حالة من عدم الإتزان تعيشها السينما المصرية في السنوات الأخيرة رغم الانتعاش التجاري الذي تشهده بالإيرادات التي تحققها أفلامها الروائية الطويلة داخليا وخارجيا.

غابت الأفلام المصرية عن المهرجانات المحلية والعالمية واكتفت فقط بالتمثيل المشرف من خلال أفلامها القصيرة التي حفظت ماء وجه هوليوود الشرق في كثير من المحافل والمسابقات السينمائية ومن بينها مهرجان "كان" في دورته الـ 76 الذي انطلق مؤخرا ويستمر في الفترة من 16 وحتي 27 مايو الجاري. وتنافس مصر فيه بفيلمين قصيرين هما "عيسى" للمخرج مراد مصطفى وفيلم "الترعة" للمخرج جاد شاهين.

في الوقت ذاته تشهد صناعة السينما المصرية ظهور تكتلات إنتاجية ساهمت في انتشار الأفلام الضخمة إنتاجيا حيث يضم العمل الواحد أكثر من نجم من نجوم الصف الأول أصحاب الأجور العالية.

هذه التكتلات تتزعمها شركة "سينرجي فيلمز" التي تعد الذراع الإنتاجية الدرامية الأولي للشركة المتحدة المملوكة للدولة والتي تمتلك حق إدارة العدد الأكبر من دور العرض المصرية ومعها مجموعة أخرى من الشركات من بينها شركات حديثة العهد في الإنتاج الفني.   

أفلام جديدة

من المقرر ظهور تلك الأفلام تباعا خلال موسمي الصيف وعيد الأضحي من بين هذه الأفلام "بيت الروبي" الذي يتقاسم بطولته كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز ونور اللبنانية وفيلم "أبو نسب" الذي يجمع بين محمد عادل إمام وياسمين صبري ومعهما ماجد كدواني وفيلم "تاج" لتامر حسني ودينا الشربيني و"الجواهرجي" لمحمد هنيدي ومنى زكي  و"السرب" لأحمد السقا وهند صبري وشريف منير وقصي خولي وعمرو عبد الجليل.

ولكن!!

تعاني المهرجانات المصرية والعربية من أزمة عدم وجود فيلم مصري يشارك  في مسابقاتها وهو ما سبق وصرح به لي مدير مسابقة الأفلام العربية بأحد المهرجانات العربية الكبرى حيث قال: إن العثور على فيلم مصري في المسابقات السينمائية بات أمر صعب بل شبه مستحيل وهي أزمة كبرى لصناعة سينمائية لديها تاريخ كبير في المشاركات والتنافس على الجوائز الدولية . 

كان مهرجان البحر الأحمر السينمائي أعلن في دورته الأخيرة عن مشاركة الفيلم المصري "القاهرة مكة" من بطولة مني زكي ضمن مسابقته لكن أزمة رقابية حالت دون ذلك حيث تم تصويره دون الحصول على تصريح  نهائي من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية في مصر  حيث اعترضت الرقابة على عدد من المشاهد وطالبت بإجراء تعديلات عليها. لكن الجهة المنتجة لم تلتزم بالتعديلات وصورت الفيلم وتقدمت للحصول على إجازة بعرضه وهو ما رفضته الرقابة وطالبت بالالتزام بالتعديلات السابقة قبل منحه الموافقة واضطرت الجهة المنتجة  إلى إعادة تصوير مشاهد جديدة في محاولة لتجاوز هذه الأزمة التي أجلت عرض الفيلم  لشهور طويلة.

لسنوات ظلت شركات الإنتاج تبحث عن الأعمال قليلة التكاليف ذات النجاح المضمون فكان الإعتماد علي نجم جماهيري واحد للفيلم وبقية الأدوار يرشح لها نجوم صف ثان وثالث ورابع  ونادرا ما كانت بطولة الفيلم يتقاسمها أكثر من نجم صف أول  بسبب الخوف من زيادة ميزانية العمل وعدم  تحقيقه النجاح التجاري أو حتى أن يصل الفيلم إلى رقم الميزانية التي أنفقت في سبيل إنجازه وهو ما يطلق عليه السينمائيون  "كيت ".

لاشك أن الانتعاشة الفنية والترفيهية التي تشهدها المملكة العربية السعودية وانتشار دور العرض السينمائي بها جعلت الطلب متزايد على الفيلم المصري الذي يحظي نجومه بقبول جماهيري عربي كبير كما أن ماتحققه الأفلام من إيرادات داخلية أو من التسويق للمنصات الإلكترونية جميعها عوامل حمست شركات الإنتاج إلى التخلي عن حذرها السابق  والبحث عن الأفلام الضخمة التي أصبح  نجاحها التجاري مضمون داخليا وخارجيا حتى لو اجتمعت 3 شركات إنتاجية كبرى على أفيش فيلم واحد منها مثل تاج لتامر حسني والبعبع لأمير كراره.

(إعداد: أحمد النجار، عضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما )  

#مقالرأي

(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)