06 12 2016

قال مدير إدارة الدراسات وتنمية الأسواق في هيئة أسواق المال د. محمود بوشهري انه تم الغاء ادراج 42 شركة من البورصة منذ إنشاء الهيئة، بينها 17 شركة انسحبت اختيارياً أو حصلت على موافقة بالانسحاب الاختياري، وذلك الى نهاية 2016.

وأشار بوشهري خلال ورشة عمل نظمتها هيئة الأسواق أمس عن الانسحابات الاختيارية الى ثلاثة أسباب جوهرية لانسحاب تلك الشركات، هي كما يلي:

 مخالفة الشركة لأحد متطلبات شروط الادراج والقواعد المنظمة لها أو / وخسارة الشركة لما يزيد على %75 من رأس مالها.

 انسحاب الشركة اختيارياً من البورصة، وذلك بعد الحصول على موافقة %51 من مساهمي الشركة (الملاك) في الجمعية العامة.

 اندماج الشركة مع شركة اخرى، الأمر الذي يتطلب معه إلغاء ادراج احدى هاتين الشركتين من البورصة.

وذكر بوشهري العديد من الدراسات العلمية المعنية بظاهرة الانسحاب الاختياري، وأشار الى ان الشركات التي أقدمت على مثل هذا الاجراء قد واجهت عدداً من التحديات قبل انسحابها ومن ضمنها، عدم قدرة الشركات على الاستمرار في استيفاء متطلبات الادراج المقررة من قبل الجهات التنظيمية والرقابية.

تدني فرص النمو وضعف الملاءة المالية لها وانخفاض أرباحها وتراجع العائد على حقوق المساهمين وارتفاع مخاطر الاستثمار فيها (مقارنة بالسوق ككل).
 
ضعف كميات وقيم التداول على أسهمها مصحوباً بانخفاض حاد في أسعار أسهمها.

اشارت بعض الدراسات الاخرى الى ان هناك الكثير من الشركات التي كانت مستوفية لكل شروط الادراج ولديها مراكز مالية جيدة قد انسحبت اختيارياً، من اسواق الاوراق المالية، ويرجع قرار الانسحاب الى عدة اسباب اهمها تركز ملكيات الشركات بعدد محدود من المساهمين أو ما يعرف بالمجاميع المسيطرة، وعدم حاجات الشركات إلى أية رؤوس أموال اضافية نتيجة لثبات نماذج اعمالها (انعدام فرص النمو المستقبلية لها) في حين قررت مثل هذه الشركات الانسحاب لتكون بمنأى من أي التزامات تجاه الجهات التنظيمية والرقابية المعنية بأسواق المال.

القيم السوقية

وأوضح ان الشركات المنسحبة هي عاملة في قطاعات الخدمات المالية والصناعة والعقار والخدمات الاستهلاكية والبنوك والتأمين والتكنولوجيا، وهي في العموم شركات صغيرة/ متوسطة الحجم، مبينا ان اجمالي القيم السوقية للشركات المنسحبة مجتمعة بلغت ما يقرب من 504 ملايين دينار، وشكلت هذه القيمة ما نسبته %1.8 من متوسط اجمالي القيم السوقية لجميع الشركات المدرجة في البورصة للفترة من 2011 الى 2016، والذي بلغ حوالي 28 ملياراً.

واضاف ان الاسعار السوقية لمعظم اسهم الشركات المنسحبة متدنية ودون قيمها الدفترية، مستدركاً بفرض ان الشركات المنسحبة هي غير مدرجة ورغبت في الادراج، فإن ستا من هذه الشركات فقط سوف ينطبق عليها شروط الادراج في السوق الرسمي المعتمدة من قبل هيئة اسواق المال.

وقال تم حصر شامل لاعداد وملكيات كبار المساهمين في الشركات المنسحبة (ممن يملكون %5 فأكثر من اسهم هذ الشركات)، وقد تبين وجود 14 شركة يتملك فيها عدد محدود من المساهمين (مجاميع مسيطرة)، يبلغ عددهم في المتوسط 3 مساهمين، ما يزيد على %51 من اسهم هذه الشركات، وهي بكل تأكيد نسب مرتفعة اعطت الحق لكبار المساهمين واعتماد توصيات مجالس ادارات الشركات على الانسحاب الاختياري.

