PHOTO
14 08 2017
مدينة الكويت، الكويت
يُستخدم مصطلح "اصطدام السفن" في القانون البحري عادة عندما يحدث تصادم مادي بين سفينتين مما يؤدي إلى وقوع حادث يسبب الضرر. ويمكن أن يحدث اصطدام السفينة بشيء متحرك، مثل سفينة أخرى، أو بشيء ثابت مثل رصيف أو هيكل عائم مثل منصة الحفر البحرية.
وعندما يحدث اصطدام السفن يتم تقييم المخاطر بالنسبة للطرفين، ولاسيما الخسائر في الأرواح، وفقدان الأصول، وما يترتب على ذلك من أضرار للبيئة.
وفي الكويت تخضع المسؤولية عن تصادم السفن للقانون البحري الكويتي رقم 28 لسنة 1980 ("القانون البحري") والقانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980 (القانون المدني الكويتي").
وتنص المادة 227/1 من القانون المدني الكويتي على ما يلي:
"أي شخص يتسبب في إلحاق الضرر بغيره بسبب أفعاله الخاطئة، يلتزم بتعويضه، سواءً كان هو مرتكب الضرر بصورة مباشرة أو متسبباً فيه"
وبناءً على ذلك، هناك ثلاث ركائز أساسية لتطبيق المسؤولية عن تصادم السفن في القانون الكويتي:
· الفعل.
· الضرر.
· وجود علاقة سببية بين الفعل والضرر.
وفي حالة وقوع حادث تصادم بحري في الكويت، يجب أن تكون هذه الركائز الثلاث متوافرة لإجبار المدعي عليه على تعويض الطرف المتضرر. وعلاوة على ذلك، يتحمل الشخص المُطالب بالتعويض عبء إثبات توافر هذه الركائز الثلاث، وأن المدعي عليه مسئول عن الأضرار الناجمة عن تصادم السفن.
ما المقصود بالتصادم؟
تٌعرف المادة 223 من القانون البحري التصادم على أنه:
1- إذا وقع تصادم بين سفن تجارية، أو بين سفن تجارية ومراكب للملاحة الداخلية، يجب أن تسوى التعويضات المستحقة عن الأضرار التي تلحق بالسفن والأشياء والأشخاص الموجودين على السفينة طبقًا للأحكام الواردة في هذا الفصل دون اعتبار للمياه التي حصل فيها التصادم.
2- تسري الأحكام سالفة الذكر - ولو لم يقع تصادم مادي- على تعويض الأضرار التي تسببها سفينة لسفينة أخرى، أو للأشياء، أو الأشخاص الموجودين على هذه السفينة، إذا كانت هذه الأضرار ناشئة عن حركة الأمواج بسبب قيام السفينة بمناورة أو الإخفاق في القيام بالمناورة أو عن عدم مراعاة القوانين واللوائح.
باختصار، يتم تعريف "التصادم البحري" بموجب القانون البحري الكويتي على أنه وقوع تصادم مادي بين جسمين عائمين (سواء كان تأثير ذلك التصادم جوهريًا أم لا). وتطبق قواعد التصادم عند حساب الأضرار الناجمة عن اصطدام سفينة بأخرى.
وقد ثبت بموجب السوابق القضائية أن قواعد التصادم مستبعدة في جميع الحالات التي تصطدم فيها السفينة بجسم ثابت مثل الرصيف؛ ومن المفترض أن يحدث الاصطدام بين جسمين عائمين، وأن يكون واحدًا منهم على الأقل عبارة عن سفينة، بغض النظر عن حجمها، ولا يهم ما إذا كانت السفينة متحركة أو راسية.
وتساعد المواد 224 و225 و227 و228 من القانون البحري على تحديد المسؤولية الناشئة عن التصادم:
المادة 224: إذا نشأ التصادم عن قوة قاهرة، أو كان هناك شك حول أسبابه، تتحمل كل سفينة ما أصابها من ضرر، ويسري هذا ولو كانت السفن أو إحداها راسية وقت التصادم.
المادة 225: إذا نشأ التصادم عن خطأ ارتكبته إحدى السفينتين، تلتزم هذه السفينة بدفع تعويضات عن الضرر الناشئ عن التصادم.
المادة 227: تسري المسئولية الواردة في هذا الفصل إذا وقع التصادم بخطأ المرشد ولو كان الإرشاد إجباريًا.
