24 11 2015

10 ملايين دولار مبيعات شهرية لعنصر واحد

تنظيم الدولة الاسلامية داعش الإرهابي أعلن عن فائض في ميزانيته للعام المالي المنتهي 2014/2015 بنحو 250 مليون دولار، وذلك بعد تحقيقه لإيرادات تجاوزت ملياري دولار، السؤال هنا، هل علينا تصديق تنظيم سري يعمد إلى أساليب التمويه والخداع، بالطبع لا، الحقيقة، إيرادات داعش أكبر من ذلك بكثير، فحسب تقديرات الخبراء يحتاج تنظيم داعش لـ 14 ألف دولار سنوياً على الأقل للإنفاق على كل عنصر في صفوفه، دون احتساب كلفة تسليحه وذخيرته، وتعويض ما يتم تدميره من معدات وبنية على الأرض.

ميزانية داعش المعلنة أرادت أن تعكس صورة لدولة ناجحة حققت الاكتفاء الذاتي إلى جانب فائض نسبته كبيرة مقارنة بالميزانية، وتحدثت عن إيرادات مصدرها النفط والغاز والقمح والشعير والإسمنت وضرائب، لكنها لم تذكر مبيعات الآثار المهربة من مئات المواقع الأثرية التي تسيطر عليها في العراق وسورية وتحدثت عن مبيعات للنفط تمثل 38 في المئة من ميزانيتها، لكن الواقع على الأرض يترك دلائل على أن مبيعاتها النفطية هي أضعاف المعلن في ميزانيتها، بحيث أصبحت لاعبًا أساسيًا من بين اللاعبين المتحكمين في أسعار الطاقة في العالم، فداعش نفسها يفترض أن تكون من أكبر العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، لكنها لا ترتفع، لماذا؟، الاجابة ببساطة، داعش بما تضخه من كميات كبيرة في السوق غير الشرعية أعلى بكثير من التقديرات، هي أكبر عامل في انخفاض الأسعار، هل تعتقدون أن المساعدات الفنية الخفية والمعدات وقطع الغيار التي حصلت عليها داعش من أطراف يعرفها الجميع، ويسكت عنها الجميع، ومكنتها من إنتاج نفطي وتمديدات ووسائل تصدير إلى خارج الحدود، لم تكن قادرة على إغراق السوق، يساعدها في ذلك المشتري الذي يعرفه العالم وهو متعطش للنفط، ولا أحد يريد الإشارة إليه بالاسم ؟!.

الخبير الاستراتيجي العالمي في أسواق الطاقة البروفسور Kent Moors يعرب عن دهشة تصل إلى حد الصدمة من أن هجمات داعش في باريس الأخيرة لم ترفع أسعار النفط إلا بأقل من 2.5 في المئة، وخلال أيام بدأت مكاسب الخام في التلاشي مجددًا، لذا لا يمكن أن يختفي تأثير داعش في رفع الأسعار إلا إذا كان تأثيرها في خفضها أكبر، ويؤكد أن المعروض من النفط في الأسواق هو أكثر بكثير من المقدر، ملمحًا إلا أن هذا الفارق في تقديرات المعروض من صناعة داعش.

لدى داعش حسب التقديرات المتفاوتة من 55 إلى 250 ألف عنصر يتوزعون على مساحة شائعة تحكمها في العراق وسورية وعشرات الخلايا التابعة في أنحاء متفرقة من العالم، وإذا أخذنا متوسطًا متحفظًا من 100 ألف عنصر، كل عنصر متوسط انفاقه، إعاشة ورواتب، 14 ألف دولار في العام، ثم أضفنا تكلفة المعدات والذخائر وتمويل العمليات في الخارج، وكلفة تجنيد العناصر الجديدة وجلبها من دول عدة، فلا يمكن أبدًا أن تكون ميزانية داعش بين مليارين وثلاثة مليارات دولار، بالتأكيد هي أضعاف ذلك. البروفسور Kent Moors يشير إلى أنه في مطلع العام الحالي 2015 استولت قوة أميركية خاصة على كمبيوتر بحوزة أرملة أبوسياف مسجل عليها مبيعات نفطية حصيلتها 10 ملايين دولار شهريا، وعلينا أن نعرف أن هذه هي المبيعات عن طريق أبوسياف فقط، وهناك مثله العشرات من داعش في العديد من المواقع النفطية في العراق وسورية الذين يبيعون مثله وأكثر.

ليس فقط الكميات الكبيرة التي تضخها داعش في الأسواق غير الشرعية تؤثر سلبًا على أداء النفط، فهناك الخصم المذهل والمغري الذي تقدمه داعش لتسهيل التسويق، ففي الوقت الذي يدور سعر البرميل في الأسواق الشرعية حول 40 دولارًا للبرميل تبيع داعش البرميل بأقل من 25 دولارًا.

© Annahar 2015