تخضع كافة شركات الطيران الخليجية التي تغادر من المطارات الواقعة ضمن دول الاتحاد الأوروبي للأحكام المنصوص عليها في لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004، والتي تتعامل مع حالات (منع الركاب من الصعود، إلغاء الرحلات، التأخير)، والقواعد الخاصة بالتعويضات عن هذه الحالات، وتقديم المساعدة للركاب.
لقد تم وضع اللائحة رقم 261 في الأساس لحماية الركاب الذين يتم منعهم من الصعود على متن الطائرة، وكذلك الرحلات الجوية المُلغاة، ولكن ليس لحالات تأخير رحلة الركاب على وجه التحديد؛ ومع ذلك، فإن حكم محكمة العدل الأوروبية في قضية ستيرجون ضد كوندور [7/402 C و7/432 C] قد وسَّع نطاق اللائحة 261 في عام 2011، بحيث أصبح من حق الراكب الذي يواجه تأخيرًا في رحلته يتجاوز ثلاث ساعات أن يحصل على تعويض بموجب المادة 7 (1) من اللائحة 261، وذلك على النحو التالي:
بالنسبة للرحلات الملغاة، ولمن تم منعهم من الصعود على متن الطائرة، والرحلات المتأخرة لمدة ثلاث ساعات أو أكثر عن الوصول لوجهتها، يكون التعويض المستحق الدفع هو:
250 يورو للرحلات، التي تبلغ مسافتها 1500 كم أو أقل.
400 يورو لكافة الرحلات الأخرى التي تقع ضمن الاتحاد الأوروبي، وكافة الرحلات الأخرى بين 1500 – 3500 كم.
600 يورو لكافة الرحلات الأخرى التي تزيد عن 3500 كم.
بالنسبة للرحلات الملغاة والرحلات المتأخرة لمدة خمس ساعات أو أكثر، يكون للركاب الحق في استرداد الأموال أو تغيير مسارهم.
بالنسبة للرحلات الملغاة والرحلات المتأخرة لمدة ساعتين أو أكثر (اعتمادًا على المسافة) يكون للركاب الحق في الحصول على (مرطبات، وجبات، وسكن).
وبموجب المادة رقم 7 (2) من اللائحة 261، إذا عرضت شركة الطيران تغيير مسار الرحلة في حالة الإلغاء، أو المنع من الصعود على متن الطائرة، أو التأخير، فيمكن حينها تخفيض المبالغ الواردة أعلاه بنسبة 50%. علاوة على ذلك، فإن حق التعويض يخضع لدفاع "ظروف استثنائية" بالنسبة لشركة الطيران، بحيث لا تكون شركات الطيران ملزمة بدفع التعويض إذا كان في مقدورهم إثبات أن الإلغاء كان ناجمًا عن ظروف استثنائية لم يكن من الممكن تفاديها حتى لو تم اتخاذ كافة التدابير المعقولة.
وبموجب المادة 7 (4) من اللائحة 261 يتم قياس المسافات الواردة أعلاه من خلال "طريق الدائرة الكبرى"، وهو أقصر طريق دائري يربط بين نقطتين على سطح جسم كروي، لكن كيف يكون الموقف إذا كانت الرحلة المُكمّلة التي تربط بين محطتي التوقف مُتضمَّنة في رحلة السفر الكلية للراكب، وهناك أكثر من رحلة في سفره؟
ورد المزيد من التوضيح فيما يتعلق بحساب المسافة والتعويض المستحق دفعه للراكب في حالة التأخير، وذلك في حكم أصدرته محكمة العدل الأوروبية مؤخرًا في سبتمبر 2017، وقد يكون هذا الأمر متعلقًا بشكل خاص بشركات الطيران الخليجية، وبشركات طيران أخرى ليست تابعة للاتحاد الأوروبي، حيث أنه يتعامل أيضًا مع مفهوم الرحلة برمتها ورحلات الطيران الفردية التي تتألف منها رحلة السفر.
