02 05 2017

دبي، الإمارات العربية المتحدة

من المعروف أن مسؤولية البنك والتزامه تجاه عملائه تخضع للقانون المعمول به وكذلك العقد المبرم بين الطرفين؛ ويحدد هذا العقد أيضًا كيفية تقديم الخدمات، فضلًا عن الالتزامات الخاصة بكل طرف. وفي حالة الإخلال ببند صريح أو ضمني من بنود العقد، يتم استيفاء ثلاثة عناصر من أجل إثبات المسؤولية وهي: إثبات الخطأ الذي حدث من قبل البنك ضد المتضرر، وإثبات الأضرار، والعلاقة السببية بين الخطأ والأضرار التي لحقت بالمتضررين.

يناقش هذا التقرير حكم محكمة التمييز في دبي رقم 562 لسنة 2016، والذي يتناول على وجه التحديد قابلية تنفيذ وثائق التعويض التأمينية الموقعة من قبل عملاء البنك والمرسلة عبر الفاكس؛ وما إذا كان البنك سيتحمل المسؤولية عن أي ضرر قد يتكبده العميل نتيجة لتحويل مصرفي غير صحيح عبر الفاكس.

ومثلنا في هذه القضية، البنك (المدعي عليه) ضد عميل البنك (المدعي) الذي ادعى أن البنك قام بتحويل مبلغ من المال بشكل غير مشروع من حسابه بناء على خطاب مزور يطلب من البنك إجراء التحويل الذي تم إرساله بالفاكس. وقد أفاد المدعي (العميل) بأنه لم يصدر أو يرسل تعليمات إلى المدعي عليه (البنك) تطلب هذا التحويل. وادعى العميل أنه كان ينبغي على البنك، وفقًا لما تقتضيه لوائح مصرف الإمارات المركزي، أن يقوم بالتحقق من التوقيع قبل الموافقة على التحويل، عن طريق إجراء مكالمة إلى صاحب التوقيع كضمانة ضد الغش والاحتيال، وهو ما لم يفعله المدعي عليه.

وفي هذه القضية، رأت المحكمة أنه يمكن تطبيق التعويض الوارد في وثيقة تعويض الفاكس (الموقعة من قبل العميل) لأن البنك لم يرتكب أي غش أو خطأ جسيم؛ ومن أجل إبطال التعويض أو الحد من المسؤولية، يجب إثبات أن هناك احتيال أو خطأ جسيم (من قبل الطرف الآخر). وفي هذه الحالة، لا يوجد أي غش أو خطأ جسيم يفضي إلى تحمل المسؤولية.

المحكمة الابتدائية

رفع المدعي (العميل) الدعوى التجارية رقم 430 لسنة 2016 ضد المدعي عليه (البنك) قبل أن تنظر محكمة دبي الابتدائية في الحكم ضده عن الأضرار التي تكبدها بسبب خرق المدعى عليه للممارسات العرفية المصرفية. وطلب المدعي أيضًا تعيين خبير من الطب الشرعي لفحص التوقيع على طلب التحويل الإلكتروني استنادًا إلى توقيع العينة الذي قدمه المدعي إلى البنك في سجلاته.

وقد رفضت المحكمة الابتدائية دعوي المدعي في 14 مارس/آذار 2016 على أساس أن البنك لم يتصرف بإهمال في إجراء التحويل؛ وأن البنك تصرف بناءً على التعليمات التي تلقاها من المدعي عن طريق الفاكس، مؤكدة أن تفويض المدعي يتضمن إخلاء مسؤولية البنك. ولم تجد المحكمة الابتدائية أي دليل على حدوث أي غش أو خطأ جسيم لإشراك البنك في التزاماته، وبالتالي رفضت الدعوي.

 

 

محكمة الاستئناف

استأنف المدعي في الاستئناف التجاري رقم 430 لسنة 2016، وفي تاريخ 14 يونيو/حزيران 2016 رفضت محكمة الاستئناف الطعن وأيدت حكم المحكمة الابتدائية؛ واستأنف المدعي ضد الحكم أمام محكمة التمييز بدبي.

محكمة التمييز

أفاد المدعي، في الطعن الذي قدمه ضد حكم محكمة الاستئناف، أن رسالة الفاكس المزعومة التي تمت بموجبها عملية التحويل كانت مزيفة، ولم يصدرها الشخص المفوَّض بالتوقيع؛ وأن تفويض المدعي للبنك لا يتعارض مع إجراءات التحقق، قائلاً إن حقيقة أن البنك قام بالتحويل دون التحقق من الفاكس ومصدره يشكل خطأ جسيمًا يفضي إلى تحمل المسؤولية.

