من إيهاب فاروق

القاهرة 26 يوليو تموز (رويترز) - قال وزير التموين المصري خالد حنفي إن بلاده وقعت تسهيلا إئتمانيا بقيمة ثمانية مليارات جنيه (901 مليون دولار) مع عدد من البنوك الحكومية لصالح هيئة السلع التموينية لتوفير شراء الأرز والسلع الأساسية.

وأضاف حنفي في مقابلة مع رويترز أن الحكومة ستتمسك بتطبيق منظومة القمح التي تسمح بشراء القمح من الفلاحين بالسعر العالمي مقابل تقديم دعم نقدي لصغار المزارعين وذلك خلال الموسم المقبل بعد أن ضغط مجلس النواب لعدم تطبيقها في الموسم المنصرم.

وكشف حنفي عن أن عقد شركة بلومبرج جرين التي تطور الصوامع وفقا للتكنولوجيا المتطورة كان للمرحلة الأولى فقط من عملية التطوير لكن الشركة القابضة للصوامع رفضت فنيا وماليا عرض بلومبرج لتطوير المرحلة الثانية.

وتزود بلومبرج جرين التابعة لشركة أمريكية قابضة تعمل أيضا في الصلب والعقارات الدول النامية في أنحاء العالم بأنظمة لحماية محاصيل الحبوب. ونجحت في تحويل 105 شون (صوامع) في مصر إلى نظام الكتروني حديث خلال الفترة الماضية بالتعاون مع شركة الزامل السعودية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وأضاف حنفي "37 شونة مما حولته بلومبرج دخل الخدمة خلال موسم القمح في الأشهر الماضية والباقي دخل الخدمة بعد انتهاء الموسم. بلومبرج حولت المرحلة الأولى من الشون وتقدمت بعرض للحصول على المرحلة الثانية لكن القابضة للصوامع رفضت العرض فنيا وماليا وأبلغت الشركة بذلك."

ووجهت بلومبرج اتهامات نشرت في الصحف المحلية لوزارة التموين والشركة القابضة للصوامع بالبيروقراطية وعدم التحرك بسرعة للقضاء على الفساد في ملف القمح كما اتهمت الفلاحين في مصر بالغش واضافة الماء للقمح من أجل زيادة وزنه.

وقالت وزارة التموين إنها اشترت في أحدث موسم للتوريد والذي انتهى في يونيو حزيران نحو خمسة ملايين طن من القمح المحلي وهو ثاني أعلى رقم مسجل ويتجاوز بكثير متوسط التوريد في آخر عشر سنوات والذي تراوح بين ثلاثة ملايين و3.5 مليون طن سنويا.

وقال حنفي "بلومبرج ليست جهة اختصاص حتى تبدي رأيها في وزارة سيادية مصرية أو في الحكومة المصرية أو الفلاح وتتهمه أنه يغش القمح ويغمره بالمياه وتقدر نسبة فساد من ذهنها.

"مصر دولة لها مجلس نواب له أن يقول ما يريد وليس للشركات الأجنبية صاحبة المصلحة أن تحكم على الدولة."

وتحقق مصر أكبر مستورد للقمح في العالم في مزاعم فساد في برنامج شراء القمح المحلي. وقال النائب العام المصري الأسبوع الماضي إن التحقيقات أثبتت حدوث "تلاعب في كميات الأقماح المحلية بإثبات توريد كميات من الأقماح بالدفاتر أزيد من تلك التي تم توريدها فعلا."

وقال حنفي "إذا كانت هناك أي ملاحظات على منظومة القمح الحالية فنحن من بادرنا وطالبنا بتغييرها حتى يصل الدعم للفلاح في يده ونفصل الدعم عن السعر... سيكون هناك اصرار في الموسم المقبل على تطبيق المنظومة."

وتابع قائلا "سيكون أيضا هناك تفاهم مع مجلس النواب إذا كان يريد زيادة أرقام الدعم للفلاح لكن لابد من فصل الدعم عن السعر حتى نزيل أسباب الفساد مثلما فعلنا في منظومة الخبز."

وسعت وزارة التموين لتطبيق منظومة جديدة تقضي بدفع دعم قدره 1300 جنيه (146.4 دولار) للفلاح عن الفدان الواحد وبحد أقصى 25 فدانا على أن تشتري منه القمح لاحقا بالسعر العالمي. لكن هذه المنظومة لم تخرج للنور بسبب اعتراض بعض أعضاء مجلس النواب (البرلمان).

وتبدأ مصر زراعة محصول القمح خلال أكتوبر تشرين الأول ونوفمبر تشرين الثاني من كل عام ويبدأ الحصاد في منتصف أبريل نيسان وينتهي في منتصف يوليو تموز.

وقال حنفي لرويترز إنه تم تشكيل ثلاثة أنواع من اللجان احداها من مجلس النواب وواحدة من الرقابة الادارية والوزارة والاخرى من الوزارة فقط وجميعها حررت محاضر مخالفات "قوامها أربعة بالمئة فقط من قيمة محصول القمح."

