في تقرير سابق، تحدثنا حول حقيقة استخدام الأندية للأموال التي تحصدها نتيجة بيع قمصان اللاعبين في تمويل الصفقات وتحقيق مكاسب مادية. لكن يبقى السؤال الأكثر أهمية، هل تحقق أندية كرة القدم مكاسب بالأساس؟ وما هي الطرق التي تجني بها الأندية الأموال؟ 
 
الصورة العامة تقول إن كرة القدم رياضة مربحة. مصادر الدخل فيها تتنوع بين مبيعات التذاكر سواء الموسمية أو يوم المباراة، بيع حقوق البث التلفزيوني، وصفقات بيع اللاعبين، وعقود الرعاية، ومبيعات القمصان والمنتجات بصورة عامة، بالإضافة إلى المكاسب من البطولات، وغيرها من الأمور التي يمكن مناقشتها بصورة أكثر وضوحاً في النقاط التالية. 

حقوق البث التلفزيوني

ربما لا تدرك غالبية الجماهير أن حقوق البث التليفزيوني هي المصدر الأكبر والرئيسي للدخل سواء للمسابقات أو للأندية حول العالم. تتنافس كبرى شبكات البث على شراء حقوق البطولات الكبرى مقابل مبالغ قياسية، بينما يتم توزيع الأرباح الناتجة من عقود الرعاية تلك على الأندية حسب مشاركتها في المسابقات والنجاح الذي تحققه فيها. ومع زيادة أهمية وشعبية البطولة ترتفع قيمة ما تقوم شبكات البث بدفعه، وبالتبعية قيمة أرباح الأندية. 
 
على سبيل المثال، مع تغيير مسمى الدوري في إنجلترا إلى "الدوري الإنجليزي الممتاز" عام 1992، بلغت قيمة حقوق البث التليفزيوني للمسابقة قرابة 190 مليون جنيه استرليني. بينما بلغت قيمة بيع حقوق البث للدوري الإنجليزي في الفترة من 2022 – 2025 (بحسب موقع "The Athletic") أكثر من 10 مليار جنيه استرليني. ويتم تقسيم عوائد البث على الأندية العشرين المشاركة في المسابقة بواقع نصف هذه العوائد بصورة متساوية بين الأندية، فيما يتم تقسيم 25% على الأندية بحسب ترتيبها في جدول المسابقة، والـ 25% المتبقية بحسب عدد المباريات المذاعة لكل فريق. 

 
مبيعات التذاكر 

تقوم إدارات الأندية ببيع تذاكر المباريات عبر عدة طرق، أبرزها وأهمها هي "التذاكر الموسمية" التي تتيح للمشجعين حضور كل مباريات الفريق على أرضه خلال الموسم. التذاكر الموسمية عادة ما تحتل المساحة الأكبر من مقاعد ملعب الفريق، بينما تتبقى مجموعة من التذاكر التي يتم بيعها قبل يوم المباراة والتي تنقسم لعدة درجات بأسعار متفاوتة تختلف من ناد لآخر ومن مباراة لأخرى حسب أهمية المسابقة والمباراة والفريق المنافس، وكذلك حسب المكان في الملعب. 
 
في السنوات الأخيرة أضيفت تجربة "تذاكر الاستضافة" والتي تمنح المشجعين تجربة استثنائية، حيث تشمل التذكرة مكان مميز في مقصورة خاصة بالملعب، مع تقديم خدمة المشروبات والأطعمة قبل وخلال المباراة والتي يشملها ثمن التذكرة. 

عقود الرعاية 

في أغلب الحالات تمثل عقود الرعاية الجزء الأكبر من إيرادات الأندية السنوية. ولا تشمل عقود الرعاية الإعلانات على قمصان الفريق فقط كما يعتقد البعض، لكنها تبدأ من الشركة التي تقدم هذه القمصان بالإضافة لبقية أدوات الفريق من ملابس وأطقم تدريب وكرات وغيرها، بالإضافة للشركات التي تحصل على حقوق الإعلان داخل الملاعب وعلى قمصان الفريق، وتختلف بين الراعي الرئيسي للقميص وراعي آخر يتم وضع إسمه على الأكمام أو على قمصان التدريب، وأمور أخرى. 
 
عقود الرعاية تتباين حسب شعبية واسم النادي، والنجاحات التي يحققها في الفترة التي يكون فيها لهذه الشركات حق رعايته. وعادة ما تشمل هذه العقود مبالغ إضافية تحصدها الأندية في حالة الفوز ببطولة كبرى مثل  دوري أبطال أوروبا على سبيل المثال. 
 
مبيعات القمصان 

مثلما أشرنا في تقرير سابق، لا تمثل مبيعات قمصان الفريق مصدر رئيسي للربح لكنها تبقى أحد مصادر الدخل المهمة للأندية، حيث تحصد في المتوسط ما بين 7.5 إلى 10%  من أرباح تلك المبيعات.  
 
سوق الانتقالات 

عبر فترتي الانتقالات الصيفية والشتوية، تقوم الأندية بضم اللاعبين وبالمقابل ببيع لاعبين آخرين. بحساب صافي الإنفاق بين صفقات البيع والشراء ينتهي موسم الانتقالات بتحقيق ربح أو خسارة مالية للأندية. ويسمح قانون اللعب المالي النظيف بهامش خسارة محدد للأندية، بينما مازالت الأمور تحت المراقبة لفرض ضوابط مالية على عمليات الإنفاق هذه.  

ويبقى سؤال هام: هل تحقق أندية كرة القدم أرباح مالية ضخمة كما يعتقد غالبية الجماهير؟

سنناقش هذا الأمر في المقال المقبل.

 

(إعداد: عادل كُريّم، محلل اقتصاديات الرياضة في زاوية عربي والمنسق الإعلامي السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم)

#مقالرأي

( للتواصل zawya.arabic@lseg.com)