من سيلفيا وستال وباميلا بارباليا

دبي/لندن 5 يونيو حزيران (رويترز) - يعد مستثمرو دول الخليج العربية من أكبر مشتري العقارات البريطانية لكن مصادر من رجال القانون والاستثمار يقولون إنهم يحجمون عن عقد صفقات جديدة بسبب الخوف من انهيار أسعار العقارات إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

كان المستثمرون السياديون ومستثمرو القطاع الخاص من قطر والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة يكثرون من شراء الأصول البريطانية في العشر سنوات الأخيرة وقد اقتنصوا عقارات بمليارات الدولارات معظمها في لندن.

وقال محام في لندن يعمل مع بعض أضخم الصناديق الخليجية "تخشى صناديق الثروة السيادية من أن يضرب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بمعوله في السوق العقارية بلندن." ورفض نشر اسمه نظرا للطبيعة الحساسة لعمله.

وقال "سيتدهور الوضع أكثر إذا كان التصويت بالانسحاب."

وبحسب شركة السمسرة العقارية نايت فرانك تراجعت قيمة العقارات السكنية بالمناطق الراقية التي يفضلها المستثمرون الخليجيون - مثل تشيلسي وساوث كنسنجتون ونايتسبريدج - بين 3.5 و7.5 بالمئة على أساس سنوي في مايو أيار.

وللشركات العائلية الخليجية ومستثمرو القطاع الخاص من المنطقة نشاط كثيف في عقارات لندن.

وقال أميت سيث مدير المشاريع العقارية العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في تشسترتونز وهي شركة سمسرة عقارية تركز على لندن إن المستثمرين من الإمارات العربية المتحدة شاركوا بأكثر من 20 بالمئة من صفقات شراء العقارات لتأجيرها في بريطانيا عام 2015.

وقال سيث المقيم في دبي مشيرا إلى مستثمري القطاع الخاص الخليجيين في العقارات السكنية "يبدو واضحا في الوقت الحالي أن الناس أكثر ترددا بعض الشيء فيما يتعلق بالاستثمار بسبب الاستفتاء على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي."

وقال إن المستثمرين مازالوا يبحثون الفرص ويناقشونها مع شركته لكنهم لا يبرمون صفقات.

كان مارك كارني محافظ بنك انجلترا المركزي قال في ابريل نيسان إنه في ظل عدم وضوح الأثر الدقيق على الاستثمارات الخليجية فإن التدفقات الإجمالية لرؤوس الأموال الأجنبية على العقارات التجارية في بريطانيا قد توقفت في الأشهر الثلاثة الأولى من 2016. وفي الأسبوع الماضي أظهرت الإحصاءات تراجع استثمارات الشركات في أوائل 2016.

* معالم لندنية

وقالت المصادر إن لدى المستثمرين الخليجيين بواعث قلق أوسع نطاقا فيما يتعلق باستثماراتهم في قطاعات أخرى والطريقة التي قد يؤثر بها التصويت المحتمل لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي في استفتاء 23 يونيو حزيران على الاقتصاد.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته يو جوف لصالح صحيفة تايمز تساوي كتلتي مؤيدي "البقاء" و"المغادرة" يوم الأربعاء.

وقال مسؤول حكومي خليجي كبير إنه لا يوجد ما ينبئ بأن مستثمري الأجل الطويل الخليجيين سيتخارجون بأعداد غفيرة من الأصول إذا صوت البريطانيون لصالح الخروج لكن الكثيرين يساورهم القلق بشأن أثر ذلك على المحافظ والتداعيات الاقتصادية عموما.

وقال المسؤول "بالطبع نحن قلقون بشأن ما سيحدث إذا قرر البريطانيون ترك الاتحاد الأوروبي. نتوقع أثرا سلبيا على استثماراتنا في المملكة المتحدة لأن (أسعار) البيع ستنخفض ولأن بنوك انجلترا ستواجه بعض المصاعب."

وقال توبياس إلوود المسؤول بوزارة الخارجية البريطانية عندما طلب منه التعليق على مخاوف المستثمرين الخليجيين إن استفتاء الاتحاد الأوروبي حدث كبير جرت مناقشته في إطار مشاورات ثنائية منتظمة تغطي شتى المجالات.

لكنه أضاف قائلا لرويترز في العاصمة القطرية الدوحة يوم 21 مايو أيار إن الأمر "لم يطرح بأي شكل فيما يتعلق بالتأثير على فرص الاستثمار الآخذة في التنامي."

كان الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء القطري السابق ومدير الاستثمار الذي يشرف على جزء كبير من استحواذات البلد العربي الخليجي في بريطانيا قد تحدث علنا ضد التصويت بالانسحاب.