أسباب الانسحاب

واستعرض بوشهري الاسباب التي ادت الى قيام بعض الشركات بالانسحاب الاختياري، وذلك بحسب وجهات نظر مجالس اداراتها وهي كما يلي:

1 ــ ضعف كميات وقيم التداول في سوق الكويت للاوراق المالية وتراجع ثقة المستثمرين به، علاوة على تراجع سمعته وتصنيفه بين نظائره في المنطقة.

2 ــ القيم الدفترية لأسهم الشركات المنسحبة اعلى وبنسبة كبيرة من اسعارها السوقية، وبناء عليه، فإن سوق الكويت للاوراق المالية لا يعمل بكفاءة مثلى ولا يعكس الاسعار الحقيقية (القيمة العادلة) لاسهم الشركات المدرجة فيه.

3 ــ ارتفاع تكاليف الرسوم السنوية التي تدفعها الشركات مقابل الاستمرار في ادراجها في سوق الكويت للاوراق المالية دون ان يتحقق لها اي منفعة تذكر من الادراج.
4 ــ اصرار هيئة اسواق المال على عدم الاعفاء من احكام الاستحواذ الالزامي.

5 ــ عدم تناسب هيكل الشركة الاداري والمالي مع متطلبات هيئة اسواق المال فيما يخص قواعد الحوكمة، والذي سوف يُحملها مبالغ كبيرة في حال الالتزام بها وبما يسبب خسائر واضرارا للشركة ومساهميها.

وحول مدى صحة هذه الاسباب قال بوشهري لا نعتقد ان ضعف كميات وقيم التداول في السوق هو سبب كاف يمكن ان يُعتد به ليدفع اي شركة على الانسحاب الاختياري منه، حيث ان كميات وقيم التداول على سهم اي شركة مرتبطة باداء الشركة الحالي والمستقبلي والوضع الاقتصادي العام.

وقال ان ظاهرة اختلاف القيمة الدفترية للسهم عن سعره العادل هي ظاهرة طبيعية، حيث نادراً ما تتطابق هذه القيم نظراً لان الاخير يأخذ في الاعتبار توقعات المستثمرين حول الاداء المستقبلي للشركة وايضاً العائد الذي يطلبه رجال الاعمال من الاستثمار في اسهم الشركة (او ما يعرف في الاوساط المالية بتكلفة رأس المال)، ليس هذا فحسب، بل ان سعر السهم العادل قد يختلف عن سعره السوقي، لان الاخير مرتبط بقوى العرض والطلب على اسهم الشركة وعلى توقعات رجال الاعمال بشأن اتجاه حركة الاقتصاد الكلي ما بين الانتعاش والركود، مبيناً أن القيمة الدفترية وسعر السهم السوقي لأي شركة عادة ما يتذبذبان حول سعر السهم العادل، وقد يكون الاختلاف بين هذه القيم الثلاث كبيراً من حيث القيمة والنسبة.

وأضاف: تقوم الشركات المدرجة حالياً بدفع رسوم سنوية مقدارها نصف من الالف من رأس المال المدفوع وبحد ادنى واعلى يساوي 5 آلاف دينار و50 الف دينار، وقد تم تقدير نسبة الرسوم المدفوعة الى صافي الارباح لكل الشركات المنسحبة، وتبين انها منخفضة وتقل عن %1.

ولفت الى ان هناك بعض الشركات المنسحبة قد منيت بخسائر مالية، الا ان رسوم استمرار الادراج لم تفاقم تلك الخسائر بشكل كبير، مضيفاً: لا نعتقد أن رسوم الادراج قد اثرت بشكل رئيسي ومنفرد على قرار الشركات بالانسحاب الاختياري من البورصة.

الاستحواذ الإلزامي

وذكر ان عدم الاعفاء من احكام الاستحواذ الالزامي وتكلفة الحوكمة قد يكونان سبباً مقبولاً دفع بعض الشركات للانسحاب الاختياري من البورصة خلال الفترات السابقة، وتم اخذهما بعين الاعتبار عند اصدار اللائحة التنفيذية الجديدة.

