أيام قليلة أصبحت تفصلنا عن افتتاح بطولة كأس العالم 2022 في ضيافة قطر، المرة الأولى التي تستضيف فيها دولة عربية البطولة الأكبر والأهم في عالم كرة القدم، البطولة التي تقام في الفترة من 20 نوفمبر إلى 18 ديسمبر 2022 بمشاركة 32 منتخب يتنافسون على اللقب الأغلى. 

منذ تم إسناد استضافة البطولة إلى قطر، تحديداً في الأول من ديسمبر عام 2010، والحديث لم يتوقف حول قدرة الإمارة الخليجية على استضافة البطولة، خاصة بعدما أصبحت قطر هي أصغر دولة في العالم من حيث المساحة تنال شرف تنظيم كأس العالم، البطولة التي يشارك فيها 32 فريق ويحضر من أجلها ملايين المشجعين. وحتى قبل أيام من انطلاق المونديال، لا زال الحديث جارياً وسيستمر لما بعد نهاية البطولة بفترات طويلة. 
 
من الناحية المادية، تقدر التقارير ما قامت قطر بإنفاقه على تنظيم بطولة كأس العالم 2022 بما يعادل 200 مليار دولار أمريكي تقريباً، وهو الرقم الذي يفوق ما تم إنفاقه على تنظيم أي نسخة سابقة من كأس العالم بعشرات المرات، وذلك لعدة اعتبارات وعوامل مختلفة. 
 
مترو ومطار 

من أجل استضافة المونديال، قامت قطر بتأسيس شبكة مترو الدوحة التي أفتتحت في عام 2019. وتربط هذه الشبكة بين الملاعب الثمانية التي تستضيف مباريات كأس العالم بالإضافة لأماكن أخرى، وتكلفت ما يعادل 36 مليار دولار أمريكي.  

من ناحية أخرى، تم تأسيس مطار حمد الدولي عام 2014، ثم تطويره عبر السنوات التالية بمقابل وصل إلى 16 مليار دولار من أجل أن يصبح جاهز لاستقبال ضيوف البطولة. 
 
لوسيل 

المباراة النهائية للبطولة تقام على ملعب لوسيل، الذي تم تأسيسه من أجل البطولة وسيستضيف 10 مباريات خلالها. الأمر لم يقتصر على إنشاء الملعب، وإنما تحويل "لوسيل" بالكامل من قرية صغيرة إلى مدينة لاستقبال مباريات كأس العالم. 
 
8 ملاعب 

بالإضافة إلى ملعب لوسيل، تم تأسيس خمسة ملاعب أخرى جديدة كلياً هي البيت، الثمامة، الجنوب، ملعب 974 والمدينة التعليمية، بالإضافة لهدم وإعادة بناء ملعب أحمد بن علي، بينما تم إعادة تطوير وهيئة ملعب خليفة الدولي. وفي الوقت الذي قدرت فيه هيئات محلية ما تم إنفاقه على تأسيس وتهيئة الملاعب بما يعادل 6.5 مليار دولار أمريكي، إلا أن بعض التقارير تعتبر المبلغ الفعلي أكبر من ذلك بكثير. 
 
قطر 2030 

رداً على الرقم الذي اعتبره الكثيرون ضخم للغاية، قالت فاطمة النعيمي، المدير التنفيذي لإدارة الاتصال باللجنة العليا للمشاريع والإرث (اللجنة المنظمة للبطولة) أن هذا الرقم ليس فقط من أجل تنظيم كأس العالم، ولكنه جزء من رؤية قطر 2030 لتطوير البنية التحتية والحضارية للبلاد بصورة عامة. وأكدت النعيمي أن معظم هذه المشاريع كانت مقررة قبل حتى أن تنال قطر حق تنظيم كأس العالم، إلا أن الأخير ساهم فقط في تسريع هذه العملية. 
 
20 ضعف  

الرقم المقدر (200 مليار دولار أمريكي) يعادل قرابة 20 ضعف ما أنفقته روسيا لاستضافة النسخة السابقة من كأس العالم عام 2018، حيث أنفقت وقتها ما قيمته 11.6 مليار دولار على تنظيم البطولة التي أقيمت عبر 12 ملعب في 11 مدينة. الرقم يبدو هائل أيضاً بالمقارنة بالنسخ السابقة من المونديال، حيث توضح الصورة التالية ما أنفقته الدول المنظمة للنسخ السبع الأخيرة لبطولة كأس العالم مقارنة بما أنفقته قطر، وكذلك الإيرادات التي حققتها النسخ المذكورة مقارنة بالإيرادات المتوقعة (مع مراعاة أنه لم يتم الإعلان رسمياً بعد عن إيرادات نسخة روسيا 2018، وكذلك بطبيعة الحال نسخة قطر المقبلة): 

 
يتضح من الصورة السابقة أنه في النسخ السبع الأخيرة من كأس العالم، فقط نسختي الولايات المتحدة الأمريكية (1994) وجنوب أفريقيا (2010) حققتا أرباح طفيفة مقابل ما تم إنفاقه على التنظيم. إلا أن الفارق المتوقع بين الإنفاق والإيرادات يبدو ضخم للغاية في نسخة قطر المنتظرة، حيث بلغ حد الإنفاق رقم غير مسبوق يصل إلى 20 ضعف من النسخة السابقة كما أوردنا سالفاً.

 

(إعداد: عادل كُريّم، محلل اقتصاديات الرياضة في زاوية عربي والمنسق الإعلامي السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم)

#مقالرأي

( للتواصل zawya.arabic@lseg.com)