وأبلغ رويترز "جميعنا في الشرق الأوسط نريد أن نرى أوروبا قوية ونعتقد أن التكامل الاقتصادي شرط أساس لكي تصبح أقوى. في الواقع نعتقد أن المملكة المتحدة لا ينبغي فقط أن تظل جزءا من الاتحاد الأوروبي بل أن تقوده أيضا" واصفا مدينة لندن بأنها "العاصمة المالية للعالم".

وقطر من أكبر المستثمرين في لندن حيث تملك معالم مثل ناطحة السحاب شارد ومتجر هارودز والقرية الأولمبية إلى جانب فنادق فاخرة. وهي تقود اتحادا اشترى الشركة المالكة لحي المال والأعمال كناري وارف العام الماضي.

وفي حين عمد صندوق الثروة جهاز قطر للاستثمار إلى تنويع محفظته بدلا من التركيز على أوروبا متجها صوب زيادة الاستثمار في الولايات المتحدة وآسيا في العامين الأخيرين فمازالت له استثمارات ضخمة في بريطانيا بحصص في باركليز ورويال داتش شل وسينسبري.

وقال مصرفي قطري كبير يعمل مع مستثمرين سياديين ومستثمرين من القطاع الخاص إنه إذا صوتت بريطانيا لصالح الانسحاب "فسترى ضربة عنيفة للاستثمارات".

وقال إن المستثمرين مازالوا يعكفون على التفاصيل دون وضع اللمسات الأخيرة إلى أن تتضح الصورة. وقال "يترقبون ما سيحدث لكن الناس مازالوا يعكفون على أشياء جديدة لأن إنجازها يستغرق شهورا."

* كناري وارف

وفقا لمعهد صناديق الثروة السيادية تبلغ قيمة الأصول العالمية تحت إدارة جهاز قطر للاستثمار 256 مليار دولار. وللصندوق سبعة مليارات دولار على الأقل مستثمرة استثمارا مباشرا في أسهم متداولة ببورصة لندن التي يملك الصندوق 10.3 بالمئة فيها بحسب بيانات تومسون رويترز.

كان الشيخ حمد قال في ابريل نيسان إن إجمالي الاستثمارات القطرية في بريطانيا حوالي 30 مليار جنيه استرليني (44 مليار دولار) حسبما ورد في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز.

والهيئة العامة للاستثمار الكويتية التي تبلغ قيمة الأصول تحت إدارتها 592 مليار دولار وفقا لمعهد الصناديق السيادية مستثمر كبير أيضا من خلال مكتبها في لندن. وفي 2013 قالت الهيئة إن الصندوق عزز استثماراته في بريطانيا لأكثر من مثليها على مدى العشر سنوات السابقة إلى أكثر من 24 مليار دولار.

وشأنها شأن قطر تملك الكويت معالم لندنية مثل مشروع مور وان المطل على ضفة النهر ويضم مقر رئيس البلدية إلى جانب مبان في كناري وارف. وتركز الهيئة على استثمارات البنية التحتية من خلال وحدتها رين هاوس لإدارة البنية التحتية التي تأسست عام 2013.

وقال فابيو سكاتشيافيلاني كبير الاقتصاديين بالصندوق العماني للاستثمار الذي يقول معهد الصناديق السيادية إن الأصول تحت إدارته ستة مليارات دولار إن عدم الوضوح بخصوص الإطار القانوني والتنظيمي في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو مبعث قلق لأي مستثمر كبير في بريطانيا.

وقال "إذا كانت صناديق الثروة السيادية بالمنطقة قد استثمرت في الأصول البريطانية فمن الطبيعي أن يساورها القلق على توقعات عوائدها في المدى الطويل" مضيفا أن معظم الصناديق سترجئ قراراتها لما بعد الاستفتاء.

وأضاف "خروج بريطانيا ينطوي على فترة تأقلم طويلة وقد تكون شائكة إذ سيتعين على المملكة المتحدة إجراء مفاوضات بخصوص العلاقات التجارية."

كان تقرير نشرته الخزانة البريطانية في ابريل نيسان توقع تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين عشرة و26 بالمئة بعد 15 عاما في حالة مغادرة الاتحاد الأوروبي مقارنة بها في حالة البقاء بالعضوية.

وقال رجل أعمال سعودي يلتقي بشكل منتظم بالمسؤولين الخليجيين إن كل دول الخليج العربية يساورها القلق من احتمالات التصويت لصالح الانسحاب من الاتحاد. وقال إنه جرى إبلاغ الحكومة البريطانية بشكل غير رسمي وعلى عدة مستويات بتلك المخاوف مضيفا أن الخروج سيؤثر على الاستثمارات.

(الدولار = 0.6810 جنيه استرليني)

(شارك في التغطية وليام ماكلين وهديل الصايغ وتوم أرنولد وديفيد فرنش في دبي ووليام جيمس في لندن - إعداد أحمد إلهامي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)