زاوية عربي

من عبد القادر رمضان لموقع زاوية عربي

توقفت مبيعات السيارات في مصر بشكل شبه كامل، تأثرا بتداعيات فيروس كورونا والإجراءات الاحترازية التي فرضتها الحكومة للحد من انتشار الوباء.

وتأتي هذه الضربة الجديدة لقطاع السيارات بمصر، لتفتح جراحه من جديد، بعد أن كان التقط أنفاسه، في أول شهرين من 2020، وذلك بعد انخفاض مبيعات العام الماضي.

وتحدثت زاوية عربي مع اثنين من العاملين في سوق السيارات بمصر للتعرف أكثر عن تأثير كورونا على حركة المبيعات والاستيراد.

نبذة عن مبيعات السيارات في مصر

(بحسب تقارير إعلامية نقلا عن بيانات مجلس معلومات سوق السيارات (أميك)، وهو تجمع للشركات وتوكيلات السيارات العاملة في مصر ويصدر إحصاءات عن مبيعات السوق بشكل دوري)

زادت مبيعات السيارات بمصر 62% في يناير وفبراير الماضيين، لنحو 63.2 ألف سيارة بمختلف فئاتها (ملاكي- أتوبيسات- شاحنات).

وفي عام 2019 تراجعت المبيعات 5.7% إلى نحو 182.7 ألف سيارة مقابل حوالي 193.9 ألف سيارة في 2018.

وتستورد مصر ما يزيد قليلا عن نصف السيارات التي يتم بيعها في السوق، ويجري تجميع الباقي في مصانع محلية.

ويتنافس في مصر عدد كبير من توكيلات السيارات والتي تستورد بشكل أساسي من الأسواق الآسيوية خصوصا الصين وكوريا الجنوبية واليابان، بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي وتركيا والولايات المتحدة.

وكان تراجع مبيعات السيارات الملاكي (للاستخدام الشخصي) سبب أساسي في انخفاض مبيعات القطاع خلال العام الماضي. وتحسنت مبيعات السيارات الملاكي بشكل ملحوظ في أول شهرين من العام الجاري.

خلفية عن تحديات قطاع السيارات في مصر

 تعرض سوق السيارات لضغوط كبيرة في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد تعويم الجنيه المصري في نوفمبر 2016، والذي أحدث موجة تضخمية كبيرة، ضاعفت أسعار السيارات وأصابت القدرة الشرائية للمواطنين بشدة.

وتعويم الجنيه يعني تحرير سعر صرف العملة بحيث يتحدد سعرها وفقا لآليات العرض والطلب، بدون تدخل من الدولة.

إلغاء الجمارك

ومع إلغاء الجمارك تماما على السيارات المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي في بداية 2019، وفق اتفاقية تجارة حرة مع مصر، بعد سنوات من الخفض التدريجي، والذي تزامن مع انحفاض سعر صرف الدولار، انطلقت دعوات لمقاطعة السيارات في مصر، من أجل تخفيض الأسعار، وهو ما استجابت له الشركات من أجل تحريك السوق.

وفي مطلع العام الجاري ألغيت الجمارك تماما أيضا على السيارات المستوردة من تركيا، وفق اتفاق تجارة حرة بين البلدين، وهو ما أشعل المنافسة في السوق المحلي بين السيارات المستوردة، من جانب، والمصنعة محليا من جانب آخر.

قرار وقف تراخيص المرور

(بحسب بيانات حكومية)

قررت الحكومة المصرية وقف إصدار وتجديد رخص السيارات من 19 مارس وحتى 16 أبريل الجاري، ضمن إجراءات لمكافحة انتشار وباء كورونا، بالإضافة إلى حظر التجوال في البلاد من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة صباحا.

كما قررت الحكومة الشهر الماضي إغلاق جميع المحلات التجارية والتي من بينها معارض السيارات، من الساعة الخامسة مساءا وحتى السادسة صباحا، على أن تغلق تماما يومي الجمعة والسبت.

تعليقات عامة من الخبراء

قال علاء السبع، رئيس شركة السبع أتوموتيف، الموزع المعتمد لسيارات نيسان، وعضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية المصرية، وهو كيان يضم كل الشركات والمحلات التجارية في مصر، إن مبيعات السيارات، في الآونة الأخيرة توقفت بنسبة تتجاوز 90%.

وهو ما أكده خالد سعد، مدير عام شركة بريليانس البافارية، والمدير التنفيذي لرابطة مصنعي السيارات، في اتصال هاتفي مع زاوية عربي من القاهرة، قائلا إنه "لا توجد مبيعات تماما في السوق.. نقدر نقول إن المبيعات متوقفة".

