تستعرض هذه المقالة وتنظر في دعوى حديثة أمام محكمة التمييز في دبي حول موضوع التزامات الإخطار للمستفيد في بوليصة التأمين على الحياة.

وتوضح المقالة كيفية تعامل محاكم القانون في دولة الإمارات العربية المتحدة مع فترات الإخطار التي تحددها شركات التأمين، وكيف يمكن للمحاكم تفسير "الأعذار القانونية" فيما يتعلق بفترة التقادم للإخطار.

وفي هذه الدعوى المنظورة أمام محكمة التمييز بصفة خاصة، رفضت شركة تأمين ("المدعى عليه") تعويض المستفيد ("المدعي") بموجب بوليصة تأمين على الحياة ("البوليصة").

وقد فحصت ونظرت محكمة التمييز في دبي فيما إذا كان يجوز تعويض المدعي من قبل المدعى عليه، على الرغم من إخفاق المدعي في إبلاغ المدعى عليه بوقوع وفاة المؤمن عليه ضمن الأطر الزمنية المحددة بموجب هذه البوليصة، وذلك استنادًا إلى "عذر قانوني" للتأخير في الإخطار.

حيثيات الدعوى

في يوليه 2000، توفي شقيق المدعي (المؤمن عليه) في حادث سيارة. وفي يناير 2015، قام المدعي بإبلاغ المدعى عليه بوفاة المؤمن عليه، وطالب بقيمة التأمين. فقام المدعى عليه برفض المطالبة.

في أكتوبر 2015، قام المدعي برفع دعوى موضوعية ضد المدعى عليه، بعد أن رفض المدعى عليه تعويض المدعى بموجب هذه البوليصة؛ وكانت مطالبة المدعي على أساس أنه قد ذُكِر كمستفيد بموجب البوليصة المُبرمة  بين المتوفى والمدعى عليه.

قام المدعي بإقامة دعوى مدنية تامة ضد المدعى عليه، حيث طالب فيها بمبلغ 250,000 دولار أمريكي، بالإضافة إلى فائدة قانونية مقدارها 9%.

رفض المدعى عليه تعويض المدعي، ورفض دفع أي مبالغ بموجب البوليصة للأسباب الجوهرية التالية:

1- إخفاق المدعي في إخطار المدعى عليه وفقًا لشروط وأحكام البوليصة، التي تنص بوضوح على أنه "في حالة الوفاة يجب إخطار شركة التأمين كتابة خلال (7) أيام من تاريخ الوفاة، وفي حالة عدم الوفاء بهذا الشرط، يجوز لشركة التأمين أن ترفض تعويض المستفيد".

2-  تعتبر المطالبة قد سقطت بالتقادم بموجب القانون بانقضاء المدة، حيث أن المادة 1036/1 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي تنص على ما يلي: "لا يجوز الاستماع إلى المطالبات الناشئة عن عقود التأمين بعد انقضاء ثلاث سنوات من وقوع الحادث الذي نشأت عنه المطالبة، أو من علم الشخص صاحب المصلحة بحدوثها".

حجة المدعي - عذر قانوني ومعقول

أفاد المدعي أن بند البوليصة الخاصة بفترة الإخطار التي تنص على أن حق المستفيد يجب أن يظل قائمًا إذا لم يقدم الإخطار اللازم وفقًا للبوليصة، وادعى أن هذا البند يعد تعسفيًا، وأن المدعي لم يوافق عليه. وأوضح المدعي أيضًا أنه لم يكن على علم ببوليصة التأمين وقت وقوع الحادث.

اعتمد المدعي على مادتين من قانون المعاملات المدنية الإماراتية وهما:

أولاً: المادة 481 من قانون المعاملات المدنية الإماراتية، التي تنص على ما يلي:

  • يتوقف مرور الزمان المانع من سماع الدعوى كلما كان هناك عذر شرعي يتعذر معه المطالبة بالحق.
  • لا تحسب مدة قيام العذر في المدة المقررة.
  • ثانيًا: اعتمد المدعي على المادة 1028 من قانون المعاملات المدنية الإماراتية، التي تنص على ما يلي:

    "(1) يقع باطلًا كل ما يرد في وثيقة التأمين من الشروط التالية:

    (ب) الشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمن له بسبب تأخره في إعلان الحادث المؤمن منه إلى الجهات المطلوب إخبارها أو تقديم المستندات إذا تبين أن التأخير كان لعذر مقبول".