في قضية شركة الخطوط الجوية "بوسن" ضد بروكسل 16/559 C (بوسن)، قضت محكمة العدل الأوروبية بأنه يجب أن يعتمد حساب التعويض على المسافة نصف القطرية بين مطار المغادرة ومطار جهة الوصول، بدلًا من أن يعتمد على المسافة الفعلية المقطوعة؛ وهكذا، فإن أي حساب للمسافة يجب ألا يضع في الاعتبار أي محطة توقف نزل بها الراكب، ويجب حساب المسافة (باستخدام طريقة عادية) "كخط مستقيم" ولا ينبغي أن يتضمن هذا أية أميال إضافية يتم تحملها بسبب محطة توقف مُكمّلة.
في قضية "بوسن"، سافر الركاب من روما إلى هامبورغ عبر رحلة طيران مُكمّلة من بروكسل. وكانت خطوط الطيران التابعة لشركة طيران بروكسل التابعة للاتحاد الأوروبي هي التي تدير رحلات الطيران، وهي خطوط طيران تتبع الاتحاد الأوروبي بالكامل. تأخرت الرحلة الأولى (من روما إلى بروكسل) لذا وصل الركاب متأخرين بما يقرب من 40 دقيقة، وبالتالي لم يلحقوا بالرحلة المتجهة إلى هامبورغ. تم وضع الركاب على الرحلة التالية المتاحة إلى هامبورغ، لكن بحلول الوقت الذي بلغوا فيه وجهتهم تعرضوا لتأخير لمدة 3 ساعات وخمسون دقيقة. أقرت شركة الطيران بالتأخير وبالحق في التعويض، وأقرت أيضًا بأن اللائحة 261 تنطبق على رحلة السفر برمتها.
وإذا تم حساب المسافة على أساس المسافة من روما إلى هامبورغ مباشرة فستبلغ المسافة 1173 كم، وهذا سيعني أن حق الركاب في التعويض حينها سيكون 250 يورو فقط. أما إذا كان حساب المسافة من روما إلى بروكسل ثم الاتجاه إلى هامبورغ، فهذا سيعني أن المسافة ستكون 1656 كم، وحينها سيحق للركاب الحصول على تعويض قدره 400 يورو.
هذا وقررت محكمة العدل الأوروبية أن الاختلاف المبين أعلاه بين رحلة السفر التي تتضمن رحلة مُكمًلة وبين رحلة السفر التي تتألف من رحلة مباشرة "لم يزد من المتاعب التي عاناها الركاب"؛ "وعليه فعند تحديد مبلغ التعويض ينبغي الأخذ بعين الاعتبار المسافة بين نقطة المغادرة الأولى والوجهة النهائية، باستثناء أي رحلات مُكملة". وهكذا فقد تم احتساب مطالبة الركاب على أساس المسافة المباشرة التي تربط بين روما وهامبورغ (مسافة قدرها 1173 كم)، وهو ما يعني أنه يحق للركاب تعويض بقيمة 250 يورو فقط.
وقد قدمت حالة "بوسن" توضيحًا بشأن الرحلات التي تتم ضمن رحلات الاتحاد الأوروبي على خط جوي تديره شركة طيران مجتمعية تابعة للاتحاد الأوروبي، لكن يبقى السؤال بالنسبة لشركات الطيران الخليجية وغيرها من الشركات غير التابعة للاتحاد الأوروبي، ما هو الموقف بالنسبة لمطالبات التأخير في حال عدم اللحاق بالرحلات المُكمّلة خارج الاتحاد الأوروبي؟ وأيضًا، قد يكون لحالة "بوسن" عواقب مثيرة للاهتمام إذا كان المُطالب بالتعويض يسعى للقول بأنه يجب تطبيق اللائحة 261 على الرحلة الكاملة للركاب، ولاسيما خارج الاتحاد الأوروبي، بدلًا من قطاعات الطيران ذات المكون الفردي.
