09 02 2018

في كل عام، يجتمع قادة العالم في دافوس بسويسرا، للتباحث بالقضايا الأكثر إلحاحاً التي تواجه العالم والتخطيط للمستقبل.

غير أن التفكير بما سيأتي لا يشتمل الحفاظ على الرؤساء التنفيذيين متعددي الجنسيات وحسب، فجميع قادة الشركات الجيدين يفكرون بتحصين شركاتهم في المستقبل، ويقضون الساعات الطوال في التفكير بطرق التوسع أو التنوع والزمان المناسب لهما ومكامن الفرص التالية.

وبالرغم من سهولة الأمر ظاهرياً، إلا أن هذا النوع من التأمل الغيبي ينطوي على الكثير من الصعوبة، فالوقت ثمين، والمعلومات وفيرة لكن الوصول إليها ليس متيسراً دائماً، وهي أيضاً ليست موثوقة دائماً، فضلاً عن صعوبة إدارة ما يحدث من تغييرات كبيرة.

وقد دفعني الاستماع للحوار في دافوس، إلى التفكير باتجاهات على المدى البعيد قد يكون لها التأثير الأكبر على الشركات التي أعمل معها، وأعرض هنا الستة الأهم فيها:

1 - مراقبة الجيل «زد»: يضم العالم اليوم 70 مليون شخص من جيل «زد» ممن ولدوا، ما بين منتصف عقد التسعينات ومنتصف عقد الألفين وهم الجيل الرقمي الأول الحقيقي.

ويعرف هذا الجيل بإحساسهم المجتمعي الكبير وبرغبتهم بإحداث تأثير إيجابي على العالم من خلال عملهم، وقد بدأ الأكبر فيهم بالدخول إلى سوق العمل، ومن المرجح أن يتولى إدارتهم أشخاص من جيل الألفية، الذين يتمتعون هم أيضاً بآراء قوية حول الرضا الوظيفي.

وستستجيب العلامات التجارية الناجحة لذلك، من خلال وضع استراتيجيات تتناول هاتين المجموعتين، سواء كموظفين أو كمستهليكن، ولذلك فإن الشركات التي تواكب قيمها وتدرك كيفية القيام بالأعمال في العصر الرقمي ستحظى بميزة تنافسية، في وقت ظهر أن الشركات المتنوعة عرقياً تملك إمكانية التفوق على نظيراتها بنسبة 35 في المئة.

2 - التحول من «الإعجاب» إلى «الشراء»، يجعلنا متسوقين اجتماعيين: يتزايد إقبال الناس على الشراء عبر منصات التواصل الاجتماعي، وعندما يرى المستهلكون المنتج الذي يعجبهم، يرغبون في امتلاك القدرة على شرائه هنا وهناك.

وفي حين أن التسوق الاجتماعي مازال في مراحله الأولى، إلا أن الأبحاث تشير إلى أنه قد ينتج عنه إيرادات بقيمة 165 مليار دولار عالمياً بحلول عام 2021.

وسيتعين على العلامات التجارية الساعية إلى استقطاب هؤلاء المستهلكين، إلى تفعيل إستراتيجياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي والانتقال من زر «الإعجاب» إلى زر «الشراء»، مع وضع منتجاتهم على بعد نقرة فقط عن المتسوقين الحاذقين.

3 - الأخضر هو الأسود الجديد: شهدت الأعوام الأخيرة زيادة في أهمية التسوق الأخلاقي، ويعبر معظم الناس اليوم عن اهتمامهم بالمنتجات الصديقة للبيئة وذات التوجه الأخلاقي.

وما يفرض على العلامات التجارية الراغبة بالنجاح تجارياً تلبية هذه التوقعات الاستهلاكية الجديدة، وفي حين أن الشركات الكبيرة تعمل على ذلك، فإن الشركات الصغيرة أيضاً تنظر في النظام البيئي للمشترين والموردين لضمان استيفاء الجميع لمعاييرهم، وهذا ليس أمراً مستغرباً، إذ إن فشل شركة واحدة في تعاملها مع المستهلكين، يضع سمعة بقية الأطراف على المحك تماماً كالتأثير الذي يحدثه الدومينو.

4 - تجاوز التجارة للحدود: من المتوقع أن تبلغ مساهمة الخدمات، مثل السياحة والتمويل والتعليم في التجارة العالمية نحو 25 في المئة بحلول عام 2030.

وتوفر التكنولوجيا الرقمية المزيد من الوصول إلى الأسواق الجديدة، وتتيح للشركات الصغيرة فرص التوسع افتراضياً، دون الحاجة إلى وضع قدم في الخارج، إنه تغير في قواعد اللعبة التجارية، يجعل من التوسع القائم على ضغطة زر أشبه بذاك الذي كان سائداً، ويعتمد على وضع لبنات البناء بعضها فوق بعض.

5 - سلسلة الكتل: يستخدم نحو 0.5 في المئة من سكان العالم اليوم سلسلة الكتل (أو تكنولوجيا قاعدة البيانات الموزعة)، ومع تسارع اعتمادها في معظم الصناعات، يتوقع الخبراء أن تصبح قيمة السوق نحو 20 في المئة، أو مليار دولار بحلول عام 2024.

ورغم أن بعض الشركات تتمتع بالريادة في استخدام التكنولوجيا، إلا أن على جميع القادة معرفة كيفية تطبيق سلسلة الكتل في قطاعهم، وما هي المفاهيم المثبتة التي تم تطويرها، وما إذا كان هناك أي مشاريع تعاونية يمكنهم الانضمام إليها.

6 - مواصلة مسيرة الذكاء الاصطناعي: يواصل «الذكاء الاصطناعي»، أحد المصطلحات التكنولوجية الأخرى السائدة حالياً، ولوجه إلى عالم الأعمال، ومن المتوقع أن تدعم روبوتات الذكاء الاصطناعي (التطبيقات التي تؤدي المهام المؤتمتة) نحو 85 في المئة من تفاعلات الخدمة الاستهلاكية بحلول عام 2020، ما يعني إمكانية مساهمة هذه التكنولوجيا بزيادة الإنتاجية بمقدار 40 في المئة على الأقل بحلول عام 2035.

وتشمل الاستخدامات الواعدة جداً للأعمال تجزئة العملاء، التي يتم فيها استخدام تحليلات متقدمة، لتحديد اتجاهات العملاء الجديدة، وشرائح أو مجموعات الأشخاص المرجح اهتمامهم بمنتج معين.

إن قادة الأعمال الذين لا يكتفون بفهم هذه الاتجاهات، وإنما يعملون بناء عليها هم من سيحصل على الميزة التنافسية على الأغلب، لأن تحصين مستقبل شركتك على المدى البعيد سيساعدك على الفوز بعملاء جدد، واستقطاب ألمع المواهب والتنبؤ بمكامن أفضل الفرص.

ويعتبر هذا الأمر شائعاً لدى جميع الشركات الناجحة، بدءاً من المشاريع الصغيرة وحتى أكبر الشركات متعددة الجنسيات.

© Al- Rai 2018