وأضاف "اللجان ذهبت لجميع الصوامع الخاصة. ولجنة تقصي الحقائق من مجلس النواب ذهبت إلى سبعة مواقع من بينها خمسة مواقع في محافظة الجيزة... ومن بين السبعة هناك أربعة مواقع لنفس الجهة (التي تمتلك الصوامع) وذلك من إجمالي 517 موقعا."

وتجاوزت قيمة محصول القمح المحلي في الموسم الذي انتهي في يونيو حزيران ما يبلغ عشرة مليارات جنيه.

وقال أعضاء لجنة تقصي الحقائق من مجلس النواب في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية إن حجم الفساد في منظومة القمح كبير وربما يصل إلى مليارات الجنيهات.

لكن حنفي قال "لو هناك خلل (تلاعب) بالأرقام التي ذكرت لم يكن ليتوفر للناس لا عيش (خبز) ولا دقيق. وإذا كان الإدعاء أن القمح مستورد كان لازم حجم استيراد القطاع الخاص يزيد بنفس النسبة وهذا لم يحدث."

وبلغت كمية القمح المستورد في 2015-2016 نحو 4.3 مليون طن وفقا لوزير التموين مقابل نحو 4.4 مليون طن في 2014-2015.

وأضاف الوزير "هناك لجنة برئاسة الرقابة على الصادرات والواردات وعضوية وزارة الزراعة والتموين وشركة الصوامع هي المسؤولة عن الاستلام. إذا كان هناك أي اختلاف في القمح المستلم عن المثبت في الأوراق سيكون معروفا أين ومن قام به."

"حق الدولة لن يضيع لأن الجهة التي حدث لديها الاختلاف تكون معروفة وتقوم بدفع الفرق وغرامة، وإذا لم تدفع هناك بوليصة تأمين بخمسة مليارات جنيه (على المحصول كله) ضد خيانة الأمانة."

* تسهيل إئتماني دوار

قال وزير التموين خلال المقابلة التي جرت مع رويترز بمكتبه يوم الاثنين "نضع الآن ضوابط شراء مليوني طن من الأرز الشعير في الموسم الحالي (من المزارعين) والذي يبدأ في أغسطس. وفرنا 8 مليارات جنيه لهيئة السلع التموينية حتى تشتري الأرز وغيره من السلع الأساسية لتحدث توازنات في السوق."

وأوضح أن المبلغ ليس من الدعم أو موازنة الدولة بل خط ائتمان دوار من البنوك الحكومية ومتاح من أول يوليو حتى تكون الهيئة لاعبا أساسيا في السوق وفقا لقواعد العرض والطلب ولضمان استقرار الأسعار في السلع الأساسية مثل الأرز والزيت والشاي والسكر واللحوم والدواجن.

وأضاف حنفي "حصتنا السوقية من الزيت 70 بالمئة ومن السكر حوالي 60 بالمئة. لابد أن يكون لنا قيادة سعرية في السوق في مصلحة المستهلك."

ويبدأ موسم حصاد الأرز في مصر في أغسطس آب ويستمر نحو شهرين.

وأضاف حنفي أن بلاده لديها السعة التخزينية الكافية لشراء مليوني طن من الأرز هذا الموسم لتخزينها بعد أن قامت الوزارة بزيادة الطاقة التخزينية الفترة الماضية بنحو 1.5 مليون طن.

وأوضح أن وزارة التموين تعمل على إضافة طاقة تخزينية بواقع 1.5 مليون طن خلال الربع الأول من 2017 حيث "سيدخل الخدمة 14 صومعة جديدة بتمويل سعودي و10 صوامع بتمويل إيطالي."

وقال الوزير إن احتياطيات بلاده من القمح تكفي حتى منتصف يناير كانون الثاني فيما يكفي الزيت حتى نهاية سبتمبر أيلول والسكر لمدة عام.

وأضاف حنفي أن أسعار السكر العالمية زادت 40 بالمئة الفترة الماضية لكن بلاده مازالت تحافظ على السعر المحلي للمواطن وتحاول استيراد السكر الخام لتعويض الفرق بين الإنتاج والاستهلاك.

وردا على سؤال عن أزمة القمح ومدى صحة أنباء تقدمه باستقالته ومسؤوليته السياسية عما يحدث قال "لم أقدم استقالتي. هذا ليس له أي أساس من الصحة."

وتساءل مستنكرا "ما الخطأ الذي حدث؟ أي مسؤولية سياسية؟ ما هي المسؤولية أو الاتهام الموجه للحكومة حتى لا نفعله مرة أخرى؟ إذا كانت المنظومة غير مقبولة وبها خطأ فنحن من طالب بتغييرها وأعضاء المجلس (النواب) هم الذين رفضوا."

(الدولار = 8.88 جنيه مصري)

(تحرير نادية الجويلي)