15 11 2016

كيف يمكن لشركات التأمين أن تجذب الشراة في حين أنها لا تقدم شيء مادي وملموس.

تصر شركات التأمين في الشرق الأوسط أن المنافسة بينها لا تتعلق بأسعار عروض التأمين. ولكن إن كانت هذه هي الحقيقة، فكيف تتنافس شركات التأمين؟

لمعرفة الحقيقة ينبغي التعمق بالعلاقة الديناميكية بين البائع والشاري في مجال التأمين.

مجال التأمين يختلف عن باقي المجالات، فأنت لا تشتري أمراً مادياً تستطيع معاينته والحكم عليه، وإنما تشتري أمراً غير مادي ومبني على توقعات مستقبلية. فكونك العميل عليك أن تتذكر أن ما تشتريه هو الوعد بحدوث تعويض في حال حصول حادثة مرتبطة بالتأمين. فأنت تمنح شركة التأمين ثقتك ليقفوا بجانبك ويساعدوك في المستقبل.

لنعتبر أن شركة التأمين أ قدمت نشرة تعريفية لك تشرح من خلالها فوائد سياستها مقابل غيرها من الشركات، مستخدمة كلمات من العيار الثقيل، وعند الذهاب إلى شركة التأمين ب قدمت لك نشرة مشابهة تحمل نفس الشرح وكلمات مشابهة (وهذا ما يحدث في الواقع)، هذا ما يحدث عند عدم تقديم شركات التأمين أموراً ملموسة تميزها عن مثيلاتها من الشركات.

إذاً كيف تستطيع أن تتأكد أي من الشركات أو عروض التأمين هي الأفضل؟ كيف ستأخذ القرار؟
هل من الممكن لشركات التأمين اقناعك باختيارهم وكسب ثقتك بالرغم من عدم تقديمهم أي أمر ملموس؟ الإجابة الأقصر لهذا السؤال هو أنها لا تستطيع.

أحد العوامل الأساسية المؤثرة على شركات التأمين في هذا المجال هو قدرتها المتوسطة بما يتعلق بالتوزيع لمنتجاتها. فعند بحث أي شخص عن تأمين، يلجأ إلى الوسطاء، مواقع المقارنات، أو حتى البنوك التي يتعاملون معها. وذلك بسبب عدم وجود أي تواصل أو تفاعل بين شركات التأمين والعملاء المترقبين.

حتى بعد عملية شراء التأمين، ديناميكية هذه العلاقة لن تتغير، فما لم يحدث ما يتعلق بالتأمين الذي اشتريته لن تضطر للتفاعل والتحدث مع شركة التأمين أبداَ. بل حينها سوف تتضاعف المشكلة بين الطرفين، فقلة التفاعل تجعل من شركة التأمين أمراً مجهولاً، ويضاف إلى ذلك عدم امتلاك العميل لأي خبرة عن كيفية التصرف أو التعامل مع الشركة، وهذا التوتر كله يترافق مع المشكلة التي يعانيها العميل، وسوف يتحول ذلك اليوم إلى أسوأ أيام حياته.

إذاً تواصل شركات التأمين مع العملاء هو ما يميزها عن بعضها، فإن لم يأخذوا ذلك بعين الاعتبار فلن يبق من ميزات الشركات سوى أسمائهم وأسعارهم. وحين تتعلق المنافسة بالسعر كلنا نعلم من الفائز، فهي الشركة ذات سعر التأمين الأدنى، وهو أمر جيد للعميل حتى حدوث مشكلة تتعلق بالتأمين واكتشاف أن التكلفة الأقل تعني عدم الدعم والمساندة الكاملة.

الحل البديل هو العودة إلى طريقة تسويق شركات التأمين لنفسها، وهي ليست بالمهمة السهلة، هل تستطيع تخيل رسالة تسويقية للعمل الوحيد الذي تقوم به شركات التأمين "سوف ندفع لك حين يكون لديك حادثة طارئة"

الآن إن أردت أن تسمي 5 شركات تأمين في الشرق الأوسط (إن استطعت تسمية 5 شركات)، هل تستطيع معرفة ما تمثله كل شركة؟ إن كانت أجابتك لا، فما الذي تستنتجه عن طريقة تسويق شركات التأمين لنفسها؟ ولتسأل نفسك عند شراء تأمينك التالي ما هي العوامل التي تأخذها بعين الاعتبار عند شراء التأمين، غير السعر؟

مستقبل شركات التأمين يعتمد على المقارنة بين عروض شركات التأمين من حيث التغطية والخدمات الأفضل، بالإضافة إلى متابعة العميل لدعم هذه التغطية. كل هذا ضمن الميزانية المحددة لكل تأمين. ونظراً لكثرة شركات التأمين في المنطقة، فهذه سوف تكون الطريقة الوحيدة لدفع عجلة التأمين إلى الأمام.

في المرة القادمة حين تسمع صديق لك من أحد شركات التأمين يخبرك أن العامل الأساسي في المنافسة بين الشركات هو السعر، وافقه الرأي وأخبره أن على العملاء أن يعرفوا أكثر عن الخدمات المقدمة والفوائد الإضافية التي يستطيع التأمين عرضها. ثم اسأل صديقك بتهكم ما هي الخدمات والفوائد التي تقدمها شركتك.

© Opinion 2016