ورفضت محكمة التمييز طعن المدعي موضحة أن:

·         هناك ثلاثة عناصر ضرورية لتحقق مسؤولية البنك فيما يتعلق بنشاطه المصرفي، وهي حالة إهمال مثبتة (خرق العقد) ضد البنك ومتعلقة بالمتضررين، والضرر وأن تكون هناك علاقة سببية بين الاثنين. ويجوز تطبيق إخلاء المسؤولية التعاقدية ما لم يكن المدين قد ارتكب غشًا أو خطأ جسيما. ويجوز للبنك في عقد الخدمات المصرفية أن يوافق على استبعاده من المسؤولية عن الخطأ أثناء مدة العقد، ويتحمل البنك عبء إثبات أن العميل قد قبل إخلاء المسؤولية.

·         وفقًا لوثيقة التعويض التأمينية عبر الفاكس التي وقعها المدعي، وافق الأخير على تحمل جميع المخاطر والأضرار الناشئة عن تصرف المدعي عليه بناءً على أي تعليمات يتلقاها عبر الفاكس. وكان المدعى عليه قد أرسل إلى المدعي إخطارًا إلى بريده الإلكتروني بعد إتمام التحويل في 19 أغسطس/آب 2013؛ وكانت التفاصيل التي أدخلت على طلب التحويل الإلكتروني هي تفاصيل دقيقة متعلقة بحساب المدعي والتي يجب أن يحافظ عليها ويحميها بوصفها معلومات سرية. وقد تم إدخال رقم جواز سفر الشخص المفوَّض بالتوقيع على النحو الوارد في إعلان قبول تعليمات الفاكس، كما تم إدخال رقم الحساب واسم صاحب الحساب وجميع البيانات الأخرى بدقة.

لم يكن هناك أي خطأ في المعلومات المقدمة إلى المدعي عليه، وتم التوقيع على الطلب داخل المربع المسمى "المخول بالتوقيع". ومن ثم، لم يكن هناك أي غش أو إهمال جسيم يؤدي إلى تحمل المسؤولية وكان الادعاء برمته لا أساس له من الصحة؛ وبناء على ما سبق تم رفض الطعن.

تعقيب

هذا الحكم الصادر عن محكمة النقض يقدم ضمانًا للبنوك التي لا تزال تقبل تعليمات التحويل الإلكتروني عبر الفاكس؛ وقد شهدنا في الماضي عددًا من الأحكام التي قضت فيها محاكم دبي بأن المصارف مسؤولة عن احتمالية حدوث احتيال أو تعليمات فاكس مزورة، خاصة إذا كان المدعي قد أعلن أن الفاكس لم يرسل من جهاز الفاكس التابع للمدعي. ومع ذلك، يجب على البنوك التأكد من أن كافة المعلومات الواردة في تعليمات الفاكس دقيقة ومطابقة لسجلاتها؛ وبالإضافة إلى ذلك، ولتجنب أي شك، يحتاج موظفو البنوك إلى التحقق إلى أقصى درجة من أن التوقيع مطابق لنموذج توقيع عملائهم.

ومن الجدير بالملاحظة أن محكمة دبي لم تتعامل في هذا الحكم مع عدم التطابق الطفيف بين التوقيع في رسالة التعليمات المرسلة بالفاكس واستمارة نموذج التوقيع، حيث أن هذا ما يحدث عادة مع الحالات المتعلقة بالشيكات. وفي هذه القضية، لم يكن لدى البنك النسخة الأصلية من رسالة التعليمات هذه المرسلة بالفاكس.

وباختصار، فإن محكمة التمييز ستؤيد هذه الأنواع من القيود على شروط المسؤولية عندما يتعلق الأمر بالمعاملات المصرفية، طالما أنها لا تتعارض مع السياسة العامة أو أحكام قانونية إلزامية محددة أو تستبعد المسؤولية عن الاحتيال أو الخطأ الجسيم أو سوء السلوك المتعمد.

كتبه: نايف يحيى/زين عناني - n.yahia@tamimi.com - z.anani@tamimi.com

© Al Tamimi & Company 2017