09 08 2017
دبي، الإمارات العربية المتحدة
بعد قطع العلاقات مع قطر من قبل العديد من الدول، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، كان هناك تأكيد مؤخرًا على أنه يمكن اتخاذ إجراءات قانونية ضد أولئك الذين يظهرون التعاطف مع قطر أو أولئك الذين يعترضون على موقف دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا السياق؛ حيث يمتد ذلك ليشمل التعبير عن الآراء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو أي نوع من الوسائل المكتوبة أو البصرية أو اللفظية.
هذا ونشير إلى أن قوانين الجرائم الجنائية والجرائم الإلكترونية القائمة تجرم بالفعل الأعمال التي قد تؤثر على الوحدة الوطنية أو النظام العام أو الاستقرار الاجتماعي. على سبيل المثال، تنص الترجمة الإنجليزية للمادة 24 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية في الإمارات على ما يلي:
"يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن (500,000 درهم إماراتي) ولا تتجاوز (1,000,000 درهم إماراتي) كل من أنشأ أو أدار موقعا إلكترونيًا أو أشرف عليه أو نشر معلومات على شبكة معلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات للترويج أو التحبيذ لأي برامج أو أفكار من شأنها إثارة الفتنة أو الكراهية أو العنصرية أو الطائفية أو الإضرار بالوحدة الوطنية او السلم الاجتماعي أو الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة."
وبصرف النظر عما سبق وبشكل عام، فإن الملايين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات الإلكترونية يقومون "بمشاركة" و"إعادة نشر" المحتوى في التغذية الإخبارية على أساس يومي.
ومما لا شك فيه أن المؤلف الذي يؤلف محتوى غير قانوني (على سبيل المثال، تعليقات سلبية تجاه وضع قطر في السياق المتنامي) وتحميله على منصات التواصل الاجتماعي قد يتحمل المسؤولية القانونية عنه. وفي الواقع، قد تتجاوز المخاطر القانونية مجرد المؤلف، في بعض الظروف؛ حيث قد يؤدي إعادة نشر أو مشاركة المواد المتاحة في التغذية الإخبارية إلى فرض عقوبات، ويمكن للمستخدم أن يجد نفسه متورطًا في قضية جنائية.
كما أن العدد الكبير من المستخدمين والمشاركات وعدد الكلمات على منصات التواصل الاجتماعي يمنح المستخدم أيضًا إحساسًا زائفًا بالأمان بأن كلماته لا تهم وأن أحدًا لن يلقي بالًا لذلك. وفي العديد من المناقشات الساخنة عبر الإنترنت، قد يعمد المستخدمين لإهانة الآخرين أو استخدام لغة تشهيرية. كما قد يستخدمون كلمات يعتقدون أنها مناسبة، كما هو الحال في وطنهم، ولا يدركون أنها قد تشكل جريمة في بلد آخر.
الجرائم المرتبطة بإعادة النشر والمشاركة
هناك مخاطر واضحة في حال نشر محتوى معين؛ على سبيل المثال، عندما يقوم شخص ما بإعادة نشر حالة مستخدم آخر يدعو الجمهور لشراء المخدرات والعقاقير غير المشروعة منه. ومع ذلك، فإن المسألة تصبح صعبة إذا كان "إعادة نشر" يتعلق بشيء يبدو إيجابيا في ظاهره. على سبيل المثال، شخص يدعو الجمهور لمساعدة الفقراء والتبرع إلى حالات بائسة. وفي هذا الصدد، هناك العديد من القيود في دولة الإمارات العربية المتحدة فيما يتعلق بجمع وتشجيع التبرعات من خلال وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية، بما في ذلك اشتراط الحصول على موافقة السلطة المختصة قبل القيام بذلك؛ وقد يؤدي انتهاك هذه القيود إلى عقوبات جنائية يمكن أن تمتد أيضًا إلى شخص شارك أو أعاد نشر رسائل أو محتوى عن المؤسسة الخيرية.
