أجمع عدد من الاقتصاديين والقانونيين على جدوى الاندماج بين «بيت التمويل الكويتي (بيتك) ومجموعة الأهلي المتحد - البحرين، بالنسبة لمساهمي المجموعة الكويتية.
وخلال ندوة في كلية الحقوق بجامعة الكويت، أكد هؤلاء أن لا تضارب مصالح في الصفقة، مشدّدين في الوقت نفسه على أنه «ليس هناك ثمة حديث عن تعارض المصالح ما لم يكن هناك ضرر ثابت في مصلحة الشركة».

من ناحيته، قال رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات، جاسم السعدون، إنه طُلب من المستشار العالمي «غولدمان ساكس» أن يبحث في خيارات الاندماج أو الاستحواذ، وقدم عرضاً بنحو 27 هدفاً، تم اختصارها إلى 3 أهداف، مشيراً إلى أنه«قد لا يكون الأهلي المتحد الخيار الأفضل مالياً، ولكن احتمال إتمام العملية مع الخيارين الآخرين كان مستحيلاً، في حين بدا (المتحد) يفي بالغرض، إذ إن هناك تجانساً بين الملاك».

وأضاف السعدون أنه على مدى سنتين ونصف السنة كان «الشال» يحاول الإجابة عن سؤالين أساسيين هما، هل في الاستحواذ مصلحة ظاهرة لمساهم «بيتك» إذ كنا نبحث عن العائد المالي المباشر وغير المباشر للمساهم، إلى جانب السؤال الآخر، وهو هل في الاستحواذ توافق مع أهداف الاقتصاد الكلي، وهو ما يبحث في العائد للاقتصاد الكلي للدولة.
وأكد أن الاقتصاد الكلي سيحقق استفادة كبيرة من عملية اندماج «بيتك» و«الأهلي المتحد»، وذلك في إطار تحول الكويت إلى مركز مالي إقليمي في المنطقة عبر إنشاء كيان مالي مصرفي كبير، مشيراً إلى ضرورة إيجاد مصارف ضخمة في الكويت، وذلك في إطار الخطة الاستثمارية للدولة في قطاع النفط، وكذلك رؤية «كويت جديدة 2035» التي تستهدف استثمار 900 مليار دولار.
ولفت إلى أن إنشاء كيان مصرفي إسلامي موحد يعمل في 9 أسواق، سيكون قادراً على تصدير العمالة الكويتية، معتبراً أن تحول الكويت إلى مركز مالي منافس يعتبر هدفاً رئيساً للمشروع التنموي الرسمي للدولة، كما أن المراكز المالية تحتاج مؤسسات مالية ضخمة، مبيّناً أن تحول الكيان الموحد إلى أكبر المصارف الكويتية في حجم أصوله، وسادس مصرف في الخليج، يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح.

وذكر أن مشروعات التنمية المعلنة ضمن رؤية «كويت جديدة» تحتاج إلى مؤسسات مالية ضخمة قادرة على المساهمة في تمويل مشاريع بقيمة 900 مليار دولار، كما أن اتساع سوق الكيان الموحد في 9 أسواق سيعزّز قدراته في اكتساب خبرات جديدة، وخفض مخاطر أعماله، وخلق فرص عمل نوعية.
وأشار إلى أن الاستحواذ يعني انتقال المقر الرئيسي للكيان الموحد إلى الكويت وتحت رقابة «المركزي»، لافتاً إلى أن الكويت تفرض على القطاع المالي نسباً مرتفعة من «التكويت» والتي تبلغ 70 في المئة حالياً.

وأوضح أن «هناك علاقة طردية بين حجم المصرف، وقدرته على توظيف أكثر التقنيات وأساليب الإدارة المتطورة، ويسعفه على ذلك قاعدته الرأسمالية العميقة، وموقفه التفاوضي، وهو أمر يحتاجه الاقتصاد في ظل المنافسة الشرسة».

ونوه إلى أن مشروع الاندماج سيسهم في ردم فجوة خلل الإنتاج في هيكل الاقتصاد، أو زيادة مساهمة القطاع الخاص في تكوينه، بالإضافة إلى أنه سيسهم في المستقبل أيضا بردم فجوة الخلل المالي عند الرغبة في فرض ضرائب أرباح أو دخل.

الصيرفة الإسلامية 
ورأى السعدون أنه «سيسدّ الخلل في ميزان العمالة، وهو ما سيدعم موقع الكويت كمركز مالي وتجاري، كما سيعزز فرص تطوير المصرفية الإسلامية محلياً، ويخفّض تكاليف الخدمة كما يطورها في آن معاً».
وأضاف أن الكيان الجديد بعد الاندماج سيكون مملوكاً بنسبة 37.7 في المئة لـ 4 مؤسسات حكومية وشبه حكومية، لافتا إلى أن المؤسسات العامة وشبه العامة تملك حالياً في «بيتك» نحو 48.05 في المئة، وأكبر مالك في «الأهلي المتحد» هي مؤسسة التأمينات الاجتماعية بنحو 18.69 أيضاً، وملكية الاثنين في الكيان الموحد ستبلغ نحو 37.68 في المئة بعد إضافة نحو 6.6 في المئة لـ «التأمينات».
وأضاف أن المصارف الكويتية تحل في المرتبة الرابعة بين المصارف الخليجية لجهة حجم أصولها، حيث تستحوذ على 12.2 في المئة، فيما تستحوذ المصارف الإماراتية على 31.1 في المئة، والسعودية 26.4 في المئة، والقطرية على 20.4 في المئة.
وفي هذا السياق، اعتبر السعدون أنه «على الرغم من الريادة المصرفية للكويت، إلا أنها تأخرت في الاندماجات، وإذا لم يتم تنفيذ هذا الاندماج، فإن هناك عمليات أخرى ستتم في الخليج بحجم أكبر من اندماجنا، وستسبقنا بصورة تقلل من قدرتنا التتافسية».