وقال: نظمت اللائحة التنفيذية الجديدة للقانون رقم 7 لسنة 2010، 15 حالة اعفاء من الاستحواذ الالزامي، كما انها نظمت نسبة البيع والشراء المسموح بها للمسيطر على اي شركة مدرجة، وذلك تماشياً مع واقع سوق الكويت، آخذين في الاعتبار افضل الممارسات العالمية (لمزيد من الايضاح انظر اللائحة التنفيذية - الكتاب التاسع، الاندماج والاستحواذ المادة 3 - 5 - 1 و3 - 6).

واضاف: استحدثت اللائحة التنفيذية الجديدة لهيئة اسواق المال كتاباً خاصاً بشأن حوكمة الشركات والذي تقوم احكامه على مبدأ الالتزام أو التفسير، وبمعنى آخر اصبح هناك تدرج سلمي في تطبيق قواعد الحوكمة (لمزيد من الايضاح انظر اللائحة التنفيذية - الكتاب الخامس عشر، حوكمة الشركات).

ولفت الى انه تم تقييم الوضع المالي للشركات المنسحبة اختيارياً، وقد استند التقييم على مؤشرات مالية مشتقة من الميزانيات العامة عن السنة المالية التي سبقت انسحابها من البورصة، وتندرج المؤشرات المالية تحت ثلاث فئات رئيسية، هي: مؤشرات السيولة والدين ومؤشرات الكفاءة ومؤشرات الربحية، كما انه اوضحت النتائج ان العديد من الشركات المنسحبة كان لديها وضع مالي ضعيف قبل انسحابها، في حين كانت هناك بعض الشركات الاخرى التي لديها وضع مالي معتدل/ جيد قبل انسحابها، مؤكدا تماشي نتائج التقييم مع ما اوضحته الدراسات العلمية المعنية بظاهرة الانسحاب الاختياري.

الآثار المترتبة

وعن الآثار المترتبة من الانسحاب الاختياري، قال بوشهري: مثّلت القيم السوقية لكل الشركات المنسحبة ما نسبته %1.8 فقط من متوسط اجمالي القيمة السوقية لجميع الشركات المدرجة في البورصة للفترة من 2011 إلى 2016، فيما شكّلت كميات وقيم التداول السنوي للشركات المنسجة مجتمعة ما نسبته %1.2 و%0.6 من متوسط الاجمالي السنوي لكميات وقيم التداول في السوق ككل.

وأكد أن الانسحاب الاختياري للشركات لن يؤثر على اداء الاقتصاد الكويتي، حيث ان مساهمة اي منشأة او شركة انتاجية في الناتج المحلي الاجمالي تقاس بمقدار القيمة الصافية التي اضافتها هذه المنشأة أو الشركة الى الناتج المحلي الاجمالي أو ما يعرف بالقيمة المضافة. هذه القيمة المضافة لن تتغير، سواء كانت الشركة مدرجة ام غير مدرجة في بورصة الكويت للاوراق المالية.

وقال: من ناحية اخرى، قد يضر الانسحاب الاختياري لأي شركة مساهمة من البورصة بمصالح صغار المساهمين فيها، نظرا لصعوبة التخارج من ملكياتهم في اسهم الشركة، حيث لن يتمكن صغار المساهمين من بيع اسهمهم الا من خلال سوق التداول خارج المقصورة.

وتابع: لضمان حقوق صغار المساهمين فقد اجازت هيئة اسواق المال في حالة موافقة الجمعية العامة على طلب الانسحاب من الادراج أن يبادر مجلس ادارة الشركة إلى توفير عرض من قبل طرف او اكثر من ملاك الشركة او من اطراف خارجية لشراء الاسهم من المساهمين الاخرين الراغبين بالبيع قبل الانسحاب من الادراج، على ان يكون سعر الشراء يعادل متوسط سعر السهم لمدة ستة اشهر سابقة لتوصية مجلس الادارة على طلب الانسحاب من الادراج، وعلى ان تتم عملية الشراء قبل التاريخ الفعلي للانسحاب.

