09 08 2017

الخبر، المملكة العربية السعودية

لقد أصبح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أمرًا سائدًا ومتناميًا في المملكة العربية السعودية؛ ولم يؤدي ذلك إلى إحداث ثورة تواصل في حياتنا الشخصية فحسب، بل إن تأثيرها وإمكاناتها أيضًا في مكان العمل أصبحت ملموسة بوضوح، حيث لم يكن التعرف على الحياة الخاصة للموظفين أكثر سهولة بالنسبة لأصحاب العمل من قبل. ومع استمرار النمو في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، تنمو أيضًا فرص الأعمال التجارية لأرباب العمل جنبًا إلى جنب مع المخاطر القانونية المرتبطة بها.

مقدمة

تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة السابعة عالميًا من حيث الحسابات الفردية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بلغ متوسط ​​عدد حسابات التواصل الاجتماعي لكل فرد 7 حسابات. هذا ويمثل الفيس بوك، تويتر، واتساب، انستغرام ويوتيوب المنصات المتكررة الاستخدام في هذا السياق؛ كما يمثل السعوديون أكثر من 40 في المائة من مستخدمي تويتر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يبلغ متوسط ​​استخدام تويتر للمستخدم السعودي خمس مرات في اليوم. وتحتل المملكة العربية السعودية المركز الرابع عشر من حيث مستخدمي واتساب ولديها أعلى معدل في استخدام يوتيوب للفرد عن أي بلد في العالم.

وكأداة عمل، توفر وسائل التواصل الاجتماعي مستوى عالي من الاتصال مع العملاء والقدرة على الحصول على اعتراف وعرض لاسم العلامة التجارية. وفي مكان العمل، يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تكون أداة قيمة للموارد البشرية لأصحاب العمل في جميع مراحل دورة العمل من الفحص قبل التوظيف إلى التفاعلات بعد انتهاء الخدمة. ومع ذلك، فإن إساءة استخدامها من جانب أرباب العمل والموظفين يمكن أن تترتب عليه آثار خطيرة على كليهما. وتتناول هذه المقالة بعض القضايا الهامة التي يمكن أن تنشأ عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مكان العمل، وكيف يمكن أن تتعارض هذه القضايا مع حقوق الفرد في الخصوصية والحماية من التشهير بموجب قوانين المملكة العربية السعودية.

حقوق الفرد

هناك عدد من القوانين في المملكة العربية السعودية تحمي حقوق الفرد في الخصوصية والحماية من التشهير عندما يتم نقل المعلومات إلكترونيًا. وهي كما يلي:

·         القانون الأساسي للحكم رقم 90/أ بتاريخ 27 شعبان 1412 ه ("القانون الأساسي") يحمي خصوصية الأفراد من خلال حماية البرقيات والبريد والهاتف وغيرها من وسائل الاتصال، ويجعل من غير القانوني مصادرتها أو تأخيرها أو قراءتها أو خرقها؛

·         قانون الاتصالات الصادر بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 74 لسنة 2001 ("قانون الاتصالات") يقيد الإفصاح عن المعلومات أو المحتوى الذي يتم اعتراضه أثناء نقله، ويفرض غرامة تصل إلى 5,000,000 ريال سعودي في حال حدوث الإخلال؛

·         قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/17 ("قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية") يجرّم:

-        التجسس أو اعتراض أو استقبال البيانات التي يتم نقلها عن طريق شبكة معلومات إلكترونية دون تصريح؛

-        انتهاك الخصوصية من خلال استخدام الكاميرا المجهزة في الهواتف المحمولة؛

-        الوصول بشكل غير قانوني إلى أجهزة الحاسوب من أجل حذف أو محو أو تدمير أو تسريب أو إتلاف أو تغيير أو إعادة توزيع المعلومات الشخصية؛ و

-        تشويه أو إلحاق الضرر بشخص ما من خلال استخدام أجهزة تقنية المعلومات.

