16 01 2017

استثمارات القطاع الخاص ستحدّ من ارتفاع قيمة الخدمات

الإنفاق على الرعاية الصحية يعادل نصف الناتج المحلي الإجمالي

 أفادت شركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل)، أن قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، اكتسب زخماً على مدى السنوات القليلة الماضية، من خلال زيادة الطاقة الاستيعابية وتحسين نوعية البنية التحتية للقطاع، في ظل النمو السريع لعدد السكان.

ورجحت الشركة في تقريرها الاقتصادي أن تشهد دول مجلس التعاون الخليجي، تحديات شديدة في إدارة تكاليف الرعاية الصحية في المستقبل، بحيث إن نفقات الرعاية الصحية قد اخذت في اكتساب الزخم بدافع من ارتفاع الأمراض المزمنة في المنطقة، إلى جانب عوامل أخرى.

وأفاد أنه في نموذج الرعاية الصحية الحالي، تتكفل الحكومة بمعظم الأعباء المالية المباشرة، وغيرها من التكاليف الاجتماعية المرتبطة بالرعاية الصحية، إلا انه في ظل الوضع الاقتصادي الحالي مع تراجع أسعار النفط الخام، فإن ذلك النموذج لا يمكن استمراره على المدى البعيد، إذ تحتاج الحكومات إلى تطبيق منهجية لتشجيع استثمارات القطاع الخاص للحد من التكاليف، وتحسين جودة الخدمات، وتوفير فرص التوصل إلى الخبرات.

وأكد التقرير، أنه بإمكان دول مجلس التعاون الخليجي، أن تستخدم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كوسيلة لإدارة زيادة تكلفة الرعاية الصحية، ولتعزيز الكفاءات في نظام الرعاية الصحية، وإحداث تحول منهجي في هذا القطاع، خصوصاً وأن دراسة «فروست أند سوليفان»، أظهرت أن مشاريع الرعاية الصحية المنفذة على أساس الشراكة بين القطاعين العام والخاص قد مكنت الحكومات على مستوى العالم من خفض تكاليفها بنسبة تصل إلى 25 في المئة.

وشدد على أنه يجب أن تتناسب الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع المتطلبات المحددة لكل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي ونظام الرعاية الصحية، إذ إن تبني النماذج الجاهزة للشراكة بين القطاعين العام والخاص من الخارج لن يكون مجدياً، ويجب ان يتم تعديل النماذج لتلائم متطلبات الدولة.

وأشار إلى أن حكومات الخليج تعكف على استكشاف مساهمات القطاع الخاص، في قطاع الرعاية الصحية الثانوي والرعاية الثلاثية والرباعية، وفي مرافق الرعاية الأساسية، إلا ان تلك العملية مازالت في مراحلها الأولية.

ولفت إلى أن هناك عددا لا بأس به من صفقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً في السعودية والامارات، بدليل العدد الكبير من المستشفيات العالمية في هاتين الدولتين، كما شكلت حكومة أبو ظبي شراكة بين القطاعين العام والخاص لمستشفيات عالمية كبرى مثل جون هوبكينز وكليفلاند كلينك وفارند وبومبرنجراد.

ولفت إلى قيام الكويت من جهة أخرى، بتشكيل هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص (الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات سابقاً)، لتسهيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما تخطط لتدشين نظام ضمان (التأمين الصحي الإلزامي للوافدين) كمبادرة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي يتم تطبيقها ببنية تحتية مستقلة لشبكة الرعاية الصحية، لتحل محل التأمين الصحي الحكومي الإلزامي للحصول على الإقامة، ما أدى إلى ارتفاع الخطط مسبقة الدفع وتراجع النفقات الفعلية في الرعاية الصحية.

وأوضح التقرير أن التحول الديموغرافي، وارتفاع عدد كبار السن في المنطقة، وتسارع نمو عوامل المخاطر المرتبطة بنمط الحياة (فيما يعد نتيجة طبيعية لزيادة دخل الأسرة)، والانتشار المتزايد للأمراض غير المعدية، كانت ومازالت الأسباب الرئيسية لزيادة الطلب على قطاع الرعاية الصحية.

ولفت التقرير إلى أن الاستثمارات الكبرى في قطاع الرعاية الصحية، في دول مجلس التعاون الخليجي على مدى العقود القليلة الماضية، أدت إلى تحسن كبير في نتائج الوضع الصحي بالمنطقة، إذ تركز النظم الصحية التي أقامتها دول مجلس التعاون الخليجي على الوفاء بالوظائف الأساسية للصحة العامة، مثل تطعيم الأطفال، وسلامة الغذاء، والصحة البيئية، والخدمات الصحية الأساسية للطفل والأم.