وفي سيناريوهات أخرى، قد ينظر المستخدمون إلى بعض البيانات على أنها وسيلة عادية للتعبير عن وجهات النظر؛ ومع ذلك، فإن هذه التصريحات تتضمن أحيانًا سخرية ونقدًا للآخرين، سواء كانوا أشخاص عاديين أو مسؤولين رفيعي المستوى أو حكومات؛ ويمكن اعتبار أن مثل هذه التصريحات تشكل جريمة جنائية.
ولا يقتصر ذلك بالضرورة على إشراك أشخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة في حد ذاتها، ويمكن أن يمتد إلى بلدان أخرى؛ حيث يحظر قانون دولة الإمارات العربية المتحدة نشر محتوى يضعف أو يظهر جانبًا سلبيًا لرئيس عربي أو بلد مجاور ومحتوى قد يؤثر سلبًا على العلاقة بين تلك الدول ودولة الإمارات العربية المتحدة.
كما يمكن أن تشكل الصور المسيئة التي يتم تحميلها على شبكات التواصل الاجتماعي جريمة؛ وبالمثل، فإن نشر صورة لشخص لم يوافق على نشرها يعتبر أيضًا جريمة.
الإهانات واستخدام اللغة التشهيرية
في حادثة سابقة، أعرب عدد من المستخدمين عن غضبهم ضد إحدى الشركات، رب عملهم السابق، بكتابة بيانات تحتوي على الشتائم واللغة التشهيرية؛ وتم نشر هذه البيانات على موقع معروف على شبكة الإنترنت يوفر خدمة الشبكات التجارية والتوظيف. وطبقا لقانون الجرائم الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن صاحب العمل له الحق في اتخاذ الإجراءات الجنائية ضد هؤلاء الموظفين بتهمة إهانة الشركة على منصة إلكترونية.
وفي حالة أخرى، كان زملاء العمل يناقشون قضايا الأعمال والأعمال الموجهة عن طريق رسائل البريد الإلكتروني الداخلية، واشتدت المناقشة، مما دفع أحد الزملاء إلى استخدام كلمات غير مناسبة كان يعتقد أنها مقبولة في وطنه. ومع ذلك، قدم المتلقي شكوى جنائية ضده بحجة أن تلك الكلمات تشكل إهانات بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وبالمثل، يمكن أيضًا تحديد المسؤولية عن الإهانة واللغة التشهيرية التي يراها المرء في كثير من الأحيان في تعليق بسيط على صورة أو مناقشة بين الآخرين في التغذية الإخبارية. وغني عن القول، أن نفس المسؤولية تنشأ أيضًا عندما يتم إرسال المحتوى المهين أو التشهيري مباشرة إلى مجموعة أصغر من الناس في رسالة بالبريد الإلكتروني.
في حين أنه من المستبعد أن يُنظر للمستخدم الذي يعيد نشر لغة التشهير التي تم نشرها من مستخدم آخر قد ارتكب جريمة، فإنه مع ذلك مثار جدل كما هو موضح في سياق هذه المادة والحكم أدناه.
التجميع وإعادة النشر
في أحد القضايا، رفع المدعي دعوى ضد شركة معروفة أمام محكمة أبو ظبي للمطالبة بالتعويض؛ وكان المدعى عليه مالكًا لموقع على شبكة الإنترنت يوفر إمكانية الوصول إلى المعلومات عن الأشخاص المعروفين سياسيًا والكيانات والأفراد المعرضين لمخاطر كبيرة في جميع أنحاء العالم. وقد ساعدت قاعدة البيانات على الموقع الإلكتروني المستخدمين في التحقق من خلفية العديد من الأفراد لتحديد ما إذا كانت تحمل مخاطر مالية عالية أو مخاطر كبيرة على السمعة أو مخاطر قانونية جسيمة.