المادة 228: لا يجوز افتراض الخطأ فيما يتعلق بالمسئولية الناشئة عن التصادم.
ويتضح من المواد المذكورة أعلاه في القانون البحري أن إثبات الخطأ شيء ضروري؛ ويقع عبء إثبات الخطأ في الاصطدام على المدعي في الدعوي القانونية التي رفعها للمطالبة بالتعويض. حيث يتعين على المدعي أن يثبت أن المدعى عليه قد خالف القواعد العامة، لإثبات خطأ المدعى عليه، سواء من خلال قيامه باتخاذ إجراءات خاطئة أو الإهمال في إتباع القوانين الكويتية فيما يتعلق بتنظيم الملاحة في البحار؛ وعلاوة على ذلك، ينبغي على المدعي إثبات وجود صلة سببية بين الخطأ والأضرار التي يدّعي وقوعها.
أنواع الاصطدام
التصادمات الناجمة عن أسباب غير متوقعة أو مشكوك فيها:
لا تميز المادة 224 من القانون البحري بين الاصطدامات الناشئة عن أسباب غير متوقعة (مثل القضاء والقدر أو الحروب) والاصطدامات الناجمة عن "أسباب مشكوك فيها"؛ وطالما أنه لا يمكن تحديد السبب الدقيق في وقوع الاصطدام، سيتم اعتبار أن الحادث قد وقع بسبب "القوة القاهرة".
ويشمل الاصطدام الناجم عن أحداث القوة القاهرة أي حادث غير متوقع لا يمكن منعه ويتسبب في وقوع أضرار. وفي حالة أحداث القوة القاهرة، يتعين على المدعى عليه أن يثبت أنه لم يكن على خطأ، وأنه قد اتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لمنع وقوع الحادث في ظل ظروف هذا الحادث.
ويعتبر التصادم قد وقع لأسباب مشكوك فيها عندما ترى المحكمة أن البيانات المقدمة لشرح الاصطدام لا تثبت وجود أحداث القوة القاهرة، أو لا تثبت وجود خطأ من أي سفينة من السفن، أو وقوع خطأ شائع تسبب في الحادث. وفي حالة "الأسباب المشكوك فيها"، تتحمل كل سفينة الأضرار التي لحقت بها، كما لو كان الحادث قد وقع بالضبط في حالة قوة قاهرة.
التصادمات الناجمة عن الأخطاء الفردية من إحدى السفن:
تنص المادة 225 من القانون البحري بشكل واضح على أنه إذا نشأ التصادم عن خطأ ارتكبته إحدى السفن، ففي هذه الحالة ستلتزم هذه السفينة بتعويض الطرف الآخر عن الضرر الناشئ عن التصادم. وعلاوة على ذلك، يتحمل الطرف المخطئ المسؤولية تجاه أي طرف ثالث، ويكون مسئولاً عن تعويض الطرف الثالث عن الأضرار التي وقعت بسبب السفينة التي تسببت في الاصطدام.
لتصادمات الناجمة عن الأخطاء المشتركة:
تقاسم الضرر في حالة وقوع خطأ مشترك:
تنص المادة 226/1 من القانون البحري على أنه "إذا كان الخطأ مشتركًا يتم تقدير مسئولية كل سفينة بنسبة الخطأ الذي وقع منها، ومع ذلك إذا حالت الظروف دون تعيين نسبة الخطأ الذي وقع من كل سفينة، أو إذا تبين أن أخطاءها متعادلة، وزعت المسئولية بينها بالتساوي".
عند صياغة المادة 226/1 من القانون البحري، يبدو أن المُشرع الكويتي قد قرر تحديد مسؤولية كل سفينة مشاركة في التصادم استنادًا إلى المبدأ القانوني المنصوص عليه في المادة 227/1 من القانون المدني الكويتي، والتي تنص على أن كل شخص يجب أن يتحمل مسؤولية الأضرار التي تسبب فيها".
ومع ذلك، غالبًا ما يكون من الصعب تحديد المسؤولية في الحالات التي توجد بها أخطاء متعددة من جانب كل طرف من أطراف التصادم البحري؛ وقد يكون السبب في ذلك هو أن كل هذه الأخطاء مجتمعة قد تسببت في وقوع الضرر، أو أن خطأً معينًا قد تسبب في وقوع نسبة من الضرر أعلى من الأخطاء الأخرى.
