عانى الاقتصاد المغربي من عواقب وخيمة  في الأعوام الماضية نتيجة جائحة كورونا، وشهد الاقتصاد عام 2020 أول ركود له منذ أكثر من عقدين من الزمن. وبحسب صندوق النقد، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.3% في عام 2020 بعد نمو إيجابي بلغ نسبة 2.6% في عام 2019. 

وقد تبنت السلطات مؤخرا نموذج جديد للتنمية، وافق عليه الملك محمد السادس في مايو 2021. وهو برنامج إصلاح طموح يهدف إلى تعزيز نمو أقوى وأكثر اخضرارًا وشمولاً.

يركز نموذج التنمية الجديد الذي اقترحته اللجنة الاستشارية على الاهتمام بالعديد من المشكلات المرتبطة بتحديات التنمية في المغرب. وهي تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، الحاجة إلى إحداث تحول في هيكل الإنتاج من خلال تنويع مصادر الإنتاج الصناعي، وتشجيع القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة على نطاق واسع والمحتوى التكنولوجي المتقدم، مع إعطاء الأولوية للصحة والتعليم والبيئة، والحاجة إلى إنشاء بنك استثمار عام. 

وقد انتعش الاقتصاد في عام 2021 وعاد إلى النمو بقوة 7.2%، والسبب في ذلك يعود الى مجموعة من العوامل شملت تحسن الإنتاج الزراعي والصادرات، وتحويلات المغتربين، والسياسات الاقتصادية الكلية الداعمة، والتقدم الكبير في التطعيم ضد فيروس كورونا.  
 
ولكن بدأت ضغوط التكلفة بدفع التضخم  للارتفاع مع قرب نهاية عام 2021، حيث سجل مؤشر أسعار المستهلكين زيادة قدرها 3.2%. وترتبط هذه الضغوط التضخمية بالصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد المغربي الذي يواجه موجة من الجفاف الشديد وارتفاع أسعار الطاقة والسلع، التي أججتها أيضًا الحرب في أوكرانيا هذا العام. 

نمو هش 

ومع ذلك، فإن الانتعاش لا يزال هش، غير مكتمل وغير متماثل. 

كان هذا النمو مدفوع بالاستهلاك أكثر منه الإنتاج والاستثمار نتيجة برامج التحويلات النقدية الحكومية التي هدفت للتخفيف من تأثير ازمة كورونا، كما لا يزال النشاط ضعيف في قطاع الخدمات، وعلى الأخص في صناعة السياحة المغربية الكبيرة. بالإضافة إلى ذلك، يقول البنك الدولي أن أثر صدمة كورونا على النساء أكثر من الرجال، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في مشاركتهم في سوق العمل، ويتوقع أنه من غير المرجح أن يعود المغرب إلى مستويات ما قبل الجائحة من النشاط الاقتصادي والتوظيف حتى عام 2022. 

بلغ معدل البطالة العام الماضي 11.9% مقارنة بحوالي 9.4% في العام 2018.  

إسرائيل

في 10 ديسمبر 2020 ، أعلنت الولايات المتحدة عن اتفاق التطبيع بين إسرائيل والمغرب وبعدها ب22 يوم  تم التوقيع على إعلان مشترك يتعهد ببدء الرحلات الجوية المباشرة بسرعة 
وجاء الاتفاق بعد توقيع البحرين والإمارات والسودان اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل في سبتمبر وأكتوبر 2020. إلى جانب مصر والأردن ، أصبح المغرب سادس دولة في جامعة الدول العربية تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. 

وفي فبراير من العام الحالي وقع البلدان  اتفاقية تعاون في مجال التجارة والاستثمار، يلتزم به البلدان بتسهيل التجارة والاستثمارات في مجالات الطيران والسيارات والأغذية الزراعية والمنسوجات والصناعات الدوائية على وجه الخصوص.وقالت إسرائيل  إنها تستهدف حجم تجارة سنوية يبلغ 500 مليون دولار مع المغرب ، ارتفاعا من 131 مليون دولار حاليا حيث يتطلع البلدان إلى توسيع التعاون منذ تطبيع العلاقات في 2020.

ولكن لم يتمكن  المغرب حتى الآن من تحويل التطبيع إلى رافعة اقتصادية بالسرعة  الإماراتيه ويعود السبب في ذلك إلى الهيكلية الهشة للاقتصاد المغربي مقارنة بنظيره الإماراتي. على سبيل المثال احتلت المغرب المرتبة    75 في مؤشر التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يضم 141 دولة، في حين تحتل الإمارات مركز متقدم جدا بلغ 25 عالميا. كذلك هو الأمر بالنسبة لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن الشفافية العالمية والذي يقيم 180 دولة حيث تحتل الإمارات مركز تنافسي عالميا 24، في حين يعاني المغرب في الترتيب العالمي في المركز87 . 

(إعداد:  محمد طربيه، المحلل الاقتصادي بزاوية عربي و أستاذ محاضر ورئيس قسم العلوم المالية والاقتصادية في جامعة رفيق الحريري بلبنان)  
#مقالرأي