30 01 2017

لطالما كان مجال الرياضة في المملكة العربية السعودية من المجالات التي تنال قدرًا محدودًا من التشجيع والاهتمام بشكل عام، فضلًا عن المشاركة في الألعاب الرياضية وتطوير البنية التحتية الرياضية (باستثناء محدود لأندية كرة القدم السعودية)؛ كما كانت أيضاً المشاركة في الأحداث الرياضية الكبرى مثل الألعاب الأولمبية محدودةً للغاية، ولا سيما كانت مشاركة المرأة، بشكل خاص، في الألعاب الرياضية محدودةً للغاية.

وعلى مدار التاريخ كان دوري المحترفين لأندية كرة القدم السعودي تملكه الحكومة وتدعمه بشكل كبير، ولطالما كان هناك جدال لعدة سنوات حول خصخصته ولكن دون إحراز أي تقدم في هذا الصدد.

ورغم ذلك، هناك علامات مشجعة على احتمالية حدوث تغيير عقب الإعلان عن الرؤية السعودية لعام 2030، والإعلانات والتطورات اللاحقة.

الرياضة والرؤية السعودية لعام 2030

تم إعلان الرؤية السعودية لعام 2030 في إبريل عام 2016، وهي تمثل خطة المملكة العربية السعودية ليس فقط في تنويع اقتصادها والتصدي للتحديات الناجمة عن أسعار الطاقة العالمية المنخفضة، ولكن أيضاً لتنفيذ تغييرات اجتماعية وتغييرات في نمط الحياة على المدى البعيد.

هذا ومن بين أهداف الرؤية السعودية لعام 2030 "خلق مجتمع نابض بالحياة مع مستوى مرضٍ للمعيشة من خلال جملة من الأمور الأخرى" مثل تعزيز الرفاهية المادية والاجتماعية ونمط الحياة الصحية.

وقد أقرت الرؤية السعودية لعام 2030 بأن فرص ممارسة الرياضة في المملكة العربية السعودية كانت محدودة في السابق، وأدركت أهمية الرياضة كجزء من نمط حياة صحي. وتتضمن الرؤية السعودية لعام 2030 هدف "تشجيع المشاركة الواسعة والمنتظمة في الألعاب الرياضية والأنشطة الرياضية، والعمل في شراكة مع القطاع الخاص لإنشاء مرافق وبرامج إضافية مخصصة. . . ونطمح إلى التفوق في الألعاب الرياضية وأن نكون من بين الدول الرائدة في مجال الرياضات المختارة إقليميًا وعالميا".

تنمية الشعبية الرياضية والبنية التحتية الرياضية

في يونيو عام 2016، تم إطلاق برنامج التحول الوطني لعام 2020 من جانب الحكومة السعودية كمرحلة أولى من تنفيذ الرؤية السعودية لعام 2030 بهدف تحقيق الأهداف المرحلية بحلول عام 2020 من خلال عدد من المبادرات الاستراتيجية عبر 24 هيئة حكومية سعودية، بما في ذلك الهيئة العامة للرياضة (كانت تسمى سابقاً الرئاسة العامة لرعاية الشباب).

ويحتوي برنامج التحول الوطني على قائمة مكونة من 22 مبادرة قائمة على الأهداف الاستراتيجية الرئيسية التالية:

تشجيع الرياضة والأنشطة البدنية؛

تحسين عائد الاستثمار في الأندية والمنشآت الرياضية؛ و

تمكين نخبة الرياضيين السعوديين من تحقيق أداء عالي بشكل دائم في مختلف الألعاب الرياضية.

وبالإضافة إلى استهداف إحداث تحسن كبير في الأداء في الألعاب الرياضية الدولية، فهناك تركيز ملحوظ في مبادرات برنامج التحول الوطني على تحسين البنية التحتية والمنشآت الرياضية على المستوى الشعبي؛ على سبيل المثال في المدارس، من خلال إضافة مرافق رياضة نسائية، ومن خلال المجتمعات المحلية التي كان استثمارها في السابق عموماً محدودًا للغاية.

هذا وتهدف كلاً من الرؤية السعودية لعام 2030 وبرنامج التحول الوطني إلى زيادة نطاق مشاركة المجتمع في الرياضة من 13 في المائة إلى 40 في المائة بحلول عام 2030.

التطورات اللاحقة

في مايو عام 2016، تم تغيير اسم الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى الهيئة العامة للرياضة مع توسيع المسؤوليات لتشمل ترخيص الألعاب الرياضية والأندية الرياضية، وكذلك مسؤوليات إقامة المنشآت الرياضية للأندية والجمهور.

الرياضة النسائية

أعلنت الحكومة السعودية في أغسطس تعيين الأميرة ريما بندر آل سعود- أميرة سعودية بارزة- رئيساً لإدارة جديدة لشؤون المرأة بالهيئة العامة للرياضة. ويُنظر إلى هذا على نطاق واسع بأنه إشارة إلى احتمال وصول الفتيات بصورة أكبر إلى الألعاب الرياضية في المملكة، وهي الدولة التي تعد فيها مشاركة المرأة في الألعاب الرياضية نادرة نسبياً.