لم يختلق المدعى عليه المعلومات، بل جمع قاعدة البيانات من مصادر موثوقة أخرى، مثل المؤسسات الاخبارية والإعلامية الشهيرة. حينما رفع صاحب الشكوى قضيته، أشار إلى أن المدعى عليه نشر معلومات غير دقيقة بشأنه وأنه حكم عليه في قضية جنائية، ووصفه بأنه "إرهابي"، حيث أنه مرتبط بشخص متورط في سلوك إجرامي، وغير ذلك من المعلومات التي أظهرت أن لديه شخصية ذات "مخاطر عالية".
وأدت المعلومات المتعلقة بالمدعي المنشورة على الموقع الشبكي إلى رفض طلبات المدعي بشأن التسهيلات المصرفية والقروض التي قدمها، وإلغاء التأشيرة لبلد كان المدعي بحاجة إلى زيارته، فضلًا عن التأثير على العديد من جوانب أعماله وحياته الاجتماعية.
حكمت محكمة أبو ظبي الابتدائية ضد المدعى عليه، وأجبرته على دفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالمدعي؛ وقد أيدت محكمة الاستئناف والنقض الحكم الصادر.
أكد المدعى عليه، في دفاعه، أنه ليس هو المؤلف للمعلومات موضوع الدعوى، وأنه قام فقط بإعادة نشر المعلومات المتاحة بالفعل من مصادر أخرى على شبكة الإنترنت. وأوضح المدعى عليه، على سبيل المقارنة، أن الخدمة التي قدمها تشبه الخدمة التي تقدمها محركات البحث المتاحة على شبكة الإنترنت، حيث يقوم أي مستخدم بتصنيف الكلمة الرئيسية والمعلومات التي يتم الكشف عنها من مصادر أخرى، والتي تتضمن معلومات سلبية وإيجابية مقدمة من أطراف ثالثة؛ ويجب ألا يكون محرك البحث مسؤولًا لأنه ليس "مؤلفا" لهذه المعلومات.
حكمت محكمة أبو ظبي الابتدائية ضد المدعى عليه، وأجبرته بدفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالمدعي. وقد أيدت محكمة الاستئناف والنقض الحكم الصادر.
في حين لا يوجد نظام سوابق قضائية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الحكم السابق لا يزال ينص على بعض الغموض نحو فرض المسؤولية على "غير المؤلفين" الذين قاموا بتجميع المعلومات المنشورة سابقًا في مكان واحد وقد ينطبق نفس المفهوم على إعادة النشر.
التوصيات
وكقاعدة عامة، نوصي بما يلي:
· لا تنشر أو تعيد نشر المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي أو أي منصة أخرى عندما لا تكون متأكدًا من دقة المحتوى.
· تجنب استخدام البيانات الشخصية أو انتهاك حقوق الخصوصية لأي فرد، ويمتد ذلك ليشمل الأوضاع الاجتماعية للأفراد، أو التفاصيل الشخصية أو تفاصيل الاتصال، فضلًا عن الصور الشخصية أو أي بيانات أخرى مماثلة.
تجنب نشر أو إعادة نشر المحتوى الذي:
· يشجع على التمييز أو أعمال العنف؛
· يؤثر سلبًا أو قد يؤثر على النظام العام أو الاستقرار الاجتماعي.
· ينتهك حقوق الملكية الفكرية للآخرين؛
· ينتهك حقوق الطفل؛
· يتضمن إشارة سلبية إلى الأديان؛ و
· يشجع على الأنشطة غير القانونية.
في جميع الحالات، نوصي بالتماس المراجعة القانونية للمحتوى قبل نشر أو إعادة نشر مواد قد تكون موضع شك. إن استشارة أحد المحامين سوف توفر لك أيضًا رؤية وتقييم مناسب للمخاطر لمعرفة الالتزامات القانونية المحتملة التي قد تواجهها.
يقدم فريق التقاضي بشركة التميمي ومشاركوه المشورة بشكل منتظم حول الجرائم الإلكترونية. لمزيد من المعلومات يرجى التواصل مع عمر خضير (o.khodeir@tamimi.com)
© Al Tamimi & Company 2017