واشار الى انه تم مؤخراً ادراج ثلاث شركات كبرى، بنك وربة وشركة الاتصالات الكويتية وشركة ميزان القابضة، ويبلغ اجمالي قيمها السوقية حاليا ما يقارب المليار دينار، لافتاً الى انه تتمثل المنافع المتحققة من الادراج في سهولة حصول الشركات على رؤوس الاموال والتسهيلات الائتمانية من المستثمرين والمؤسسات المصرفية، بهدف تطوير وتوسيع الانشطة القائمة للشركة. اضافة الى ذلك، استخدام اسهم الشركة المسعرة في عمليات الاستحواذ الاختياري، وهي جميعها منافع تستحق ان تقوم الشركات بالادراج لضمان حصولها.

طلبات الانسحاب

من جانبه، اكد مدير ادارة التراخيص والتسجيل في هيئة اسواق المال زياد الفليج ان لدى الهيئة عددا من طلبات الانسحاب تحت الدراسة، رافضاً الإفصاح عنها، مبيناً ان البعض قد يطلب الغاء طلبه، واخرى غير مستوفية لكل المتطلبات.

واستعرض الفليج الجانب التشريعي والتنظيمي للانسحابات الاختيارية الواردة في الكتاب الثاني عشر من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة اسواق المال «قواعد الادراج»، والتي تنص على انه يجوز لكل شركة مساهمة مدرجة ان تطلب الغاء ادراج اسهمها من البورصة وفق الشروط والاجراءات الواردة في اللائحة التنفيذية..

البت في الطلب خلال 60 يوماً

ذكر مدير إدارة التراخيص والتسجيل في هيئة أسواق المال زياد الفليج أن الهيئة تبت في الطلب في غضون ستين يوماً من تاريخ تسلمه، مستوفياً جميع المعلومات والمستندات، وتخطر الهيئة مقدم الطلب بقرارها المتعلق بالإدراج، ويجوز لها رفض الطلب في الأحوال التالية:

أ - عدم توافر أحد الشروط الواردة في هذا الكتاب.

ب - إذا قدرت الهيئة ذلك لاعتبارات تتعلق بحالة السوق أو الاقتصاد الوطني بشكل عام.

ج - إذا قدرت الهيئة ذلك حماية للمتعاملين، نظراً لحدوث أو إمكانية حدوث تغيرات جوهرية تتعلق بوضع الشركة المالي أو التشغيلي أو الإداري أو بأصول الشركة.
وفي جميع الأحوال يجب أن يكون قرار الرفض مسبباً.

حق الاعتراض للصغار

أشار زياد الفليج إلى  المادة 3ــــ 12 من الكتاب التاسع - الاندماج والاستحواذ، والتي تنص على:

«يجوز لأي مساهم أو عدد من المساهمين الذين لا تقل ملكيتهم عن نسبة %5 ولا تزيد على %30 من أسهم شركة مدرجة أن يتقدموا للهيئة باعتراض على قرارات الجمعية العامة العادية أو غير العادية، وذلك بالشروط التالية:

1 - أن يتم الاعتراض خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إصدار القرار المعترض عليه أو علمهم به، أيهما أبعد.

2 - ألا يكون المساهمون المعترضون ممن وافقوا على القرار المعترض عليه.

3 - أن يكون القرار المعترض عليه يتضمن إجحافاً بحقوق الأقلية».

البيع قبل الانسحاب

قال الفليج: في حال موافقة الهيئة على طلب الانسحاب من الإدراج يجوز لأي شخص أن يتقدم بعرض لشراء أسهم المساهمين الراغبين في البيع قبل الانسحاب من الإدراج، على ألا يقل سعر الشراء عن متوسط سعر السهم لمدة ستة أشهر سابقة على إفصاح مجلس الإدارة عن توصيته بالانسحاب من الإدراج.
 
وتتم عملية الشراء قبل التاريخ الفعلي للانسحاب.
 
وتحدد البورصة القواعد التنظيمية لهذه العملية.

تكلفة الحوكمة تصل إلى ربع مليون دينار سنوياً

ذكر مدير إدارة الدراسات وتنمية الأسواق في هيئة أسواق المال د. محمود بوشهري أن تكلفة تطبيق الحوكمة تتراوح بين 150 ألفا و250 ألف دينار سنويا وفقا لنوع المؤسسة وحجمها، مؤكدا أهمية تطبيقها لحماية المؤسسة واستمرارها من ناحية والحفاظ على حقوق الصغار من ناحية أخرى.

© Al Qabas 2016