وبين التقرير أنه على الرغم من ازدياد نفقات الرعاية الصحية، إلا أنها مازالت منخفضة مقارنة بالمستويات العالمية، رغم ارتفاع الإنفاق على الرعاية الصحية على مدى السنوات القليلة الماضية، إلا أن مستوى تلك النفقات مازال منخفضاً عند تطبيق بعض المؤشرات المختلفة للمقارنة بالمجتمع الدولي.

وتابع أنه بالنظر إلى الإنفاق على الرعاية الصحية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، فهو يبلغ أقل من النصف مقابل ما يتم إنفاقه في الدول المتقدمة.

وذكر أنه من الممكن ان يكون ذلك هو سبب وجود خلل في نظام الرعاية الصحية، وقيام دول مجلس التعاون الخليجي، بتحمل نفقات كبرى لإرسال المرضى للعلاج في الخارج.

وأشار إلى أنه لدى البحرين أعلى معدل إنفاق على الرعاية الصحية، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بواقع 5 في المئة خلال العام 2014، في حين بلغ إنفاق قطر على الرعاية الصحية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 2.1 في المئة. وأظهر التقرير أن قطر تحتل موقع الريادة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد، والذي بلغ 96733 دولاراً، في حين كان الناتج المحلي للفرد الواحد في عمان هو الأدنى، وبلغ 19310 دولارات.

ونوه بأنه من حيث الإنفاق المطلق على الرعاية الصحية، فقد أنفقت دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة 64.4 مليار دولار في العام 2014 مقابل 58.3 مليار دولار في العام 2013، بارتفاع بلغت نسبته 10.5 في المئة على أساس سنوي.

وشدد على أنه من المثير للاهتمام أن متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد، في دول مجلس التعاون الخليجي أعلى من المتوسط العالمي، ويتساوى تقريباً مع الدول المتقدمة، في حين أن نفقات الرعاية الصحية للفرد الواحد أعلى بقليل من المتوسط العالمي، وأدنى بكثير من الاقتصادات المتقدمة، بما يدل على وجود مجال كبير لنمو قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي.

وأضاف التقرير أن ترتيب القطاع في المنطقة أدنى من الدول النامية، ناهيك عن الدول المتقدمة من حيث نفقات الرعاية الصحية (الحكومية)، كنسبة من إجمالي النفقات في الموازنة.

وأكد أن النمو السكاني هو القوى المحركة لخدمات الرعاية الصحية لأي دولة، بما يساعد في وضع هيكل للنظام وجذب الاستثمارات، إذ بلغ إجمالي التعداد السكاني لدول مجلس التعاون الخليجي نحو 53 مليون نسمة في العام 2015، كما يتزايد التعداد السكاني بمعدل نمو سنوي مركب لعشر سنوات بنسبة 4 في المئة، وهو يعد معدلاً مرتفعاً مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 1.2 في المئة فقط.

ورأى أن كثافة تدفق الوافدين وارتفاع معدلات المواليد وارتفاع العمر المتوقع، كلها تعد من العوامل الرئيسية وراء ذلك.

وكشف التقرير عن ارتفاع متوسط العمر المتوقع للفرد في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 76.4 سنة في العام 2014 وفقاً لبيانات البنك الدولي، مرتفعاً من 62 سنة في العام 1970، ما يعني أن الناس يعيشون حياة أطول مما كانوا يعيشون قبل 40 عاماً مضت. ولفت إلى أنه في السابق، كانت هناك فجوة بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول المتقدمة فيما يتعلق بمعدلات وفيات الأطفال تحت سن 5 سنوات، إلا أن تلك الفجوة قد تقلصت بشدة في الوقت الحاضر، بحيث إن الطفل الذي يولد في دول مجلس التعاون الخليجي لديه فرصة أكبر للبقاء على قيد الحياة، بما أدى إلى ازدياد حجم الفئة العمرية للأطفال الرضع، الأمر الذي يسلط الضوء على الحاجة الكبرى للرعاية الصحية المتخصصة لاحتياجات الأطفال داخل النظام الصحي.

وأوضح التقرير أن بعض دول الخليج قامت بطرح التأمين الصحي الإلزامي لتلبية الطلب المتزايد على الرعاية الصحية، وتقليص أعباء نفقات الرعاية الصحية للقطاع العام، ما أدى إلى ارتفاع حصة القطاع الخاص في البنية التحتية للرعاية الصحية، ونمو إنشاء مرافق الرعاية الخاصة، الأمر الذي أدى إلى التوسع في استخدام الرعاية الصحية في المنطقة

© Al- Rai 2017