من ليزا بارينجتون

بيروت 14 أكتوبر تشرين الأول (رويترز) - بات عدد النوافذ المظلمة يفوق تلك المضيئة في شوارع أحياء بيروت الساحلية وبوسط المدينة في الليل الهادئ، في مؤشر على ما يعاني منه لبنان من ركود اقتصادي وعقاري منذ فترة طويلة.

وتستهدف أول منصة للاستثمار العقاري في لبنان حاليا هذه العقارات الراقية غير المباعة، ويأمل مؤسسوها بإنعاش القطاع الذي كان في يوم من الأيام محركا رئيسيا للاقتصاد اللبناني.

وتقول شركة ليجاسي سنترال، التي تهدف لجمع مليار دولار على ثلاث مراحل تبلغ قيمة كل منها نحو 325 مليون دولار، إنها ستستثمر في الشقق التي يجد المطورون العقاريون صعوبة في بيعها منذ سنوات، وستبيعها للجالية اللبنانية الكبيرة في الخارج.

وقال مسعد فارس رئيس مجلس إدارة ليجاسي سنترال لرويترز "يوجد عدد كبير من الشبان اللبنانيين المقيمين في لندن تحديدا يمثلون سوقا مستهدفة ممتازة"، مضيفا أن منصة الاستثمار تتوقع أول إغلاق لها بحلول نهاية العام.

وتراجعت الأنشطة العقارية وأسعار العقارات منذ اندلاع الحرب في سوريا المجاورة في 2011 التي أدت لتصاعد التوترات السياسية إقليميا ومحليا وتسببت في لجوء ما لا يقل عن مليون شخص للبنان.

وقد يكون الركود بدأ في العقارات الفاخرة، لكنه تفشى في السوق ككل، حيث تضررت الثقة والقدرة الشرائية جراء الركود الاقتصادي والفراغ السياسي.

وفي عام 2013، نصح مجلس التعاون الخليجي مواطنيه بعدم السفر إلى لبنان، ومنذ ذلك الحين يبيع أثرياء الخليج عقارات في المقصد السياحي الذي كان رائجا في السابق ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أكثر تحررا من دول عربية أخرى على الصعيد الاجتماعي.

ويمثل ذلك تغيرا ملموسا عن سنوات شهدت ازدهارا في الفترة بين 2008 و2010 حين كانت الأموال الخليجية واللبنانية تبحث عن ملاذ آمن من الأزمة المالية العالمية واستثمرت في شراء منازل ثانية فخمة.

وعجز اللبنانيون، ومن بينهم العاملون في الخليج وأفريقيا الذين تضررت أوضاعهم المالية من انخفاض أسعار النفط والمصاعب الاقتصادية، عن تعويض القدرة الشرائية لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي.

وضرب أحد الوكلاء العقاريين مثلا بمالك شقة في منطقة حيوية بوسط بيروت خفض السعر الذي يطلبه لبيع الشقة إلى 2.5 مليون دولار هذا الصيف بعدما عجز على مدى ثلاث سنوات عن بيعها مقابل 3.5 مليون دولار.

* طلب المغتربين

تقول رامكو للاستشارات العقارية إن هناك ما يصل إلى أربعة آلاف شقة فخمة جديدة لم يتم بيعها في بيروت حتى الآن، في حين ذكرت مصادر مصرفية وعقارية أن البنوك تعيد جدولة الديون المتعثرة.

وهنا تأمل منصة الاستثمار ليجاسي وان، التي تديرها شركة ليجاسي سنترال، بأن تحدث تأثيرا عن طريق استغلال طلب اللبنانيين المغتربين الذين يبحثون عن شيء يربطهم بوطنهم من خلال استثمار ميسر وبأسعار أقل.

وقال فارس الذي تعاون مع نمير قرطاس رئيس جمعية مطوري العقار في لبنان "كانوا بحاجة لثقة أكبر في المطور وتقليص الأعمال الورقية وزيادة خدمات ما بعد البيع. يحتاجون للتعامل مع جهة واحدة".

وذكر قرطاس أن ليجاسي بدأت بالبحث بين العقارات غير المباعة التي تبلغ قيمتها في حدود مليوني دولار، ولكنها تبحث الآن في نطاق بين 500 ألف و600 ألف دولار وربما أقل.

وقال فارس إن المطور الذي يشيد مبنى سكنيا يضم 30 شقة في بيروت قد يعجز عن بيع 20 شقة على مدى عامين، بينما يدين للبنك بنحو عشرة ملايين دولار في حين يحتاج إلى مليون دولار أخرى لاستكمال البناء كي يتمكن العملاء الحاليون من الانتقال للإقامة بالمبنى.

وتابع "البنك يضغط عليه وهو يحتاج للمال. المطور في وضع صعب حقا ونحن نتدخل لإنقاذه".

ويمكن للبنوك مقايضة انكشافها على قروض تمويل المشروعات المتعثرة بسندات تصدرها منصة الاستثمار ليجاسي وان، التي لا يمكن أن يطلق عليها وصف صندوق بالتحديد لعدم وجود إطار قانوني لصناديق الاستثمار في لبنان.

والمنصة حاصلة على ترخيص من هيئة الأسواق المالية لتلقي استثمارات من المستثمرين اللبنانيين، وتوقع لوسيد انفستمنت بنك أن يبلغ معدل العائد الداخلي 15 بالمئة خلال فترة الاستثمار الأولية البالغة خمس سنوات.

(إعداد هالة قنديل للنشرة العربية - تحرير عبد المنعم درار)