وبعد تعيين الأميرة ريما في نوفمبر عام 2016، قامت الهيئة العامة للرياضة مع جامعة الأميرة نورة المرموقة في الرياض- أكبر جامعة نسائية- بالتوقيع على مذكرة تعاون لتعزيز المنشآت الرياضية بهدف دعم وتعزيز أنماط الحياة الصحية.

ومما يعد مثيرًا للجدل إلى حد ما، في ظل الطابع المحافظ للمملكة في بعض الأوساط، أن المزيد من الخطط المتعلقة بالرياضة النسائية تشمل ما يلي:

الترخيص لأول مرة للصالات الرياضية النسائية؛ و

تعديل المناطق الخارجية للسماح للنساء بممارسة الأنشطة دون أن يتم رؤيتهن من قبل الرجال.

الخصخصة وتشجيع كرة القدم وغيرها من النوادي الرياضية

في شهر نوفمبر، قام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، كواحدة من بين التطورات الكبرى الأخرى، بمخاطبة الهيئة العامة للرياضة بضرورة إنشاء صندوق تنمية رياضية خلال ثلاثة أشهر من أجل الدعم والاستثمار في مختلف الألعاب الرياضية وكذلك إنشاء وتمويل البرامج الرياضية للهواة.

هذا وتشمل أهداف هذا الصندوق تقديم قروض للأندية الرياضية، وتشجيع الأحداث الرياضية، ومساعدة خصخصة الأندية الرياضية، وإنشاء وتمويل الجهات الرياضية الحاضنة، وذلك بهدف توفير ما يقرب من 40,000 وظيفة. ويستهدف الصندوق تمويل يصل إلى 650 مليون دولار أمريكي على الأقل.

وفي الوقت ذاته، وافق أيضًا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على تشكيل لجنة (برئاسة رئيس الهيئة العامة للرياضة وتضم ممثلين من اتحاد كرة القدم السعودي ودوري المحترفين السعودي) للإشراف على التنفيذ والانتهاء من إجراءات خصخصة أندية كرة قدم دوري المحترفين السعودي. وتهدف خصخصة أندية كرة القدم إلى المساعدة في توفير التمويل اللازم لتطوير الرياضات والبرامج الرياضية الأخرى.

غير أن التفاصيل المتعلقة بكيفية تحقيق مثل هذه الخصخصة ليست متاحة بعد.

العلامات التجارية والشعارات

ومن المؤشرات الأخرى الدالة على أن السلطات السعودية تركز الآن على حماية قيمة النوادي الرياضية، قيام الهيئة العامة للرياضة بالتعاون مع وزارة التجارة والاستثمار، في يوليو عام 2016، بتنظيم حملة لرفع مستوى الوعي بين أندية كرة القدم وغيرها من النوادي الرياضية بأهمية تسجيل العلامات التجارية لحماية قيمة السلع والخدمات الخاصة بهم (مثل النسخ المقلدة لأدوات كرة القدم)؛ وتستهدف السلطات- كجزء من هذه الحملة- المناطق المختلفة لمكافحة عرض وبيع البضائع المقلدة.

ترقب التطورات

ما زال الوقت مبكرًا نسبياً في أعقاب إطلاق الرؤية السعودية لعام 2030، غير أن هناك دافعًا واضحاً لإحراز تقدم في الخطط بشكل سريع، ولكن بطريقة متوازنة مالياً.

وتأتي الخطوة العامة لتعزيز الأنشطة الرياضية والمرافق الرياضية، على كل من مستوى المجتمع المحلي والمستوى الوطني، والتطورات مثل إطلاق صندوق رياضي جديد والانحياز الواضح لخصخصة أندية كرة قدم دوري المحترفين السعودي، لتمثل التطورات الرئيسية التي ينبغي أن تؤدي إلى فرص كبيرة للشركات الأجنبية العاملة في قطاع الرياضة.

ويمكن أن تشتمل هذه الفرص كحد أدنى على الآتي:

زيادة الطلب على المعدات الرياضية والخدمات الرياضية؛ و

زيادة الطلب على الخدمات ذات الصلة بتوريد وإدارة وتشغيل المرافق الرياضية.

وعلى جميع المعنيين في القطاع الرياضي أن يراقبوا عن كثب على مدى الأشهر والسنوات المقبلة التطورات في هذا القطاع في المملكة العربية السعودية.

جوناثان ريردون (j.reardon@tamimi.com) هو رئيس مكتب التميمي بالخبر، وعضواً أساسيًا في الممارسات المتعلقة بقانون الرياضة بالشركة. ويعتبر جوناثان محامي ذو خبرة عالية في الشركات التجارية الكبرى لأكثر من 30 عاماً من الخبرة المهنية؛ وعمل أيضًا لدى شركات الإدارة الرياضية والاتحادات الرياضية والأندية في مجموعة من القضايا من أبرزها قضية مجموعة واسرمان الإعلامية Wasserman Media Group في حصولها على وكالة لاعبي كرة القدم الأوروبية الرائدة في السوق، ومجموعة SFX الرياضية، وتقديم المشورة لجمعية الخيول الأصيلة البريطانية لسنوات عديدة.


© Al Tamimi & Company 2017