مقدمة العقارات الأكثر طلباً من المستثمرين الكويتيين يليه العقار المصري، ومن ثم العقار الإماراتي، وأخير العقارات البوسنية.

ورغم زيادة حجم الاستثمارات العقارية الكويتية في دول عدة تتجاوز حاجز الـ 10 في المئة خلال النصف الاول من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إلا أن هناك حالة من الترقب من قبل الشركات العقارية التي تقوم على تسويق العقارات الخارجية نتيجة تلك الاحداث التي طرأت على الساحة من تراجع بورصات عربية وخليجية وعالمية وتراجع اسعار النفط، والذي بدوره سيؤدي إلى تخوف المستثمر المقبل على شراء عقار خلال الفترة المقبلة.

ووصل حجم الاستثمارات العقارية للكويتيين فيه حتى النصف الاول من العام الحالي إلى نحو 1.5 مليار دولار، وفق تصريحات لوزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي الشهر الماضي، بزيادة تقارب 12 في المئة عن النصف الاول من العام الماضي.

وذكرت بعض الشركات العقارية الكويتية أن العقار التركي يعتبر من العقارات الأكثر طلبا هذا العام وخصوصا في مجال شقق التمليك والتي تبدأ أسعارها من 15 ألف دينار للشقة الواحدة، إلا أن هناك تراجعا طفيفا خلال الشهر الجاري ناجما عن تراجع سعر الليرة التركية والتخوف من الوضع السياسي في البلاد جراء الانتخابات المقبلة، ما أدى إلى تراجع حجم المبيعات إلى أكثر من النصف تقريباً.

ويشير الخبراء إلى أن تأثر البورصة التركية جراء تراجع الليرة التركية سيؤثر سلبا على مبيعات العقار التركي في الكويت خلال الفترة المقبلة، ومن المتوقع ان يخفض أسعار العقار التركي الذي يسوق في الكويت. ورغم ذلك التأثر لفت العقاريون إلى أن العقار التركي يسجل أعلى مستويات على الصعيد المحلي من حيث شراء الكويتيين للعقار التركي، متوقعين عدم تفريط المستثمرين بعقاراتهم في تركيا وسعي البعض في الاستفادة من هبوط سعر الليرة والتراجع المتوقع في اسعار العقارات التركية قريبا.

العقار المصري

في مصر، يصل حجم الاستثمارات العقارية للكويتيين الافراد إلى نحو 1.2 مليار دولار بزيادة قدرها 15 في المئة عن النصف الاول من العام الماضي، اذ واصل المستثمرون الكويتيون شراءهم وتوسعة حجم استثماراتهم العقارية بعد استقرار الاوضاع في مصر خلال الاونة الأخيرة.

وأكد خبراء عقاريون ان قوة الدينار الكويتي مقابل الجنيه المصري لعبت دورا مهما في زيادة حجم الاستثمارات العقارية للكويتيين، وشكل قوة كبيرة في زيادة حصص المستثمرين الراغبين في تملك شقق في ضواحي القاهرة والاسكندرية والسواحل، في حين تراجع حجم مبيعات هؤلاء المستثمرين رغم تحقيق ارباح على عقاراتهم قدرت بنحو 20 في المئة في غضون عام تقريبا، قياسا على ذلك فإن العقار المصري يتجه إلى الصعود رغم كثرة العرض.

وأشار العقاريون إلى أن العائد على الاستثمار العقاري في مصر لا يقل عن 30 في المئة وهو مرشح ليكون من أكبر القطاعات التي ستقود الاقتصاد المصري في المراحل المقبلة، لافتين إلى أن تراجع البورصة المصرية وتأثرها بموجات الهبوط العنيفة التي انتابت أسواق المال العالمية والعربية، على خلفية أزمة الاقتصاد الصيني وهبوط النفط دون مستوى 40 دولاراً، لن يكون مؤشرا لهبوط الاسعار العقارية او تراجع المبيعات على الصعيد الداخلي او الخارجي كون ان العقار المصري واثناء الثورة لم يفقد قوته السعرية وهذا دليل على انه قادر على تخطي الازمات سواء الداخلية او الخارجية.

