PHOTO
مركز البحوث يجمع وينشر الوثائق الأهلية الكويتية .. عبدالله الغنيم يستعرض وثائق أسرة النصف
في إطار جمع وفهرسة الوثائق الاهلية يحرص الدكتور عبدالله الغنيم، رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، على نشر ما يصل اليه من وثائق في نشرة «رسالة الكويت» الفصلية، والتي تصدر كل ثلاثة اشهر عن المركز، وفي عدد يوليو القادم خص اسرة النصف بموضوع وثائقي سينشره تحت عنوان «قراءة في وثائق اسرة النصف» يدور حول مراسلات بعضهم في الشأن التجاري مع الهند وعدن وشرق افريقيا وجنوب العراق. سبق أن نشر وثائق المرحوم جاسم الصقر وفهد العبد الجليل والخالد.
الوثائق أهداها الى المركز العم يوسف محمد يوسف النصف، وتعود الى النصف الثاني من القرن التاسع عشر.التقرير الذي اعده وكتبه د.عبدالله الغنيم، استعرض فيه تاريخ اسرة النصف، الذين يعود نسبهم الى الجلاهمة، تلك الجماعة التي انتشر ابناؤها بين الزبارة والبحرين والكويت، وكان لهم نشاط في تجارة اللؤلؤ والغوص عليه، ويعتقد كما يشير د.الغنيم ان اصل تسمية العائلة مرتبط بهذه المهنة.
أصل التسمية
ثم يشرح الخلفية التاريخية عن سبب التسمية يقول «المعروف في منطقة الخليج العربي انه عندما يحدث اي خلاف بين النوخذة والبحارة من جهة، والطواش أو تاجر اللؤلؤ من جهة ثانية حول تقدير قيمة اللؤلؤ يستدعي رجل خبير بمواصفات وأوزان وجودة اللؤلؤ يدعى «النصف» - أي صاحب الإنصاف والعدل، لحل ذلك الخلاف والمساعدة في تقدير قيمة اللؤلؤ المختلف عليه، فربما تولى أحد أجداد أسرة النصف هذه المهمة بحكم اشتغالهم بالمهنة، ومكانتهم الاجتماعية، فارتبط هذا الاسهم بهم. أغلبية الوثائق يغلب عليها النشاط الاقتصادي والتجاري لأفراد تلك الأسرة وعلاقاتها بكثير من الأشخاص العاملين في مجال التجارة والملاحة من أهل الكويت أو في خارجها وفي ما يلي عرض للوثائق:
الوثيقة الأولى:
من بمبي إلى بوشهر 1868
كتب النوخذة نصف بن راشد بن نصف في 3 من جمادي الآخرة عام 1274 هــ الموافق 19 من يناير 1858م ورقة بخصوص بضاعة حملها من بندر بمبي إلى بندر بوشهر في شوعي راشد ابن نصف المسمى «المصفَّى» وتخص البضاعة شخصاً يدعى محمد بن عبدالرسول، وتحدد تلك الورقة النول أو الأجرة المترتبة على ذلك وهي قرانان(1)، والبضاعة عبارة عن بقشة أو طرد واحد علامته «مال 512»، وأنه قد تم تسجيل ذلك في أصل ونقل (نسخة) إذا حضر الأول بطل الثاني، وفي أسفل الورقة وضع ختمه «عبده/ نصف بن راشد»،
وهذه الوثيقة هي من أقدم الوثائق التي وصلت إلينا عن تلك الفترة، كما أنها تخص نوخذة من آل النصف لم تسبق الإشارة إليه ضمن نواخذة السفر الشراعي في الكويت في الكتاب الذي أصدره مركز البحوث والدراسات الكويتية (2) وهو النوخذة نصف بن راشد النصف. كما أشارت الوثيقة المذكورة إلى اسم إحدى سفن النصف، وهي «المصفّى»، وحتى لا يختلط الأمر على القارئ فإن هذا الاسم قد تكرر في سفينة أخرى صنعها الأستاذ محمد حسين بو عليان لجاسم وعبدالله العماني في أوائل الأربعينات من القرن الماضي، وكانت من أجمل السفن الكويتية، وقد بيع «المصفَّى» الثاني عام 1947م إلى أحمد بن رضوان، وفي العام التالي تعرضت لعاصفة بحرية أدت إلى غرقها (3).