ويتطلب المبدأ القانوني في القانون الكويتي وجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر، وليس بين الخطأ والحادث الذي أدى إلى وقوع الضرر. وتقرر المحكمة الكويتية تقسيم المسؤولية على كل طرف استنادًا إلى مدى خطورة الخطأ، وتدرس المحكمة كل خطأ وفقًا للقواعد العامة للمسؤولية المدنية التي حددها القانون الكويتي.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا أخفقت المحكمة في تحديد نسبة الأخطاء التي وقعت من كل سفينة، ولم تتمكن من تحديد نسبة المسؤولية عن الخطأ المحدد، والمساهمة في إحداث الضرر، فإن المحكمة سوف تخلص إلى تقسيم الحكم بالتعويض بالتساوي بين السفن.
مطالبة الطرف الثالث بالأضرار المادية الناجمة عن التصادم:
في حالة وقوع تصادم بحري يمكن أن يلحق الضرر بالشحنة أو الأمتعة التي تحملها السفينة، وتنص المادة 226/2 من القانون البحري على حق الطرف الثالث في رفع دعوي مدنية.
تنص المادة 226/2 من القانون البحري على ما يلي: "تتحمل السفن التي اشتركت في الخطأ المسؤولية بالنسبة المشار إليها في الفقرة السابقة وبدون تضامن بينها، أمام الغير عن الأضرار التي تلحق بالسفن أو البضائع أو الأمتعة أو الأموال الأخرى الخاصة بالبحارة أو المسافرين أو أي شخص آخر موجود على السفينة".
وبالتالي، يتعين على الطرف الثالث رفع دعوى ضد شركة النقل للمطالبة بتعويض عن الخسائر أو الأضرار التي لحقت بالشحنة أو الأمتعة، وذلك وفقًا للشروط التعاقدية المتفق عليها بين الطرف الثالث وشركة النقل. وليس للطرف الثالث الحق في رفع أي دعوى ضد السفن المشاركة في التصادم.
التعويض عن الإصابات الشخصية الناجمة عن التصادم:
تنص المادة 226/3 من القانون البحري على أنه "تكون المسئولية بالتضامن إذا كان الضرر ناشئًا عن وفاة الأشخاص الموجودين عليها أو إصابتهم، ويكون للسفينة التي تدفع أكثر من حصتها حق الرجوع على السفن الأخرى".
ومن هنا، فإنه في حالة وقوع إصابات أو وفيات، يكون للطرف المتضرر الحق في مباشرة الإجراءات القانونية بالتضامن ضد السفن المشاركة في التصادم.
المحكمة التي تتمتع بالاختصاص القضائي للنظر في هذه الدعاوى
دعاوى الاصطدام
تنص المادة 231 من القانون البحري على عدة خيارات لكي يقوم المدعي بالشروع في اتخاذ الإجراءات المدنية. وفي حالة تصادم السفن يجوز لمقدم الطلب الشروع في رفع الإجراءات القانونية أمام أي من المحاكم التالية:
· محكمة موطن المدعى عليه أو المحكمة التي يقع في دائرتها أحد مراكز استغلال السفينة.
· محكمة المكان الذي وقع فيه الحجز على سفينة المدعى عليه التي أحدثت الضرر، أو على سفينة أخرى مملوكة له، إذا كان الحجز عليها جائزًا، أو محكمة المكان الذي كان من الجائز توقيع الحجز فيه والذي قدم فيه المدعى عليه كفيلاً أو ضمانًا آخر.
· محكمة المكان الذي وقع فيه التصادم، إذا حدث في الموانئ أو المرافئ أو في المياه الداخلية.
· ويجوز للخصوم الاتفاق على رفع الدعوى أمام محكمة غير المحاكم المذكورة في الفقرات السابقة، أو عرض النزاع على التحكيم.
وبالتالي، فإنه يتاح أمام المطالبين أكثر من خيار واحد لرفع دعواهم أمام أحد المحاكم المذكورة سابقاً، أو يجوز للطرفين الاتفاق على إحالة المسألة للتحكيم.
ومن المهم أن نلاحظ أن مدة التقادم لرفع الدعوي القانونية فيما يتعلق بالتصادم البحري هي سنتين من تاريخ وقوع الحادث.