    رفع المدعي دعواه أمام محكمة دبي الابتدائية على الأساس المذكور أعلاه، وادعى أنه يحق له بالتالي أن يحصل على التعويض بموجب المادتين 481 و1028.

    قرار المحكمة

    في فبراير/ شباط 2016، أصدرت محكمة دبي الابتدائية حكمها استنادًا إلى الأسس التالية:

  • اعتبرت المحكمة عذر المدعي صحيحًا بموجب القانون.
  • وجدت المحكمة أن المدعي كان لديه عذرًا قانونيًا لعدم إخطار وتقديم طلبه في غضون المدة المحددة في المادة 1036/1 من قانون المعاملات المدنية. ووجدت المحكمة أن المهلة المحددة بموجب المادة 1036/1 يتم تعليقها في حالة وجود عذر قانوني مقبول ومعقول. وبناء على ذلك، لا ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار أي فترة "عذر" عند حساب فترة التقادم المنصوص عليها في المادة 1036/1 من قانون المعاملات المدنية.
  • غير أن المحكمة رفضت دعوى المدعي على الرغم من أنها وجدت أن عذره كان مشروعًا وصحيحا. حيث وجدت المحكمة أن المدعي أخفق في الامتثال لشروط وأحكام البوليصة بعد فترة العذر، حيث ثبت أن المدعي أخطر المدعى عليه بمطالبته بعد نحو سبعة أشهر من انتهاء فترة الأعذار. وقد تقرر أن المدعي عليه كان ينبغي أن يكون قد تم إخطاره خطيًا في غضون سبعة أيام من تاريخ انتهاء فترة الأعذار بموجب البوليصة. ورأت المحكمة أن للمدعى عليه الحق في رفض دفع قيمة التأمين إلى المدعي لهذا السبب. ولو أن المدعي أبلغ عن مطالبته في غضون 7 أيام من انتهاء فترة الأعذار، لكان من الممكن أن تنظر المحكمة في الدعوى على نحو مختلف.
  • أيدت محكمة الاستئناف ومحكمة التمييز في دبي حكم محكمة دبي الابتدائية بقبوله، حيث أنه بني على تعليل قانوني صحيح.
  • تعقيب

    إن أهمية هذا الحكم مضاعفة، حيث إنه يبين أن أي عذر قانوني أو معقول تقبله المحكمة ينبغي أن يعلَّق أيضًا فترة التقادم المذكورة في المادة 1036/1 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي.

    وعلاوة على ذلك، فإن محكمة التمييز طبقت المادة 1028 والمادة 481 من قانون المعاملات المدنية. وبناءً على ذلك، وعلى الرغم من أن المستفيد في إطار بوليصة التأمين قد يكون قد فاته الموعد النهائي التعاقدي المذكور لإخطار شركة التأمين- فإنه بشرط إثبات وجود عذر قانوني أو معقول بما يقنع المحكمة - فإن وثيقة التأمين قد تظل سارية.

    ومع ذلك، فإن وجود عذر قانوني لن يمنع المحكمة من تطبيق فترة الإخطار عن الحوادث المنصوص عليها في وثائق التأمين، وأن أي فترة تعاقدية من هذا القبيل تعتبر بدايتها بعد انقضاء فترة الأعذار. وفي هذه الحالة بالذات، ونظرًا لإخفاق المدعي في الالتزام بفترة الإخطار التعاقدي المنصوص عليه في البوليصة بعد انقضاء فترة الأعذار، فإن المحكمة لم تتمكن من العثور على حق للمدعي في الحصول على تعويض من المدعى عليه.

    كتبه: يزن السعودي / صخر العقيلة / منى اللبان - m.allabban@tamimi.com / s.alaqaileh@tamimi.com / y.saoudi@tamimi.com – دبي، الإمارات العربية المتحدة

    © Al Tamimi & Company 2017