16 02 2017

فيما تتجه وزارة الإسكان، بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية الأخرى، إلى تنظيم قطاع الإيجار في المملكة وتقنينه بهدف تعزيز الثقة في سوق الإيجارات، عبر تسجيل عقود الإيجار بالشبكة الإلكترونية (إيجار)، أكد متخصصان أن هذه الخطوة من شأنها تنظيم قطاع الإيجار، والقضاء على المشكلات التي ظهرت بين المالك والمستأجر خلال العقود الماضية، مشيرين إلى أن الخطوة رغم أنها جاءت متأخرة بعض الشيء، إلا أنها ستكون ذات جدوى اقتصادية واجتماعية كبيرة للقطاع العقاري، عبر إيجاد سوق إيجاري منظم ومرتب، يسير حسب آلية تحكمها الأنظمة والتقنية الحديثة.

وكان مجلس الوزراء أقر في جلسته الأخيرة هذا الأسبوع عدة أنظمة تعزز قواعد الثقة في سوق إيجار المساكن، حيث اعتبر أن عدم تسجيل عقد الإيجار في الشبكة الإلكترونية، لا يعني أنه عقد صحيح منتج لآثاره الإدارية والقضائية، ودعا المجلس وزارتي "العدل" و"الإسكان" إلى وضع الشروط والمتطلبات اللازم توافرها في العقد، حتى يمكن اعتباره مسجلاً في الشبكة الإلكترونية، والحالات التي يمكن شمولها بذلك، بما فيها حالة امتناع أحد طرفي العقد عن تسجيله، وطلب المجلس من الجهات الحكومية -التي يتطلب تقديمها للخدمة وجود عقد إيجار ـ الاستعانة بشبكة (إيجار) للتحقق من العقد، على أن تشترط وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وجود عقد إيجار مسجل في شبكة (إيجار) لإصدار رخص العمل لغير السعوديين أو تجديدها، على أن تنسق الوزارة مع وزارة الإسكان للاتفاق على الآلية اللازمة لذلك، وتحديد المهن ذات الصلة.

ويعد برنامج "إيجار" من بين البرامج المتنوعة والخطط التطويرية التي عملت عليها وزارة الإسكان في إطار تنظيم قطاع الإسكان في المملكة. ويأتي البرنامج رافداً لما تم إطلاقه سابقاً من برامج ومبادرات مختلفة، مثل الرسوم على الأراضي البيضاء، ومركز خدمات المطورين (إتمام)، واتحاد الملاك (ملاك)، وتندرج هذه البرامج والمبادرات ضمن الجهود المستمرة التي تستهدف تحقيق تطلعات ولاة الأمر والمواطنين، وتماشياً مع استهداف وزارة الإسكان دعم العرض وتمكين الطلب وتحقيق رؤيتها في تنظيم وتيسير بيئة إسكانية متوازنة ومستدامة وتحسين أداء القطاع العقاري، ورفع مساهمته في الناتج المحلي، تماشياً مع برنامج التحوّل الوطني 2020 والرؤية السعودية 2030.

وأشاد عائض بن عبدالله الوبري عضو مجلس إدارة غرفة الرياض ورئيس اللجنة العقارية وعضو اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف التجارية بقرارات مجلس الوزراء الداعمة لقطاع الإسكان بشكل عام، وسوق الإيجار بشكل خاص، مؤكداً أن "هذه القرارات تعد أكبر دليل على حرص الحكومة على تدعيم قطاع الإسكان في المملكة، وترتيب أوراق وتنظيمها بشكل أكبر من ذي قبل". وقال: "أستطيع التأكيد على أن سوق الإيجارات تشكل نسبة كبيرة من قطاع الإسكان في المملكة، الأمر الذي كان يحتم على الجهات المعنية، تنظيم هذه السوق وتقنينها، بوضع الأنظمة والإجراءات التي تبعد عنها العشوائية"، مشيراً إلى أن "هذه العشوائية تسببت في ظهور مشكلات كثيرة وعميقة في السوق، بين المالك والمستأجر، مما أسفر عنها ضياع حقوق الطرفين، وخروج بعض المستثمرين في قطاع الإيجار من السوق دون رجعة، وضعف دخول استثمارات جديدة إلى هذه السوق الحيوية".

وأضاف "لسنوات طويلة، دعا الكثير من المختصين والمواطنين إلى تقنين قطاع الإيجار، ورفده بالأنظمة والقوانين المنظمة له، ولكن لم يلتفت أحد إلى هذا الأمر، الأمر الذي عمق من مشكلات السوق، وساعد على إرباك الاستثمارات فيه، ولكن اليوم ومع توجه وزارة الاسكان إلى ترتيب قطاع العقار، وإيجاد حلول لحل أزمة السكن في البلاد، فقد نال قطاع الإيجار نصيبه من هذه الإصلاحات، بأن تسير عملياته تحت إشراف وزارة الإسكان وعدد من الجهات المتعاونة، مثل وزارتي العدل ووزارة العمل، لذا لا نستبعد أن نرى سوق الإيجار في المملكة جاذبة بشكل أكبر للاستثمارات، بعدما يتأكد المستثمرون أن حقوقهم ستكون محفوظة ومضمونة بحكم الأنظمة والتشريعات الصارمة، التي أرى أنها تأخرت بعض الشيء، ولكنها جاءت في الوقت المناسب، تماشياً مع تطبيق رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020".

بدوره، استبشر سلمان عبدالله بن سعيدان رئيس مجموعة سلمان بن سعيدان للعقارات خيراً بقرارات مجلس الوزراء الأخيرة الداعمة لقطاع الإيجارات في المملكة، وقال: "التنظيمات الصادرة من مجلس الوزراء ذات أهمية قصوى لسوق الإيجار بالمملكة، وآمل تطبيقها على أرض الواقع خلال عام على الأكثر، للتقليل ومن ثم القضاء على عشوائية القطاع، والحد من النزاعات المحتملة بين الملاك والمستأجرين، التي وصل بعضها إلى المحاكم، وضاعت بسببها الحقوق".

وتابع بن سعيدان "قرارات مجلس الوزراء تضمن الموثوقية اللازمة للتعاقدات الإيجارية، وتؤدي بطبيعة الحال إلى عدم اشغال القضاء بخلافات وقضايا مصدرها الأخطاء في عقود الإيجار". وقال: "عشوائية سوق الإيجارات في المملكة، عززت من ظهور عدد وافر من المشكلات البدائية، مثل عدم دفع الإيجارات في مواعيدها المحددة، والخلاف بين المالك والمستأجر على أمور مالية وحقوقية، غير محددة أو واضحة المعالم في التعاقد بينهما، وضياع عقود الإيجارات، أو عدم صحة بيانات المتعاقدين، أو عدم صحة سند الملكية للعقار، ومشاكل الوكالات والصكوك الشرعية، وكان لزاماً إيجاد حلول لهذه المشكلات، وأعتقد أن قرارات مجلس الوزراء ستحل هذه المشكلات، وما يجعلني مطمئناً بأن مجلس الوزراء ربط بين تقديم الخدمات الحكومية، وبين توثيق عقود الإيجار في شبكة "إيجار"، ما يؤكد شمولية التنفيذ على جميع المواطنين والمقيمين.

© صحيفة الرياض 2017