الوثيقة الثانية:
تحويل 500 روبية من منقرور
في 26 من شهر شوال 1284 هـ الموافق 20 من فبراير 1868م كتب محمد بن إبراهيم بن عباس يطلب فيها أن يقوم الأخ المكرم نصف بن بدر بتحويل مبلغ خمسمئةروبية سكة من منقرور، وكان ختم الرسالة المكفى شر الناس: محمد بن إبراهيم عباس، وفي هذه الوثيقة أشار إلى أن نصف بدر كان وقتها في منقرور، وأنه كان يتردد على الهند وينتقل بين موانيها لأجل اختيار بضاعته وإنجاز معاملاته التجارية، وقد ورد في وثيقة أخرى بتاريخ 28 من مارس 1877 م أنه كان في براول من موانئ الهند أيضاً، وتجدر الإشارة إلى أن محمد بن إبراهيم عباس هو تاجر من عائلة ثرية في لنجة لها معاملات مع تجار الكويت ونشاط ملحوظ في بومبي.
الوثيقة الثالثة: من الذكير إلى الشبيلي
كتب النوخذة نصف جاسم العصفور في 28 من ذي الحجة 1288 هــ الموافق 9 من مارس 1872 ورقة بخصوص بضاعة حملها في البغلة المسماة «فتح المبارك» من مقبل عبدالله الذكير في بندر ترشيلي (تاليجيري) إلى محمد الناصر الشبيلي في البصرة، وتشتمل الحمولة على 15 كندي فلفل و10 كندي قهوة، وعلامة الجميع (مال 172)، ونول الكندي، أو أجرته ريالان، تستوفى بعد وصول المال. ووجود هذه الوثيقة مع وثائق النصف دليل على صلة الموضوع بأعمالهم التجارية.
الوثيقة الرابعة:
البغلة لم تصل والفلفل في المخزن
رسالة من شركة حاجي يوسف بن حاجي أحمد إلى الأفخم الأحشم النوخذة نصف بن بدر مؤرخة من الأول من جمادى الأولى عام 1292هـ، الموافق 5 من يونيو 1875م، يذكر في هذه الرسالة ان خطابكم قد وصل، وانكم تطلبون ارسال أربع قطعات أنصاف النيطان (3)، وقد تأخرنا في ارسالها، لأننا طلبناها من أهل الجنكل (متعهدي أخشاب الجنكل) الذين اشترينا منهم الفلفل، وقد حصلنا اليوم على المطلوب فخذوه وعرفونا عن وصوله.
بقي في حسابكم عندنا من الأنواط (الأوراق المالية) التي أرسلتم مئة وأربعة آلاف روبية. ولم تصل إلينا البغلة حتى الآن، وجميع أشغالكم (طلباتكم)، قد انهيناها، وجواني (خياش أو شيكارات) الفلفل كلها مرصوصة في البخّار (المخزن). ويسلم عليكم حاجي يوسف وعبدالرحمن ابن حاجي سليمان ومحيي الدين عبدالقادر.
الوثيقة الخامسة:
من جراح الصباح إلى دعيج الجابر
رسالة من الشيخ جراح الصباح إلى جناب الأمجد الكريم الشيخ دعيج الجابر، بتاريخ 14 من شعبان 1299هـ الموافق 1 من يوليو 1882م يفيد فيها بأنه وقد وصلت إليه الرسالة التي بعثها عن طريق أحد رجاله، وهو سعد بن هشان، وبخصوص الألم الذي كان يعاني منه الأخير فقد أخذناه الى الطبيب (الحكيم) وفحصه، وذكر انه يحتاج عدة أيام حتى يشفى، ولم يقبل سعد ان يبقى عند الطبيب، ونتشرف بكل ما يلزم من الخدمة.
