29 11 2015

دبي، الإمارات العربية المتحدة: من المتوقع أن يشهد عام 2016 سعي الجميع لتحقيق نمو متواضع في الوقت الذي سيجري فيه رفع أسعار الفائدة على أموال بنك الاحتياطي الفيدرالي للمرة الأولى منذ عام 2007. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال في بداية طريق الانتعاش الاقتصادي، فإن أوروبا واليابان تخطوان في المراحل المبكرة من زخم نموهما الاقتصادي. على النقيض، يتوقع ألا تجاري معدلات النمو في الصين المعدلات التي تحققت في السنوات السابقة في ظل استمرارها في الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية. إجمالاً، تسير الأمور في اتجاه النمو العالمي المتوسط حيث لا يُرجَّح حدوث أي مفاجآت إيجابية، مثل حدوث نمو اقتصادي مخالف للتوقعات أو ارتفاع الأجور بنسب تفوق التكهنات السائدة.

وفي الوقت الذي يُفترض أن يشهد أرباحاً إيجابية للشركات، من المتوقع أن تسود هذا العام مخاوف دورية في ظل امتداد تأثير ارتفاع أسعار الفائدة الرئيسية في الولايات المتحدة ليلقي بظلاله على القطاعات الضعيفة مثل الأسواق الناشئة، وهو ما يعني استمرار الارتفاع الشديد في نسب التذبذب.

رفع أسعار الفائدة هو طريق الخلاص
ينبغي أن يشهد عام 2016 نهاية الاتجاه السائد على مدار الـ 35 عاماً الماضية لتخفيض أسعار الفائدة الطويلة الأجل، كون الولايات المتحدة أول نظام اقتصادي يتجه لرفع أسعار الفائدة. وعلى الرغم من استمرار الشكوك، فقد تزايدت احتمالات رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في ديسمبر ما أدى إلى تغيُّر التوقعات السوقية بشكل هائل. وفي هذا الإطار، يرى باتريس جوتري كبير الخبراء الاقتصاديين في بنك يونيون بانكير بريفي أنه: "يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي التحلي بالحذر، وذلك على الرغم من سعيه حثيثاً لإدارة كلٍّ من المخاطر الخارجية (مثل أسواق الصين والأسواق المالية غير المستقرة) والمخاطر الداخلية (مثل نسب البطالة المنخفضة وإمكانية حدوث ضغوط لزيادة الأجور)".

وفي ضوء هذه الرؤية، تصبح إدارة المخاطر المقترنة بأسعار الفائدة أمراً حتمياً. وهنا ينبغي أن ينصبَّ التركيز على الأصول الأقل حساسية لأسعار الفائدة، مثل السندات ذات العائد المرتفع والسندات القابلة للتحويل. وبالنسبة للمستثمرين في سوق الائتمان، ينبغي أن ينصب تركيزهم على عنصر الانتشار بدلاً من التركيز على أسعار الفائدة نفسها، إلى جانب التركيز على الفترات القصيرة. وبالطبع تحظى أسواق الأسهم بأفضلية أيضاً في هذه البيئة: ففي الواقع، طالما ظل بنك الاحتياطي الفيدرالي حذراً بشأن إدارة أسعار الفائدة الخاصة به، ينبغي أن يكون التأثير على الأسهم محدوداً - فقد كان لارتفاع أسعار الفائدة في الماضي تأثير إيجابي على أسواق الأسهم في واقع الأمر - ونحن نتوقع استقرار مضاعفات السعر نسبةً إلى الأرباح.

توقعات إيجابية بالنسبة إلى أوروبا
نعتقد أن التوقعات المستقبلية تسير في صالح الدول المتقدمة مقارنة بالاقتصادات الناشئة. تنطبق هذه التوقعات بشكل خاص على منطقة اليورو، وذلك نظراً لاعتدال تقييمات الأسهم الخاصة بها وتواؤم سياسات البنك المركزي إلى جانب الرواج الذي بدأت تلقاه منظومتها الاقتصادية الأساسية. ويبدو أن أوروبا تحتل في الوقت الراهن المكانة التي كانت تحتلها الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات حينما أطلقت برنامج التسهيل الكمي؛ وهذا يعني أن أرباح الشركات الأوروبية ينبغي أن تحقق بعض المفاجآت الجيدة في عام 2016. وهذا بدوره يوحي بأنباء جيدة على صعيد قطاع السلع الكمالية والقطاعات ذات الصلة بانتعاش الدورة الاقتصادية المحلية.

