في بداية سبتمبر الجاري، أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) عن فرض غرامات مالية متفاوتة على عدد من الأندية، أبرزها باريس سان جيرمان الفرنسي، يوفنتوس وميلان وانتر ميلان وروما الإيطاليين، مارسيليا وموناكو الفرنسيين وبشكتاش التركي، وذلك لعدم التزام هذه الأندية بقواعد "اللعب المالي النظيف" لفترة ثلاث سنوات بداية من عام 2018، مع توجيه تحذيرات لعدد آخر من الأندية. 

العقوبات التي تم الاعلان عنها في سبتمبر
العقوبات التي تم الاعلان عنها في سبتمبر
العقوبات التي تم الاعلان عنها في سبتمبر

منذ عام 2012، وكلمة "اللعب المالي النظيف" (Financial Fair Play) تتردد بين محبي كرة القدم عامة وكرة القدم الأوروبية بصفة خاصة.  

لكن ما هي هذه القواعد، باختصار؟ 

في عام 2009، قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم استحداث لائحة جديدة على أن تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من موسم 2011-2012، وهي لائحة "اللعب المالي النظيف". الغرض من هذه اللائحة حسبما أعلن الاتحاد وقتها كان "تقنين الوضع المالي لكل الأندية الأوروبية بصورة صحية". 

الهدف الرئيسي من تلك اللائحة هو منع الأندية من إنفاق مبالغ تفوق عوائدها المادية في فترة زمنية محددة، وكذلك حماية الأندية من الدخول في أزمات مادية قد تؤدي لمشاكل على المدى الطويل. 

بصورة مبسطة، يسمح الاتحاد الأوروبي للأندية بالإنفاق بشرط ألا يتجاوز المبلغ الذي يتم صرفه إيرادات النادي في مدة 3 سنوات سوى بخمسة ملايين يورو، مع وضع حد 30 مليون يورو إذا تعهد مالك النادي أو الجهات المعنية به بتغطية هذا المبلغ في فترة زمنية محددة. 

ولتقنين هذه اللائحة، يتعين على كل نادي تعيين جهة مالية لإدارة حسابات النادي، تعمل على أن تتضمن هذه المصروفات كل الأمور المعنية، بما في ذلك قيمة الانتقالات، رواتب اللاعبين والموظفين، المصروفات الإدارية، أعمال البنية التحتية، منشآت التدريب، ومصروفات الفرق السنوية المختلفة. على أن تشمل الإيرادات مبيعات التذاكر، قيمة بيع اللاعبين، إيرادات البث التليفزيوني، عقود الرعاية والإعلان، بيع منتجات النادي الرسمية وغيرها.

ماذا اذا اخترقت الأندية هذه اللائحة؟ 

في حالة خرق قوانين اللعب المالي النظيف، تضع اللائحة ثمانية بنود مختلفة للعقوبة حسبما ترى اللجان المختصة طبيعة هذا الخرق، وهي: 

- التوبيخ والتحذير 

- الغرامات 

- خصم النقاط 

- حجب الإيرادات التي تكتسبها الأندية من المشاركة في مسابقات الاتحاد الأوروبي 

- الحرمان من تسجيل اللاعبين الجدد في مسابقات الاتحاد الأوروبي 

- تقليل عدد اللاعبين المسجلين في مسابقات الاتحاد الأوروبي 

- الاستبعاد من مسابقات الاتحاد الأوروبي الجارية 

- الاستبعاد من مسابقات الاتحاد الأوروبي في المستقبل 

لكن هل يعني ذلك أن الأمور استقامت بصورة نهائية منذ تطبيق هذه اللائحة؟  

الحقيقة أن هناك الكثير من الانتقادات سواء للائحة ذاتها أو لطريقة تطبيقها على الأندية، بل ويتعرض الاتحاد الأوروبي للكثير من الاتهامات بمحاباة الأندية الكبرى والتغاضي عن خرقها للائحة بصورة متكررة مقابل فرض عقوبات على الأندية الأصغر ولمخالفات أقل حجماً مما تقوم به الأندية الكبيرة.  

على سبيل المثال، وفي الوقت الذي قرر فيه الاتحاد الأوروبي معاقبة عدد من الأندية هذا الشهر – كما ذكر سابقاً – فإن ذات الاتحاد تغاضى في رأي الكثيرين عن النظر لما قام به نادي مثل برشلونة الإسباني من القيام بصفقات بصافي إنفاق بلغ 118 مليون يورو، في وقت يعاني فيه النادي من عدة أزمات مادية أجبرته في وقت سابق على التخلي عن نجمه الأول الأرجنتيني ليونيل ميسي مجاناً، وعلى تخفيض رواتب عدد كبير من لاعبيه.  

واكتفى الاتحاد الأوروبي بلفت نظر برشلونة ضمن أندية أخرى من بينها تشيلسي ومانشستر سيتي الانجليزيين ونابولي الإيطالي وغيرها، مطالباً هذه الأندية بالمزيد من المعلومات والإيضاحات حول الوضع المالي لها مع مراقبة الأمر في الفترة المقبلة. 

في وقت سابق من العام الجاري، ذكر رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، السلوفيني ألكسندر تشيفرين، أن هناك دراسات بالفعل لإلغاء لائحة اللعب المالي النظيف بشكلها الحالي، واستبدالها بوضع سقف للرواتب وفرض ضريبة رفاهية على الأندية التي يتجاوز حجم انفاقها على رواتب اللاعبين أكثر من 70% من الإيرادات، على أن يتم توزيع قيمة هذه الضريبة على بقية الأندية ضمن عوائد المسابقات. 

في السنوات الماضية، تعرضت أندية مثل باريس سان جيرمان الفرنسي (2014) ومانشستر سيتي الإنجليزي (2015 و2021) لعقوبات تباينت بين غرامات مالية وتقليص قائمة اللاعبين في المسابقات الأوروبية ، قبل أن يتم رفع هذه العقوبات بعد توفيق أوضاع الناديين مع اللائحة.

لكن حتى يتم تعديل اللائحة أو تطبيقها بصورة مناسبة، أو حتى إلغائها تماماً بحسب تصريحات تشيفرين، ستبقى تثير جدل كلما حل ذكرها أو ظهرت قراراتها المتباينة.

 

(إعداد: عادل كُريّم، محلل اقتصاديات الرياضة في زاوية عربي والمنسق الإعلامي السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم)

#مقالرأي

( للتواصل zawya.arabic@lseg.com)