الأدلة المقبولة لإثبات التصادم
في حالة الاصطدام البحري، من المهم ملاحظة أن هناك عمليتين ستحدثان عقب وقوع الحادث مباشرة. فسوف يتم اتخاذ إجراءات مدنية تتناول مطالبات التعويض عن الأضرار التي وقعت؛ وإلى جانب الإجراءات المدنية، سيتم إجراء تحقيق جنائي يغطي التحقيقات التي تتعلق بالمسؤولية عن التصادم.
وتتولى النيابة العامة الكويتية إجراء التحقيق الجنائي؛ وسيُجري المدعي العام التحقيقات حول ظروف الحادث، وتحديد الجهة المسؤولة التي تسببت في الضرر الناجم عن خطئها. وإذا كان المدعي العام غير متخصص في المجال البحري، فينغي عليه الاعتماد على تقارير الاستقصاء التي تتعلق بحادث التصادم. ويجوز للمدعي العام الجنائي تعيين خبير للإدلاء برأيه حول ظروف وملابسات التصادم.
وستبدأ العملية المدنية عندما يقيم الطرف المتضرر دعواه أمام المحاكم الكويتية للمطالبة بالتعويضات عن الأضرار التي لحقت به. وستحقق المحكمة المدنية في الخسائر المادية والمعنوية التي تكبدها المدعي، ويتعين عليها تحديد التعويض وفقًا للمستندات المقدمة من الطرفين. وتُطبق المادة 9 من قانون الإثبات الكويتي على المسائل المدنية والتجارية التي يتم النظر فيها من قبل المحاكم المدنية الكويتية وتنص على ما يلي:
"الوثائق الرسمية هي دليل ملزم للجميع، بما في ذلك المسائل التي يصدرها الموظف العمومي في حدود مهامه، أو الأوراق الموقع عليها من قبل الأطراف المعنية في وجوده، ما لم يثبت أنها مزورة من خلال الطرق القانونية".
وتحدد المادة 8 من قانون الإثبات الكويتي الوثائق التي تعتبر وثائق رسمية:
"الأوراق الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة، ما تم على يديه، أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقًا للأوضاع القانونية، وفي حدود سلطته واختصاصه".
وينبغي التأكيد على أنه وفقًا للأحكام المذكورة أعلاه، فإن المحكمة تمنح الأولوية "للوثائق الرسمية" الصادرة عن الكيانات الحكومية بدلاً من أي وثائق أخرى قد يقدمها الطرفان لدعم دفوعهما.
خاتمة
في ضوء ما ذُكر أعلاه، فإننا ننصح الأطراف المتورطة في التصادم البحري بمحاولة الحصول على تقارير استقصائية تصدر عن السلطات الحكومية و/أو أن يحرصوا على إجراء دراسات استقصائية مشتركة بين الأطراف المعنية بالتصادم (أي السفينة والسفن). ويعتبر ذلك ضروريًا لأن كل من المدعي العام في الإجراءات الجنائية والمحاكم المدنية القانونية، التي تقوم بالتحقيق في أساس التعويض وتحديد الخطأ والأضرار والصلة السببية بينها، يعتمدون عادةً على الاستنتاجات المذكورة في تقارير المسح والدراسات الاستقصائية الرسمية التي أجريت حول التصادم.
من المهم أيضًا ملاحظة أنه عند اختتام الإجراءات القانونية سيقوم المدعي العام بفرض غرامة على السفينة التي ارتكبت الخطأ في حال إذا تسببت في أي أضرار مادية؛ وفي هذه الحالة يحق للطرف المتضرر المطالبة بالتعويضات من الطرف المسؤول عن هذا الخطأ في إجراءات مدنية لاحقة.
ومن أجل إثبات الخسارة الناشئة عن التصادم البحري، سيكون من المهم أيضًا أن يقوم المدعي بجمع الفواتير الأصلية التي تحدد الخسائر التي تكبدها للمساعدة في تحديد مبلغ التعويض، وكذلك الرجوع إلى تقارير المسح والدراسات الاستقصائية الصادرة عن السلطات الحكومية فيما يتعلق بالتحقيق الجنائي في التصادم البحري. وفي حالة عدم توافر أي تقارير استقصائية، يوصى أن يقدم المدعي تقريرًا استقصائيًا مشتركًا أجراه الطرفان المتورطان في التصادم (أي السفينة والسفن) كدليل على التصادم.
كريم ماروني - k.marouny@tamimi.com –
© Al Tamimi & Company 2017







