السعودية

وزير العمل السعودي الجديد.. الرهان على إقناع القطاع الخاص بخطط التوطين

Reuters Images/Faisal AlNasser
Reuters Images/Faisal AlNasser
Reuters Images/Faisal AlNasser
القطاع الخاص لايزال يبحث عن الاستقدام من الخارج بكل السبل، حيث قارب عدد من تم استقدامهم من الخارج العام قبل الماضى أكثر من 1.7 مليون وافد.
PHOTO
لم يكن مستغربا تجديد الدماء في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، بتعيين المهندس أحمد الراجحي وزيرا جديدا بعد الدكتورعلى الغفيص، في محاولة لتسريع تطبيق الرؤية وإحداث الاختراق المنشود في قضايا العمل الشائكة منذ أكثر من 30 عامًا.. وعلى الرغم من عشرات القرارات التي تم اتخاذها من أجل دعم التوطين، إلا أن القطاع الخاص لايزال يبحث عن الاستقدام من الخارج بكل السبل، حيث قارب عدد من تم استقدامهم من الخارج العام قبل الماضى أكثر من 1.7 مليون وافد.. والمؤمل أن يسهم هذا القرار في إحداث نقلة نوعية في توطين السعوديين في القطاع الخاص، التحدى الرئيس الذي يواجه الراجحي في المرحلة المقبلة، في ظل ارتفاع عدد الخريجين إلى أكثر من ربع مليون سنويا، فيما المتوفر من وظائف لا يرتقي إلى هذا العدد.. ويبقى في إطار الملفات المعلقة أيضا إجازة اليومين وساعات العمل الطويلة التي يثور الجدل حولها منذ أعوام بدون حسم نهائي.

تعزيز الشراكة والاستفادة من تجارب القطاع الخاص

وإذا كان القرار يعكس رغبة في الاستفادة من تجارب القطاع الخاص الرائدة على خلفية الخبرات، التي يتمتع بها الراجحي في قطاعات المياه والطاقة والبنوك وغيرها، فالمؤمل أن تكون الاستجابة قوية لطروحات الراجحي المنغمس في اشكاليات القطاع الخاص منذ سنوات طويلة لعمله رئيسًا لغرفة الرياض، ثم مجلس الغرف السعودية المعني ببلورة طموحات وآمال القطاع الخاص بأسره.

تجربة مريرة في التوطين

وعلى الرغم من تعدد التحديات التي تواجه الراجحي، إلا أن الخبراء يرون أن الرهان الأكبر عليه ينبغى أن يكون تحت سؤال عريض هو «هل سينجح في توجيه بوصلة القطاع الخاص، الذي ينتمى له إلى الاستعانة بالسعوديين وذلك بعد سنوات طويلة من ادمان العمالة الوافدة».

ولعل الذاكرة تحفظ لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية الأسبق ورئيس مجلس القوى العاملة، قبل أكثر من 15 عاما إعرابه عن أسفه الشديد لتواضع السعودة في القطاع الخاص وعدم تجاوزها نسبة 1%، وذلك على الرغم من الجهود والقرارات التي أقرتها الدولة لدعم التوطين في ذلك الوقت ومنها منح الأولوية للشركات الملتزمة بالسعودة في عقود المشروعات.

التعويل على استجابة رجال الأعمال

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، وجب السؤال، كيف ستكون الاستجابة من جانب القطاع الخاص مع الراجحي في مهامه الجديدة، وهل غالبية القطاع على استعداد للتضحية بأرباحهم بعض الشيء من أجل دعم قضية السعودة.

«انقلاب أبيض» في مسار البطالة

ولاشك أن الراجحي مطالب في بداية عمله بالتركيز على الأولويات، وإحداث مايمكن أن نطلق عليه «انقلاب أبيض» في مسار البطالة الذي ارتفع إلى قرابة 13%، وذلك على الرغم من الخطط الموضوعة للهبوط بهذه النسبة إلى 9% في عام 2020 و7% في عام 2030.

وفي ظل اكتفاء القطاع العام وتشبعه بالبطالة المقنعة من وجهة نظر البعض، بات التحدى هو زيادة القدرة الاستيعابية بالقطاع الخاص من خلال رفع جاذبية الكوادر السعودية لجعلها مطلوبة بشكل أكبر لدى رجال الأعمال، بدلا من التهرب من توطينها بكل السبل.. وإذا كان الجميع على قناعة تامة بأهمية مكافحة البطالة، كأحد متطلبات الأمن الوطنى الرئيسية، فإن الرؤية الموضوعية تؤكد أن القطاع الخاص ربحي وتوظيفه العمالة ينطلق من حاجته الفعلية وخططه الربحية، وبالتالي فإن الهدف الرئيس للوزير يبقى هو رفع كفاءة السعوديين وإقناع رجال الأعمال بتوظيفهم كخيار لابديل عنه.

تحديات التوطين تبدأ بالتأهيل النوعي

ولاشك أن التحديات المناطة به كبيرة ومن أبرزها

1- رفع كفاءة العمالة الوطنية، وإعادة النظر في برامج التأهيل، ومايرتبط بذلك من رفع مستوى الخريجين في اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي ومهارات سوق العمل

2- ترشيد الاستقدام والتركيز على الاستفادة من العمالة الموجودة في المملكة من خلال التوسع في التأجير.

3- تشديد العقوبات على ممارسي السعودة الوهمية، وذلك من واقع بيانات التأمينات الاجتماعية التي تشير إلى تسرب أكثر من 30% من العمالة بعد انتهاء فترات الدعم.

4- إعادة النظر في آليات الدعم والتركيز على توجيهه إلى الشباب الباحث عن فرص عمل بدلا من الشركات، التي فرغ أغلبها خطط التوطين من محتواها بشكل كبير، وبات الهم الأول بالنسبة لها هو الحصول على تأشيرات لاستقدام العمالة الوافدة من الخارج.


وفي النهاية تبقى كلمة، لكل أطراف علاقة العمل، هى أن روحًا جديدة لابد أن تسود القطاع من خلال مقاربة مغايرة للسياسات التي تم تطبيقها مؤخرا، ولعله من حسن الطالع أن غالبية برامج الدعم التي يقدمها صندوق الموارد البشرية مازالت تحت التطوير حاليًا، وليكن المعيار الصالح العام وأمن الوطن بعيدا عن أي مصالح ضيقة للبعض.
© Al Madina 2018