ورابطة مصنعي السيارات هي كيان يضم شركات التصنيع المحلي في مصر.

تعليقات أخرى عن:

معاناة شركات السيارات

قال علاء والذي تمتلك شركته 11 فرع لتوزيع السيارات، إنه اضطر مؤخرا، وفي ظل توقف المبيعات، لإغلاق كل فروع الشركة، بشكل كامل، والإبقاء على فرع واحد فقط للرد على استفسارات العملاء.

وأضاف أن السيولة في شركات السيارات تأثرت بشكل كبير مع الضغوط التي تتعرض لها والالتزامات المادية التي يجب سدادها بما في ذلك أجور الموظفين، في الوقت الذي لا تحصل فيه على أي إيرادات.

وقال خالد إن "كل الظروف في السوق وقفت ضد قطاع السيارات في الفترة الأخيرة وهو ما قد يلحق كارثة بالعاملين في هذا المجال".

وقف تراخيص المرور

يرى علاء وخالد أن وقف إصدار التراخيص للسيارات فاقم من حدة الأزمة التي تعاني منها شركات السيارات.

"وقف إصدار التراخيص للسيارات أصاب السوق بالشلل، لأن أغلب مبيعات السيارات تتم من خلال تمويلات بنكية، والتي تصل إلى 60 و70% من السوق، والبنوك لا توافق على التمويل إلا بعد الحصول على ترخيص المرور.. وهكذا توقفت حركة البيع،" بحسب ما قاله علاء في اتصال هاتفي مع زاوية عربي من القاهرة.

وأضاف علاء: "حتى العملاء الذين يسددون ثمن سياراتهم نقدا، لن يتمكنوا من ترخيصها، وبالتالي أحجموا عن الشراء في الوقت الحالي".

إعادة إصدار التراخيص

قال علاء وخالد إن شركات السيارات تقدمت بمقترحات للحكومة المصرية، من أجل إصدار تراخيص السيارات عبر الشركات نفسها، نيابة عن العملاء، لمنع التكدس والزحام في إدارات المرور، وإن الحكومة تدرس هذاه المقترحات حاليا.

"طلبنا من الحكومة أن تتقدم الشركات بكل المستندات اللازمة للترخيص نيابة عن مشتري السيارة، والحصول على اللوحات باسم العميل، وتسليمها، ولو بصفة مؤقتة، لتحريك السوق،" بحسب ما قاله علاء.

ويرى علاء أن إعادة إصدار التراخيص قد يساهم في تحريك السوق ولو بشكل بسيط "خاصة أن هناك حجوزات من بعض العملاء تعطلت ولم تتمكن الشركات من تنفيذها بسبب تراخيص المرور".

مخاوف العملاء من الشراء

ويتفق علاء وخالد على أن السوق تلقى ضربة قاضية في الأيام الأخيرة بسبب تداعيات كورونا التي أصابت المستهلكين بالخوف على مستقبل وظائفهم، وبالتالي عدم الإقدام على شراء سلع غير ضرورية.

وقال علاء: "طبيعي إن الناس تخاف في الوقت الحالي على ما لديها من سيولة نقدية، ولن تفكر في شراء سيارة جديدة، وإعطاء الأولوية للسلع الأساسية".

حدود سحب الأموال من البنوك

قال خالد إن قرار البنك المركزي الأخير بفرض قيود على إيداع وسحب النقود ساهم أيضا في حالة الركود التي يشهدها سوق السيارات الذي يعتمد أساسا على التعاملات النقدية "الكاش".

"أغلب التعاملات في السوق تتم باستخدام الكاش، ولازالت ثقافة التعاملات البنكية والدفع الإلكتروني غير منتشرة في مصر، وتحتاج وقت لانتشارها، وهذا سبب أخر لتراجع حركة البيع في السوق"، بحسب ما قاله خالد.

نبذة سريعة عن قرار المركزي

فرض البنك المركزي المصري قيود مؤقتة على سحب وإيداع الأموال في البنوك، في 29 مارس الماضي، تضمنت وضع حد أقصى للإيداع والسحب بقيمة 10 آلاف جنيه للأفراد.

ماذا عن الأسعار؟

قال علاء وخالد أن الأسعار في السوق لم تتأثر حتى الآن، وأنها مستقرة، مع توقف حركة الطلب.

أزمة في الطريق

رغم استقرار أسعار السيارات في الوقت الحالي، فإن علاء وخالد توقعا أن يشهد السوق أزمة كبيرة في المعروض من السيارات، عند عودة الحياة لطبيعتها، بسبب توقف شحن دفعات جديدة من السيارات للسوق، بسبب الأزمات التي تواجهها الدول المصنعة.