امتصاص الصدمات 
ولفت إلى أن وجود كيان مصرفي ضخم موحد وكبير يزيد من قدرته على امتصاص الصدمات ومواجهة المخاطر، مبيناً أن المصارف الإسلامية عمرها 6 عقود فقط، بينما المصارف التقليدية فيبلغ عمرها 6 قرون، إلا أن البنوك الإسلامية قادرة على تحقيق نمو كبير في المستقبل.
وقال «عند تحليل بيانات (بيتك) لاحظنا أن سهم البنك حقق أعلى سيولة في البورصة خلال 2018، وارتفع سعره بنسبة 6.3 في المئة، فيما بلغ معدل دوران السهم 16.6 في المئة، بينما كانت سيولة (الأهلي المتحد) جيدة، في حين بلغ معدل دوران السهم 13.9 في المئة».

بوعركي 
من جهته، قال أستاذ القانون الجنائي لأسواق المال في كلية الحقوق بجامعة الكويت، الدكتور حسين بوعركي «ليس هناك ثمة حديث عن تعارض المصالح ما لم يكن هناك ضرر ثابت في مصلحة الشركة».
وأضاف «وحول إذا ما كانت الصفقة تحقق مصلحة الشركة، وهناك مساهمون كبار قد يستفيدون، فإن المعيار الحاكم هو عدم الإضرار بمصلحة الشركة، ما يعني أن توافق المصالح لا يعني وجود حالة تعارض مصالح».
وشدّد على أن «مسألة تعارض المصالح هي أمر بالغ الدقة وليست هامشية، وأن هناك قوانين عدة تحكم الأمر، لاسيما وأن هناك مؤسسات رقابية منوط بها مراقبة عملية الاندماج».
ولفت إلى أن تنظيم العملية يتم عبر الفحص النافي للجهالة، والذي يتضمن الموقف القضائي لكلا البنكين، والتدفقات المالية، والأصول والخصوم، منوهاً إلى ضرورة دراسة الموقف القضائي للبنكين لمعرفة القضايا المرفوعة عليهما، خصوصاً وأن هناك بنوكاً عالمية قد سدّدت للحكومة الأميركية نحو 76 مليار دولار خلال الـ 25 سنة الماضية كجزاءات جنائية رغم أنها ليست أميركية، ولا تعمل داخل الولايات المتحدة.

الموسى 
من جهته، شدّد رئيس مجلس الإدارة السابق في البنك التجاري، علي الموسى «نحن في الكويت بحاجة إلى (ميغا بنك) إذ بات أمرا أكثر من ضروري خصوصاً وأن العملية المصرفية عالمياً تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة جداً»، منوهاً إلى أن المصارف تحتاج إلى حجم عمالة ضخم، وهو ما قد يتحقق مع عملية الاندماج، وأنا شخصياً مؤيد لعملية الدمج، لاسيما أننا متأخرون في العمل المصرفي الإسلامي».
وأكد أن «المركزي» لن يسمح بمرور الصفقة دون تدقيق، كما أن من الممكن أن يكون هناك مصالح لأطراف عدة بشرط ألا تكون على حساب الآخرين، مبيّناً أن «المركزي البحريني» ذو مهنية عالية، ولن يغامر في عملية بهذا الحجم.

المطيري
من جهة ثانية، قال عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق بجامعة الكويت، الدكتور محمد المطيري، إن «بداية الصفقة تمت من خلال توقيع مذكرة تفاهم لخلق كيان جديد في 16 يوليو 2018 يضم الأصول والديون في الشركة الجديدة دون الأخذ بعين الاعتبار المعلومات التي يحتاجها المستثمر العادي لكي يبني عليها قراره الاستثماري.

الثقة بالصفقة

أكد السعدون أنه «في حال وجود ملكيات مستترة، أو معلومات غير معلنة، أو تعارض في المصالح يُعد الأمر جريمة. ولن أقف معها ويجب أن يعاقب من ارتكبها». وبيّن أن حصيلة الاندماج تعتبر إيحابية، ولها العديد من الفوائد والمصالح رغم احتمالية وجود بعض المخاطر، إلا أن «المركزي» سيعمل على دراسة تلك المخاطر، لاسيما وأن الصفقة مرت بـ 12 مرحلة تم التدقيق خلالها، وسيتم التدقيق على بقية المراحل.


لا يمكن البناء على شكوك 

تطرق الموسى خلال الندوة إلى كيفية اتخاذ القرار، قائلاً «لا توجد عملية اندماج بمثل هذا الحجم دون وجود مخاطر، ولكن في الوقت ذاته لا يمكن البناء واتخاذ القرار وفقاً لشكوك أيضاً»، مؤكدا أنه«لا توجد تجارب سيئة في قطاع البنوك لأنها أموال الأفراد وليس لدينا غشمرة في البنوك».


موافقة « المركزي» على «النافي للجهالة»
 
أعلن «بيتك» في إفصاح على موقع البورصة، موافقة «المركزي» المبدئية على إجراء أعمال الفحص النافي للجهالة الخاص بصفقة استحواذ«بيتك»على البنك الأهلي المتحد - البحرين.

© Al- Rai 2019