شاهدت منذ فترة فيديو يظهر فيه الفنان المصري بيومي فؤاد وهو يقف وخلفه ثلاجة مملوءة باللحوم يتلذذ بشكلها ويؤكد إنها لحوم خاضعة لمعايير الجودة الصحية.

تصورت إنها إعلان عن منتج غذائي جديد لكنه كان إعلان عن مطعمه الجديد "بيوكا". وبعدها أيضا تناقلت المواقع الإلكترونية صور وفيديوهات للإحتفال الذي أقامه الفنان المصري أحمد سعيد عبد الغني بمناسبة  إفتتاح الفرع الأول لسلسة مطاعمه الجديدة والتي أطلق عليها إسم إبنته" لي لي".

تذكرت وأنا أشاهد هذه الفيديوهات واقعة عشتها مع الصديق الفنان المصري الكبير الراحل سمير صبري أثناء مشاركتي معه في تحضير الدورة الأولى لمهرجان الإسكندرية للسينما الفرنكوفونية الذي كان حلمه ولم يمهله القدر لإخراجه إلى النور.

وجدته ذات يوم مهموم يغلب عليه الشجن وكان قد تسلم  للتو دعوة لتكريمه من مهرجان فني كبير.

سألته لماذا كل هذا الحزن ؟ قال : تصور جميع دعوات التكريم التي تصلني كلها بصفتي الإعلامية كمذيع أو كممثل وليست بصفتي كسينمائي أثري صناعة السينما المصرية بـ21 فيلم من الروائع والكلاسيكيات من إنتاجه. رغم إنني ثاني أهم فنان استثمر أمواله في السينما بعد الراحل الكبير أنور وجدي الذي أنتج 23 فيلم، لا يتذكر مهرجان واحد دوري السينمائي كمنتج.

برحيل سمير صبري تكون السينما المصرية قد كتبت نهاية أجيال كاملة من نجوم أفنوا حياتهم وأموالهم في الإستثمار بها إيمانا منهم بأن ما يأتي من السينما يجب أن يستثمر فيها.

رغم أن معظم تجارب هؤلاء النجوم في الإنتاج لم تحقق الربح المادي المأمول وقت إنتاجها إلا أنهم لم يفقدوا حماسهم في تقديم تجارب أخرى لو توافرت أمامهم ظروف مناسبة للإنتاج.
 
دائما ما كان هناك سؤال يعد بلغة أهل السينما "راكور" - وهو ما يعني اعادة نفس ملابس وديكور مشهد معين لعدة أيام لحين الانتهاء من تصويره - يتردد كثيرا في معظم حوارات النجوم وهو متى تتجه إلى الإنتاج؟

كان الرد الدائم هو: الإنتاج مخاطرة تحتاج إلى عقلية مجتهدة في الأرقام وأنا أعمل  كممثل ولا أستطيع أن أركز في عمل آخر غيره ويختتم الرد بالحكمة الشعبية المصرية الشائعة  "صاحب بالين كداب ".

في زمن سابق سعي عدد من الفنانين إلى الاستثمار في مشروعات غير فنية كالعقارات وتجارة السيارات لكن كثير منها باءت بالفشل ووصلت بعضها إلى حبسهم مثلما حدث مع فاروق الفيشاوي والمطرب محمد الحلو نهاية التسعينيات.

في السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة استثمار النجوم في الكافيهات والمطاعم حتى إن أحدهم وهو أحمد فهمي نجم فريق "واما" الغنائي يعد وكيل في مصر لواحد من أشهر المطاعم العالمية المتخصصة في مجال طهي اللحوم .

عدد من الأسماء الفنية المصرية التي اتجهت إلى هذا النوع من البزنس تؤكد أنه استثمار آمن ومضمون وعلي قد الايد كما صرح أحدهم.

المخرج رامي نجل الفنان الكبير عادل إمام اتجه العام الماضي إلى إطلاق سلسلة مطاعم صغيرة متخصصة في المكرونة فيما تمتلك الفنانة راندا البحيري سلسلة كافيهات أطلقت عليها إسم "برنسيس" ومنذ أشهر قليلة افتتح المطرب مصطفي قمر ثاني فروع مطعمة "ذاكلاسيك روك" في منطقة الشيخ زايد بمدينة السادس من أكتوبر بعدما افتتح فرعه الأول بمنطقة التجمع الخامس.

وبالقرب منه افتتح المطرب إيهاب توفيق الفرع الأول من المطعم الخاص به، ومن النجوم الذين إتجهوا إلى البزنس في هذا المجال المطرب الكبير هاني شاكر الذي افتتح بمنطقة المهندسين  مطعم باسم واحدة من أشهر أغنياته وهي "علي الضحكاية" وبعدها افتتح ابنه شريف مطعم آخر شرق القاهرة.

والموضوع منتشر على المستوى العربي أيضا، الفنان اللبناني فادي إبراهيم يمتلك واحد من أكبر المطاعم  في قلب العاصمة  بيروت.

في الوقت الذي يستثمر فيه فنان العرب محمد عبده في مجال المقاولات ويعد واحد من كبار هذا المجال في المملكة العربية السعودية .

والسؤال هنا لماذا؟

لأنه مؤخرا أصبح الإنتاج الفني مهمة شاقة جدا بالنسبة للفنان في ظل تعدد الوسائل والمنصات الإلكترونية التي تنتج الأعمال التي تعرضها لروادها بمواصفات محددة  ولا تمنح فرص إلا لمنتجين بأعينهم وهم قليلون جدا ولا يتجاوزون أصابع اليد.  

قائمة بزنس النجوم في المطاعم والكافيهات في مصر والسعودية والإمارات ولبنان  طويلة وبات من الواضح أن شعار الفنانين بأن أموال الفن لا تصلح في الزمن الحالي للسينما.

 

(إعداد: أحمد النجار، عضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما )  

#مقالرأي

(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)