أصدر صندوق النقد الدولي تحديثه لآفاق الاقتصاد العالمي المرتبط بأول العام، في ظل تغيرات سريعة وتباينات إقليمية يمر بها العالم. وفيما أبدى الصندوق تفاؤل ورضا حيال بعض التغيرات، أشار من ناحية أخرى إلى ما يثير لديه الحذر والتخوفات. هنا نشير إلى رؤيته باختصار:

أولا: إلى ماذا ينظر الصندوق بعين الرضا؟

- انحسار التضخم العالمي بمعدلات جيدة: يرى الصندوق أن عملية تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات الجائحة ثم الحرب في أوكرانيا تتم على نحو جيد، وأشار هنا تحديدا إلى انحسار التضخم من قمته في 2022 بشكل أسرع من التوقعات السابقة. وإن أبقى الصندوق على تقديراته للتضخم العالمي في 2024 عند 5.8%، جاءت توقعاته المحدثة لسنة 2025 أقل بـ 0.2% مقارنة بتوقعاته في أكتوبر الماضي، عند 4.4%.

- تحسن معدلات النمو نسبيا: رغم بقائه أقل من متوسط الفترة 2000-2019 والتي سجلت 3.8%، يرى الصندوق أن النمو العالمي سيسجل 3.1% في 2024، أعلى بحوالي 0.2% من توقعاته في التقرير السابق، مدفوعا بأداء أفضل من المتوقع لاقتصادات كبرى من الولايات المتحدة، والسياسة المالية التوسعية في الصين. الآفاق الجيدة للنمو مع انحسار نسبي للتضخم يشكلان سويا ما يسميه الاقتصاديون الهبوط الناعم للاقتصاد، أي التمكن من عبور مرحلة ضرورية من معدلات فائدة مشددة – لمحاربة التضخم – دون إضرار جسيم بالنمو والتشغيل.

ثانيا: ممّ يتخوف صندوق النقد؟

- توسع الحرب على غزة إلى صراع إقليمي شامل في الشرق الأوسط: وهي أول مخاطرة أوردها الصندوق في تقريره قد تهدد توقعاته للاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن اشتعال الأحداث في الشرق الأوسط الذي ينتج – وفق تقدير الصندوق – 35% من إجمالي صادرات النفط و14% من إجمالي صادرات الغاز، من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع لاسيما السلع الغذائية والطاقة وتكلفة النقل.

- توعكات الاقتصاد الصيني: تخوف صندوق النقد من أي تدهور قد يحدث في القطاع العقاري المتوعك في الصين، ما قد يلقي – في حال حدوثه – بظلاله على النمو الاقتصادي الصيني وكذلك قد يؤثر على شركائها التجاريين.

- السياسة المالية وتعقيدات الدور المطلوب: يرى الصندوق أن عديد من الدول لديها ضرورة لبرامج صارمة من الضبط المالي وهيكلة الإنفاق الحكومي، وهو أمر مفهوم في ظل تخوفات أزمة ديون تطل بوجهها على عدد من الدول، إلا أن الصندوق يتخوف كذلك من أن البرامج المالية الصارمة قد تؤدي في الأجل القريب لكبح النمو الاقتصادي في تلك الدول، وهو أمر سلبي وله تداعياته حيث تحتاج تلك الدول لمعدلات نمو وتشغيل مناسبة لاعتبارات كثيرة اجتماعية واقتصادية.

(إعداد: إسراء أحمد، المحللة الاقتصادية بشركة فاروس القابضة للاستثمارات المالية بمصر)

#مقالرأي

(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)