14 11 2015

من بعيد يعلو اصوات اطفال صغار وسط سوق شعبي في محيط مدينة بعقوبة وهم يحاولون جذب انتباه المواطنين لبضائعهم سواء كانت محاصيل زراعية (خضروات او فواكه) او مواد غذائية، وفيما يهرول اخرون وهم يحملون اكياسا بلاستكتية نحو رجلا مسن، غيرت المواد الدهنية من ملامح طفل وهو يعمل في محل تصليح المركبات، لكن اللافت ان اغلب الاطفال هم نازحون من مناطق كانت، لوقت قريب، ساخنة لتدفعهم الظروف المعيشية الصعبة للانخراط في سوق العمل بحثا عن مصادر رزق لعائلاتهم الفقيرة.

يقول نبراس حسن، طفل يبلغ من العمر 9 سنوات، في حديثه مع «الصباح الجديد»، انه نزح مع اسرته من ناحية جلولاء قبل اكثر من عام الى عشوائية بمحيط بعقوبة، مبينا ان «الفقر الحاد وعدم وجود معيل لاسرته بعد مرض ابيه دفعه للعمل عند بقال مقابل أجرة يومية تبلغ 5 الاف دينار».

واضاف حسن انه ارغم على ترك الدراسة للعام الثاني على التوالي بسبب الاوضاع المعيشية الصعبة لاسرته التي كان وضعا المالي جيدا قبل النزوح لانها فقدت كل شيء في دوامة العنف.

بدوره يقول اركان خالد، طفل يعمل في محل لتصليح المركبات، ان ابيه راح ضحية انفجار مفخخة قبل 14 شهرا في ناحية السعدية (65كم شمال شرق بعقوبة) ثم اعقبه النزوح القسري لاسرته الى بعقوبة بعد سقوط منطقته بقبضة داعش.

واضاف خالد، البالغ من العمر 10 سنوات، ان ظروف اسرته الصعبة دفعته الى ترك الدراسة والعمل في مهنة تصليح المركبات من اجل تأمين جزء من متطلبات اسرته خاصة وان والدته تعاني من مرض عضال في الوقت الحالي.

من جهتها اقرت عضو مجلس ديالى، اسماء حميد، ان «النزوح القسري سبب رئيس في انعاش عمالة الاطفال في مهن متنوعة بمختلف مدن ديالى خلال الاشهر الماضية لان النزوح وراء تنامي معدلات الفقر التي بلغت مستويات قياسية في الوقت الراهن».

واضافت حميد ان «العشرات من الاطفال الصغار يمكن رؤيتهم وهم يعلمون في مهن مختلفة في اسواق بعقوبة، اغلبهم بالاساس ينتمون الى اسر نازحة بعضها فقد المعيل والبعض الاخر تغير اوضاعها المعيشية عقب النزوح القسري الذي كان وراء تضرر قطاعات حيوية مهمة منها الزراعة والصناعة والتجارة».

وبينت حميد ان «عمالة الاطفال لها تداعيات خطرة كون بعض المهن لاتتلاءم مع اعمارهم الصغيرة اضافة الى ان 90 % من الاطفال العاملين في الاسواق ارغموا على ترك مقاعد الدراسة بسبب عدم القدرة على الموائمة بين العمل وطلب العلم».

فيما اشارت عضو مجلس النواب عن محافظة ديالى غيداء كمبش الى ان «معدلات الفقر الحاد لدى النازحين بلغت مستويات عالية جدا»، مبينة أنها «تزيد عن 60 % وهي نسب تبين بوضوح حجم المعاناة الانسانية لاكثر من 150 الف نازح في المحافظة».

وقالن كمبش ان «النزوح القسري بالفعل انعش ظاهرة عمالة الاطفال بمعدلات عالية جدا لان الكثير من الاسر فقدت المعيل ما اضطر الاطفال للقيام بادوار وفق قدراتهم من اجل تأمين لقمة العيش لأسرهم».

وشددت كمبش على ضرورة دعم برامج حكومية تنقذ الاطفال النازحين واعادتهم الى مقاعد الدراسة ومنع عملهم في مهن لاتتلاءم مع أعمارهم الصغيرة».

© الصباح الجديد 2015