وطالما أن شركات الطيران التي مقرها دول الخليج لها علاقة بالأمر (وفي الواقع أية شركات طيران غير مجتمعية)، فمن المهم النظر في نطاق اللائحة 261، ومتى يجب تطبيقها عليهم، وهذا ما ورد في نص المادة 3 (1) كالآتي:
"يجب تطبيق هذه اللائحة:
بالنسبة للركاب المغادرين من مطار يقع في أراضي دولة عضو تنطبق عليها اتفاقية [المفوضية الأوروبية].
بالنسبة للركاب المغادرين من مطار يقع في دولة ثالثة لمطار يقع في أراضي دولة عضو تنطبق عليها اتفاقية [المفوضية الأوروبية]، ما لم يكن هؤلاء الركاب قد حصلوا على منافع أو تعويض أو وحصلوا على المساعدة في تلك الدولة الثالثة، إذا كانت شركة الطيران التي تدير الرحلة المعنية هي شركة طيران مجتمعية".
وبموجب اللائحة 261، فإن شركات الطيران التي مقرها دول الخليج هي المسئولة المحتملة، إذا تم إلغاء رحلة ما، أو تم منع الركاب من الصعود على متن طائرة، أو حدث تأخير عند مغادرة أي مطار تابع للاتحاد الأوربي. وعلى العكس من ذلك فإن شركات الطيران التي مقرها دول الخليج ليست شركات طيران مجتمعية بموجب اللائحة 261، المادة 3/1 (ب)؛ وهي ليست مسئولة عن الرحلات المتأخرة عندما تبدأ الرحلة من دولة خارج الاتحاد الأوروبي، ولكن ماذا عن الرحلات المُكمّلة حينما تبدأ الرحلة من مطار تابع للاتحاد الأوروبي؟
تميل شركات الطيران الخليجية للقول بأن كل رحلة هي وحدة منفصلة من وسائل النقل الخاصة بها، وهي بحاجة للنظر فيها بشكل منفصل من أجل أغراض التعويض بموجب اللائحة 261، في حين أنه من غير المعتاد لرحلة تبدأ داخل منطقة الاتحاد الأوروبي وتديرها شركة طيران خليجية أن تتألف من رحلتين أو أكثر، تكون الأولى من أي دولة عضو بالاتحاد الأوروبي لدولة غير عضو بالاتحاد الأوروبي (مثلًا من لندن لدبي) ثم يكون هناك رحلة مُكملة بين دولتين من غير دول الاتحاد الأوروبي (مثلًا من دبي لسيدني).
ومن المنتظر اتخاذ المزيد من القرارات التي تتناول هذه المفاهيم، بما في ذلك القضية الأخيرة التي تتضمن شركة طيران خليجية في محكمة الاستئناف بإنجلترا وويلز، والتي من المقرر إصدار قرار نهائي بشأنها قريبًا. وعلى محكمة الاستئناف بإنجلترا وويلز الأخذ بعين الاعتبار، من بين عدة قضايا محل نزاع، إذا ما كانت اللائحة 261 تنطبق على الرحلات المتأخرة التي تديرها شركات طيران غير تابعة للاتحاد الأوروبي، عندما تصل الرحلة المُكمّلة الثانية متأخرة بمدة أكثر من ثلاث ساعات بعد مغادرة مطار خارج الاتحاد الأوروبي؛ وهذا القرار يتم انتظاره بفارغ الصبر، ويحدونا الأمل في الحصول على توضيح بشأن قضية بالغة الأهمية لكافة شركات خطوط الطيران الخليجية، وغيرها من الشركات التي لا تتبع الاتحاد الأوروبي.
كتبه: يزن السعودي/فينسنت كوبينجر - y.saoudi@tamimi.com / v.coppinger@tamimi.com – دبي، الإمارات العربية المتحدة
© Al Tamimi & Company 2017