وفي حالة عدم وجود وسائل حماية محددة في اللوائح، تقوم المحاكم السعودية بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. وتتألف الشريعة من مجموعة من المبادئ الأساسية المستمدة من عدد من المصادر المختلفة التي تشمل القرآن الكريم والسنة (التي تضم أقوال وأفعال النبي محمد صلى الله عليه وسلم). وتحمي مبادئ الشريعة الإسلامية حق الفرد في الخصوصية وتحظر أي انتهاكات لتلك الخصوصية؛ كما أنها تحظر الكشف عن الأسرار ما لم يوافق مالك السر علي ذلك أو يكون من المصلحة العامة الكشف عنه؛ ويتم تمرير المسؤولية عن الكشف إلى أي طرف ثالث يكشف بشكل غير صحيح عن المعلومات الشخصية التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني. وسيتم تحديد مدى المسؤولية والعقوبات على مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية على أساس كل حالة على حدة. وقد تشمل العقوبات السجن، والتعويض المادي و/أو الحرمان من بعض الحقوق.

ويجب على أرباب العمل الحرص على ضمان ألا يؤثر استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي على حقوق الأفراد.

الآثار المترتبة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مكان العمل

تتمثل القضايا الشائعة التي غالبًا ما تنشأ عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مكان العمل في:

·         الفحص عبر الإنترنت

يستعرض أرباب العمل بصورة متزايدة بصمات وسائل التواصل الاجتماعي للمرشحين المحتملين للعمل كجزء من عملية توظيفهم، والمواقع مثل لينكيدين والفيس بوك يمكن أن تكون مفيدة للتحقق من تاريخ العمل وتقييم الشخصية وملاءمة المرشحين من خلال المعلومات المتاحة في منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولا يتم منع أصحاب العمل في المملكة العربية السعودية من إجراء فحوص خلفية أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الطريقة؛ ومع ذلك، ينبغي توخي الحذر عندما يتم الاعتماد على أي معلومات يمكن القول بأنها خاصة أو ضارة بسمعة الفرد من أجل رفض مرشح للعمل؛ وخاصة عندما تكون هذه المعلومات قد نشرت دون قصد من قبل الفرد.

·         مراقبة الموظفين

لأصحاب العمل الحق في حماية سمعتهم ومصالحهم التجارية وأسرارهم التجارية، ويمكن أن يشعروا أنهم لديهم الحق في مراقبة نشاط الموظفين على مواقع التواصل الاجتماعي التي يتم الوصول إليها من خلال معدات تقنية المعلومات الخاصة بصاحب العمل؛ ويمكن أن ينطوي ذلك إما على حظر الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي خلال ساعات العمل أو من خلال معدات العمل أو مراقبة النشاط أو المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وحيثما تحدث المراقبة دون علم أو موافقة من الموظفين، يمكن أن يكون ذلك خرقًا للقانون الأساسي، أو قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية أو مبادئ الشريعة الإسلامية. وينبغي إخطار الموظفين بأي مراقبة يقوم بها أصحاب العمل مسبقًا، ويفضل أن يكون ذلك منصوصًا عليه في سياسة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بصاحب العمل؛ وينبغي أيضًا الحصول على موافقة الموظف على المراقبة قبل إجرائها.

·         منشورات غير مناسبة

إن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي المهينة أو السلبية أو الهجومية من قبل الموظفين يمكن أن يكون لها عواقب تتعلق بالسمعة بالنسبة لأرباب العمل، حيث يتم القيام بها على منصات وسائل التواصل الاجتماعي بدعم من صاحب العمل أو خلاف ذلك يمكن أن تنسب إلى صاحب العمل. وهناك أيضًا خطر بأن مثل هذه المنشورات يمكن اعتبارها تشهيرية أو مضرة بسمعة الفرد.