وهذه الرسالة من الرسائل النادرة التي كتبها وخمتها الشيخ جراح الصباح، وهي في ما يبدو موجهة من الكويت الى البصرة، حيث كان الشيخ جراح يشرف على مزارع أسرة الصباح هناك. أما سبب وجود هذه الرسالة في وثائق النصف فهي تلك العلاقة الخاصة التي كانت تربط الشيخ دعيج بالسيد نصف بن بدر (4)، ويد على ذلك ان كثيراً من الرسائل التي ترد الى نصف بن بدر كان كتّابها يحرصون على توجيه السلام إلى الشيخ دعيج.
الوثيقة السادسة: إقرار الجوعان
اقرار مؤرخ في 21 من شهر ذي الحجة عام 1300هـ الموافق 23 من أكتوبر 1883م، جاء فيه ان يوسف بن عبدالعزيز الجوعان قد نوّل (أمد بالبضاعة) بغلة عبدالله بن نصف المسماة «المنصوري» من بندر البصرة الى بنادر كاتور وبمبي، وان ذلك النول يماثل نول بغلة الشيخ محمد الصباح «السالمي» من التمر، وان كتب الله وذهبنا الى المليبار فيدفع لهم فرق المليبار. وأيضاً أتعهد بتحميل البغلة من المليبار بالتعلاة (أي في عودتها الى الكويت أو البصرة) بأخشاب الفنص ومنتيج كلت وغيرهما من الأخشاب والمعطارة (التوابل)، وسيكون نفس ذلك الأمر مع بغلة الشيخ محمد الصباح، وعلى ذلك وقع الرضا وصح الأشهاد.. وختم بختم واقرار يوسف عبدالعزيز الجوعان وشهادة راشد عبدالمحسن الحنيف ومحمد ابن أحمد.
وتقدم هذه الوثيقة صورة عن التعامل التجاري بين تجار الكويت، وان ذلك النشاط كان يسهم فيه ابناء الأسرة الحاكمة، لأنه كان المورد الأساسي لهم، والشيخ محمد المشار اليه هو الشيخ محمد بن صباح الصباح الحاكم السادس (1896/1838م). وتاريخ الرسالة يشير الى ان ذلك قبل ان يتسلم الحكم بعد وفاة أخيه عبدالله عام 1892م.
الوثيقة السابعة:
من عبدالله بن نصف إلى والده
تشير هذه الوثيقة الى نشاط النوخذة عبدالله بن نصف المشار اليه في الوثيقة السابقة، فقد وصل النوخذة المذكور الى بندر لنجة قادماً اليها من الهند عن طريق مسقط، فكتب بتاريخ 6 من رجب 1300هـ الموافق 13 من مايو 1883م رسالة الى والده نصف بن بدر في الكويت يقول فيها: وصلنا لنجة بفضل الله بسلام، والبغلة العودة (الكبيرة) سافرنا وهي في مسقط، وعرفناك برسالة عن وصولها وعن حمولة البغلة وما أخذناه لمحمد علي الذي طلب أيضاً لوحين من خشب الساج وشرحناه (تم قصّه) وفق طلبه. ونفيدكم بانه عند سفرنا من مسقط وصلت بغلة ابن عبدالجليل، وبعد سفرنا وصلت بغلة ابن زيد، علمنا بذلك في لنجة من بغلة الخاجة. وينهي الرسالة بالسلام على الشيخ (دعيج) وأهل بيته كافة وعلى الوالدة العودة والوالدة وعلى العم محمد بن راشد، وعلى الاخ سلمان، والعيال كافة.
هوامش:
(1) القران عملة فارسية.
(2) يعقوب يوسف الحجي: نواخذة السفر الشراعي في الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، ص 91 - 95، الكويت 2005.
(3) يعقوب يوسف الحجي: صناعة السفن الشراعية في الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، ص235 وما بعدها، الكويت 2007م.
(4) النيطان لعلها شكل من الأخشاب يقطع بطريقة خاصة تتناسب مع أحد أجزاء السفينة.
(5) الشيخ دعيج الجابر الصباح هو زوج مريم أخت نصف بن بدر.
© Al Qabas 2015