قطاع التكنولوجيا على قائمة النمو
من جهته، يوضح جان سيلفان بيريج، الرئيس التنفيذي للاستثمار ببنك يونيون بانكير بريفيه قائلاً: "في ظل هذا النمو المتوسط، يظل قطاع التكنولوجيا خيارنا المُفضل. فهذا العالم الذي تطغى عليه الرقمية تقريباً سيواصل إحداث تغييرات في حياتنا ومن ثم أنظمتنا الاقتصادية، وهذا هو سر تفضيلنا لهذا القطاع". إذ إن الفعالية من حيث التكاليف وقدرة هذا المجال على التوسع بسرعة تُعد من العوامل الإيجابية الإضافية، وفي ظل انتشار الابتكارات التكنولوجية بصورة متزايدة في حياتنا اليومية، أضحى هذا القطاع أيضاً أقل عرضة للتقلبات الدورية. ولا تزال التقديرات في هذا القطاع جاذبة، خاصة إذا ما قورنت باحتمالات النمو. وهذا ينطبق أيضاً على قطاع الرعاية الصحية الذي يمكنه استعادة قدر من زخمه المفقود في ظل عدم تأثر الأساسيات الخاصة به.

على وجه العموم، فإننا نفضل الأسهم المقترنة بالنمو والتي يمكن العثور عليها في قطاع السلع الكمالية نظراً لأن نمو الأرباح المستدامة والأعلى من المتوسط سيواصل تحقيق مردودات إيجابية للغاية.
 
انتقاء البلدان في الأسواق الناشئة
رغم أننا لا نحيد بوضوح عن سياسة تفضيل الأسواق المتقدمة على الأسواق الناشئة، فإن انتقاء بلدان وأسواق بذاتها يمكن أن يوفر فرصاً جيدة للأداء.

وفي هذا الصدد، يرى باتريس جوتري: "أن 2015 كان عاماً عصيباً بالنسبة للأسواق الناشئة حيث اقترن بارتفاع المخاوف حول الصين. ولكن هذه المخاوف ينبغي أن تهدأ تدريجياً بفضل مجموعة من التدابير التحفيزية التي جرى تطبيقها في عدة قطاعات إلى جانب أن الاستهلاك المحلي والاستثمار تبدو عليهما بوادر الوصول إلى أدنى مستوياتهما". فأداء الأسواق الناشئة ينبغي أن يتأثر بارتفاع أسعار الفائدة وتعزيز سعر الدولار، ولهذا فلن يكون من قبيل المفاجآت وقوع أحداث أو تهديدات في مجال الائتمان لعدد قليل من البنوك الكبرى. ومع ذلك، لا يُرجَّح أن يحدث انهيار تام وأزمة نظامية للنظم الاقتصادية الناشئة.

تثبت التجارب السابقة أيضاً أن أوقات الأزمات تساعد في إطلاق منظومة الإصلاح الاقتصادي. ففي أعقاب الأزمة المالية الآسيوية مثلاً، استفادت العديد من النظم الاقتصادية الآسيوية من الإصلاحات الهيكلية مما جعلها أكثر كفاءة وفاعلية. وفي دول أخرى مثل الهند، أتاح تغيير الحكومة الفرصة لتحقيق عائدات هائلة مقارنة بالعائدات التي تحققت في أسواق البلدان الأكثر تقدماً. ولا زلنا نتوقع أداءً اقتصادياً جيداً من كلٍّ من الهند والمكسيك، وعلى النقيض، لا نعتقد أن البرازيل ستسير بالوتيرة نفسها.

تهيئة الحافظة الاستثمارية لمعدلات نمو أكثر من متوسطة
ونظراً لأن العالم يسير في اتجاه النمو الاقتصادي المتوسط، يتعين على المستثمرين توفيق إستراتيجيات محافظهم الاستثمارية والتطلع إلى مصادر أرباح.

ويختتم جان سيلفان بيريج حديثه قائلاً: "نتوقع أن ينتعش أداء المحافظ الاستثمارية مرة أخرى في عام 2016 من خلال تخصيص الأسهم إلى جانب استمرار تفوق أسواق الأسهم في البلدان المتقدمة على نظيرتها في الأسواق الناشئة. وسيكون تطبيق إستراتيجية الأسهم المنتقاة بعناية هو السبيل لتحقيق ذلك مرة أخرى: فعلى الرغم من استمرار أسهمنا في الصعود، نعتقد أننا نقترب من نهاية هذا السباق".

ويقترن سيناريو الهبوط باحتمال استمرار أسواق السلع في أن تكون مصدراً لمخاطر الانكماش. وهذا قد يتسبب بدوره في عدم تحقيق البنوك المركزية لمعدلات التضخم المستهدفة مما يؤثر على الاقتصادات والشركات القائمة على السلع الأساسية. بشكل عام، يُتوقع أن يكون عام 2016 زاخراً بالتحديات ولكن من المؤكد أن المستثمرين الذين سيواصلون العمل في قطاعات محددة وأصول مختارة بعناية سيحققون عوائد مجزية.



- انتهى -

© Press Release 2015