وبينوا أن أكثر الاستثمارات العقارية للكويتيين في مصر هي في العقار الاستثماري ممثلة في شراء الشقق السكنية التي تبدأ أسعارها من 12 ألف دينار إلى 60 ألف دينار، وهذا الاستثمار يمثل 80 في المئة من حجم الاستثمارات العقارية للأفراد، مقابل 10 في المئة شراء للفلل و10 في المئة للاراضي الفضاء.

العماني

من جانب آخر، تراجع حجم المبيعات للعقار العماني خلال النصف الاول من العام مقارنة بالنصف الاول من العام الماضي بواقع 60 في المئة نظرا لإلغاء شركات عقارية عقودها التسويقية لبيع عقارات في سلطنة عمان في السوق الكويتي، وعزوف المستثمرين الكويتيين عن شراء الاراضي في عمان عقب صدور قرار من قبل الجهات المعنية في السلطنة والذي يقضي بإلغاء الوكالات العقارية للمستثمرين.

وبما أن الريال العماني مربوط بالدولار، فإن قيمته ارتفعت مقابل الدولار بنحو 6 في المئة منذ بداية العام، وبالتالي فإن المستثمر هناك حقق مكسباً من فارق أسعار العملات هذا العام.

الإماراتي

وما ينطبق على سلطنة عمان ينطبق على الإمارات، التي تربط عملتها بالدولار أيضاً، ولذلك فإن الاستثمار العقاري هناك بمأمن من تأثيرات تقلب العملات.

بحسب آخر احصائيات الجهات المعنية في دبي فقد احتل الكويتيون المرتبة الرابعة باستثمارات عقارية خلال النصف الاول من العام الحالي، حيث وصلت إلى 500 مليون درهم من خلال 170 مستثمرا بزيادة قدرها 10 في المئة عن العام الماضي، إلا أن هذا الرقم بحسب خبراء عقاريين متوقع ان يزيد خلال الفترة المقبلة لنفس توقعات الخبراء السابقين بان العقار الخليجي سيكون آمناً عن العقارات الاوروبية نظرا للظروف السياسية وانهيار بورصات وتراجع اسعار النفط.

وأوضح العقاريون بأن السوق الكويتي به أكثر من 20 شركة عقارية تقدم مشاريع عقارية في الامارات أغلبها شقق تمليك وان هناك تراجعا طفيفا خلال الشهرين الماضيين ومن المتوقع ان يعوض السوق الاماراتي ما فقده من تراجع رغم تراجع اسعار النفط والبورصات الخليجية، إلا أن العقار الخليجي على حد قولهم سيظل آمنا تحت أي ظروف تحدث.

سراييفو

ومن الأسواق العقارية التي انتعش الشراء الكويتي فيها أخيراً، البوسنة والهرسك. فقد أكد مسؤولو بعض الشركات العقارية في الكويت ان هذا السوق يعتبر واعدا، ومن المتوقع ان تزيد نسبة مبيعاته خلال الربع الاخير من العام الحالي، حيث ان حجم الاستثمارات العقارية الكويتية هناك وصل إلى ما يقارب من 110 ملايين دولار بزيادة تقدر بنحو 5 في المئة على اساس نصف سنوي.

وأكد المراقبون ان الاتجاه الأكثر طلبا وشيوعا لبيع العقارات البوسنية في السوق الكويتي يتأتى على البيوت السكنية بمساحات تتراوح ما بين 500 إلى 600 متر مربع، وهي باسعار تناسب شرائح كبيرة في السوق، لافتين إلى أن هذا السوق ليس بمنأى عن المخاطر الموجودة حاليا من انهيار البورصات وهبوط سعر النفط.

وتربط حركة العملة البوسنية إلى حد بعيد باليورو، وبالتالي فقد انخفضت هذا العام أمام الدينار بما لا يقل عن 10 في المئة.""      

© Al- Rai 2015