هذا ويمكن لأصحاب العمل تنظيم سلوك الموظفين على وسائل التواصل الاجتماعي عندما يتعلق الأمر بعملهم من خلال التحذير المسبق من أنه في حال وجود أي منشورات تضر بسمعة صاحب العمل أو تضر بالآخرين سيؤدي ذلك إلى اتخاذ إجراءات تأديبية. ويمكن تضمين ذلك بوضوح في سياسة وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن منع الموظفين من تقديم أي بيانات أو تعليقات لا تقع ضمن المبادئ التوجيهية التي يضعها صاحب العمل. ويمكن أيضا أن يُطلب من الموظفين أن يبينوا بوضوح حينما يعبرون عن رأيهم الشخصي من أجل إبعاد المسؤولية عن صاحب العمل.

·         الحياة الشخصية مقابل الحياة المهنية

يمكن أن يكون هناك طمس للحياة الشخصية والمهنية للموظف على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تتطلب مواقع مثل لينكيدين، تويتر والفيس بوك اشتراكًا شخصيًا أيضًا وذلك لأغراض العمل؛ وسيكون هناك خطر من أن الموظفين سوف يؤكدون أن أي اتصالات أو معلومات تم الاحتفاظ بها في هذه الحسابات هي خاصة ويملكها الموظف.

هذا وسيرغب أصحاب العمل في ضمان عدم طمس الحدود بين الحياة الشخصية والحياة المهنية، وتثقيف الموظفين بشأن كيفية إبقاء اتصالاتهم المهنية ونشاطهم منفصلين عن حياتهم الخاصة. وينبغي أيضًا الأخذ في الاعتبار مطالبة الموظفين بقبول قيود غير تنافسية لمنعهم من استخدام جهات الاتصال التجارية التي يحصلون عليها من خلال عملهم بعد انتهائه.

·         التعليق بعد انتهاء الخدمة

يُطلب من أرباب العمل على نحو متزايد تقديم اشارات عن الموظفين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مثل لينكيدين؛ وحيثما يُجري المديرون اتصالًا مع الموظف المغادر على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يؤدي ذلك إلى الحصول على تعليقات مطلوبة أو غير مطلوبة عن الموظف. وإذا تبنى صاحب العمل سياسة تقديم "الاشارات المحايدة" فقط (مثل تواريخ التوظيف والمنصب)، فإن ذلك قد يكون غير محدد ويعرّض صاحب العمل لإجراء قانوني. ويحق للموظف رفع دعوى تشهير أو رفع دعوى بموجب قانون العمل السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 بتاريخ 23 شعبان 1426، والذي يحظر على صاحب العمل إبداء أي تعليق في إشارة من شأنها أن تضر بتوقعات الموظفين في الحصول على عمل جديد.

ويمكن للموظفين المغادرين الاستمرار في نشر تعليقات أو مواد على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تنسب إلى صاحب العمل؛ وهذا يمكن أن يترك صاحب العمل معرضًا لإجراء قانوني إذا تم الاعتقاد أن صاحب العمل يؤيد نشر هذه المواد.

هذا ويتعين على أصحاب العمل التأكد من التزام المديرين بسياسة توجيههم بشأن إعطاء إشارات حميدة؛ وينبغي إبلاغ الموظفين المغادرين بأن عليهم أن يغيروا على الفور حالة عملهم لتأكيد إنهاء خدمتهم وأنهم لم يعد لديهم تصريح بنشر أي شيء نيابة عن صاحب العمل.

 

خاتمة

مما لا شك فيه أن هناك فائدة من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض العمل، ويمكن أن تعزز من الملف الشخصي وقابلية تسويق الأعمال التجارية. ومع ذلك، فإنها يمكن أن تؤدي أيضًا إلى عدم وضوح بين الحياة الشخصية والمهنية للموظفين الذين يعملون على وسائل التواصل الاجتماعي نيابة عن أنفسهم وعن أرباب العمل، والذي يمكن أن يجعل أصحاب العمل عرضة لخطر اتخاذ إجراء قانوني. ويُنصح أرباب العمل بأن يكون لديهم سياسة شاملة لوسائل التواصل الاجتماعي، وأن يتم تثقيف الموظفين بشأن الاستخدام الملائم لوسائل التواصل الاجتماعي في سياق العمل.

/ زاهر قيوم - z.qayum@tamimi.com

© Al Tamimi & Company 2017