"الاستيراد متوقف، لأن الدول التي نستورد منها مصانعها مغلقة أو شبه متوقفة، مثل الصين وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وأمريكا،" بحسب ما قاله خالد.

وقال علاء إن الشركات لديها مخزون من السيارات، "لكن الشحنات الجديدة كلها متوقفة، وغير قادرين على الاستيراد من أوروبا أو الصين، بسبب تداعيات كورونا على حركة الشحن والإنتاج".

وأضاف خالد: "إذا نفد مخزون الشركات ستكون هناك مشكلة حقيقية في السوق، كما أن الدول المصنعة حتى لو عادت للإنتاج فإنها ستحتاج وقت من أجل العودة للعمل بكامل طاقتها.. بالطبع سنواجه أزمة في المستقبل لحين استعادة حركة الإنتاج والاستيراد بشكل طبيعي".

وأشار خالد إلى أن السوق بدأ يواجه أزمة في توافر قطع غيار السيارات مع تراجع مخزون الشركات منها، وصعوبة الاستيراد.

وماذا عن الإنتاج المحلي؟

قال خالد إن شركات التصنيع المحلي أيضا ستعاني من صعوبات في الإنتاج لأن جزء كبير من مكونات الإنتاج مستورد، وغير متوفر بسبب توقف المصانع بالخارج.

هل تتحرك المبيعات قريبا؟

يرى علاء أن المبيعات قد تتحرك بشكل بسيط خلال الفترة المقبلة، إذا سمحت الحكومة بإعادة إصدار التراخيص، "لأن بعض المستهلكين قد يخشون النقص المتوقع في السوق بسبب صعوبات الاستيراد، ويرغبون في الاستفادة من استقرار الأسعار في الوقت الحالي".

وأضاف علاء أن "المستهلكين يلاحظون أيضا عودة الدولار للارتفاع أمام الجنيه وهو أمر ينبأ بارتفاع أسعار السيارات إذا عاد الطلب عليها مجددا، وبالتالي قد يفكرون في الاستفادة من الأسعار الحالية قبل ارتفاعها".

نبذة عن سعر الجنيه

تحول سعر صرف الجنيه المصري للانخفاض أمام الدولار في الأسبوع الأخير من فبراير الماضي، بعد أن سجل ارتفاع متواصل لأكثر من عام.

وفقد الجنيه حوالي 19 قرش منذ ذلك الوقت، بسبب موجة خروج استثمارات الأجانب من الأسواق الناشئة والتي من بينها مصر بسبب أزمة كورونا.

ويبلغ متوسط سعر الدولار في البنوك المصرية حاليا حوالي 15.8 جنيه، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

 

(ويعمل عبدالقادر في موقع مصراوي المصري كما انه عمل سابقا في عدة مؤسسات منها، موقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وجريدة البورصة المصرية، وقناة سي بي سي الفضائية المصرية)

(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

© ZAWYA 2020

إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى الأصلي
تم كتابة محتوى هذه المقالات وتحريره من قِبل ’ ريفينيتيف ميدل ايست منطقة حرة – ذ.م.م. ‘ (المُشار إليها بـ ’نحن‘ أو ’لنا‘ (ضمير المتكلم) أو ’ ريفينيتيف ‘)، وذلك انسجاماً مع
مبادئ الثقة التي تعتمدها ريفينيتيف ويتم توفير المقالات لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقترح المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية أي استراتيجية معيّنة تتعلق بالاستراتيجية الأمنية أو المحافِظ أو الاستثمار.
وبموجب الحد الذي يسمح به القانون المعمول به، لن تتحمّل ’ ريفينيتيف ‘، وشركتها الأم والشركات الفرعية والشركات التابعة والمساهمون المعنيون والمدراء والمسؤولون والموظفون والوكلاء والمٌعلنون ومزوّدو المحتوى والمرخّصون (المشُار إليهم مُجتمعين بـ ’أطراف ريفينيتيف ‘) أي مسؤولية (سواءً مجتمعين أو منفردين) تجاهك عن أية أضــرار مباشــرة أو غيــر مباشــرة أو تبعيــّة أو خاصــة أو عرضيّة أو تأديبية أو تحذيريّة؛ وذلك بما يشمل على سـبيل المثـال لا الحصـر: خسـائر الأرباح أو خسارة الوفورات أو الإيرادات، سـواء كان ذلك بسبب الإهمال أو الضـرر أو العقـد أو نظريـات المسـؤولية الأخرى، حتـى لـو تـم إخطـار أطـراف ’ ريفينيتيف ‘ بإمكانيـة حـدوث أيٍ مـن هـذه الأضرار والخسـائر أو كانـوا قـد توقعـوا فعلياً حدوثهـا